نحن لا نؤمن بآليات الديموقراطية البرجوازية


مشعل يسار
2016 / 8 / 4 - 03:46     

نحن لا نؤمن بآليات الديموقراطية البرجوازية
رأي الشيوعيين الإيطاليين في الانتخابات والبرلمان والولاء للثورة

في المادة الثانية من سلسلة المقالات عن إيطاليا يتحدث الرفاق من حزب «COMUNISTI SINISTRA POPOLARE» عن كيفية تمويه ديكتاتورية البرجوازية وإلباسها لباس الديمقراطية المزيف من خلال نظام الانتخابات في إيطاليا المعاصرة ، ويشرحون كذلك لماذا لا يشارك الحزب حاليا في الانتخابات الإيطالية. وأعتقد أن هذه المقاربة يفترض أن يأخذها في الحسبان ويستوعبها شيوعيونا اللبنانيون خاصة، وهم الذين في تركيز نضالهم على الانتخابات البرجوازية وقصر شعاراتهم تقريبا على مطالبة البرجوازية اللبنانية والإقطاع السياسي بتحسين قواعد المنافسة فيها ("اللعبة الديمقراطية") لصالح تمثيل اليسار ولو بالنزر اليسير كطرح موضوع النسبية والدائرة الواحدة وأن تكون الانتخابات خارج القيد الطائفي يحصرون أنفسهم ضمن دائرة استجداء البرجوازية والبقاء أسرى شعارات تعود حتى لبعض أطرافها ولا تغني عن جوع. فـ"المحادل" الانتخابية لن تترك الساح، والعقبات المادية والإعلامية أيضا قائمة. وهذا يصبح أمرا مفجعا عندما تنتسى الأهداف النهائية أو تودع في الأراشيف وتقارير المؤتمرات الدورية ولا يفرج عنها في النضال اليومي ولا تربى الجماهير العاملة على اتخاذها مهتدى لها في نضالها.
++++++++++++
نحن على أساس خبرتنا لا نؤمن أصلاً بآليات الديموقراطية البرجوازية لعدة أسباب.

أولا، قواعد اللعبة تمليها دائما الطبقة الحاكمة في صالحها. فلا وجود لانتخابات سليمة ونزيهة وديمقراطية في ظل حكم البرجوازية ولا يمكن لها أن توجد. هذا تثبته تجربة السنوات الأخيرة. ففي جميع البلدان الرأسمالية تزداد العقبات التي تحول دون مشاركة الأحزاب البروليتارية في الانتخابات.

العقبة الأولى تكمن في العدد غير الواقعي من توقيعات الناخبين اللازمة للترشيح. وهذا طبعاً في ظل إعفاء الأحزاب الممثلة أصلاً في البرلمان من جمع التوقيعات.

العقبة الثانية هي النسبة المئوية الدنيا من الأصوات الواجب أن يحصل عليها المرشح لينتخب نائبا أو النصاب الانتخابي القانوني. فالنصاب القانوني للأحزاب التي لا تشارك في أي ائتلاف هو اليوم في ايطاليا 8٪. ونتيجة لذلك، يتم حرمان الملايين من الناخبين من الحق في أن يكونوا ممثلين في البرلمان. كما لو أنهم لم يذهبوا إلى صناديق الاقتراع، ولذلك نصف الناخبين في بلدنا باتوا لا يصوتون.

وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي النظام الأغلبي في نسخته الايطالية طالما أرادها وتمناها يسار الوسط إلى العبثية. والتحالف الذي وصل إلى أغلبية نسبية يحصل تلقائيا على 55٪ من المقاعد في البرلمان. ويجب أن يضاف إلى ذلك أن الناخبين في إيطاليا ليس لهم الحق في إعطاء الأفضلية لهذا أو ذاك من المرشحين، وهم مجبرون على التصويت لصالح القائمة بأكملها التي تشكلها أمانة هذا الحزب أو ذاك الائتلاف. والنتائج التي استخلصناها واضحة: البرلمان الذي ينتخب بحسب مثل هذه القواعد، هو برلمان غير تمثيلي وغير شرعي سياسياً؛ الديمقراطية هي ديمقراطية وهمية. وهكذا أمامنا مثال واضح على الدكتاتورية المقنعة للبرجوازية.

ثانيا، نحن نعتقد أن أخذ السلطة من قبل البروليتاريا ليس مرتبطا إطلاقاً بتحقيق أغلبية في البرلمان البرجوازي ولا يعتمد عليه، وخاصة في ظروف يومنا الحاضر، عندما نجد أن البرلمانات محرومة بحكم الأمر الواقع حتى من شانها الرئيسي وصلاحيتها الأساسية ألا وهي أن تكون سلطة التشريع.

البرلمان الإيطالي اليوم، على سبيل المثال، ليس سوى مصدِّق لقرارات الحكومة، أي السلطة التنفيذية التي، بدورها، لا تطرح على التصديق سوى قرارات تكون قد اتخذتها المجالس الإدارية للبنوك والاحتكارات. فهناك فقط الآن قلب السلطة النابض. فسلطة رأس المال الاقتصادية انصهرت تماما مع الدولة، وهي من يحدد بشكل مباشر سياستها.

وهذا هو السبب الذي يجعل حزبنا يفضل تطوير النضال في ساحات الصراع الطبقي، خارج قاعات البرلمان، ويحاول تنظيم حركة جماهيرية للمقاومة الاجتماعية تكون قادرة على محاربة الرأسمالية والبرجوازية لإسقاط حكومتها.

هناك حيث نستطيع، بل الأهم من ذلك، حيث يعزز ما نقوم به نمو الحزب ويساعد على تطوير حركة المقاومة الاجتماعية، لا يرفض حزبنا المشاركة في الانتخابات. في مثل هذه الحالات نحن نعتبر مشاركتنا في الانتخابات وسيلة لاختبار فعالية الدعاية لموقفنا بين الجماهير.

وبالإضافة إلى ذلك، يسمح هذا باستخدام ما يسمى بـ"الحق في المنصة،" أي في إمكان استخدام وقت البث ووسائل الإعلام لدعايةأكثر لجماهيرية، وهو ما ليس من السهل تحقيقه في حالات أخرى. ولكننا على أي حال لا نعتقد أن المشاركة في الانتخابات ووجودنا في الهيئات المنتخبة يعنيان الاستيلاء على السلطة والتأهيل للثورة الاشتراكية.

إن الحواجز المصطنعة في طريق المشاركة في الانتخابات، والنصاب العالي (العتبة الانتخابية المرتفعة) المطلوب لانتخاب نائب واحد على الأقل، والتقييم الواقعي للقوة التنظيمية الحقيقية التي لدينا في هذه المرحلة، قد دفعت منظمتنا إلى اتخاذ قرار بعدم المشاركة في الانتخابات السياسية في عموم إيطاليا.

في رأينا، لا معنى لاستنزاف قوة الحزب في التغلب على الحواجز والعقبات البيروقراطية التي تحول دون انتخاب ولو نائب واحد بسبب الحاجز المرتفع. فمن الأفضل أن توظف القوى المتاحة في تطوير التحالفات الاجتماعية للطبقة العاملة، وتنظيم مقاومة محددة ونضال جماهيري في أماكن العمل والدراسة، في الساحات، وتعزيز مكانة الحزب ونفوذه بين أبناء الطبقة العاملة والشغيلة.

المادة السابقة من سلسلة المواد حول إيطاليا:

شيوعيو إيطاليا وأخطاء الماضي

تقديم وترجمة مشعل يسار