الإنتخابات الأمريكية 2 : ترامب و كلينتون وجهان لسياسة برجوازية إمبريالية واحدة


شادي الشماوي
2016 / 6 / 27 - 22:49     

الإنتخابات الأمريكية 2 :
ترامب و كلينتون وجهان لسياسة برجوازية إمبريالية واحدة
( كلمة من المتلاجم : فى مجموعة مقالات ترجمناها و نشرناها سابقا بصدد الإنتخابات الأمريكية ، جرى تحليل و نقد برامج الجمهوريين و على رأسهم الفاشي دونالد ترامب و تحليل و نقد برنامج أحد الزعماء الديمقراطيين و بيان أنّهما يخدمان تأبيد الوضع السائد للديمقراطية البرجوازية الإمبريالية و جرائمها المستمرّة ضد الإنسانية كما وقع بيان ضرورة الثورة الشيوعية ؛ و فى هذه المجموعة الجديدة ، يجرى تحليل و نقد البرنامج السياسي لهيلاري كلينتون التى أضحت المرشّحة الديمقراطية للإنتخابات الرئاسيّة . و عمدا أضفنا نصّا عن موقف من حروب الإمبريالية هام صادر من داخل الولايات المتّحدة و ندعوكم للتمعّن فيه و في أبعاده . )
سيكون إنتخاب الديمقراطيين دعما لجرائم الحرب
جريدة " الثورة " عدد 437 ، 2 ماي 2016
http://revcom.us/a/437/a-vote-for-the-democrats-would-be-vote-for-war-crimes-en.html
" إن حاولتم أن تجعلوا من الديمقراطيين ما ليسوا عليه و لن يكونوه ، ستنتهون إلى أن تكونوا أشبه بما عليه الديمقراطيون فعلا ." ( بوب أفاكيان ، " الأساسي من خطابات و كتابات بوب أفاكيان " ، 3:12 )
-----------------------------
فى أفريل 2016 ، نشرت مجلّة النيويورك تايمز مقالا عنوانه " كيف صارت هيلاري كلينتون صقرا " . و محور المقال هو الحديث عن ما يمكن توقّعه إن أصبحت هيلاري كلينتون الرئيس المقبل :
" بالرغم من كلّ صراخهم حتّى الذهول بشأن قصف داعش بالقنابل ، لا دونالد ج. ترامب و لا السيناتور تاد كروز من التكساس قد أظهرا فى أي مكان إقترابا من الشهوة التى أظهرتها كلينتون لشنّ الحروب خارج البلاد ". [ التشديد مضاف ] ( " كيف صارت هيلاري كلينتون صقرا " ).
هذه هي مؤسسة من مؤسّسات الطبقة الحاكمة ، السائدة و الليبرالية تقول لكم إنّ الفاشيين المجانين مثل كروز و ترامب لم يظهرا فى أي مكان إقترابا من الشهوة التى أظهرتها كلينتون للغزوات والقصف بالقنابل
و المجازر ضد المدنيّين ، وجرائم الحرب و العقوبات القاتلة للأطفال و كلّ شيء آخر يمثّل " شنّ الحروب خارج البلاد " تعبيرا مخفّفا عنه ( طريقة للحديث عن حروب الولايات المتحدة دون الإقرار بما هي عليه فعلا ).
ربّما شاركتم فى الإنتخابات لأنّكم رأيتم أن برنى سندارس مختلف جوهريّا عن هذا . و قد عبّرنا عن إختلافنا مع هذا ( مقال " لنفهم برنى سندارس " ) لكن ماذا الآن ؟ هل ستنتخبون هيلاري كلينتون ؟
أنظروا فى النقاط الأربعة " المعبّرة " فى سجلأّ هيلاري كلينتون و مواقفها بخصوص " شنّ الحروب خارج البلاد " :
1- حرب العراق :
اليوم ، تبرّر هيلاري كلينتون تصويتها لصالح غزو الولايات المتحدة للعراق سنة 2003 بقول إنّها " إتّخذت أفضل قرار إستطعت إتّخاذه حسب المعلومات المتوفّرة لديّ " . و مع ذلك يمكن لأي إمرء أن ينسج أو يؤوّل هذا على أنّه هيلاري كلينتون لم تكن أبدا مسؤولة عن الثمن الإنساني لغزو العراق .
تسبّب غزو العراق سنة 2003 والإحتلال الذى تبعه فى قتل أكثر من 600 ألف عراقي . وقد دُفع أكثر من مليون إنسان إلى مغادرة ديارهم . و لعب دورا مفتاحا فى ولادة القوى التى صارت تسمّى داعش . لقد مثّل ذلك موجة جريمة حرب كبرى من قبل الولايات المتحدة .
و قد تميّز غزو العراق و إحتلالها بمجازر المدنيين و التعذيب ( بما فى ذلك فى سجن أبوغريب السيء الصيت ) وجرائم الحرب . عند تحطيم مدينة الفالوجة فى 2004 – لبعث رسالة إلى جميع من يعترضونطريقها – إستخدمت الولايات المتحدة الدروع الفسفورية البيضاء بكثافة و دون تمييز ضد المدنيّين .
و لم تعتذر هيلاري كلينتون قط أو لم تعبّر قط عن أسفها عن أيّ شء من ذلك .
