لكن كيف نعرف من الذى يقول الحقيقة بشأن الشيوعية ؟ - من ملاحق كتاب - الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها و مستقبلنا -


شادي الشماوي
2016 / 6 / 18 - 02:15     

مقدّمة المترجم :

متى تقتل شرطة الإمبريالية الأمريكية المواطنين السود و المهاجرين من أمريكا اللاتينية و تسجن الآلاف منهم و تفرّق بين أفراد الأسرة و تطرد حتّى الأطفال لتعيدهم إلى بلدان فرّوا منها و تنتهك حقوق و تسجن أناسا دون محاكمات فى سجون سرّية أو علنيّة فى مختلف القارات مثل غوانتانامو الشهير ، تصمت غالبيّة وسائل الإعلام فى البلدان الرأسمالية – الإمبريالية و الرجعية الأخرى أو تبرّر تلك الممارسات " الديمقراطية " ؛ و متى تعتمد الإمبريالية العالمية الأكاذيب لتغزو بلدانا و تحطّمها تحطيما بواسطة أسلحتها الأكثر تطوّرا و منها الممنوعة دوليّا ، يهلّل مدّاحو الإمبريالية و الرجعيّة للعالم " الحرّ " و " الحرّية " و" الديمقراطية " ؛ و متى تقطع الدول الأوتقراطية المتحالفة مع الإمبريالية رؤوس معارضيها و تشنق البشر لأيّة تعلّة واهية ، تلتزم وسائل الإعلام الإمبريالية الرجعية عبر العالم الصمت المتواطئ ، و متى تموّل و تدرّب الدول الإمبريالية القوى الأصوليّة الدينيّة الفاشيّة و تطلق يدها لتعيث فسادا فى الأرض ، تنعتها بالقوى المدافعة عن الحرّية ...

وحينما يواجه السود و اللاتينيّون وغيرهم جرائم الشرطة فى الولايات المتحدة الأمريكيّة بالإحتجاجات السلميّة ، يعتقلون و يجرّمون و يحاكمون و يسجنون ظلما وبهتانا ، و حينما يفضح بعض الثوريين أو التقدّميين " الديمقراطية " الإمبريالية، ينعتون بأعداء الديمقراطية و يتمّ قمعهم بطرق شتّى ، و حينما يناهض الآلاف غزوات الإمبراطورية ، يصبحون أناسا ضلّلهم أعداء الحرّية ؛ و حينما يقاوم المحتلّون المحتلّين يمسون إرهابيّين و حينما يناضل ثوريون وثوريّات وتقدّميون و تقدّميّات ضد التيّارات الأصوليّة الدينية يغدون أعداء لهويّة الشعوب و تقاليدها ... و غير هذا كثير و كثير من قلب الحقائق رأسا على عقب .

بإسم الحرّية تداس الشعوب و بإسم الديمقراطية تقمع و تقتل و ترتكب المجازر فى حقّها و بإسم الدين و التقاليد و الشرف تهان و تشيّؤ البشريّة و خاصة النساء ، نصف السماء بتعبير لماو تسى تونغ ، و تستغلّ و تضطهد و يتمّ الإتّجار بها كسلعة . و بإسم العدالة و المساواة تسرق ثروات الشعوب و مقدّراتها و تسحق الجماهير و تكدّس الثروة بين أيدى حفنة من الناس يعدّون بالمئات إن لم يكن بالعشرات عبر العالم فى حين يموت ملايين الناس جوعا و بسبب أمراض يمكن الوقاية منها أومعالجتها بسهولة و يعيش معظم سكّان الأرض الذين يعدّون مليارات البشر فى فاقة و حرمان و تتحوّل حياتهم إلى جحيم يدفع بالكثيرين إلى الإنتحار !

و هذه أوجه من التضليل الإمبريالي و الرجعي الساعى إلى تركيع الشعوب لـتأبيد هذا الوضع الكارثي الذى تعيشه معظم البشريّة اليوم . و قد ساهم و يساهم التحريفيّون ، الماركسيّون المزيّفون ، فى عمليّة التضليل هذه إذ هم ينشرون الأوهام عن المشكل و الحلّ ، عن سبب جهنّم على الأرض و كيفيّة تجاوزها و يساهمون فى جعل الناس يدورون فى حلقة مفرغة عائدين إلى إطار ذات النظام الإمبريالي العالمي عوض كسره لبناء عالم آخر ، ضروري و ممكن و مرغوب فيه ، عالم شيوعي يحرّر ليس فقط البروليتاريين بل كافة الإنسانيّة من جميع أشكال الإستغلال و الإضطهاد .

و تاريخيّا سعت الشعوب لتغيير الواقع و تحقيق أحلام راودتها و لا تزال إلاّ أنّها كانت غالبا ما تصطدم بواقع تواصل الإضطهاد و الإستغلال و إن على يد طبقات جديدة ، إلى أن بزغت شمس الشيوعية كعلم خوّل للمعذّبين فى الأرض رفع رؤوسهم عاليا متطلّعين إلى عالم شيوعي تنتفى فيه آفات المجتمعات الطبقيّة . و تجسّدت أوّل محاولة لتحويل هذا الحلم إلى واقع فى كمونة باريس التى لم تعمّر سوى أشهر قليلة لكن دروسها كانت كبيرة لخّصها ماركس لتكون أرضيّة عليها شيّد لينين صرح نظريّات و ممارسات ثوريّة مكّنت ثورة أكتوبر 1917 من الظفر لتعيش تجربة سلطة المضطَهَدين و على رأسهم البروليتاريا لعقود و رغم الداء و الأعداء ظلّت كالنسر فوق القمّة الشمّاء إلى أن أطاحت بها أواسط خمسينات القرن الماضي التحريفيّة – البرجوازية الجديدة التى تطوّرت فى صفوف الحزب الشيوعي و الدولة البروليتارية نظرا لتناقضات المجتمع الإشتراكي كمجتمع إنتقالي بين الرأسمالية و الشيوعية .

و بعد الحرب العالمية الثانية ، دوّى إنتصار الثورة الديمقراطية الجديدة كجزء من الثورة البروليتارية العالمية فى الصين و تلت ذلك عدّة إنتصارات أخرى مكّنت من تكوين كتلة إشتراكية تعدّ عشرات البلدان و تشمل نسبة هامة من البشريّة إلاّ أن البرجوازية الجديدة ممثلّة فى التحريفيين أتباع الطريق الرأسمالي هزموا من الداخل الأحزاب و الدول البروليتارية و كانت خسارة الصين الماويّة سنة 1976 عقب إنقلاب تحريفي أعاد تركيز الرأسمالية هناك بمثابة إعلان نهاية المرحلة أو الموجة الأولى من الثورة الشيوعية وهو ما ولّد إرتباكا كبيرا فى صفوف الشيوعيّات و الشيوعيين و الجماهير الشعبيّة عبر العالم قاطبة .

و إستغلّت الإمبريالية و الرجعية و التحريفية تلك الهزيمة لتهاجم الشيوعية الثوريّة هجوما مسعورا تضاعف مع إنهيار الإتحاد السوفياتي فى نهاية ثمانينات القرن الماضى و بداية تسعيناته ليعلنوا موت الشيوعية فى حملات طالت كامل أنحاء العالم . و مذّاك لم تكف حملات تشويه الشيوعية و شيطنتها لأنّها أثبتت ليس إمكانيّة تجاوز النظام الإمبريالي العالمي السائد فحسب بل أيضا إمكانية بناء عالم آخر يحرّر الإنسانيّة من أوبئة المجتمعات الطبقيّة .

و إزاء هذه الحملات الشعواء الطافحة بالأكاذيب ، كانت للشيوعيات و الشيوعيين عموما ردود فعل ثلاثة : تراجع البعض عن الغاية الأسمى ، الشيوعية و ركع للديمقراطية البرجوازية وبات يعبدها ، و تمسّك آخرون تمسّكا أعمى دغمائيّا بالماضي الشيوعي دون نقده و دراسته نقديّا لإستخلاص الدروس و العبر بينما أخذ فريق لا سيما من الماويين على عاتقه القيام باللازم شيوعيّا أي البحث و التنقيب من جهة و الدفاع عن ما هو صائب دفاعا مستميتا و تصويب الأخطاء و تجاوزها من أجل إنجاز ما أفضل مستقبلا و من ثمّة القيام بهجوم إيديولوجي مضاد قصد إعادة البريق لعلم الشيوعية المتطوّر أبدا ليقود المرحلة الجديدة من الثورة البروليتارية العالمية بهدف لا أقلّ من تحرير الإنسانيّة ببلوغ الشيوعية على الصعيد العالمي .

