إضطهاد النساء فى أفغانستان و النظام الذى ركّزه الغرب


شادي الشماوي
2016 / 7 / 21 - 01:39     

إضطهاد النساء فى أفغانستان و النظام الذى ركّزه الغرب
جريدة " الثورة " عدد 433 ، 4 أفريل 2016
http://revcom.us/a/433/awtwns-oppression-of-women-in-afghanistan-en.html
أخبار " عالم نربحه " ، 28 مارس 2016

مرّت سنة على القتل الوحشي لفركهوندا على يد غوغاء من الرجال جرّاء إتهامها بحرق القرآن . و فى البداية ، برّر المسؤولون الحكوميّون الجريمة إلاّ أنّه مع تصاعد الغضب فى أفغانستان و عبر العالم ضد هذه الجريمة ، تراجعوا – بعض الشيء .و لا يزال عديد مقترفي هذه الجريمة خارج السجن . و يبدو أنّ الحكومة متردّدة فى الحكم على القلّة الباقين فى السجن و عديد الأحكام الأوّليّة نقضتها محكمة الدولة التى فرضت تاليا أحكاما أخفّ . و عبّرت والدة فركهوندا ، بيبي هاجرا ، عن شعورها بالقهر فى رسالة فيديو وجّهتها إلى وسئل الإعلام يوم 8 مارس هذه السنة . و قالت " يحتفل هذه السنة فى أفغانستان بيوم 8 مارس والحال أنّه وقع قبرُ العدالة بالنسبة للنساء الأفغانيّات مع قبر فراكهوندا إلى الأبد . فليعطيني الإلاه الصبر لأنّ العدالة لم تأخذ مجراها " . ( البى بى سى ، 8 مارس 2016).
لقد أعربت عن نقطة قويّة ذلك أنّ جريمة قتل فركهوندا لم تمثّل نهاية ظلم النساء فى أفغانستان إذ تبعهتها أحداث أخرى تبعث على الصدمة .
ففى نوفمبر 2015 ، إتّهمت روكشانا ، إمرأة عمرها 19 سنة كانت تقطن قرية فى المحافظة الوسطى لغور بالزنا و رجمتها حدّ الموت مجموعة من الرجال ، على ما يبدو إثر محاكمة محلّية . و وفق حاكم غور ، سيما جويندا ، " هربت روكشانا فى البداية قبل عدّة سنوات نحو إيران بعد أن حاولت أسرتها تزويجها من رجل عجوز. و بعد إعادتها من إيران، أجبروها على الزواج من رجل عجوز آخر. ولمّا هربت مجدّدا قامت بذلك كإمرأة متزوّجة فعوقبت بالرجم بالحجارة " . ( جريدة " الغوارديان " ، 3 نوفمبر 2015 ).
و فى ديسمبر ، زوج رزا غول ، إمرأة من محافظة فرياب ، قطع لها أنفها و جزء من شفتها العليا بسكّين . و جدّ حادث مشابه لستارا وهي إمرأة أفغانيّة أخرى ، قبل ذلك بسنة . و قتلت شابة فى ال18 من عمرها وهي من سامنغان ، على يد أبيها بواسطة فأس . و وفق لجنة حقوق الإنسان الأفغانيّة المستقلّة ، فقد تفاقمت ما تسمّى ب " جرائم الشرف " فى الستّة أشهر الأخيرة من مارس إلى سبتمبر 2015 . و من بين 190 إمرأة عُلم قتلها فى أفغانستان فى هذه الفترة ، 101 كانت مسجّلة على أنّها جريمة شرف . و هذه ليست سوى عيّنات من عدد كبير و ربّما الآلاف من الحالات المشابهة من العنف الموجّه ضد النساء يوميّا .