2- أقرب مستشاري كلينتون هم منفّذو و قادة الغزوات و الحروب الإجرامية و التعذيب :
تقول لكم هيلاري كلينتون و أشياعها إنّها قد فكّرت على الدوام بأنّ أوباما لم يكن و ليس عدوانيّا بما فيه الكفاية عسكريّا فى الشرق الأوسط . ( من العوامل التى تقف وراء إصطفاف قطاعات هامة من الطبقة الحاكمة وراء أوباما فى 2004 هو وجود سؤم هائل من الحرب و غضب لدى المجتمع فى معارضة إحتلال الولايات المتحدة للعراق . وقد إعتُبر هذا تهديدا خطيرا لشرعيّة النظام برمّته – و تلاعبت هذه القوى وأوباما ذاته بواقع أنّه قد صوّت ضد الحرب على العراق و هكذا وقع توجيه الكثير من الغضب إلى الوقوف وراءه . و عامل آخر فى محاولة أوباما التخفيف من تدخّل الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط كان تقييم الأصوات القويّة صلب الطبقة الحاكمة بأنّه كان من الضروري و الممكن " التحوّل إلى آسيا " لأجل المواجهة والنزاع بأكثر عدوانيّة مع صعود تأثير و قوّة الصين . و تبيّن أنّ هذا " التحوّل " لم يكن ممكنا تحقيقه إلى الدرجة المرتآة- نظرا لخروج الشرق الأوسطبشكل متصاعد عن السيطرة خلال إدارة أوباما " . )
وتعوّل هيلاري كلينتون وهي قريبة من الجنرالات و الدبلوماسيين الأكثر تطرّفا فى دفع جرائم الحرب . و من أقرب مستشاريها مادلين أولبرايت التى صاغت قبل بضعة أشهر خطواطا عريضةتقول فيها "هناط مكان خاص فى الجحيم للنساء " اللاتي لا تساندن هيلاري . ومادلين أولبرايت نفسها ، مثل هيلاري كلينتون ، سكرتيرة دولة سابقة ، برّرت عقوبات الولايات المتحدة التى دمّرت البنية التحتيّة العراقيّة و حرمت الأطفال من الحصول على التغذية و الأدوية الأساسيتين ما أسفر عن وفاة أكثر من 500 ألف منهم . و قالت ألبرايت : " نعتقد أنّ الأمر يستحقّ الثمن ".
و بإسم كتلة كلينتون ، هاجمت ألبرايت خطاب دونالد ترامب حول السياسة الخارجية فى 27 أفريل على أ،ّه إنعزالي جدّا . و ليست ألبرايت سوى واحدة من مجموعة كاملة من الصقور العسكريّة المتطرّفة القريبة من كلينتون و التى تقدّم لها النصح . و مستشار آخر هو جاك كين وهو جنرال متقاعد ذو أربعة نجوم و صفته التايمز ب " الصقر القابع بفوكس نيوز حيث يظهر بإستمرار ليدعو الولايات المتحدة إلى مزيد إستعمال القوّة العسكريّة فى العراق وسوريا و أفغانستان ." و كانت لكلينتون أيضا علاقات وثيقة مع الجنرال السابق و مدير مخابرات السي أي أي دافيد بتراوس السيّء الصيت لدوره فى مجازر المدنيين والتعذيب و فرق الموت فى أفغانستان و العراق . و فى 2014 ،قال بتراوس بأنّ هيلاري كلينتون " ستكون رئيسة عظيمة ".
3- كانت هيلاري كلينتون ، كسكرتيرة دولة ، القوّة المحرّكة فى البيتالأبيض وراء دور الولايات المتحدة فى قصف ليبيا بالقنابل و قد إحتفلت بذلك بصخب :
فعلا أطاح قصف الولايات المتحدة / الناتو لليبيا بنظام مثّل شوكة فى خصر الولايات المتّحدة والغرب . و عقب ذلك ، غدت ليبيا فى حالة فوضى عارمة ، ممزّقة بين أمراء الحرب الرجعيين و أرضا خصبة لداعش . و تقدّر الأمم المتّحدة بأنّ تقريبا 400 ألف ليبي غادروا ديارهم منذ إطاحة الولايات المتحدة و الناتو بالقذّافي – و ربعهم قد غادر البلاد تماما .
و عندما بلغت الأنباء هيلاري كلينتون بانّ القذّافي قد قُتل ، قهقهت و هلّلت ، " أتينا ، رأينا ، لقد مات " – محيلة على الكلمات الإمبراطوريّة لجوليوس قيصر التى يقال أنّه نطق بها وهو يحتفل بالإنتصار على منافس له :" أتيت ، رأيت ، كسبت " .
إن كنتم تفكّرون بأنّ برنى سندارس مختلف جوهريّا ...
فى إجتماع إستضافته المحطّة التلفزيّة أم أس أن بى سى فى 25 أفريل 2016 ، سُئل برنى سندارس إن كان يعتقد أنّ " قائمة القتل " التى إستخدمها باراك أوباما لقتل الناس حول العالم – حتّى مواطنين من الولايات المتحدة – دون محاكمة " دستورية و قانونية " ، كانت إجابته : " عموما أعتقد ذلك ،نعم " .
و النتيجة ؟ ليبيا تهيمن عليها قوى " مسؤولة عن الإيقاف التعسّفي و التعذيب و القتل اللاقانوني و الهجمات دون تمييز و الإختطاف و النزوح المفروض على الناس . و علاوة على ذلك ، تقتل المجموعات المسلّحة التى أعلنت ولاءها للمجموعة المتطرّفة داعش ،أيضا دون محاكمات الناس فى المناطق التى تقع تحت سيطرتها " ( هومن رايت ووتش ) .
