مقرر حول دور الحزب الشيوعي


محمد علي الماوي
2016 / 6 / 18 - 16:46     

مقرر حول دور الحزب الشيوعي في الثورة البروليتارية
تقديم:
"- إنّ التجربة البالغة الأهمية التى جنتها الحركة الشيوعية العالمية هي أن تطوّر الثورة وإنتصارها يرتكزان على وجود حزب بروليتاري ثوري .
لا بدّ من وجود حزب ثوري .
لا بدّ من وجود حزب ثوري مبني على أساس النظرية الثورية والأسلوب الثوري للماركسية اللينينية .
لا بدّ من وجود حزب ثوري يعرف كيف يمزج بين حقيقة الماركسية اللينينية العامة و بين الأعمال المحدّدة للثورة فى بلاده .
لا بدّ من وجود حزب ثوري يعرف كيف يربط القيادة ربطا وثيقا بالجماهير الواسعة من الشعب .
لا بدّ من وجود حزب ثوري يثابر على الحقيقة و يصلح الأخطاء و يعرف كيف يباشر النقد والنقد الذاتي .
مثل هذا الحزب الثوري فقط بوسعه أن يقود البروليتاريا والجماهير الواسعة من الشعب لهزيمة الإستعمار وعملائه و يكسب النصر التام فى الثورة الوطنية الديمقراطية و يكسب الثورة الإشتراكية .
و إذا لم يكن حزبا ماركسيّا لينينيّا بل حزبا تحريفيا ،
و إذا لم يكن حزبا طليعيا للبروليتاريا بل حزبا يسير خلف البرجوازية ،
و إذا لم يكن حزبا يمثّل مصالح البروليتاريا و جميع جماهير الشغيلة بل حزبا يمثّل مصالح الأرستقراطية العمالية ،
و إذا لم يكن حزبا أمميّا بل حزبا قوميّا ،
و إذا لم يكن حزبا بوسعه أن يستخدم عقله ويفكر لنفسه بنفسه ويحرز معرفة صحيحة لإتجاهات الطبقات المختلفة فى بلاده نفسها ، عن طريق البحث الجاد والدراسة ، و يعرف كيف يطبّق حقيقة الماركسية اللينينية العامة و يمزجها بالأعمال المحدّدة لبلاده ، إذا لم يكن هكذا ، بل كان حزبا يردّد كالببغاء كلمات الآخرين ، وينقل الخبرة الأجنبية دون تحليل ، و يندفع هنا وهناك إستجابة لعصا إرشاد اشخاص معيّنين فى الخارج ، فإنّ حزبا كهذا يصبح خليطا من التحريفية والجمود العقائدي و كلّ شيء ما عدا المبدأ الماركسي اللينيني .
من المستحيل تماما على حزب كهذا أن يقود البروليتاريا والجماهير الشعبية الواسعة إلى شنّ نضال ثوري وأن يكسب الثورة وأن يؤدّي الرسالة التاريخية العظيمة للبروليتاريا .
إنّ هذه مسألة على جميع الماركسيين اللينينيين وجميع العمّال الواعين طبقيّا وجميع الطليعيّين أن يفكّروا فيها تفكيرا عميقا ."
إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية-30 مارس 1963) –
اننا في حاجة أكيدة لمثل هذا الحزب في تونس وفي الوطن العربي وتندرج مبادرة نشر هذه المقررات حول الحزب في اطار اعادة تحسيس الافراد والمجموعات الشيوعية بضرورة جعل مهمة ايجاد هذا الحزب مهمة مركزية تحتل صدارة النشاط النظري والعملي وبالتالي التساؤل باستمرار : هل ان هذا التحرك او هذا الانتاج النظري يخدم المهمة المركزية ام يعارضها؟ هل ان تحركات الشيوعي ونقاشاته في الاطر وصلب الجماهير تصب في اتجاه تاسيس هذا الحزب ام تساهم في تشتيت الشيوعيين؟
ان من واجب الشيوعي في ظل تشرذم الحركة الشيوعية خاصة بعد الانتفاضات العربية التي وقع الالتفاف عليها من قبل الرجعية ليبرالية كانت ام دينية ان يستخلص الدروس من التجارب الماضية التي ساهمت في تفكيك المجموعات وتسببت في العديد من الانشقاقات ويعمل على اعادة الاعتبار للطرح الوطني الديمقراطي والخط الشيوعي الصائب من خلال نقد الاخطاء وتجاوز النقائص .