و قد ضمّننا سابقا ، لا سيما فى كتابنا الثاني " عالم آخر ضروري و ممكن ، عالم شيوعي ...فلنناضال من أجله !!! " عدّة وثائق لريموند لوتا ذات الكاتب الذى ترجمنا حواره الصحفي القيّم و نقدّمه فى هذا الكتاب الجديد ، لا سيما منها فى الفصل الثاني : " تعتقدون أن الشيوعية فكرة جيدة لكنها غير قابلة للتطبيق ؟ قوموا بهذا الإختبار القصير و أعيدوا التفكير " . و " ما هي الشيوعية ؟ ما هو تاريخها الحقيقي؟ ما هي علاقتها بعالم اليوم ؟ " و فى الفصل الثالث نصّ محاضرة " الإشتراكية أفضل من الرأسمالية و الشيوعية ستكون أفضل حتى !
ريموند لوتا عالم إقتصاد و مناصر متحمّس للخلاصة الجديدة للشيوعية و قد ناضل لعقود الآن من أجل الشيوعية الثورية و كان لسنوات مشرفا على دراسة تراث التجارب الإشتراكية و كاتبا و محاضرا فى شأنه . و فضلا عن كتاباته فى مجال الإقتصاد و السياسة و الإيديولوجيا ، متّبعا قيادة بوب أفاكيان كما يقول هو نفسه ، أنتج جملة من البحوث الهامة للغاية فى الدفاع عن مكاسب الموجة الأولى من الثورات الشيوعية ( بإعتبار غايتها و الإيديولوجيا التى قادتها ) والردّ على تهم الإمبريالية و الرجعية و نقد الأخطاء التاريخية و شرحها و شرح كيفيّة تجاوزها لوضع الأمور فى نصابها قصد التقدّم بالمشروع الشيوعي محلّيا و عالميّا . و نجد الكثير من ثمار جهد عقود من البحث و التنقيب على موقع الأنترنت الذى يشرف عليه ريموند لوتا ألا وهو " هذه هي الشيوعية " ورابطه هو :
www.thisiscommunism.org
و عليه ، يتنزّل كتابنا هذا ، العدد 23 من مجلّة " الماوية : نظريّة وممارسة " ، فى إطار المضي قدما فى المساهمة قدر الطاقة فى الدفاع عن تراثنا البروليتاري الوضّاء ضد كيل الشتائم له من الإمبرياليين و الرجعيين و التحريفيين و قد إخترنا مرّة أخرى ريموند لوتا لما بذله من جهد جهيد و لكن و بالأساس لإعتماده تقصّى المسائل علميّا فى دقائقها و كشف المستور و عدم التواني عن نقد الأخطاء فى سعي دؤوب إلى إبراز الحقائق بحلوها و مرّها للدفاع المبدئي عن ما هو صائب و تصحيح أو تجاوز ما يتبيّن أنّه خاطئ . و نظرة عجلى على المراجع المعتمدة حتّى قبل قراءة متن هذا الحوار الصحفي ستعطى فكرة ملموسة عن مدى جدّية و علميّة أعمال ريموند لوتا ما يفرض على الباحثين عن الحقيقة إحترامه الإحترام كلّه و يفرض علينا و من موقعنا العمل على التعريف به و بأعماله البحثيّة التى تمثّل ينبوع هاما لمن يرنو معرفة تاريخ الثورة الشيوعية كطريق حقيقي لتحرير الإنسانية و علاقتها بمستقبلنا .

و كمتمّمات للصورة الحقيقيّة التى رسمها ريموند لوتا فى حواره الشيّق عن تاريخ الثورة الشيوعية و مستقبلنا ، رأينا أن نضيف ملاحقا ثلاثة إلى مضامين الكتاب ألّف إثنان منها فى أوقات متباعدة لوتا نفسه و ترجمناها و نشرناها على الحوار المتمدّن وهي تتعلّق بتقييم كوبا و فنزويلا و كوريا الشمالية على أنّها ليست بلدانا إشتراكية . و الرأي الوارد فى هذه الملاحق الثلاثة التى أضفنا يعكس حقيقة يتّفق حولها الغالبيّة الساحقة من الماويين عالميّا .

و إذ نذكّر بما قاله ماركس و إنجلز فى " بيان الحزب الشيوعي " من أنّ الأفكار السائدة فى كلّ زمن هي أفكار الطبقة أو الطبقات السائدة ، ندعو القرّاء إلى التأملّ مليّا و لما لا يوميّا ، قبل قراءة مضامين كتابنا هذا و أثناءها و بعدها ، فى فقرة لينين هذه و تبعاتها :
" قد كان الناس و سيظلّون أبدا ، فى حقل السياسة ، أناسا سذجا يخدعهم الآخرون و يخدعون أنفسهم ، ما لم يتعلّموا إستشفاف مصالح هذه الطبقات أو تلك وراء التعابير و البيانات و الوعود الأخلاقية و الدينية و السياسية و الإجتماعية . فإنّ أنصار الإصلاحات و التحسينات سيكونون أبدا عرضة لخداع المدافعين عن الأوضاع القديمة طالما لم يدركوا أن قوى هذه الطبقات السائدة أو تلك تدعم كلّ مؤسسة قديمة مهما ظهر فيها من بربرية و إهتراء . "
( لينين – مصادر الماركسية الثلاثة و أقسامها المكوّنة الثلاثة )
و
محتويات الكتاب :

- لا غرابة فى كونهم يشوّهون الشيوعية
لبوب أفاكيان
الحوار مع ريموند لوتا
الفصل الأوّل : المقدّمة
- أكاذيب الفكر التقليدي
- نحتاج إلى ثورة و عالم جديد تماما
الفصل الثاني : بزوغ الفجر – كمونة باريس
- إستخلاص ماركس الدرس الأساسي من الكمونة : نحتاج إلى سلطة دولة جديدة
الفصل الثالث : 1917 – الثورة تندلع عبر روسيا
- لينين و الدور الحيوي للقيادة الشيوعية
- نوع جديد من السلطة
- تغييرات راديكالية فى وضع النساء
- التغييرات الراديكالية : الأقلّيات القومية
- الفنون
- جوزاف ستالين
- بناء إقتصاد إشتراكي
- الصراع فى الريف
- تغيير الظروف و تغيير التفكير
- منعرج : سحق الثورة فى ألمانيا و وصول النازيين إلى السلطة
- الأخطاء و النكسات
- مسألة توجّه
- نوعان من التناقضات
- علاقة حيويّة : التقدّم بالثورة العالمية و الدفاع عن الدولة الإشتراكية
الفصل الرابع : ربع الإنسانيّة يتسلّق مرتفعات تحرير جديدة
- ولادة ثورة
- الصين عشيّة الثورة
- إستنهاض الجماهير لتغيير المجتمع بأكمله
- مسألة لم تحسم : إلى أين يتجه المجتمع ؟
- القفزة الكبرى إلى الأمام
- طريق تطوّر سليم و عقلاني
- الحقيقة حول المجاعة
الثورة الثقافيّة : أعمق تقدّم فى السير نحو تحرير الإنسان إلى الآن
- خطر الإنقلاب على الثورة
- إطلاق العنان للشباب للشروع فى الثورة الثقافيّة
- الطبيعة المتناقضة للإشتراكية
- " كانت ثورة حقيقيّة "
- النقاش الجماهيري و التعبئة الجماهيرية و النقد الجماهيري
- الأشياء الإشتراكيّة الجديدة
- " طبيعة الإنسان " و التغيير الإجتماعي
- إرسال المثقّفين إلى الريف
- أين الخطأ فى " التاريخ من خلال المذكّرات " ؟
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ
الفصل الخامس : نحو مرحلة جديدة من الثورة الشيوعية
- بوب أفاكيان يتقدّم بالخلاصة الجديدة للشيوعية
- التعلّم من الثورة الثقافيّة و المضيّ أبعد منها
- العالم يحتاج إلى الخلاصة الجديدة للثورة الشيوعية
الهوامش :
-----------------------------------------
الملاحق
بحثان حول الإبستيمولوجيا :
- " لكن كيف نعرف من الذى يقول الحقيقة بشأن الشيوعية ؟ "
- ردّ قارئ لجريدة " الثورة " على " أين الخطأ فى " التاريخ من خلال المذكّرات " ؟
------------------
التاريخ الحقيقي للثورة الشيوعية

===================================================

ملاحق إضافية من إقتراح المترجم
الملحق 1 : لهوغو تشافيز إستراتيجيا نفطية ... لكن هل يمكن لهذا أن يقود إلى التحرير ؟
الملحق 2 : كوريا الشماليّة ليست بلدا إشتراكيّا
الملحق 3 : الإستعمار من جديد بإسم التطبيع وراء إعادة إرساء العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة و كوبا
الملحق الرابع : فهارس كتب شادي الشماوي