وحتّى إن كان يتمّ تسجيل نسبة صغيرة فقط منحالات العنف الأسري ضد النساء ، و العديد من أشكال العنف ( مثلا ، العنف النفسيّ و الفظي ) لا تعتبر كذلك ، بعدُ أكثر من خمسة آلاف حالة سُجّلت ، وفق تقرير لجنة حقوق الإنسان الأفغانية المستقلّة . و يشير التقرير عينه إلى زيادة خمسة بالمائة مقارنة بالنسبة السابقة ، بعد زيادة بعشرين بالمائة فى السنة الأسبق . كما يشير التقرير نفسه إلى أنّ أبعاد العنف أفظع ومقترفيه أصغر سنّا.
و قد وقع إيقاف بعض مقترفيه بيد أنّ الآلاف لا زالوا أحرارا و يشعرون بالأمان لمواصلة إرتكاب الجرائم ضد النساء ، حتّى و إن كان ت هذه النساء زوجاتهم و بناتهم و أخواتهم أو أمّهاتهم . يرون أنّ القانون و الدين و التقاليد و السلطات جميعهم يقفون إلى جانبهم . و حسب الهومن رايت ووتش ، 90 بالمائة من النساء الأفغانيّات ضحايا العنف الأسري . و فقط نسبة ضئيلة من الحالات يُعدّ فيها قتل النساء جريمة و فقط أقلّ من 30 بالمائة من الحالات يتمّ إيقاف القتلة . و غالبيّة الموقوفين بوسعهم تجنّب حتّى المحاكمة .
منذ أن أرست الولايات المتحدة و الإمبرياليون الغربيون الآخرون النظام الإسلامي فى 2001 ، و تركيزالحكومة الجديدة العميلة للولايات المتحدة فى 2015 ، كان القادة السياسيّون للغرب يعطون إنطباعا بالتحسّن التدريجي فى مكانة النساء فى أفغانستان . و بإستمرار يرد فى وسائل الإعلام الغربية السائدة ذكر عدد النساء أعضاء البرلمان و عدد النساء فى مجلس الوزراء الحكومي أو عدد النساء الحاكمات . و أساسا تعقد التقارير مقارنة بين وضع النساء الآن بوضعهنّ فى ظلّ حكم طالبان . صحيح أنّه خلال الحكم الأصولي الديني لطالبان و قبل ذلك ، حكم المجاهدين أمراء الحرب فى تسعينات القرن العشرين ، كان وضع النساء فى أفغانستان صعبا بوجه خاص . وكانت حقوق النساء مقلّصة بشكل رهيب و إتّخذ إضطهادهنّ الشكل الأكثر إنفتاحا .
و صعد المجاهدون ( الذين قاتلوا إحتلال أفغانستان على يد الإتحاد السوفياتي، المنافس الإمبريالي الأساسي للولايات المتحدة حينها ) إلى السلطة بواسطة دعم عسكري و مالي و سياسي كبير من الولايات المتحدة و الإمبرياليون الغربيّون الآخرون . و بما أنّ كلّ أمير من أمراء الحرب أقام علاقات مع قوّة مناطقيّة مختلفة ، قد كسرها فى النهاية الإمبرياليون . ثمّ إفتكّت طالبان البلاد بدعم عسكري و سياسي منطرف حلفاء الولايات المتحدة كالباكستان و العربية السعودية . و مُنعت البنات من إرتياد المدارس و فرضت عديد التضييقات الأخرى على النساء ، لا سيما خارج المنزل . و فى الواقع ، تتحمّل الولايات المتحدة و الغرب مسؤوليّة كبرى عن ما حدث للنساء خلال كلّ من فترتي المجاهدين و طالبان .
عندما قرّرت الولايات المتحدة و الغرب بناءا على مصالحهم العالمية ، أن يسقطوا طالبان من الحكم ، سرعان ما تذكّروا أنّ هذه القوى تضطهد النساء و إستغلّ هذا لتبرير غزوها الوحشي لأفغانستان بذريعة تحرير النساء .