4- فى زمن تصبح فيه طبيعة الأبرتايد – العنصريّة المفضوحة و العنيفة – لإسرائيل أوضح فأوضح ، تعلن هيلاري كلينتون بقوّة بأنّها ستكون بأكثر عدوانيّة مقارنة بأوباما فى موالاتها لإسرائيل :
فى خطاب أمام الآيباك ، لجنة الشؤون العامة الأمريكية – الإسرائيليّة ، شنّت هيلاري كلينتون الحركة المعارضة لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين بالمقاطعة و الفضح و العقوبات . و شوّهت تلك الحركة و شجّعت على إجراءات منعها من النشاط القانوني على المركّبات الجامعيّة وفى الأحياء فى الولايات المتحدة .
وأوضحت كلينتون فى خطابها أنّه حينما يتعلّق الأمر بإسرائيل فإنّها إلى درجة كبيرة على يمين أوباما – الذى دعّم هو نفسه مجزرة إسرائيل فى غزّة سنة 2014 و التى خلّفت وفاة أكثر من 500 طفل وقد أعلنت أنّ أوّل أعمالها كرئيسة ستكون دعوة الوزير الأوّل بنيمين نتنياهو إلى البيت الأبيض . و نتياهو متعصّب صهيوني متطرّف بوجه خاص حتّى ضمن مروحة السياسة الإسرائيليّة التقليديّة و شخص قد بصق على وجه أوباما بحديثه دون دعوة من البيت الأبيض أمام كنغرس الولايات المتّحدة ليندّد بالإتفاق النووي مع إيران .
إنّ التصويت للديمقراطيين يساوى تواطؤا مع هذه الجرائم – الماضية و الحاضرة و المستقبليّة . أهذا ما تريدونه ؟ أهذا سبب مشاركتكم فى محاولة تغيير الأشياء عبر الديمقراطيين ؟
إذن ... ماذا ستفعلون الآن ؟
-----------------------
المصادر :
Sources
1) Iraq War Deaths
For documentation on the death and devastation caused by the U.S. invasion of Iraq, see: “Mortality before and after the 2003 invasion of Iraq: cluster sample survey” by Les Roberts, Riyadh Lafta, Richard Garfield, Jamal Khudhairi, and Gilbert Burnham (The Lancet, November 20, 2004) and, “Mortality after the 2003 invasion of Iraq: a cross-sectional cluster sample survey” by Gilbert Burnham, Riyadh Lafta, Shannon Doocy, and Les Roberts (The Lancet, October 21, 2006.
For documentation on U.S. use of phosphorous in Iraq War, including on-screen, first hand testimony by U.S. troops who carried out´-or-witnessed war crimes (and then spoke out against them) see: Fallujah, The Hidden Massacre, the documentary film by Sigfrido Ranucci and Maurizio Torrealta. The film documents the use of chemical weapons, particularly the use of incendiary bombs, and other indiscriminate use of violence against civilians and children by military forces of the United States in the city of Fallujah in Iraq during the Fallujah Offensive of November 2004.
2) For documentation that Madeleine Albright upheld 500,000 children killed by U.S. sanctions against Iraq, see: “Madeleine Albright The deaths of 500,000 Iraqi children was worth it” (video).
3) For documentation on the situation in Libya after the U.S./NATO bombing campaign that facilitated the downfall of the Ghadafi regime, see a Human Rights Watch report at http://www.hrw.org/middle-east/n-africa/libya.
For documentation on Hillary Clinton’s defining role in the bombing of Libya and creating the current hell on earth in that country, see the New York Times series “The Libya Gamble.”
See Hillary Clinton ghoulishly laughing and celebrating U.S. invasion of Libya and death of former ruler Ghadafi: “Hillary Clinton on Gaddafi: We came, we saw, he died.” (video)
4) For documentation of Israel’s war crimes in Gaza and apartheid oppression of the Palestinians. For a report on the 2011 war, see “Report of the independent commission of inquiry established pursuant to Human Rights Council resolution S-21/1” (UN Human Rights Council, June 24, 2015). For a current survey of crimes against humanity being committed against the Palestinians today see “Freedom of Movement: Human rights situation in the Occupied Palestinian Territory, including East Jerusalem.” (UN Human Rights Council, February 2016)
==================================
لا – ليست إمبراطوريتنا !
ردّ ثوري على خطاب هيلاري كلينتون ضد ترامب
جريدة " الثورة " عدد 442 ، 6 جوان 2016
http://revcom.us/a/442/no-its-not-our-empire-revolutionary-response-to-hillary-clinton-anti-trump-speech-en.html

فى 2 جوان ، حطّت هيلاري كلينتون الرحال فى سان دياغو – وهي مدينة توجد فيها أكبر الأساطيل البحريّة فى العالم و مجموعة كبيرة منالمتقاعدين من جيش الولايات المتحدة . و عقب ثلاثة أيّام من يوم الذكرى - اليوم الذى تحتفل فيه أمريكا بحروبها النهّابة الماضية و الحاضرة و تعظّم فيه الذين قاتلوا خلالها – أوضحت كلينتون أنّها هي ، و ليس دونالد ترامب ، من يجب أن يكون القائد العام لإمبراطورية الولايات المتحدة و أسلحة دمارها الشامل التى لا تضاهى .