- " لكن كيف نعرف من الذى يقول الحقيقة بشأن الشيوعية ؟ "1
بعض الذين سيطالعون هذا الحوار الصحفي قد يتساءلون " حسنا ، يقول ريموند لوتا إنّ هذه المجتمعات الإشتراكية كانت تحرّرية بشكل لا يصدّق ، و إنّ كافة هذه الأشياء المذهلة قد حصلت . لكن أستاذى... و كتابى المدرسي... و مقال المجلّة التى قرأت ... و صديقي و أسرته من روسيا ... و كلّ ما قد تعلّمته أو سمعته عن هذه المجتمعات ... يقول إنّها كانت كوابيسا . كيف نعرف من الذى يقول الحقيقة ؟ لماذا يتعيّن عليّ أن أصدّق ريموند لوتا ؟ " .
و للإجابة على هذا التساؤل ينبغى أن نوضّح نقطتين إثنتين :
أوّلا ، لا يتعلّق الأمر بما يقوله ريموند لوتا فى مقابل ما يقوله أستاذك أو كتابك المدرسي أو صديقك أو مقال مجلّة . ليست المسألة مسألة " روايتين " عن الواقع أو ثلاث أو أربع روايات مختلفة متنافسة . فهناك واقع واحد .و بكلمات أخرى : إمّا أن يكون الأمر حقيقيّا أو لا يكون . إمّا أن يكون الأمر منسجما مع الواقع أو لا يكون . إمّا أن يكون الأمر قد حدث أو لا يكون .
ثانيا ، هذه هي نهائيّا طريقة عدم تقرير ما هو صحيح : التعويل على ما يفكّر فيه غالبية الناس . ففى غالب الأحيان يكون ما يفكّر فيه غالبية الناس خاطئا . مثلا ، فى نقاط مختلفة من تاريخ العالم ، إعتقد معظم الناس أنّ الأرض مسطّحة الشكل ... و أنّ الشمس تدور حول الأرض ... و أنّ العبودية كانت طبيعية ومقبولة تماما ... و معظم الناس اليوم لا زالوا يعتقدون فى أنّ الإلاه قد خلق البشر و الحياة جميعها على الأرض. صفر للأربعة إعتقادات !
لكن عندئذ يقودنا هذا إلى سؤال : متى يمكننا أن نقول إنّ هذا حقيقي فعلا ، و من الذى سقول الحقيقة بصدد الشيوعية ؟
الإجابة السريعة عن هذه المسألة هي أن نكون علميين ؛ أن نتفحّص الأدلّة و نتفحص المناهج و المعايير التى تطبّق .
و بصورة خاصّة هي تفحّص الأدلّة المقدّمة و المعايير و المناهج التى تُطبّق فى هذا الحوار الصحفي مع ريموند لوتا للمحاججة بأنّ التجربة الماضية للثورة الشيوعية كانت رئيسيّا تحريرية ... و مقارنتها بالأدلّة المقدّمة ( أو غيابها ) و المعايير و المناهج المطبّقة من الذين يقولون لكم إنّ الشيوعية كانت كابوسا .
هناك مسألة أساسية ينبغى أن تتساءلوا عنها المرّة تلو المرّة و أنتم تقرؤون هذا الحوار الصحفي وتقارنونه بكلّ ما سمعتموه و قيل لكم و ما ستواجهونه مجدّدا حول الشيوعية : من يعتمد العلم هنا ومن لا يعتمده ؟
و الآن ماذا يعنى أن نكون علميين أو أن نعتمد العلم فى بحثنا ؟ و ما هي أهمّية ذلك ؟ أن نكون علميين يعنى أن ننطلق من الواقع و نعود إليه بالدوام على إستقامة واحدة . يعنى أن نقوم بذلك فى تعارض مع الإنطلاق من الأحكام الشائعة و من ما يريد المرء أن يكون صحيحا ،و من ما " يشعر به ذاتيّا " أو من الأفكار المسبّقة و الأحكام الإعتباطية حول ما هو صحيح .
و مثلما وضع ذلك بوب أفاكيان :
" لا يجب أن نبثّ الغموض حول العلم . فالعلم يعنى أن نستقصي الواقع و نسبره بإنجاز تجارب و مراكمة المعلومات و ما إلى ذلك ؛ و ثمّ ننطلق من ذلك الواقع و نطبّق مناهج و منطق التفكير العقلي و النضال من أجل تعيين الحدود فى المعلومات إلخ التى نجمعها عن الواقع . إن كنّا نقاربه مقاربة صحيحة ، فإنّنا نصارع لبلوغ خلاصة صحيحة للواقع الذىتناولناه بالبحث . و ثمّ نعاير إستنتاجاتنا مع الواقع الموضوعي لتحديد إن كانت تتناسب معه و إن كان ما لخّصناه عن الواقع و ما تنبأنا به عنه ياكّده الواقع ذاته أم لا . على هذا النحو جدّت الإختراقات فى العلم سواء فى مجال البيولوجيا كفهم التطوّر أم نظرية الإنفجار الكبير أو سواها . هذه هي السيرورة التى لم تتوقّف و السؤال هو : هل هي علمية ؟ يعنى هل تتناسب فى خطوطها الأساسية و الجوهرية مع الواقع ؟ "( مقتطف من " ما تحتاجه الإنسانية : الثورة و الخلاصة الجديدة للشيوعية " ، حوار صحفي لأ. بروكس مع بوب أفاكيان ).
و لماذا من المهمّ أن نكون علميين ؟ لأنّ هذه هي الطريقة الوحيدة عمليّا لفهم الواقع ومواصلة التعلّم بشأنه. و للرجوع إلى الأمثلة التى قدّمناها سابقا : أين كنّا سنكون إن كان كوبرنيك وغاليلي أو داروين و أنصار إبطال الرقّ الذين قاتلوا العبودية ، إنطلقوا من ما " يعرفه الجميع " أو قرّروا أنّه ليس بوسع أي كان أن يقول فعلا ما هو الصحيح أو ما هو الصحيح و ما هو الخاطئ و أنّه لا وجود لواقع موضوعي و إنّما فحسب " روايات مختلفة " عن ذلك الواقع ، أو أنّ الحقيقة مرتهنة لأفق الفرد ؟
و الآن لنكن واضحين ، ليست المسألة مسألة كون شخص يطبّق المنهج العلمي – و المنهج الشيوعي للمادية الجدلية بوجه خاص – يعنى آليّا أنّ كلّ ما يقوله ذلك الشخص عن الشيوعية صحيح ، أو أنّ كلّ ما يقوله المعادون للشيوعية غير صحيح . فى الواقع فى موقع القلب من الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بها بوب أفاكيان ، يوجد فهم أنّه بينما تمثّل النظرة و المنهج الشيوعيين الوسيلة الأكثر منهجية و شمولا و إتساقا لبلوغ الحقيقة ، فإنّ هذا لا يعنى أنّ للشيوعيين إحتكار الحقيقة أو أنّ الذين لا يطبّقون هذه النظرة و هذا المنهج غير قادرين على إكتشاف حقائق هامّة. بالأحرى ، إزاء أي شيء يقوله أي شخص، يجب أن يكون الإختبار : هل يتناسب هذا بالفعل مع الواقع ؟
لكن الحال مع هذا الحوار كما هو حرفيّا مع أي شيء يقرؤه الإنسان حول أي موضوع ، كلّ من يقرأ هذا لن يستطيع أن يتثبّت بصورة مستقلّة من كلّ موقف من المواقف و كلّ حدث من الأحداث المذكورة . و إن كنت تنظر إلى الأشياء بنفسك فحسب دون النظر إلى النقاط التى ذكرنا ، فإنّك – لتكون أعمى – ستمرّ بالكثير من الأكاذيب و الترّهات و الزبالة غير مثبتة الصحّة عن الشيوعية و لن تعرف كيف تواجهها .
لذا ، مرّة أخرى ، و أنتم تقرؤون هذا الحوار الصحفي كع ريموند لوتا و تقارنونه بكلّ ما قيل لكم عن الشيوعية ، فكّروا فى مسألة : من يتوخّى منطلقات علمية هنا ؟ و من لا يتوخّاها ؟
ولنأخذ مثالا واحدا .
لنعقد مقارنة بين كيفيّة نقاش ريموند لوتا للقفزة الكبرى إلى الأمام فى الصين الثورية بكيفية مقاربة مقال حديث فى النيويورك تايمز لها – مقال يمثّل الرواية الرسمية المعادية للشيوعية عن هذه التجربة .