وإن كانت الرؤى مختلفة حول تقييم التجربة وهو مايفسر في جانب عدم التوصل الى اتفاق حول برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وبالتالي غياب الخط السياسي الواضح وانعدام التكتيك مما ادى الى سيطرة العفوية والارتجالية وضعف عملية تنظيم الجماهير بل حتى القدرة على ايصال مضمون الطرح والخط وتحويلهما الى سلاح بيد المنتفضين يوميا.
انه من الاهمية بمكان اذا التوجه راسا نحو انجاز المهمة المركزية وتاسيس هيئة اركان موحدة وتجنب نزعة الذوبان في الجبهات او الجمعيات والنقابات والاكتفاء بالعمل الفضفاض والتهرب من تحديد المهام الاساسية الذي يجب التركيز عليها نظريا وعمليا اذ ان تهميش هذه المهام او الاكتفاء بترديدها دون اتخاذ اجراءات عملية دقيقة لانجازها يعد تكريسا للقطيعة بين المقول والممارس وعدم اقتناع فعلي بضرورة تاسيس الحزب الشيوعي الواحد.
ان المطروح هو فرز افضل العناصر واكثرها تمرسا وتشبعا بالخط الشيوعي والطرح الوطني الديمقراطي من بين المجموعات المختلفة وخوض الصراع حول مستلزمات تأسيس المنظمة المحترفة-الحزب الشيوعي-
(محمد علي الماوي)

تقف البروليتاريا العالمية على عتبة نضال حاسم.والمرحلة التي نعيشها هي مرحلة عمل مباشر ضد البرجوازية.ان الساعة الحاسمة تقترب.قريبا سيكون على الطبقة العاملة في جميع البلدان حيث توجد حركة عمالية واعية ان تخوض معارك حاسمة مسلحة وفي هذه اللحظة اكثر من اي وقت تحتاج الطبقة العاملة الى منظمة صلبة.ومن الان فصاعدا على الطبقة العاملة ان تستعد دون كلل لذلك النضال دون اضاعة ساعة واحدة من وقت ثمين.
فلو كان للطبقة العاملة اثناء كمونة باريس (عام 1871) حزب شيوعي متين التنظيم وإن قليل العدد لكانت اول انتفاضة بطولية للبروليتاريا الفرنسية اكثر قوة ولكانت تجنبت كثيرا من الاغلاط وكثيرا من الاخطاء اما المعارك التي ستكون على البروليتاريا ان تخوضها الان في ظروف تاريخية مختلفة كليا ستكون ذات نتائج اخطر بكثير منها في عام1871
على ذلك فان المؤتمر العالمي الثاني للاممية الشيوعية يشير للعمال الثوريين في العالم اجمع باهمية ما يلي:
1- ان الحزب الشيوعي هو كتلة من الطبقة العاملة وهو بالطبع اكثر كتلها تقدما ووعيا وبالتالي ثورية وهو ينشأ بانتقاء الشغيلة الاكثر وعيا والاكثر تفانيا والاكثر وضوح رؤية .
وليس للحزب الشيوعي مصالح مختلفة عن مصالح الطبقة العاملة.ولايختلف الحزب الشيوعي عن جماهير الشغيلة الواسعة الا باعتباره للرسالة التاريخية لمجمل الطبقة العاملة ولانه يحاول عند كل منعطفات الدرب الدفاع ليس عن مصالح عدد من المجموعات او عدد من المهن بل عن مصالح كل الطبقة العاملة.والحزب الشيوعي انما هو القوة التنظيمية والسياسية التي بواسطتها تقود الكتلة الاكثر تقدما من بين الطبقة العاملة جماهير البروليتاريا واشباه البروليتاريا في الطريق المستقيم.