فى قاعة الإجتماع ، كان عدد الحضور الذين وقع إنتقاؤهم 250 ،غالبيتهم من الجيش – قتلةوقتلة سابقين من أجل الإمبراطوريّة . لكن أبعد من الحشد و المكان ، وكلّ تلك الرمزيّة ، توجّه الخطاب إلى مستمعين : الناس بشكل عام و أهمّ حتّى ، الطبقة الحاكمة .
أوّلا و قبل كلّ شيء ، توجّه خطاب كلينتون إلى الذين كانوا فعلا يقرّرون إطار ما يحدث فىالإنتخابات ،لا سيما الإنتخابات الرئاسيّة. الناس الذين شخّصهم بدقّة بوب أفاكيان على أنّهم " الفئة القليلة من " الأمريكيين " التى تهيمنعلى الإقتصاد وبالتالى على السياسة و وسائل الإعلام وعامة وسائل صياغة الرأي العام ، و كلّ مجال من مجالات اغلحياة الإجتماعية : الطبقة الرأسمالية-الإمبريالية الحاكمة وممثّليها السياسيين و الأدبيّين ". ( أنظروا " المعبود الأمريكي " الحقيقي : الإنتخابات كتجارب أداء - أي توافق يهمّ حقّا و كيف تتخذ فعلا القرارات " ، بوب أفاكيان).revcom.us
و فى ذلك المقال ، شرح بوب أفاكيان العلاقة بين المرشّحين للرئاسة " المخاطبين " للجماهير بشكل واسع و مخاطبة الطبقة الحاكمة . ما العلاقة بينهما ؟ فى جزء منها الحصول على موافقة الذين هم عمليّا يمسكون بالكلمات الطلقات و بيان من يمكنه أن يتفوّق لدى الرأي العام . لكن الأكثر أهمّية ،على المرشّحين للرئاسة أن يبيّنوا أنّ بإمكانهم تخطّى الصعوبات برسالة تخدم مصالح الطبقة الحاكمة الرأسمالية- الإمبريالية .
و فى ضوء هذا ، وضحت هيلاري كلينتون أنّها هي ، و ليس ترامب ، المرشّح الأكثر قسوة و صاحب الدم البارد و الحسابات و الجدّية فى إدارة إمبراطوريّة عالمية تقبع على قمّة عالم من المعامل الهشّة و الأحياء القصديريّة . وهي الأفضل فى تجييش سلسلة كاملة من العنف العالمي للحفاظ على تلك الإمبراطوريّة لا سيما زمن أزمة .
و قد قامت بهذا بكلمات بارعة الصنع كانت تهدف إلى جعل الناس الذين ليسوا جزءا من الطبقة الحاكمة – فى هذه البلاد ( وحتّى أبعد منها ) – يتماثلون ليس مع مصالح الإنسانيّة بل مع مصالح طبقة حاكمة تستغلّ و تضطهد الغالبيّة الغالبة للإنسانيّة .


من هم " حلفاء " الولايات المتحدة ؟
لقد نفخت كلينتون فى تجربتها كسكرتيرة دولة وفى قدراتها الدبلوماسيّة. وشدّدت على أنّها ،على خلاف صارخ مجنون مثل ترامب ، ستكون أكثر فعاليّة فى ضمان أن تستطيع " موسكو وبيكين " التناغم مع " تحالفاتنا حول العالم " . و صرّحت " إنّ شبكة حلفاء أمريكا جزء من ما يجعلنا إستثناءا – وحلفاؤنا يخدموننا كلّ يوم ".
لكن من هم هؤلاء الحلفاء حول العالم ؟ و ما الذى " يخدمون به كلّ يوم " مصالح حكّام الولايات المتحدة ؟
فى كلّ ركن منأركان الكوكب ، تتشكّل " شبكة حلفاء أمريكا " منأنظمة مصّاصة دماء و وحشيّة . ففى الشرق الأوسط ، يبدأ " التحالف " مع إسرائيل ، دولة أقيمت على الإبادة الجماعية المتصاعدة ضد الفلسطينيّين ؛ دولة فى مناسبتين ، فى العقد الأخير ، إرتكبت مجازر تقتيل فظيع و إحادي الجانب لآلاف الناس فى قطاع غزّة من فلسطين بدعم من الولايات المتّحدة . و قد تميّزت كلينتون عن أوباما ( و ترامب ) بكونها أكثر موالاة لإسرائيل .
و عندما تشدّد كلينتون على أنّها تملك رقما قياسيّا فى بناء هذه التحالفات فهي تنطق بالحقيقة .
فإبّان خدمتها كسكرتيرة دولة ،أطاحت الولايات المتحدة بعنف بالنظام فى مينمار (البُرما ) وذلك بالتنسيق عن كثب مع " شبكة حلفاء " الولايات المتّحدة . وتتقاسم مينمار حدودا مديدة مع الصين و قد رأى حكّام الولايات المتحدة أنّها رابط مفتاح فى محاصرة الصين وعزلها . واليوم مينمار مدانة عالميّا من طرف جمعيّات حقوق الإنسان لإقترافها التطهير العرقي العنيف تجاه أقلّية روهنغيا ، و لتصعيدها من التجارة فى الجنس و من عمل الأطفال المفروض على نطاق واسع و لإستشراء التعذيب و الإغتصاب الجماعي الممنهج على يد الجيش ، و لإستعمال الإرهاب المنتشر ضد المعارضة . و قد إعتبرت كلينتون التحالف البارز بين الولايات المتحدة و نظام مينمار نموذجا ل " الدورالفذّ الذى يمكن و يجب على الولايات المتّحدة أن تلعبه فى العالم كبطلة للكرامة و الديمقراطية ". و " أمريكا أفضل ما يمكن أن يوجد " ( مقتبس من كتاب هيلاري كلينتون ، " الخيارات الصعبة : سيرة ذاتيّة " ).