إن قرأتم كيف يتحدّث ريموند لوتا عن القفزة الكبرى إلى الأمام فى هذا الحوار الصحفي ، ستلاحظون أنّه يطبّق بالدوام على إستامة واحدة منهج الإنطلاق من الواقع و مواجهته و تقصّيه ، و من تعقّد هذا الواقع و تناقضه . ينطلق بالحديث عن الإطار – الوضع داخل الصين و فى العالم ككلّ – الذى شُنّت فيه القفزة الكبرى إلى الأمام . و يعالج التحدّيات التى واجهها ماو و واجهتها الثورة الصينية و المشاكل و العراقيل التى كانا يسعيان إلى معالجتها و تخطّيها . و يتناول بالبحث المسألة الأساسية لسبب إطلاق ماو للقفزة الكبرى إلى الأمام و أهدلفها . و يتحدّث عن ما حققته القفزة الكبرى إلى الأمام . و لا يتهرّب بل يواجه و يدحض الإتهامات المناهضة للشيوعية بأنّ " ماو كان مسؤولا عن موت عشرة ملايين شخص " أثناء القفزة الكبرى إلى الأمام ،مبيّنا منبع هذه التهم و الإحصائيّات و عارضا كيف أنّ المعادين للشيوعية يضخّمون أرقام الوفايات و كذلك يتعاطون مع الوفايات التى حصلت على أنّها " ضحايا تسبّب ماو فى قتلهم " . و فى حدود الأزمة الغذائية الكبيرة التى ضربت الصين ، لا يحاول لوتا أن يغطّي على ذلك أو يتهرّب منه بل بالعكس يشرح الأسباب الفعلية المتنوّعة لهذه الأزمة الغذائية و الأخطاء التى إقترفتها القيادة الصينية و كيف تعلّمت منها هذه القيادة و صحّحت الأخطاء . و المعيار الأساسي الذى يعتمده لوتا لتقييم كلّ هذا هو : إلى أية درجة قد تقدّموا بإتجاه تجاوز كلّ الإستغلال و الإضطهاد و طرق التفكير التى تتناسب معهما ؟
و من المفيد علميّا أن نقارب كيف يقارب لوتا القفزة الكطبرى إلى الأمام فى هذا الحوار بكيف يقاربها مقال النيويورك تايمز ، " حكايات ملدار عن العناء فى ظلّ ماو تظهر مع إقتراب ذكرى ميلاده " ( 16 أكتوبر 2013). و على عكس هذا الحوار الصحفي مع ريموند لوتا الذى ينطلق بالدوام على إستقامة واحدة و يتقصّى دروس الواقع و يلخّصها ، فإنّ مقال التايمز ينطلق من " ما يعرفه الجمع " و يعود إليه.
نبرة ذلك المقال تتكثّف فى جملته الإفتتاحية التى تدعى أنّ " المجاعة التى ضربت الصين من 1958 لا إلى 1962 تعتبر على نطاق واسع أنّها الأكثر قتلا فى التاريخ المسجّل ، متسبّبة فى وفاة بين 20 و 30 مليون شخص أو أكثر ، وهي واحدية من الآفات المميّزة لحكم ماو تسى تونغ " . هناك بالضبط نعثر على نزج لعلى الأقلّ ثلاثة طرق نموذجية معادية للشيوعية فى جملة واحدة :
1- قذف عدد هائل من القتلى دون تقديم أيّة أدلّة عملية عن هذا الإدعاء مثلما تفعل التايمز ؛ 2- التأكيد على إتهام القادة الشيوعيين بالتسبّب فى قتل هؤلاء – مجدّدا دون تقديم أيدليل و 3- إستخدام جملة مثل " تعتبر على نطاق واسع " لإعطاء إنطباع ب" يعرف الجميع " أنّ النقطتين السابقتين صحيحتين ، و بالتالي يعفون القرّاء من عناء وجوب تقديم أيّة أدلّة .
و من ثمّة ، علاوة على تقديم تمويهات معوجّة و مشوّهة و فجّة عن ما كانت تبحث القفزة الكبرى إلى الأمام عن تحقيقه و أسباب إطلاقها – أنظروا كيف يشرح ريموند لوتا هذا فى الحوار الصحفي ثمّ قارنوه بالصورة التى تقدّمها التايمز – المنهج الأساسي لمقال التايمز هو الإتكاء على عكّاز " يعلم الجميع " المرّة تلو المرّة عوض تقديم أيّة أدلّة أو تحليل معتمد على معطيات الواقع لدعم إدّعاءاته. مثلا ، يحيل المقال إلى عالم رياضيّات إسمه سون جنغسان و يقول المقال إنّه " يؤكّد أنّ غالبية الوفايات الظاهرية كانت سراب إحصائيّات كارثية : الناس الذين غادروا القرى وقع إحتسابهم فى عداد الموتى لأنّهم لم يسجّلوا أنفسهم فى أماكن سكنهم الجديدة ". بيد أنّ المقال لم يسعى أبدا إلى تبيان لماذا ما يقوله سون غير دقيق ! و كذلك ، تشير التايمز إلى كتاب ليانغ سوغلين الذى تقدّمه التايمز على أنّه " موظّف رسمي سابقا " يحاجج بأنّ عدد الوفايات خلال القفزة الكبرى إلى الأمام وقع تضخيمه إلى درجة كبيرة و بأنّ الوفايات التى حصلت مردّها الأساسي "طقس سيّء و ليس السياسات السيّئة " لكن من جديد ، لا وجود حتى لمسعى من قبل التايمز لتبيّن أنّ ما يقوله يانغ ليس صحيحا .
لسنا هنا بصدد التعليق بشكل أو آخر على سون جنغسان و يانغ سونغلين ، أو ما يزعمونه و مناهجهما و إنّما نشير هنا إلى طرق التايمز التى تنطلق من " يعلم الجميع " ثمّ تقدير كلّ شيء فى مقارنة مع ذلك بدلا من التدليل الفعلي على الواقع و بحثه و إستعمال ذلك كمحكّ لقيس ما هو صحيح .
منهج التايمز و رسالته واضحين : جين يتعلّق الأمر بالأشياء السلبيّة عن الشيوعية ، إن قال أحد ذلك فيجب أن يكون صحيحا . و إن لم يقله أحد ، لنقله الآن . و كلّما أمكن أن يدّعي ذلك الكثير من الناس ، كلّما كان ذلك أفضل !
إنّ كتابات من قبيل هذا المقال كمثال من عدّة أمثلة يمكن أن نسوقها لكم ، يدرّب الناس على التفكير فى أنّ ماو جلس و قال " كيف يمكننى أن أطبّق سياسة ستتسبّب فى مجاعة لغالبية المواطنين " ؟ لن تعرّفكم هذه الكتابات و التشويهات و المناهج المعادية للشيوعية على أنّ فى الصين قبل الثورة وجدت مجاعة كبرى و لامساواة كبيرة و أنّ ماو أطلق القفزة الكبرى إلى الأمام بأهداف تخطّى المجاعة الكبرى و اللامساواة الكبرى ، و التغيير الجذريّ للعلاقات الإجتماعية و الإقتصادية و تطوير الإقتصاد الصيني على نحو سيقلّص ولا يوسّع البون بين المدن و الأرياف ، وأنّه فى غضون 20 سنة من الثورة الصينية، حقّقت الصين الإكتفاء الغذائي ؛ و أنّ الوفايات التى حصلت فى الصين خلال القفزة الكبرى إلى الأمام مردّها رئيسيّا مجاعة كبرى ضربت الصين جرّاء فيضانات و جفاف أثّرا على أكثر من نصف أراضيها الفلاحية ، و جرّاء الصعوبات الناجمة عن سحب المساعدة السوفياتية للصين ، و بسبب أخطاء إقترفتها القيادة الصينية فى ذلك الإطار – و ليس بسبب مؤامرة مجنونة و شرّيرة حاكها ماو لتعريض الناس للمجاعة !
و من جديد ، قارنوا كلّ هذا – و العديد من الأمثلة الأخرى التى لسوء الحظّ ستجدونها بفعل مناهج و روايات المعادين للشيوعية – مع الأدلّة التى يقدّمها ريموند لوتا و المناهج و المعايير التى يطبّقها فى هذا القسم من الحوار و فى الواقع فى الحوار برمّته .
--------------------------------------------------------------------------------------------






