كارل كورش..تجديد الماركسية


مارك مجدي
2016 / 7 / 9 - 09:08     

كارل كورش..تجديد الماركسية

كارل كورش هو مفكر ماركسي الماني عرف بمعارضتة للماركسية الارثوذكسية , حيث عارض طرح كاوتسكي للماركسية و عارض ايضا الطرح اللينيني للماركسية , مما يجعلة ماركسي من نوع مختلف , حيث اسس لطرحا جديدا للماركسية مع جورج لوكاتش لتكون اعمالهم المرشد الاساسي لما يسمي بالماركسية الغربية .
ولد كارل كورش عام 1886 بمدينة توسدت الصغيرة بمقاطعة هيث الالمانية عن اسرة من الطبقة الوسطي. عمل والد كارل كموظف بمجلس المدينة و كان مهتما بدراسة الفلسفة و بالاخص فلسفة لايبنتز . درس كورش القانون و اظهر قدراتة الثقافية الهائلة حيث تمكن من توسيع دراستة لتشمل مواضيع مختلفة فدرس بجامعة ميونخ ثم جامعة برلين و جامعة جينيف و التحق نهائيا بجامعة جينا ( و هي نفس الجامعة التي حصل منها ماركس علي شهادتة للدكتوراة ) ثم اتم الدراسات العليا و اصبح استاذا بالجامعة .
كان كورش فاعلا بالعمل الطلابي اثناء دراستة حيث كان عضوا بحركة الطالب الحر اليسارية و كان من اهم الكتاب بالصحف الجامعية . اعد نقاشات و ندوات مختلفة عن كتابات ليبكنخت و برنشتاين حتي سافر الي انجلترا ليقوم باعمال قانونية ثم انضم الي الحركة الفابية هناك .
تم استدعائة لالمانية من الجيش الالماني ليكون جنديا , و رغم معارضتة للحرب العالمية الاولي الا انة قرر الانضمام الي صفوف الجنود لكي يكون مع الجماهير بحسب تعبيرة . اثبت كورش صفاتة القيادية في الحرب رغم رفضة حمل السلاح الا للضرورة و تم ترقيتة الي رتبة "كابتن". و عندما تصاعدت موجة الاحتجاجات في صفوف الجيش الالماني و بدا تاسيس سوفيتات الجنود , انتخب كورش كاحد ممثلي الجنود .
بعد انتنهاء الحرب العالمية الاول ظهر كورش كسياسيا يساريا و عضو بالحزب الشيوعي و نائبا عنة في الرايخستاج(احد غرف البرلمان الالماني) حتي عام 1928. زامل وصادق المفكر برتلوت بريخت حتي وفاة بريخت و سافر معة الي الولايات المتحدة هربا من الحكم النازي و عمل هناك في معهد البحث الاجتماعي بالتعاون مع كرت لون .
الماركسية و الفلسفة :
بدا اهتمام كورش بالفلسفة علي عكس كثيرين , من رغبتة في تخليص الماركسية من الطابع الايدولوجي الذي اضيف عليها كما يري , فتلك الماركسية السائدة في عصرة هي نتاج الحرب و الثورة معا , و هو يفرق بشكل واضح بين رؤية لينين و رؤية كاوتكسي , فالاولي تمارس ثورة تعززها الصدفة و الثانية بعيدة كل البعد عن كل اشكال الممارسة حسب رأية .
في بداية كتابة "الماركسية و الفلسفة" و هو عملة الاهم اقتبس كورش جملة لينين الشهيرة " علينا ان ندرس الديالكتيك الهيجلي من وجهة نظر مادية صلبة " و يحاول كورش حسب قولة ان يعيد تأسيس الشخصية التاريخية للماركسية مستعينا بمزيد من التاريخية الهيجلية .
يري كورش ان اولي اهتمامات الماركسية الاساسية هي العلاقة بين التاريخ و الحياة الاجتماعية , و ليس الانطلاق من المستوي الاقتصادي للتحليل مثل ما هو سائد , فالماركسية هي فلسفة الممارسة المتغيرة . فهو يري ان الماركسية قد تضخمت و تحولت الي مجموعة من القوانين الازلية التي ابتعدت عن قراءة الواقع المتغير بشكل دائم , و يري ان المسئول عن هذا التضخم هو فريدرك انجلز في كتابتة الي صدرت بعد وفاة ماركس و فلاديمير لينين. فهو يعتقد ان ما اضافة انجلز و لينين غريب عن ماركسية ماركس و هو ما ادي في النهاية الي تحويلها الي ايدولوجيا مقدسة ابتعدت عن العمال ليستخدمها لينين ليجذب قطاعات الانتلجنسيا في بناء تجربتة .