لقد لعبت وزارة الخارجيّة التى عمات بها هيلاري كلينتون دورا مفتاحا فى إصباغ الشرعيّة فى 2009 على الإنقلاب العسكري الذى أطاح بحكومة منتخبة فى الهندوراس كانت قريبة جدّا من هوغو تشافاز بفنزويلا بحيث لا تخدم مصالح الولايات المتحدة . وإثر الإنقلاب ، تعرّض المعارضون ومنظّمو النقابات للضرب و التهديد والسجنو القتل . و مُزّقت التضييقاتعلى "التطوّر " الذى كانيخدم مصلحة الرأسمالية- الإمبريالية الأمريكية . و تعدّ الآن المعامل الهشّة فى الهندوراس ثالث أكبر مصدّر للثياب و النسيج إلى سوق الولايات المتحدة وهي تستخدم تقريبا مائة ألف عامل ،غالبيّتهم من النساء ، يتقاضون أقلّ من 45 دولار أسبوعيّا . و قدّمت كلينتون دعمها للإنقلاب بسرعة منذ 13 أفريل منتلك السنة بالبرنامج التلفزي " الديمقراطية الآن ! " .
إسرائيل ...مينمار ...الهندوراس ... كلّ هؤلاء هم " الحلفاء " الذين " يخدمون كل يوم " إمبراطوريّة الولايات المتّحدة . و يمكن لهيلاري كلينتون أن تبرّر مصداقيتها فى دور مفتاح فى هذه التحالفات .
أمّا بالنسبة " للدبلوماسيّة " التى تشجّع عليها هيلاري كلينتون كبديل غير جنوني لجنون ترامب ، فهي دبلوماسيّة القتل الجماعي . فقد إعترفت مادلين أولبرايت ، سكرتيرة الدولة السابقة لدى بيل كلينتون ، بذلك عندما قالت " يستحقّ الثمن " إزاء قتل 500 ألف طفل فى العراق جراء العقوبات التى خرمت البلاد من الحصول على الغذاء و الأدوية – عندما كان ذلك يخدم مصالح غمبراطورية الولايات المتحدة . و قد تفاخرت هيلاري كلينتون بدورها الخاص فى فرض تنفيذ العقوبات ضد إيران- و التى قد أصابت تبعاتها كأقسى ما يكون ، عمدا ، أكثر الناس هامشيّة وفقرا فى ذلك البلد .
" هيلاري الصقر "
لكن لنكون واضحين. ليست هيلاري كلينتون مجرّد مسوّقة لنفسها كشخصبمقدوره نسج تحالفات مع مضطهدين وحشيين ، أو كشخص سجّل أرقاما قياسيّة فى قتل المدنيّين الأبرياء بفعل عقوبات " دبلوماسيّة " . إنّها ، وهي تسوّق لنفسها على أنّها ، مجرمة حرب مجرّبة و بصورة متكرّرة .
تولّت هيلاري كلينتون دورا فريدا مننوعه فى دفع الولايات المتحدة / الناتو إلى قصف ليبيا بالقنابل التى أطاحت فعلا بنظام معمّر القذّافي الذى كان بمثابة شوكة فى خصر الولايات المتحدة و الغرب . و النتيجة كانت تقطّع أوصال ليبيا ، فهي مقسّمة بين أمراء الحرب الرجعيّين و منبت لداعش . و قد غادر 400 ألف ليبي ديارهم منذ إطاحة الولايات المتحدة و الناتو بالقذّافي . و حينما بلغت هيلاري كلينتون أخبار أنّ القذّافي قتل ، قهقهت و هلّلت ، " أتينا ، رأينا ، لقد مات " – محيلة على الكلمات الإمبراطوريّة لجوليوس قيصر التى يقال أنّه نطق بها وهو يحتفل بالإنتصار على منافس له :" أتيت ، رأيت ، كسبت " .
و هذا ليس إنحرفا . ففى عرض مطوّل لسجلّ هيلاري كلينتون ، جاء فى مقال فى مجلّة النيويورك تايمز ما يمكن توقّعه إن صارت هيلاري كلينتون الرئيس القادم :
" بالرغم من كلّ صراخهم حتّى الذهول بشأن قصفداعش بالقنابل ، لا دونالد ج. ترامب و لا السيناتور تاد كروز من التكساس قد أظهرا فى أي مكان إقترابا من الشهوة التى أظهرتها كلينتون لشنّ الحروب خارج البلاد ". [ التشديد مضاف ] ( " كيف صارت هيلاري كلينتون صقرا " ).
كلّ ما يقومون به إطاره الحفاظ على إمبراطوريّتهم
فى خطابها فى 2 جوان 2016 ، إعترضت هيلاري كلينتون – تقريبا عرضيّا – على شيطنة ترامب للمسلمين و المكسيكيين .