2- ردّ قارئ لجريدة " الثورة " على " أين الخطأ فى " التاريخ من خلال المذكّرات " ؟
جريدة " الثورة " ، جانفي 2014 ، عدد 327
Revolution Newspaper | revcom.us
http://revcom.us/a/327/a-reader-responds-to-Whats-Wrong-with-History-by-Memoir-en.html

أعتقد نّه من الهام حقاّ الإقرار بأنّ العدد الخاص من جريدة " الثورة " ، " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم تعرفون عن ... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخه و مستقبلنا " مصدر عظيم للمعلومات . و أعتقد أنّه من الحيوي أن ندرسه و ننشره على أوسع نطاق و نحثّ فى المجتمع على النقاش و الجدال حول هذ العدد بكّل الطرق المختلفة الممكنة كجزء من العمل على التسريع و الإعداد لظروف مستقبليّة مغايرة راديكاليّا تجعل الثورة ممكنة التحقّق .
يوضّح البيان" بصدد إستراتيجيا الثورة " الذى أصدره الحزب الشيوعي الثوري نقطة أنّه : " كي تكون الثورة ثورة حقيقية ينبغى أن توجد : أزمة ثورية و شعب ثوري يعدّ الملايين ، بقيادة حزب ثوري عالي التنظيم و الإنضباط و يتمتّع ببعد النظر . " و من العوامل المفاتيح فى هذه الظروف المستقبليّة أنّ ملايين الناس سيكونون واعين للحاجة إلى التغيير الثوري و مصمّمين على القتال من أجله؛ و أنّ ملايين الناس سيكونون قد توصّلوا إلى رؤية أنّ هذا النظام و حكمه غير شرعيين وأنّه ستوجد نواة من آلاف الناس الذين تقدّموا وتوجّهوا و دُرّبوا بطريقة ثوريّة متّصلين و مؤثّرين فى ملايين الناس فى المجتمع قبل الوضع الثوري ، و مقتيسا من البيان بصدد الإستراتيجيا مجدّدا : " ثمّ حينما يوجد وضع ثوري، بإمكان هذه الآلاف أن تمثّل حجر الزاوية و القوّة المركزية فى كسب الملايين للثورة و تنظيمهم في النضال للقيام بالثورة ".
و كلّ هذا سيحتاج إلى تغيير تفكير الناس على المستوى الإجتماعي الواسع و إعادة التشكيل الراديكالي للأرضيّة السياسيّة ! و يجب أن نعمل على هذا التغيير لتفكير الناس و إعادة تشكيل الأرضيّة السياسيّة الآن ، كجزء من النضال بإتجاه ومن إعداد الظروف المستقبليّة التى ستكون فيها الثورة ممكنة . و من هذا المنطلق ، أرى أنّ هذا العدد الخاص من جريدة " الثورة " يكتسى أهمّية فائقة . ذلك أنّ من أهمّ عناصر تفكير الناس الذى يحتاج أننغيّره ... من أكبر الأبعاد التى حولها تحتاج الأرضيّة السياسيّة أن يعاد تشكيلها راديكاليّا من أكبر عوامل منع الناس من رؤية ضرورة و إمكانيّة الثورة و عدم شرعيّة النظام القائم ... من أكبر العراقيل التى تقف فى طريق الإلتحاق بالحركة من أجل الثورة ... هو أنّ الناس ، على نطاق واسع ، فى هذا المجتمع لا يعرفون أّعالما مغايرا تماما ممكن و/ أو أنّهم قبلوا فكرة أنّأي محاولات ماضية لتغيير العالم تغييرا راديكاليّا عبر الثورة قد قبلت فكرة أنّ أيّة محاولات ماضية لتغيير العالم راديكاليّا عبر الثورة كانت كابوسا . بكلمات أخرى ، : الحلّ الفعلي الوحيد للفظائع التى تواج الإنسانيّة – الثورة الشيوعية – قد فسخت من الأجتدا و الناس على نطاق واسع فى المجتمع لا يملكون أدنى فكرة عن عقود من تجربة الثورة التى عاشتها الإنسانيّة بطريقة مختلفة راديكاليّا عن التى يعيشون بها اليوم . والناس فى المجتمع على صعيد واسع ، لا يعرفون الخلاصة الجديدة للشيوعية لبوب أفاكيان ، التى توفّر إطارا للمرحلة الجديدة للثورة الشيوعية ، لتفهم الإنسانيّة فهما صحيحا و كذلك لتتجاوز حتّى أفضل التجارب السابقة . و مرّة أخرى ، كلّ هذا يُبقى الناس أسرى القبول و العمل ضمن حدود النظام الرأسمالي – الإمبريالي . لكن توزيع هذا العدد الخاص من " الثورة " عبر المجتمع قادر على المساهمة فى تغيير كلّ هذا .
هذه بعض الأفكار العامة و بصورة مقتضبة عن كيف أرى أهمّية هذا العدد الخاص . لكن فى هذه الرسالة ، أودّ أن أركّز على و أتقاسم معكم بعض الأفكار بصدد قسم خاص من الحوار الصحفي مع ريموند لوتا ، الذى أعتقد حقّا أنّه هام و منير للسبيل : القسم الذى يحمل عنوان " أين الخطأ فى " التاريخ من خلال المذكّرات " ؟ ".
فكّروا فى ذلك . كم مرّة ، فى خضم الحديث مع الناس عن الشيوعية – و بصفة أعمّ فى الخطاب الأكاديمي و الإجتماعي عن الشيوعية – كانت المذكّرات / السير الذاتيّة و الروايات الشخصيّة للذين عاشوا فى المجتمعات الإشتراكي السابقة تذكر على أنّها " أدلّة " قطعيّة على أنّ هذه المجتمعات كانت كوابيسا و كوارثا ؟ من منّا ، أثناء القيام بالعمل على بناء الحركة من أجل الثورة ، لم تقابله الجماهير من كافة الفئات المختلفة بشكل من أشكال الإعتراض التالى ( حتى إن لم يتم التعبير عن ذلك بذات هذه الكلمات) : " إن كانت الشيوعية جيّدة على هذا النحو ، و إن كانت المجتمعات الإشتراكية السابقة محرّرة إلى هذا الحد ، لماذا قرأت أو سمعت كلّ هذه الحكايات عن أناس عاشوا فى تلك المجتمعات وقالوا إنّها كانت فظيعة ؟ " .
تسلّح الطريقة التى يتحدّث بها لوتا عن هذا فى الحوار الصحفي إيديولوجيّا الناس ليفهموا فهما صحيحا ويواجهوا هذا الإعتراض . لذا ، فى هذه الرسالة ، اردت أن أسلّط الأضواء على ما أعتقد أنّها كانت بعض النقاط الهامة بصدد كيف أنّ لوتا يتطرّق إلى مسألة " التاريخ من خلال المذكّرات " ، و كذلك أودّ أن أشارككم بعض الأفكار الإضافيّة و التى ألهمنى إيّاها هذا الحوار .
كيف نحدّد جوهر تجربة ما ؟
إنّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي و الطرق التى تدفع بها علاقاته الإقتصاديّة و الإجتماعية الناس ضد بعضهم البعض فى تنافس سمك يأكل سمكا ، و السلوكات و الأخلاق و الأفكار و الثقافة الناجمة عن ذلك جميعها تدرّب الناس بإستمرار على التفكير وعلى تقييم كلّ شيء بمعنى الفردية ، و بمعنى التجربة الفردية / الشخصيّة . تستخدم الحكاات الشخصيّة و " الروايات " الشخصيّة معيارا نهائيّا لقياس ما هو صحيح و ما هو صائب : " كيف هي الأشياء – أو كيف كانت – بالنسبة لى ؟ ".
عندما تمزجون هذه الفرديّة الفاسدة مع سدّ لا يتوقّف من الهجمات الشبيهة بصور الكرتون على الشيوعية و تجربة الثورة الشيوعية ، التى تنظّمها الطبقة الحاكمة لهذا النظام و وسائل إعلام و تربية النظام و أنصاره و ممثّلين فى مختلف المجالات – هجمات هي عند هذه النقطة تبتلعها دون نقد و تكرّرها الغالبيّة الغالبة من الناس فى المجتمع ، بما فى ذلك عديد التقدّميّين الذين ينبغى أن يعرفوا بشكل أفضل – تحصلوعلى وضع تكون فيه المذكّرات / السير الذاتيّة و الروايات الشخصيّة من أناس عن كيف يفترض أنّ الشيوعية " رهيبة " ، و كلّ هذه السير الذاتيّة و الروايات الشخصيّة تقبل كقيمة ظاهرة دون نقاش ، دون طرح أسئلة و تعامل كذلك على أنّها " البداية و النهاية " ، و الكلمة الفصل بشأن الثورة الشيوعية و تجربة المجتمعات الإشتراكية السابقة . و هذا الهراء يكتسح الناس و أعتقد أنّه جزء هام من تشكيل ما يظنّ الناس فى أنّهم يعرفونه – لكنّهم فى الواقع لا يعرونه – عن الثورة الشيوعية .