يري كورش ان رغبة ماركس في تاسيس حزب سياسي ثوري كانت مختلفة تماما عن الحرب اللينيني , فلينين يري الثورة فعل احادي يؤدي الي نتائج محددة بينما ماركس اعتقد ان الانتقال من الراسمالية الي الاشتراكية هي عملية ثورية ممتدة من داخل المجتمع البرجوازي .
اختلف كورش ايضا علي طبيعة التجارب الاشتراكية القائمة في عهدة , فقد اعلن بوضح ان الاقتصاد المركزي المخطط و حكم الحزب الواحد سينتج نوع مختلف من الراسمالية و هي راسمالية الدولة . و ستتحول الاشتراكية الي حلما يوتوبيا مثاليا لا يمن تحقيقة طالما استمرت المركزية المفرطة .
ان كورش يعلن نفسة ماركسيا رغم رؤيتة ان بعضا من كتابات ماركس لم تعد صالحة و رفضة التام لمجمل افكار انجلز و لينين , فهي الاسباب الاساسي حسب راية في عجز الماركسية عن تجديد نفسها و فشلها في فهم حركة تطور الراسمالية و مواكبتة . و هو يقول هذا في اطار ما اسماة "نقد ذاتي" .
اثارت اراء كورش سخط كبير في الاوساط اليسارية و اعتبر معادي للماركسية في بعض الاحيان و رغم ذلك يعتبر كورش من الاكاديمين القلائل الذين رفضوا التخلي عن الماركسية مع التنبؤات بسقوط الاتحاد السوفيتي , فهو يعتقد بوضوح ان الراسمالية لازالت" تنتج حفار قبرها" وفقا لتعبير ماركس , و ان الماركسية هي اداة التحليل الاجتماعية الثورية الحقيقية .
و ان البروليتاريا باقية و ستتعاظم طالما استمرت الراسمالية في البقاء , مع تنبؤة ايضا بالنهضة و الاستقرار الاجتماعي التي ستحققة اوروبا الغربية مما سيمنع طبقتها العاملة من الانتفاض بينما يحدث ذلك علي حساب العالم الثالث الذي تتزايد اعداد البروليتاريا فية . و مع ذلك فان الراسمالية حسب كورش لازالت امامها عمرا طويل مع توقفها عن اعادة تجديد نفسها فكريا حيث ستتوقف الليبرالية عن ان تكون ممثل الراسمالية الفكري و ستسبدل بايدولوجيات اخري .
لقد كان كارل كورش ملعونا في الاوسط اليسارية عندما اعلن ان كل تجربة هي نتاج بيئتها و ظروفها التاريخية الموضوعية , هذا الحديث الذي قد يكون طبيعيا الان كان يمثل ارتدادا عن الفكر الماركسي حينها . و عندما تحدث عن الممارسة التي تشكل النظرية لم يكن يعلم ان براكسيس غرامشي لن يكون سوي نسخة مطورة من افكارة .

اهم مؤلفاتة :
1-مقدمة في راس المال
2-لماذا انا ماركسي
3-المباديء الاساسية للماركسية
4-الماركسية و الفلسفة
5-عشر موضوعات عن الماركسية اليوم
توفي كارل كورش عام 1961 في كامبردج , بعد ان قدم نقدا عنيفا للماركسية من داخلها و للجانب اللينيني خصيصا رغم ذلك لم يستطيع ان ينزع الادبيات التي زرعها لينين في الماركسية كفلسفة فعل , بينما استطاع ان ينزع عنها طابعها الايدولوجي عندما كانت كتاباتة تؤسس لماركسية القرن الواحد و العشرين التي تجاوزت الدوغمائية رغم مبالغتة في نقد الكتابات الماركسية الاولي احيانا .