لكن هل أشارت كلينتون إلى واقع أنّ ترامب قد قلب الأمر تماما رأسا على عقب ؟ و إلى أنّ الولايات المتحدة غزت نصف المكسيك و ضمّته إليها فى جزء كبير منه بغية توسيع نطاق العبودية ، و معظم ما بقي من المكسيك حوّلته الولايات المتحدة إلى معامل هشّة و مزارع مشتركة وأحياء قصديريّة - قائمة على الرأسمالية ؟ هل تحدّثت حتّى عن ما سيكون فظيعا فى حقوق الإنسان منمحاصرة الناس و فصلهم عن أبنائهم و ترحيلهم ؟ هل نقدت ترامب لهجومه على المسلمين الذى يشبه إلى حدّ كبير خطابات هتلر تجاه اليهود ؟
لا. لقد إشتكت من أن خطاب ترامب " ينفّر ذات البلدان التى نحتاج إليها ". بكلمات أخرى ، مشكلة ترامب ليست العنصريّة و ليست أنّ السمّ الفاشي فاحشين ولا يمكن القبول بهما . المشكل ، يريدوننا أن نعتقد ، هو كلّ ما يقف فى طريق ضمّ البلدان و القوى الرجعيّة لتقاتل و تقتل و تموت من أجل التقدّم بأجندا إمبراطوريّة الولايات المتحدة - فى مناطق المسلمين الفسيحة من العالم و فى المكسيك أين تتولّى الحكومة دورا لا بدّ منه فى خدمة و فرض مصالح الولايات المتحدة .
كانت كلينتون تسوّق لنفسها أمام الحكّام . وفى نفس الوقت ، كانت أيضا تعملعلى غسل أدمغة الذين ساءتهم هجمات ترامب ضد المهاجرين و المسلمين – جاعلة إيّاهم يفكّرون فى إطار ما هوجيّد لإمبراطوريّة الولايات المتحدة ،و ليس للإنطلاق من مصالح الإنسانيّة .
لماذا يجب على أي كان أن يضع يده على " الشفرة النوويّة " ؟
فى مقطع مفتاح من خطابها – شيء كرّرته كثيرا العديد منوسائل الإعلام السائدة- تذمّرت هيلاري كلينتون مندونالد ترامب لأنّه لم يكن مسؤولا كفاية لتوضع بين يديه الشفرة التى ستطلق حربا نوويّة .
لنتوقّف قليلا هنا . أعملوا فكركم فى كيف أنّ هذا النظام و مسيّريه يريدونكم أن تفكّروا . تقدّم كلينتون المسألة كما لو أنّها مسألة من من ممثّلي الطبقة الحاكمة ينبغى أن يحصل على هذه الشفرة.
و السؤال الحقيقي هو : لماذا أصلا يجب على أيّ ممثّل للطبقة الحاكمة للولايات المتحدة أن يملك القدرة ، بضغط على زرّ ، أن يحكم على الملايين بالدمار النووي و ربّما بإطلاق حرب نوويّة تضع الإنسانيّة فى خطر !

من تسمّونهم " نحن " ؟
حسنا ، لنعطي كلّ ذى حقّ حقّه . هيلاري كلينتون مجرمة حرب بدم بارد و داعية ثابتة للحرب من أجل إمبراطورية الولايات المتحدة . بيد أنّ هذه ليست إمبراطوريّتنا . إنّها إمبراطوريّة تستعبد عمل الأطفال فى مزارع جوزالهند فى أفريقيا ، و تحرق النساء العاملات بالمعامل الهشّة وهنّ أحياء فى البنغلاداش ، و تسمّم المزارعين المكسيكيين المشتغلين بمزارع الولايات المتحدة للفلاحة و التجارة .
يحتاج الناس إلى أن يتوقّفوا عن التفكير كأمريكيين و أن يشرعوا فى التفكير فى الإنسانيّة .
عندما تبدأ هيلاري كلينتون أو أيّ ممثّل للطبقة الحاكمة فى الولايات المتّحدة الأمريكيّة فى الحديث عن أمّت"نا " و عن مصالح"نا" ... يجب أن يكون ردّ كلّ من له عقل لإدراك ما يعنيه ذلك و كفاية منالخلفيّة الأخلاقيّة للتمسّك بالمبدأ : " من تسمّونهم " نحن " ، أيّها الملاعين ! ؟ ". هذه ليست إمبراطوريّتنا . مصالحكم ليست مصالحناز لقد كان مالكولم آكس على حقّ : لسنا أمريكيين ، لدينا ما يكفى من العقل لنعلم ذلك . و نحن نقف إلى جانب الإنسانيّة و ليس إلى جانب مجرمي الحرب الذين يحكمون هذه البلاد .
إنّ إطار هذه الإنتخابات – وضع "خيار " بين فاشي مجنون من ناحية و مجرمة حرب بصفة ثابتة و متكرّرة و هي معتزّة بذلك – يشدّد على مدى حيويّة أن لا يندمج الشعب فى لولب هذا النظام الإنتخابي برمّته ؛ و مدى إلحاحيّة التنظّم الآن ، من أجل الثورة – فلإطاحة بهذا النظام الفظيع فى أقرب وقت ممكن .
لماذا لا يجب علينا أن نصفّق لحكّامنا... و لماذا من الأفضل أن يخسروا حروبهم
لاري أفراست ، جريدة " الثورة " عدد 423 ، 25 جانفي 2016
http://revcom.us/a/415/why-we-should-not-root-for-our-own-rulers-why-better-if-they-lose-their-wars-en.html

عقب هجوم داعش الإرهابي الفظيع فى باريس يوم 13 نوفمبر ، مجدّدا حاول الحكّام فى الولايات المتحدة و فرنسا و القوى الإمبريالية الأخرى أن يجعلوا الناس تصطفّ وراء تحرّكاتهم الحربيّة – بمن فيهم أناس قد عارضوا الحروبالسابقة كحرب الفتنام و العراق . يقولون " لسنا كاملين لكنعلى الأقلّ لسنا متعصّبين دينيين مثل داعش و الآن بالذات علينا أن نلحق الهزيمة بداعش . لن يوجدأي سلام و سيستمرّ الناس فى المعاناة ما لم نهزم داعش " .