لهذا أرى أنّ ما يتحدّث عنه لوتا فى قسم " أين الخطأ فى " التاريخ من خلال المذكّرات " ؟ " من الحوار له أهمّية بالغة : مع بعض الإستثناءات ، النظر إلى السير الذاتيّة ليس فى الواقع ، طريقة جيّدة لتحديد الطبيعة الأساسيّة و جوهر تجربة غنيّة و معقّدة شملت و أثّرت فى مئات ملايين الناس و غيّرت راديكاليّا المجتمع ككلّ و فى عديد المجالات الخاصة المختلفة ، أو لتقييم القوى الإجتماعية و الطبقيّة والبرامج و النظرات المتنوّعة المتنازعة . هذه نقطة منهجيّة لا تنسحب فقط على الثورة الشيوعية بل بالفعل على مسألة كيف أنّ أيّة تجربة إجتماعيّة كبرى ينبغى أن تقيّم . يذكر لوتا مثالا فى الحوار : كنت أطالع نقاشا حول السير الذاتيّة الأدبيّة لمؤرّخ للثورة السوفياتيّة . و قد شدّد على نقطة أنّك لاينبغى أبدا أن تحاول فهم حدث جلل كالثورة الفرنسيّة من خلال الروايات الشخصيّة ... أي رواية " هذا ما عرفته " أو " " ما سمعته " إلخ " . ( " الثورة " عدد 323 ).
وهناك عدّة أمثلة أخرى يمكن أن تفكّروا فيها أيضا . هل ستبحثون عن تقييم الحرب الأهليّة الأمريكية – أسبابها و تأثيراتها و طابعها الرئيسي – بالنظر فى الروايات الشخصيّة لأناس شاركوا فى الحرب الأهليّة او تأثّروا بها أو الذين عاشوا زمن الحرب الأهليّة هذه ؟ أم ستنظرون فى الإطار الأشمل الإجتماعي والتاريخي العام و تجربة الحرب الأهليّة ، مثيرين بعض الأسئلة الجوهريّة : ما الذى كان يعنيه أن ملايين السود كانوا مستعبدين بعنف لقرون قبل الحرب الأهليّة ؟ و ما الذى يعنيه أنّ جانب الوحدويين فى الحرب الأهليّة ان يبحث عن – و من خلال إنتصاره فى الحرب – بالفعل قد وضع نهاية للعبوديّة ؟
ومثلما يشير إلى ذلك لوتا فى الحوار الصحفي ، ليست المسألة أنّه ما من شيء يمكن أن نتعلّمه من بعض السير الذاتيّة و بالفعل هناك بعض السر الذاتية التى فعلا " تقبض على الخطوط و النزعات الأساسيّة لكافة الفترة التى عاشها الكاتب وتحلّلها " ، لكن : أ- هذه إستثناءات و ليست القاعدة و ب- بالمعنى العام و كنقطة منهجيّة ، النظر فى الروايات الشخصيّة ليس طريقة جيّدة لتقييم واسع ، غنيّ و معقّد للتجربة التاريخيّة .
و نظرا للهجوم الإيديولوجي المعادي للشيوعي الخبيث و السخيف الذى أشرت إليه سابقا فى هذه الرسالة ، و لأسباب سأتحدّث عنها بإختصار بشيء من العمق ، لا أحد يجب ببساطة أن يقبل بالروايات الشخصيّة عن " الفظائع " التى عيشت فى ظلّ الشيوعية كقيمة ظاهرة دون مساءلة. بكلمات أخرى ، بعض الروايات الشخصيّة للإضطهاد الظالم هي أوربّما قد تكون ، على الأقلّ جزئيّا ، دقيقة . و كمثال على هذه النقطة ، لننظر فى مثال أحدث هو إنتفاضة لوس أنجلاس سنة 1992 . وبديهيّا ، لنكون واضحين ، لم تكن إنتفاضة لوس أنجلاس جزءا من تجربة الثورة الشيوعية الماضية ! لكن مع ذلك هناك بعدُ عدّة دروس هامّة يمكن إستخلاصها منهذه التجربة ومنها تلك المتّصلة بموضوع هذه الرسالة .
وبالنسبة للذين لا يعرفون تاريخ إنتفاضة لوس أنجلاس : فى 1991 ، وقع تصوير بالفيديو للشرطة وهي تعنّف بخبث و بلا رحمة رودنى كينغ ، رجل أسود قد وقع سحبه وهومربوط اليدين حين كانوا يوجّهون إليه الضرب المبرّح . و فى 1992 ، بالرغم من هذا الفيديو ن أعلن أنّ الأربعة ضبّاط الذين كانوا يعنّفون كينغ " أبرياء" . و هذا الهراء كان ببساطة أكبر من أن يقبل به العديد و العديد من الناس داخل لوس انجلاس و خارجها ، و بوجه خاص جماهير السود والتى كانت الأكثر عرضة لإضطهاد يوميّا على يد هذا النظام إذ كانت التبرئة التالية للضبّاط الذين عنّفوا كينغ تعبيرا مركّزا عن عنف الشرطة والنظام ككلّ و ظلمهما و الذى كان يسلّط عليها المرّة تلو المرّة ؛ فبعد علم هذه الجماهير بأنّ العنف قد وقع تسجيله ، شعرت هذه المرّة بأنّها ستنال فى الأخير العدالة إلاّ أنّها آمالها تبخّرت و جرى الإستهتار بها . فنهضت جماهير لوس أنجلاس فى إنتفاضة ضد الحكم الصادر بالبراءة وهو حدث ألهم الناس فى هذه البلاد و عبر العالم قاطبة الذين عرفوا أو كانوا يكنّون الكره الشديد للإضطهاد والظلم . و قد إضطرّ الناس إلى مواجهة كبرى على الصعد الإجتماعي لما تفعله الشرطة و يفعله هذا النظام للسود . و قد أدّى ذلك بالذين وقع إخضاعهم بوحشيّة فى ظلّ هذا النظام إلى رفع الرؤوس و المقاومة و إلى التفكير فى هذه المسائل الكبرى و ترابطها بشكل مختلف .
فى خضمّ هذه الإنتفاضة ، صادف أن كان سائق شاحنة يدعى رجينالد ديني مارّا عبر المنطقة أين إندلعت الإنتفاضة فجرى تعنيفه . لم يك هذا شيئا جيّدا . و ما كان يجب أن يحدث . الآن ، إن لم تخنّى الذاكرة إنتهى ديني إلى إتّخاذ موقف جيّد و رغم ما حصل له شخصيّا ، عبّر عن تعاطفه مع الإنتفاضة. لكن لنفترض جدلا أنّه لم يفعل . لنفترض أنّ دينى كتب رواية شخصيّة عن تجربته خلال إنتفاضة لوس أنجلاس مستعملا ما حدث له ليقول كيف أنّ هذه الإنتفاضة كانت رهيبة . و لنفترض أنّه روى هذه القصّة فى معزل عن إطار كلّ ما جدّ و وصفنا فى الفقرة السابقة لوضع السود فى الولايات المتّحدة و أسباب و تبعات و ظروف إنتفاضة لوس أنجلاس ، و كلّ ما كان ذلك يمثّله و يعبّر عنه بكثافة . أي نوع من الصورة عن إنتفاضة لوس أنجلاس سترسمها لنا مثل هذه الرواية ؟! و ما هو السبيل الصحيح لبلوغ فهم للطابع الأساسي و لجوهر إنتفاضة لوس أنجلاس : النظر إلى كلّ شيء معروض فى الفقرة السابقة ، وعلى ذلك الأساس تشخيص التجارب و التجاوزات الفرديّة و التعلّم من مثل ما حصل لدينى ؟ أم مقاربة تجربة دينى فى عُزلة عن الباقي و بلوغ إستنتاج : " لقد سمعت أنّ سائق شاحنة تعرّض إلى التعنيف ظلما أثناء إنتفاضة لوس أنجلاس . و بالتالى ، لا بدّ من أن الإنتفاضة كانت شيئا رهيبا " .
مطبّقين هذه النقة المنهجيّة برمّتها على المسألة الخاصة لكيف نقيّم تجربة الثورة الشيوعية و المجتمعات الإشتراكيّة التى أنجبتها : هل يجب على المرء أن ينظر إلى بالتعويل على الروايات الشخصيّة الفرديّة للتجاوزات أو التجاوزات المفترضة أو العذاب و الظلم – حتّى و قد تكون بعض هذه الروايات صحيحة أو جزئيّا صحيحة و من المهمّ التعلّم منها ؟ أم بالنظر فى مجمل التجربة و طابعها و أهدافها الرئيسيين – و الدرجة التى إليها كانت تتحرّك هذه المجتمعات وكانت منقادة بهدف تجاوز كافة الإستغلال و الإضطهاد ؛ الدرجة التى إليها كانت تلبّى الحاجيات الشعبيّة الأساسيّة ؛ و الخطوات التى إتّخذتها هذه المجتمعات لتخطّى فظائع المجتمعات القديمة التى ظهرت من صلبها ؛ والتغييرات الراديكاليّة الإيجابيّة التى حصلت فى التعليم و الرعاية الصحّية والتشغيل ومكانة النساء و لقوميّات المضطهَدة ، و فى الفنّ والثقافة فقط لذكر بضعة مجالات إجتماعيّة ؛ و الدرجة التى إليها تغيّر تفكير الناس و علاقاتهم و كامل فئات إجتماعية تغيّرا راديكاليّا و من أجل الأفضل ؛ و الخطوات التى قطعت لتجاوز الإنقسامات و اللامساواة بين الناس ؛ و الطريقة التى كانت ترتبط بها المجتمعات و تلهم الناس عبر العالم ؛ و درجة التحسّن الرهيب فى حياة تماما مئات ملايين الناس ؟