والآن قرّر السياسيّون الغربيّون و وسائل الإعلام الموالية لهم أنّ يأخذوا بعين الإعتبار تاريخ النساء فى عهد طالبان ، مقارنين وضع النساء اليوم بالوضع فى ظلّ طالبان كما لو أنّه لم يوجد أي تاريخ قبل ذلك و عليه " المكاسب " ينبغى أن تقدّم بذلك المعيار . ففى ظلّ الإحتلال الذى قادته الولايات المتحدة ، يمكن لقطاع من النساء اللاتى تعيش فى كابول و ربّما بعض المدن الكبرى الأخرى ، أن تتمكّن من العمل خارج المنزل ، لكنّهنّ لا تزال تواجه خطرا و ضغطا و تمييزا كبيرين ضدّهنّ. و ليس وضع الغالبيّة العظمى من النساء أفضل أو هو بالأحرى أسوأ . و ما يسمّى بالمكسب الوحيد الآخر للنظام الجديد هو السماح بفتح المدارس للبنات . و فى الواقع ، لم ينعكس هذا على ملايين الأطفال الذين هو خائفون جدّا و فقراء جدّا بحيث لا يقصدون المدارس . و على وضع النساء فى ظلّ النظام الراهن أن يمضي يعيدا قبل أن يبلغ حتّى مستوى الوضع خلال سبعينات القرن العشرين و ثمانيناته .
و هذا الوضع المتفاقم السوء توبّخ عليه المجموعات المسلّحة المعارضة ، أساسا طالبان لأنّها قد كسبت السيطرة على أجزاء متنامية من أفغانستان . وكذلك يوبّخ بسببه " المجتمع المحافظ " . و هما طريقتان من المحاججة بأنّ الحكومة و كامل الجهاز الذى أرسي و تمّت هيكلته فى أفغانستان . ستطبيق التان على يد القوى الإمبريالية الغربيّة مناصران لحقوق الإنسان . و هذه صورة مشوّهة جدّا للواقع . لم يقوموا بأي شيء يذكر لتغيير وضع النساء تغييرا جوهريّا لكنّهم قاموا بعدّة أشياء لضمان تواصل إضطهاد النساء فى بعض أشكاله الأبشع .
و لمّا تمّ ترويج الفيديو الذى ينفرط له القلب ، فيديو رجم الشابة روكشانا على وسائل الإتّصال الإجتماعي ، إدّعى النظام أنّ هذا الحدث جدّ فى مقاطعة تحت حكم طالبان غير أنّ بعض النشطاء فى كابول شكّكوا فى ذلك : " غالبا ما يتّهمون طالبان ليخفوا وجههم الحقيقي " ( " الغوارديان " ، 3 نوفمبر 2015 ). و حتّى إن قبلنا بأنّ الرجم كان فى المنطقة التى تتحكّم فيها طالبان ، فإنّ النظام سعى جاهدا لإدخال نفس نوع الإجراءات فى القانون و يتنافس مع طالبان فى تطبيق الشريعة و عقب عدّة أسابيع من الرجم إيّاه ، عاقبت محكمة حكوميّة محلّية زرمينا و أحمد ، و هما حبيبان مننفس المحافظة ، غور ، لأنّهما هربا من الديار . وحينما إنعكست هذه الأخبار سلبا على النظام عالميّا ، حاولت الحكومة مجدّدا النأي بنفسها عن ذلك الحدث و وبّخت المحاكم المحلّية و الفكر المحافظ السائد فى المجتمع .
لكن النظام و قاعدته السياسيّة يدعمان هذا الفكر المحافظ والأفكار المتخلّفة بفرض القوانين المتخلّفة عبر المحاكم المتخلّفة. و عند نقطة معيّنة ، تقدّم النظام الأفغاني بمسودّة قوانين جزائيّة تضمّنت " إقتراحا بإعادة تركيز الرجم كعقاب للزنا " . و يستخلص التقرير نفسه بأنّ " معالجة العنف ضد النساء لا تبدو من أولويّات أجندا السلطات الأفغانيّة " . ( منظّمة العفو الدوليّة ، أنجلترا ، نشر على ألنترنت بتاريخ 25 نوفمبر 2013 ).