هذا هراء ...على عدّة أصعدة .
لقد أضعفت هزيمة الولايات المتحدة فى حرب الفتنام الإمبراطورية عسكريّا و قلّصت قدرتها على غزو بلدان أخرى و مهاجمتها لسنوات عديدة . و هزيمة الولايات المتحدة فى العراق و الصعوبات التى تلقاها فى أفغانستان منعتها من القيام بغزوات أخرى واسعة النطاق فى الشرق الأوسط . و فوق كلّ هذا : لا يزال راسخا فى الأذهان إضطراب الطائرة المروحيّة الأخيرة خارج مجمّع مباني سفارة الولايات المتحدة فى سيغون ( الان مدينة هوشى منه ) بالفتنام سنة 1975 زمن كانت قوى التحرير تنهى طرد الولايات المتحدة.
تخوض لا الولايات المتحدة و لا يخوض هؤلاء الإمبرياليين الحرب قصد " إيقاف الإرهاب " . إنّهم يشنّون الحرب و ينظّمون التدخّلات العسكريّة و يتآمرون دبلوماسيّا قصد الحفاظ على نظام الإستغلال الرأسمالي العالمي الذى يهيمنون عليه ، نظام يطحن ويسحق و يجتثّ و يهمّش تماما مليارت البشر . لذا عندما تتحرّك الولايات المتّحدة ، تتحرّك من أجل تحطيم كلّ ما قد تشعر بأنّه يقف فى طريق هيمنتها و / أو لتركيز جملة العلاقات الإضطهاديّة و الأنظمة الإضطهادية التى تصون هذا النظام برمّته – بما فى ذلك القوى الأصوليّة الإسلاميّة حينما تخدم مصالحها .
و لنلقى نظرة فقط على الأمثلة الأحدث .
- غزت الولايات المتحدة فى 2002 أفغانستان بتعلّة " تحريره " ثمّ نصّبت فى سدّة الحكم سلطة إقطاعيّة مجرمة متآمرةمنالسماسرة و أمراء الحرب و سلّحت مليشيات مكروهة فى أفغنستان بأسرها . ودافع كلّ هذا النظام عن العلاقات التقليدية العنيفة بما فيها استعباد البطرياركية / النظام الأبوي للنساء و الأصوليّة الدينية و إلحاق أفغانستان بالإمبرياليّة . (و أطلق على النظام المدعوم من الولايات المتّحدة إسم " جمهوريّة أفغانستان الإسلامية " ).
- و قد وعدت الولايات المتحدة بتحرير العراق أيضا . إلاّ أنّه بعد غزوه سنة 2003 ، سعت إلى تركيز جملة من العملاء و المجرمين اللقيطين و الملتزمين بالإدماج التام للعراق ضمن إمبراطوريّة الولايات المتحدة فى الحكم . و لمّا أخفق ذلك التحرّك ، توجّهت إلى الأحزاب و المليشيات الشيعيّة الرجعيّة وتاليا إلى القوى السنّية الرجعيّة التقليديّة كذلك . و غذّى كلّ هذا صعود الأصوليّة الإسلاميّة الرجعيّة عامة و داعش على وجه الخصوص .
- و طوال السنتين و نصف السنة الأخيرين ، دعّمت الولايات المتّحدة الحرب الأهليّة السوريّة الوحشيّة لأجل حماية كامل النظام الفاسد القائم فى الشرق الأوسط و الذى تهيمن عليه الولايات المتحدة – بما فى ذلك دولة الإستيطان الوحشي إسرائيل و الدول الوحشيّة كتركيا و العربيّة السعوديّة الأصوليّة ( التى تعدّ لقطع رؤوس خمسين إنسانا ) . و كجزء من هذه المؤامرات ، ساند حلفاء الولايات المتحدة مساندة مباشرة داعش والقوى الجهاديّة . و أفشي أخيرا سرّ تقرير مخابراتي سنة 2012 يكشف أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها تسامحوا أو دعّموا إقامة مناطق جهاديّة شرقي سوريا و غربي العراق .
- و قد عني كلّ هذا التعذيب و الفظائع و الإبادة الجماعيّة على يد جيش الولايات المتحدة – " فرقنا " –على نطاق بعيد جدّا جدّا مقارنة بالجرائم التى إقترفها الجهاديّ,ن الرجعيّون . و فى العراق عني إستعمال القنابل العنقوديّة و الفسفور الأبيض و اليورانيوم المخصّب ضد سكّان الفلوجة فى 2004 ؛ و قتل 24 مدني غير مسلّحين فى الحديثة سنة 2005 ؛ وإعدام على الأقلّ عشرة مدنيين عراقيين ضمنهم إمرأة فى السبعين من عمرها و طفل عمره خمسة أشهر فى الشاقي وسط العراق سنة 2006 ؛ و إطلاق النار من طائرة مروحيّة أمريكيّة على 11 مدنيّا و قتلهم فى بغداد سنة 2007.