الروايات الشخصيّة ل " الفظائع فى ظلّ الشيوعية " لا ينبغى القبول بها كقيمة ظاهرة دون مساءلة !
و إضافة إلى الحديث عن النقاط المنهجيّة الحيويّة التى أثارها ريموند لوتا فى الحوار الصحفي حول الطرق الصحيحة لتقييم تجربة الثورة الشيوعية و التجربة الإجتماعية و التاريخيّة الواسعة بصورة أعمّ ، أردت كذلك أن أتطرّق لبعض النقاط و المسائل التى أعتقد أنّها جدّ هامة فى علاقة بهذا الموضوع :
أ- " أين و متى و ما الذى تتحدّثون عنه ؟ "
كلّما يقول شخص إنّه قرأ أو سمع روايات لأشخاص " عاشوا فى البلدان الشيوعية وقالوا إنّ ذلك كان شنيعا " ، من أوّل الأسئلة التى نحتاج أن نرحها هي " عن أي بلد تتحدّث و فى أي زمن ؟ " فعنصر هام من الهجوم الإيديولوجي المعادي للشيوعية الذى ناقشت سابقا فى هذه الرسال هوأنّ حتّى فهم الناس لما هي الإشتراكية و الشيوعية و أي بلدان هي أو كانت حقّا بلدانا إشتراكيّة و متى ، قد تمّ تحريفه و تشويهه تشويها تاما ! و عليه من الممكن تماما أن يكون الناس الذين يحيلون على " روايات فظيعة " سمعوها عن الشيوعية يتحدّثون عمليّا عن مجتمعات هي / كانت أبعد ما تكون عن الإشتراكية أو الشيوعية ، على غرار كوريا الشمالية و بلدان أوروبا الشرقيّة التى كانت جزءا من " الكتلة السوفياتية " بعدما صار الإتّحاد السوفياتي رأسماليّا تماما ، و بلدان فى أمريكا اللاتينية أو الجنوبيّة ، أو ربّما حتّى بلدان أسكندينافيّة . و زيادة على ذلك ، لا يدرك عديد الناس حتّى أنّ الصين و الإتحاد السوفياتي قد أمسيا الآن بلدين رأسماليين منذ عقود ! لذا من الممكن تماما أنّهم يحيلون على الصين وروسيا بعد أن أضحى هذين المجتمعين بلدين رأسماليين !
و مجدّدا ، أعتقد أنّه من الهام إكتشاف إلى أيّة بلدان وإلى أيّة فترات زمنيّة يشير الناس ، فى آن معا لمواصلة التعلّم بشأن تفكير الناس حول الشيوعية و ما الذى يُشكّل ذلك التفكير ، لكن أيضا – و بصورة نقديّة للغاية – من أجل إبراز الحقيقة بخصوص ما هي عمليّا الإشتراكية و الشيوعية الحقيقيّة و ما الذى نتحدّث عنه حينما نتكلّم عن الثورة الشيوعية .
و فى بعض النقاط التالية ، أودّ أن أثير مسائل " روايات الفظائع " التى يرويها الناس أو يكرّرونها ، فى علاقة بروسيا و الصين لمّا كانا بلدين إشتراكيين حقّا ...
ب- خذوا بعين الإعتبار المصدر :
مسألتان أساسيّتان أعتقد أنّهما تحتاجان أن تثار و يّانظر فيهما حينما يقول شخص – أو يذكر شخص مراجعا أخرى تقول – إنّه قد عاش فظائعا فى ظلّ الشيوعية : من يقول إنّ تجربتهم فى هذه البلدان كانت كابوسا و ما الفظيع فى ما يقولونه ؟
و فى غاية الأهمّية فهم هذا و مقاربته فهما و مقاربة صحيحين لأنّه ثمّة ريقة صحيحة لفهم هذه النطقة و تطبيقها ، و طريقة خاطئة جدّا لفهمها و تطبيقها . سواء كان أم لم يكن الشيء صحيحا يرتهن بالخلفيّة الطبقيّة للشخص الذى يقوله . و هذا الفهم من افختراقات الحيويّة – من القطائع الحيويّة مع التجربة الماضية للثورة الثقافيّة – التى أنجزها بوب أفاكيان فى سياق بناء الخلاصةالجديدة للشيوعية . بكلمات أخرى ، ليست النقطة أنّه إذا كان الإنسان ينحدر من فئات ذات إمتيازات فى المجتمع و يقول إنّ شيئا قد حصل له أو لها فى المجتم الإشتراكي ، عندئذ يجب أن يكون أو تكون كاذب أو كاذبة ، أو لا بدّ أن يكون معاديا للثورة ، أوأنّ تجربته أو تجربتها غير ذا أهمّية أو مجرّد ممثّلة لشخص ذلك الفرد أو انّها "رواية" طبقته . و كذلك ، إن كان شخص منحدر من فئات مضطهَدة و مستغَلَّة فى المجتمع ، فهذا لا يعنى أنّ ما يقوله أو ما تقوله صحيح ، أو لا بدّ أن يكون ممثّلا لمصالح الثورة البروليتاريّة ، أو ببساة إنعكاس لشخص ذلك الفرد أو رواية طبقة . هناك واقع واحد ، ليس وقائع مختلفة متعدّدة لبقات مختلفة أو مليارات الوقائع المختلفة للأفراد المختلفين . هنا ، سأحيل القرّاء على النقا التى عالجها العدد الخاص من جريدة " الثورة " بما فى ذلك مقال " لكن كيف تعرفون من الذى يقول الحقيقة حول الشيوعية ؟ " حول لماذا من الحيوي أن نتخذ مقاربة علميّة لكامل الواقع و منه تجربة الثورة الشيوعية من أجل تحديد ما هو صحيح . لذا ، مسألة قول " خذوا بعين الإعتبار المصدر " ليست مسألة أنّه يجب أن يحدّد المرء ما هو صحيح إعتمادا على المصدر . المسألة هي أنّه ليس بوسعك النظر فى هذه السير الذاتيّة و الروايات الشخصيّة و كأنّها فى فراغ ، أو مجرّد القبول بها كقيمة ظاهرة دون مساءلة و إستكشاف من يقول إنّ تجربته أو تقول إنّ تجربتها رهيبة و ما الرهيب فى ما يقولونه .
لنضرب مثالا الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى فى الصين ( 1966-1976 ) التى – مثلما تمّت الإشارة إلى ذلك فى الحوار الصحفي – هي من أكثر الفترات شيطنة فى كامل تاريخ الثورة الشيوعية . و مثلما يناقش لوتا فى الحوار الصحفي ، كانت الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى صراعا شمل كامل المجتمع فى الصين بين الطريق الإشتراكي و الطريق الرأسمالي ، وهي ثورة أطلقها ماو تسى تونغ بعدما أدرك أنّ تواصل الإنقسامات الطبقية فى المجتمع الإشتراكي و تواصل اللامساواة و الأفكار التى تتناسب معها – إذا لم يتمّ تجاوزها . كانت تمثّل خطر إعادة تركيز الرأسماليّة فى الصين و بعدما أدرك أنّ لبّ الذين يقاتلون من أجل إعادة تركيز الرأسماليّة فى الصين كانوا موجودين صلب الحزب الشيوعي. ولنأخذ مثالين فحسب عن الأشياء المفاتيح التى حصلت فى مسار هذا النهوض الإجتماعي الجبّار الذى شارك فيه عشرات ملايين الناس : 1- شخّصت الجماهير ، مع القيادة الثوريّة ، قادة حزب السائرين فى الطريق الرأسمالي و نقدتهم و ناضلت ضدهم و فى عدّة حالات أطاحت بهم . 2- تغيّر النظام التعليمي تغيّرا تاما . و مثلما يصف لوتا فى الحوار الصحفي : " جرى بقوّة تحدّى طرق التدريس القديمة حيث الطلبة مجرّد متلقّين سلبيين للمعرفة و دافعهم هو البحث عن الدرجات و للأساتذة سلطة مطلقة . وعوض ذلك ، تمّ تشجيع الروح النقديّة . و قد وقع مزج ذلك مع النشاط الإنتاجي و سياسات القبول الفئويّة لدخول الجامعات التى كانت تعطى أبناء و بنات أعضاء الحزب و المحترفين نوعا من المسار ... وقع إصلاحها . " .
ما الذى نتصوّر أن يقوله أتباع الطريق الرأسمالي الذين جرت الإطاحة بهم فى أتون الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى – أو الذين كانوا فقد تعرّضوا للنقد و الصراع الحادّين ضدّهم و لا زالوا مستمرّين على الطريق الرأسمالي ... أو الأساتذة الذين جرى تشخيص أنّهم يدافعون على السلطة المطلقة على الطلبة و لم يريدوا أن يتمّ تحدّى هذه السلطة ...أو الطلبة الذين كانوا يتمتّعون بإمتيازات تعليميّة خاصة كأعضاء فى الحزب أو محترفين من الحزب وقد سحبت منهم تلك الإمتيازات ... ما الذى نتصوّر أنّهم سيقولون عن الثورة الثقافيّة البروليتاريّة الكبرى ، و حول كامل تجربتهم فى المجتمع الإشتراكي ؟ هل سيكون من المفاجئ إن كانت لديهم أشياء سلبيّة جدّا يعبّرون عنها ؟ و هل ستكون هذه الروايات معيارا جيّدا للإستعمال فى تقييم جوهر و طبيعة كامل تجرب المجتمعات الثوريّة التى كانت جزءا منها ؟