" نصف السجينات من النساء أدينت ل " جرائم أخلاقيّة " – تتضمّن الفرار من الأزواج و الآباء أو الأقارب العنيفين . و يتمّ تجاهل القانون الفدرالي كلّيا فى المحاكم المحلّية حيث يجرى البتّ تقريبا فى 90 بالمائة من كافة النزاعات الجنائيّة و المدنيّة ، و حيث تقايض الفتيات لحلّ النزاعات العائليّة و يمكن لرجل يقتل زوجته أن يتوقّع غرامة ماليّة " . ( " الغوارديان " ، 13 جانفي 2013 ).
و فى نفس الوقت ، يقدّر أنّ حكومة الولايات المتحدة وضعت فى السنة الماضية 15 مليون دولار لدعم قطاع " العدالة غير الرسميّة " الشيء الذى يوطّد العقليّة القمعيّة . و فى أفريل 2011 ، إرتأت الحكومة الأفغانية أن تعيد العمل بقوانين الأخلاق العامة و صيغت مسودّة قوانين لفرض قواعدالزواج لضمان أن تكون الزوجات ترتدى ثيابا بسيطة و منع الموسيقى فى حفلات الزواج و منع غختلاط الضيوف منالذكور و الإيناث . و تتعرّض المغازات إلى عقوبات ماليّة إن باعت ثيابا زواج غير مناسبة " ( " الغورديان "، 13 جانفي 2013 ).
إذا لم تكن المساعدة الماليّة ( حتّى لا نتحدّث عن إصباغ الشرعيّة ) للمحاكم المحلّية و غير الرسميّة و تكريس هذا النوع من القوانين القمعيّة ضد النساء فى تناسق مع الأصوليّة الدينيّة ، فماذا يكون إذن ؟ تنسجم كامل هيكلة الدولة الأفغانيّة و أجهزتها بما فيها الحكومة و البرلمان و المحاكم و المؤسسات الدينيّة ، لتوفّر الظروف الملائمة للفكر المحافظ و تمأسس للفكر المحافظ و الأصوليّة ، و كنتيجة لذلك تعزّز العقليّة المناهضة للنساء بإسم ما يسمّيه بعض الناس فى الغرب " تقاليد و ثقافة الناس فى أفغانستان " .
هذه إمتيازات واضحة للرجال و قاعدة لدعمهم للنظام البطرياركي / النظام الأبوي و تشجيع العنف ضد النساء . لكن تصاعد العنف ضد النساء بأشكال متواترة أكثر فظاعة ليس أمرا عرضيّا أو مردّه إلى عوامل لا يمكن التحكّم فيها . إنّه النتيجة المباشرة لسياسات النظام و مسانديه ، رغم إشارات مثل تبنّى إتفاق الأمم المتحدة الخاص بإلغاء العنف ضد النساء فى 2009 .
و اليوم من الشائع أن تضرم الشابات النار فى أنفسهنّ أو تنتحر بطريقة أخرى لأنّهن أسيرات عنف أسري و ما من أحد يمدّ لهنّ يد المساعدة . و تبحث بعضهنّ عن ملاجئ أو ما تدعى بمنازل آمنة هي فى الواقع غير آمنة . ذلك أنّ هذه الأماكن تأوى أكثر الفتيات و النساء الشابات عرضة للضرر و من حين لآخر تتعرّض لغارات من قبل قوى عسكريّة متنوّعة تعتبر النساء فىتى تعشن الرعب . و رغم كلّ هذا ، تنظر بعض النساء إلى هذه الأماكن على أنّها بديل للتضحية بالنفس . و مع ذلك ، لا توجد ملاجئ كافية لحتّى نسبة صغيرة من الضحايا .
" مريم ، وهذا إسم مستعار ، كانت تتخفّى فى ملجئ نساء سرّي فى كابول طوال الشهرين الماضيين . إنّها تعيش مع حوالي عشرين إمرأة قطعن مسافات كبيرة عبر أفغانستان ، و كلّ واحدة لها قصّتها المرعبة الخاصة . بعضهنّ تركن أزواجا عنيفين . و أخريات وقع إغتصابهنّ أو هنّ فارات من الزواج غصبا الذى يرتّبه الوالدين . و كلّهنّ يتملّكهنّ الرعب من أن تقتلهنّ أسرهنّ " ( الجزيرة ، 3 جويلية 2015 ).