2- طالما ان البروليتاريا لم تستول بعد على السلطة الحكومية وانها لم ترسخ نهائيا سيطرتها ولم تحتط لكل محاولة احياء للبرجوازية فان الحزب الشيوعي لن يشتمل في صفوفه المنظمة الا على اقلية عمالية.ويستطيع الحزب الشيوعي حتى استلام السلطة واثناء مرحلة الانتقال بفضل ظروف ملائمة ان يمارس تأثيرا ايديولوجيا وسياسيا لا مراء فيه على جميع الفئات البروليتارية وشبه البروليتارية من السكان لكنه لايستطيع جمعها منظمة في صفوفه.ولن يبدأ جميع العمال او معظمهم على الاقل بالدخول في صفوف الحزب الشيوعي الا عندما تكون ديكتاتورية البروليتاريا قد حرمت البرجوازية من وسائل النشاط الفعالة كالصحافة والمدرسة والبرلمان والكنيسة والادارة الخ...وعندما تكون هزيمة النظام البرجوازي قد اصبحت جلية بنظر الجميع.
3- يجب التمييز بين مفهومي الحزب والطبقة بأدق عناية. فأعضاء النقابات "المسيحية: والليبرالية في المانيا وانكلترا وبلدان اخرى ينتمون الى الطبقة العاملة انتماء لايقبل الانكار.وتنتمي اليها ايضا المجموعات العمالية المتفاوتة الضخامة التي ماتزال تتبع شيدمان وكومبرس وشركاءهما.فمن المحتمل كثيرا في ظروف تاريخية كهذه ظهور اتجاهات رجعية بين الطبقة العاملة.أن مهمة الشيوعية ليست التكيف مع تلك العناصر المتخلفة من الطبقة العاملة بل الارتفاع بكل الطبقة العاملة الى مستوى الطليعة الشيوعية.ويمكن ان يؤدي الخلط بين هذين المفهومين للطبقة والحزب الى اشد الاخطاء والالتباسات خطورة.
فمن البدهي مثلا انه كان على الاحزاب العمالية ,بالرغم من اوهام وذهنية قسم من الطبقة العاملة في اثناء الحرب ,ان تحارب ,باي ثمن كان,تلك الاوهام وتلك الذهنية.باسم المصالحة التاريخية للطبقة العاملة التي كانت تلزم الحزب باعلان الحرب على الحرب.
وهكذا مثلا لم تتوان الاحزاب الاشتراكية في جميع البلدان ,في مطلع الحرب الامبريالية عام 1914 عن تبرير سلوكها "المساند" لبرجوازيات بلادها بالتعلل بارادة الطبقة العاملة.
(...) وهكذا كان المناشفة الروس(الذين كانوا يسمون "الاقتصاديين) يرفضون النضال العلني ضد القيصرية لان الطبقة العاملة باكملها كما كانوا يقولون لم تكن بوسعها بعد فهم ضرورة النضال السياسي.
وهكذا برر المستقلون اليمينيون في المانيا دائما انصاف اجراءاتهم بالقول بانه ينبغي تفهم رغبات الجماهير قبل كل شيئ ولم يفهموا هم انفسهم ان الحزب انما هو معد ليسير في مقدمة الجماهير وليظهر لها الطريق.(...)
5- ترفض الاممية الشيوعي رفضا قاطعا الراي الذي على البروليتاريا بموجبه ان تقوم بثورتها دون ان تملك حزبها السياسي.فكل نضال طبقي انما هو نضال سياسي.وهدف ذلك النضال الذي يتجه بشكل لامفر منه الى التحول الى حرب اهلية هو الاستيلاء على السلطة السياسية لهذا السبب,لايمكن الاستيلاء على السلطة السياسية وتنظيمها وتوجيهها الا بواسطة هذا الحزب السياسي او ذاك.ولايمكن اعتبار الاستيلاء على السلطة السياسية كنقطة انطلاق عمل مستمر من البناء الشيوعي للمجتمع تقوم به البروليتاريا,وليس حادثا عرضيا الا عندما يقود حزب منظم ومجرب البروليتاريا ,راميا الى اهداف واضحة التحديد ومالكا لبرنامج عمل ممكن التطبيق.