و فى أفغانستان ، عني ذلك قتل جنود الولايات المتحدة لإمرأتين و هما حاملتين ، و موظّفين تابعين لمقاومة الإجرام ، و مراهقة و ذلك خلال حفل قرب قرية قرداز ؛ وفى 2012 فحسب ، عني قتل جندي أمريكي لستّة عشرة مدنيّا أفغانيّا منهم تسعةأطفال فى قريتين من محافظة قندهار ؛ كما عني إقتحام جنود الولايات المتحدة بالعنف منازل السكّان و إخراجهم منها وتعذيبهم - أحيانا حدّ الموت – ثمّ قطع أعضاء من أجسادهم . و قد روى ناجى أنّه تعرّض لتهديد حياته بأربعة عشرة طريقة من التعذيب و أنّه تعرّض إلى " الصدمات الكهربائيّة و الضرب و الإغراق فى الماء و التعليق فى السقف و الدفن الجزئي فى مياه مجمّدة للجسد و العذاب الخارق للعادة و المهين لربط أعضائه الجنسيّة و شدّها بقوّة طوال أربعة أيّام متتالية " .( دايلى بيست ).
و قد كشفت دراسة حدسثة عن أنّه منذ 2001 ، كانت حروب الولايات المتحدة مسؤولة عنما جملته 1,3 مليون جريمة قتل ، فى أفغانستان (220 ألف ) ، فى الباكستان (80 ألف ) و فى العراق وحدها ( مليون )!
جميع أعمال الولايات المتحدة هذه قد عزّزت الحركات الإسلاميّة الرجعيّة التى إقترفت بدورها جرائما بشعة فى حقّ البشر – كذلك لأجل فرض علاقات إجتماعيّة و إقتصاديّة متخلّفة و إضطهاديّة . لماذا على أي إنسان كان أن يتوقّع أنّ المزيد من تدخّلات الولايات المتحدة و تصعيدها للحروب سينجرّ عنه شسئا مختلفا عن هذا ؟ لماذا يجب على أي إنسان يفهم هذا أن يرغب فى رؤية نجاح تلك التحرّكات – أو " الإنتصار " .
لا تمثّل الإمبريالية و الأصوليّة الإسلاميّة البديلين الوحيدين ! نحتاج إلى ثورة !
مثلما أشار بوب أفاكيان برؤية ثاقبة ، العلاقة بينهما تسير على النحو التالي :
" ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا .
و فى حين أنّ هذه صيغة مهمّة جدّا و حيويّة فى فهم الكثير من الديناميكية التى تحرّك الأشياء فى العالم فى هذه المرحلة ، فى نفس الوقت ، يجب أن نكون واضحين حول أي من " هذين النموذجين الذين عفا عليهما الزمن " قد ألحق أكبر الضرر و يمثّل أكبر تهديد للإنسانيّة : إنّه الطبقة الحاكمة للنظام الإمبريالي التى عفا عليه الزمن تاريخيّا ، و بوجه خاص إمبرياليّو الولايات المتحدة ."
لقد إنتهى إلى مسامعى فى المدّة الأخيرة تعليقا هاما لأحدهم بهذا المضمار و أظنّ أنّه صحيح و يضع يده على شيء هام . ففى علاقة بهتين القوّتين " اللتين ولّى عهدهما " ، قيل : " بوسعكم قول إنّ القوى الأوليّة الإسلاميّة فى العالم كانت ستكون نائمة إلى حدّ كبير لولا ما قامت به الولايات المتّحدة و حلفاؤها و ما يقومون به عبر العالم – لكنّه ليس بوسعكم قول العكس " . هناك حقيقة عميقة يمسك بها هذا الموقف .
لكن الإمبريالية و الأصوليّة الإسلاميّة لا تمثّلان البديلين الوحيدين اليوم.فثمّة عمليّا إمكانيّة فعليّة للقيام بالثورة و إنشاء مجتمع تحرّري مختلف راديكاليّا بالإعتماد على الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بها بوب أفاكيان . و هذه الثورة الممكنة ستنجم عن تناقضات النظام القائم و عن نضال الثوريّين الآن . وهي المصدر الوحيد للأمل الحقيقي فى الوضع الرهيب الذى تواجهه الإنسانيّة اليوم .
إنّ تعزيز الإمبريالية و ذات النظام المسؤول عن معظم العذابات و التدمير الذى يعرفه كوكبنا اليوم – بما فى ذلك مساندة حروبه وآلته العسكريّة – لن يفعل سوى تأبيد البؤس .
و لنكن واضحين : يعارض الثوريّون معارضة القوى الإسلامية الرجعيّة من مثل القاعدة و داعش وكافة الطرق الفظيعة التى تقاتل بها من أجل أجندتها ، أجندة عصور الظلمات . و عدم مساندة حكّامنا – و حتّى الترحيب بهزيمتهم – لا يساوى إرادة فوز القوى الرجعيّة المعارضة لهم مهما كانت . يساند الثوريون الحقيقيّون الشيوعيين فى كلّ بلدمن البلدان بمن فيهم أولئك الذين يواجهون مباشرة القوى الإسلاميّة الرجعيّة ويعملون على نشر أفكار الشيوعية حتّى حيث لا توجد قوى منظّمة تتبنّاها راهنا .
ونقوم بكلّ هذا كجزء من إنشاء عالم كامل أفضل – و الآن بالذات ، فى هذه البلاد ، إعداد الأرضيّة و إعداد الناس و إعداد الطليعة – و الإستعداد لزمن تظهر فيه إمكانيّة قيادة الملايين للقيام بالثورة الشاملة ، بفرصة حقيقيّة للظفر .
===============================================================