و يقدّم قادة ذوو نفوذ و صانعو القوانين أعذارا مختلفة لغلق الملاجئ ، على غرار الأمن الشخصي غير كافي أو الصعوبات الماليّة ، لكن النيّة الحقيقيّة تتجه نحو غلق حتّى هذا المخرج الصغير للنساء من الجحيم . و صرّح نظير أحمد حنفي ، عضو فىالبرلمان الأفغاني ممثّل لمدينة غربيّة ، هيرات ، و داعية بارز إلى قوانين معادية للنساء ، " إنّ هذه المسمّاة " منازلا آمنة " سيّئة جدّت ... إنّها تحمى الناس الذين يرتكبون أخطاء و لا يحاسبون . إنّها تفتح الأبواب أمام المشاكل الإجتماعية كالآيدز " ( الجزيرة ، 3 جويلية 2015 ).
و لسوء المعاملات الخبيثة المستمرّة التى تنظّمها الدولة فى حقّ النساء عدّة مظاهر متباينة . و يكشف آخر تقرير للجنة حقوق الإنسان الأفغانية المستقلّة و الذى تبنّته الهومن رايت ووتش و نشر فى 8 مارس هذه السنة ، أنّ السجينات تتعرّض منهجيّا و بصورةمتواترة لإختبارات عذريّة مفروضة عليهنّ فرضا . ويشمل هذا البنات ذات ال13 سنة ، و لا تجرى العمليّة بالعنف معهنّ لكن بحضور عديد الناس و بشكل مداهمات . و فى الواقع ، هذا صنف من التعذيب و عقاب للنساء اللاتى فررن من العنف الأسري بما أنّ غالبيّة النساء فى سجون أفغانستان قد إتّهمن بما يسمّى ب " الجرائم الأخلاقيّة " التى تنطوى على الهروب من المنزل – سواء مع حبيب أو لتفادى زواج مفروض أو عنف أسري . و تتهم هذه النساء و تحاكم فى المحاكم المحلّية التى تتلقّى الدعم المالي من حكومة الولايات المتّحدة .
و تقول واحدة من كتّاب و كاتبات التقرير إيّاه ، و إسمها سُوريّا سوبهرانغ ، ليست وحدها بل أيضا ملاجئ النساء هي التى ترسل النساء للخضوع إلى أفختبارات ، ووزارة شؤون المرأة ترسلهم و كذلك تفعل الشرطة " ( النيويورك تايمز ، 6 مارس 2016 ). و هذا يبيّن أنّ هذه " الإختبارات " ممارسة روتينيّة للمؤسّسات الحكوميّة تستهدف بعدُ النساء اللاتى تعرّضنا إلى سوء معاملات و لها معنى إيديولوجي خاص . فهي تعنى أنّ السلط على كلّ المستويات تعتبر هذه النساء مدانة حتّى يثبت العكس . و لسوء الحظّ ، يشدّد التقرير بالأساس على عدم التعويل على مثل هذه " الإختبارات " و يخفق فى التشديد على أنّها عمل عنيف غير مبرّر مثلما هو إيقاف هذه النساء فى المصاف الأوّل .
الواقع هو أنّه بالرغم من الإجراءات المساحيق ، وضع النساء يغدو أسوأ فى جوانب عدّة . و بوجهخاص يتصاعد لولب العنف ضد النساء و تواصل طالبان إضطهاد النساء بأقسى الطرق فى المناطق الواقعة تحت نفوذها . و الهيكلة العامة للدولة التى أرستها الولايات المتحدة و الإمبرياليون الغربيون الآخرون و النظام الراهن الذى أوصلته الولايات المتحدة مباشرة يصعّد قسوته فى معاملة النساء . و فى الحقيقة ، وقعت مأسسة النظام الأبوي و يقوم القادة الأفغانيون بكلّ ما بوسعهم لتعزيزه بإعادة إرساء و تشجيع أكثر القوانين تخلّفا ومعاداة للنساء و تقليص ثقتهنّ فى أنفسهنّ بالتنكّر لأبسط حقوقهنّ الأساسيّة . و لا يوجد تماما أي دعم للنساء اللاتى هنّ ضحايا إساءة المعاملات أو اللاتى تهربن من العنف الأسري . و عوض ذلك ، يجرى إيقافهنّ و سجنهنّ و تعذيبهن و عقابهنّ ، حتّى فى الملاجئ التى تسيّرها المنظّمات الحكوميّة .