وكذلك يتطلب النضال الطبقي نفسه مركزية وقيادة واحدة لمختلف اشكال الحركة البروليتارية (نقابات تعاونيات لجان مصانع تعليم انتخابات الخ...)ولايمكن ان يكون المركز المنظم والقيادي سوى حزب سياسي .فإن يجري رفض العمل على انشائه وتوطيده والانصياع له انما يعادل رفض القيادة الواحدة لقوى البروليتاريا العاملة على جبهات مختلفة.فنضال البروليتاريا يتطلب تحريضا مركزا,ينير مختلف مراحل النضال من
وجهة نظر واحدة.
ان دعاية بعض النقابيين الثوريين والمنتسبين الى الحركة الصناعية في العالم كله ضد ضرورة الحزب السياسي المكتفي بنفسه,لم تساعد ولاتساعد من الناحية الموضوعية ,سوى البرجوازية و"الاشتراكية الديمقراطية" المضادين للثورة.ان النقابيين و"الصناعيين" في دعايتهم ضد الحزب الشيوعي,سواء ارادوا استبداله بنقابات او اتحادات عمالية غير واضحة المعالم ومفرطة في الاتساع,انما يلتقون في عدد من النقاط مع انتهازيين لاجدال في انتهازيتهم. (...)
6- ان أخطر مهمة لحزب شيوعي حقا,هي البقاء على اتصال دائم باوسع المنظمات البروليتارية.ومن اجل التوصل الى ذلك يمكن للشيوعيين ويجب عليهم ان يشاركوا تجمعات تضم جماهير بروليتارية واسعة,دون ان تكون منظمات حزبية.(...)
ويعتبر الشيوعيون كمهمة رئيسية لهم,القيام بعمل منهجي من التربية والتنظيم داخل تلك المنظمات.لكن وبالذات من أجل منع اعداء البروليتاريا الثورية من الاستيلاء على تلك المنظمات,ينبغي ان يمتلك الشغيلة المتقدمون,الشيوعيون حزبهم ذا النشاط المنظم,القادر على الدفاع عن الشيوعية في جميع الاوضاع وامام جميع الاحتمالات.(...)
8- ان التقسيم الكلاسيكي القديم للحركة العمالية الى ثلاثة اشكال (احزاب,نقابات,تعاونيات) قد ولى عهده,فقد اسفرت الثورة البروليتارية في روسيا عن الشكل الجوهري للديكتاتورية البروليتارية,اي السوفياتات.فالتقسيم الجديد الذي نعليه في كل مكان هو التالي: 1-الحزب,2 السوفيات,3 النقابة.(...)
ان ظهور السوفياتات,الشكل التاريخي الاساسي لديكتاتورية البروليتاريا,لايقلل اطلاقا من الدور القيادي للحزب الشيوعي في الثورة البروليتارية.(...)
-17 – يجب على الاحزاب الشيوعية في البلدان التي ماتزال البرجوازية او الاشتراكية الديمقراطية المضادة للثورة تمسك بالسلطة فيها,ان تتعلم جمع العمل الشرعي الى العمل السري بشكل منظم.وعلى هذا الاخير ان يسيطر فعلا على الاول.(...)
19- (...) الحزب الشيوعي هو السلاح الرئيسي الجوهري في انعتاق البروليتاريا,فينبغي ان نمتلك الان في جميع البلدان حزبا شيوعيا وليس مجموعات واتجاهات.
-لاينبغي ان يوجد في كل بلد سوى حزب شيوعي واحد.
-يجب ان يقوم الحزب الشيوعي على اساس اشد انواع المركزية وان يضع داخله في فترة الحرب الاهلية ,نظام طاعة عسكري.
-يجب ان يبقى الحزب على الدوام وهو يدافع دفاعا لايتزعزع وبتفان مطلق عن برنامج الشيوعية وتكتيكها الثوري,على علاقات وثيقة بمنظمات الجماهير العمالية الواسعة ويجب ان يحترس من الفئوية بقدر الاحتراس من انعدام المبادئ.
(كتاب بيانات وموضوعات ومقررات الاممية الشيوعية-المؤتمران الاول والثاني 1919-1920 –ترجمة طلال الحسييني-دار الطليعة –بيروت-الطبعة الاولى -1972
النسخ والتقديم :محمد علي الماوي
تونس 18 جوان 2016