و بينما تفرّ النساء من العنف و التهديد بالقتل من قبل أزواجهنّ و أسرهنّ لمجرّد الحديث مع رجل إختارته ، توقفهنّ السلطات و تسجنهنّ و الرجال الذين يقتلون إمرأة بإسم " الشرف " لا يجرى عادة إيقافهنّ و إن جرى إيقافهنّ ، يمضون أقلّ من سنتين فى السجن ، فى الغالب الأعمّ .
و يشرّع النظام قوانينه و سياساته المعادية للنساء بإسم إحترام ثقافة الشعب و تقاليده . و تتناسب هذه التقاليد و الأفكار و الممارسات مع علاقات الإنتاج و العلاقات الإقتصادية التى يُنظّم حولها المجتمع ، و إقتصاد غارق بدروه بعمق فى براثن النظام الرأسمالي العالمي و علاقات السلطة الإمبريالية . و تمثّل الطبقة الحاكمة الأفغانيّة ، مثل أيّة طبقة حاكمة رجعيّة ، تلك العلاقات والأفكار النابعة من و المبرّرة لفرض ذلك الإستغلال و الإضطهاد . و بالتالى ليس بوسعها و لن تبحث عن تغيير هذه العلاقات و التقاليد و الثقافة المرتبطة بها بل بدلا من ذلك تحتاج إلى و تبحث عن تعزيزها و تقويتها بالأشكال القديمة منها و الجديدة . فإخضاع النساء و جعلهنّ عبيدا للرجال عماد من أعمدة حكم هذه الطبقة و شرط من شروط وجودها.
و أكثر من ذلك ، يرتبط هذا النظام أيضا بأنظمة أخرى أقوى و فى منتهى الرجعيّة ، لا سيما أنظمة الباكستان و العربيّة السعوديّة ، و يرتهن وجوده بالعالم الإمبريالي . و لا تسعى الإمبريالية إلى و ليس بوسعها أن تحرّر النساء فى البلدان التى تهيمن عليها ، مثلما ليس بوسعها أن تلغي التفوّق الذكوري فى بلدانها هي نفسها .
يقتضى تحرير النساء إلغاء الطبقات و العلاقات الإجتماعية كإضطهاد الرجال للنساء المتناسبة مع علاقات الإنتاج القائمة على الإستغلال ، و إجتثاث كافة الأفكار و الممارسات النابعة من و الفارضة لهذه العلاقات – بكلمات أخرى ، عالم شيوعي . و فى المجتمع الثوري بدولة ثوريّة ، من الإنطلاقة ، يمكن تشجيع النساء و الرجال و حمايتهم ليتخلّصوا من قيود الماضي – و يتفحّصوا و يناقشوا و ينقدوا و حيث يكون الأمر ضروريّا يجتثّوا العلاقات و الأفكار القديمة كجزء من إيجاد مجتمع جديد و ثقافة مغيّرة و تحريريّة .
وهناك علامات على أنّ النساء و خاصة الشابات فى أفغانستان تحدّى بشكل متصاعد هذه التقاليد البالية و المتخلّفة بالرغم من الثمن الباهض المدفوع . لكن يجب تنظيمهنّ للقتال عن وعي من أجل تحرّرهنّ . و ينبغى على القوى الثوريّة و الشيوعية أن تعوّل على هذه الفئة من الشعب الأكثر إضطهادا لخوض غمار النضال و تصعيده من أجل التحرّر.
====================================================