أو لنضرب مثالا آخر : لنفكّر فى كيف كان أناس قبل الثورة الروسية و الصينية ، ملاّكى أراضي أغنياء كانوا يستغلّون و يضهدون الجماهير فوقعت مصادرة أراضيهم بعد هذه الثورات كجزء من إعادة التوزيع الكبرى للأرض على الفلاّحين الذين كانوا سابقا مستغَلين و مضطهَدين. و ذات السؤالين : ما الذى نتصوّر أنّ هؤلاء المستغِلين السابقين يمكن أن يقولوا عن تجاربهم فى ظلّ الإشتراكية ؟ و هل أنّ هذه الروايات ستكون طريقة جيّدة لتقييم جوهر و طبيعة و كامل تجربة المجتمعات الثوريّة التى كانت جزءا منها ؟
و الآن ، مرّة أخرى ، المسألة ليست أنّ الرويات الشخصيّة السلبيّة حول التجارب فى ظلّ الإشتراكية آليّا تقع تحت عنوان أتباع الطريق الرأسمالي و المستغِلين السابقين أو النخب التى تشكو تحدّى أو مصادرة إمتيازاتهم ... و ليست ، و هذا غاية فى الأهمّية ، ما إذا كانت أم لم تكن الروايات الشخصيّة السلبيّة دقيقة أو تستحقّ أخذها بعين الإعتبار ، يرتهن بالخلفيّة الطبقيّة للشخص المقدّم لهذه الروايات و كذلك لا يتعلّق الأمر بأنّه لم توجد مشاكل و أخطاء و نقائص فى التجربة الإشتراكية الماضية ؛ كما وقع نقاش ذلك فى الحوار الصحفي ، وُجدت ومنها فى علاقة بكيف أنّ المثقّفين و دورهم فى المجتمع وقع فهمه و وقعت مقاربته ، وقد حلّل بوب أفاكيان بعمق هذه الأخطاء و النقائص و تعلّم منها و قطع معها كجزء من بناء الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تسمح للإنسانيّة بأن تنجز حتّى ما هو أفضل فى الموجة الآتية من الثورة الشيوعية .
لكن فكرة كون الروايات الشخصيّة لأناس عاشوا فى المجتمعات الإشتراكية و قول إنّ تجاربهم كانت رهيبة يجب القبول به دون نقد و تصويره على أنّه يمثّل جوهر هذه المجتمعات أو مقاربته فى عزلة تامة عن الإطار الإجتماعي الذى حصلت فيه هذه التجارب ... مفهوم أنّ وجود هذه المذكّرات / السير الذاتيّة يمثّل نوعا ما دليلا على أنّ المجتمعات الإشتراكيّة السابقة كانت رهيبة ...أمر سخيف !
لماذا يجرى الترويج لبعض السير الذاتيّة و الروايات الشخصيّة بينما لا يجرى الترويج لغيرها ؟
و فيما يلى مقتطفات لاغير من عديد المقتطفات التى يمكن أن نذكرها عن الرويات الشخصيّة لأناس نشؤوا فى الصين الإشتراكية و لديهم أشياء إيجابيّة جدّا يقولونها عن تجاربهم :
" أنا ممنونة جدّا لكوني نشأت فى لحظة خاصة للغاية من تاريخ الصين. كانت الإيديولوجيا المهيمنة تقول إنّ النساء نصف السماء و ما يقدر الرجال على فعله بإمكان النساء القيام به. هذه الشعارات يمكن أن تبدو الآن فارغة ، لكنى عشت فى تلك الحقبة واثقة فعلا من نفسي و من قدرتى على إحداث تغيير فى حياتي ذاتها و فى حياة أناس آخرين " . (باي دى ، مقتطف من " باي دي : نشأة فى الصين الثوريّة " حوار صحفي مع لي أونستو ، إلى جانب المداخلة و الحوار اللذان سيذكران تاليا ، متوفّرون على الموقع التالي :
www.thisiscommunism.org)
" قبل الثورة الثقافية ، كنّا نقوم بالزراعة لا غير. و خلال سنوات الثورة الثقافية ، ساعد المتخرجون من المعاهد العليا فى تنويع إقتصاد قريتنا. كوّنوا فرقة غابة من المتخرجين و زرعوا عديد أنواع الأشجار المثمرة و أشجار المصطكى و غيرها. و إضافة إلى ذلك ، أنشأنا مصنعا عمل به 175 شخص. وفى صين اليوم ، يضطرّ الشباب الريفي لمغادرة القرية للحصول على عمل فى المدن. لكن خلال سنوات الثورة الثقافية لم نكن نحتاج إلى البحث عن شغل فى المدن و لم نكن نحتاج للذهاب إلى أي مكان. لم نكن عبيد أي إنسان آخر. كنّا نعمل من أجل مستقبلنا نحن. و ال175 شخص العاملين فى المصنع كانوا قادرين على الحصول على دخل للتعاونية بما حسّن بدرجة كبيرة من مستوى حياة المزارعين. "
( دونغبينغ هان ، مقتطف من " دونغبينغ هان : الثورة الثقافية المجهولة - الحياة و التغيير فى قرية صينية " ) .
قد يتسأءل الناس : لماذا لم أسمع عن هذه الروايات وغيرها من الروايات المشابهة لكنّى سمعت عن روايات من أناس يقولون إنّ الشيوعيّة كانت " كابوسا " ؟
ليس الأمر صدفة . عقب وفاة ماو و صعود دنك سياو بينغ للسلة فى الصين و إعادة تركيز الرأسماليّة ، شنّ دنك على رأس التحريفيين الصينيين هجوما إيديولوجيّا كبيرا واعيا و خبيثا ضد الثورة الثقافيّة . و إليكم كيف وصفت ذلك وانغ زهانغ وهي أستاذة بحوث نسائيذة فى جامعة ميشغان نشأت أثناء الثورة الثقافيّة الصينية :
" " الإنكار الكلّي للثورة الثقافية " كان خطّة دنك سياو بينغ لتعبيد الطريق لتفكيك الإشتراكية بينما يعزّز السلطة السياسية . كان طريقة لتبييض وجه أو حرف الإنتباه عن جرائمه هو و من معه. "
(وانغ زهانغ ، " كنا نحلم بأن يكون العالم أفضل مما هو عليه اليوم " ) .
[ الحواران برمّتهما و كذلك مداخلة دونغبينغ هان المشفوعة بالأسئلة و الأجوبة ترجموا إلى العربيّة و تعثرون عليهم ضمن الفصل الثالث من كتاب شادي الشماوي ، " الثورة الماويّة فى الصين : حقائق ومكاسب و دروس " / العدد 4 من " الماوية : نظرية و ممارسة " ، بمكتبة موقع الحوار المتمدّن – المترجم ] .
المسألة ليست مجرّد مسألة ما الذى يروّج له داخل الصين . لحكّام و انصار هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي – بالتأكيد منه البقة الحاكمة و النظام الإعلامي و التعليمي للولايات المتّحدة – الذى يتسبّب فى الفظائع خلف الفظائع للإنسانيّة ، المصلحة كلّها فى ترويج فكرة أنّ أيّة محاولات لإيجاد عالم مختلف راديكاليّا كانت و لا يمكن أن تكون سوى كابوس ! و بصدد هذه النقطة ، أنصح بشدّة القرّاء بمطالعة أو إعادة قراءة " لا غرابة فى أنّهم يشوّهون الشيوعية " وهو مقتطف من " ما تحتاجه الإنسانيّة : الثورة و الخلاصة الجديدة للشيوعية ، حوار صحفي مع بوب أفاكيان أجراه أ . بروكس ". و فى هذا المقتطف الذى نُشر فى العدد الخاضص الأخير من جريدة " الثورة " ، يعرض أفاكيان عرضا لامعا و يزيل الغموض عن سدّ التشويهات و الهجات الإيديولوجيّة ضد الشيوعية التى يشنّها حكّام هذا النظام و الناطقين بإسمه و أنصاره ثمّ يقع تكرارها بعدد أكبر فأكبر بكثير من الناس . يجب على الناس أن يدرسوا حقّا كلاّ من المحتوى و المنهج فى هذا المقتطف و يظلّوا يعودون إليه و يناضلون من أجل النقاط التى أثارها أفاكيان هناك .
كلّ هذا يسلّط الضوء على الإختراق العظيم لما تمثّله الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بها بوب أفاكيان :
إلى الدرجة التى كانت هناك مشاكل و أخطاء ثانويّة فى التجربة الماضية من الثورة الشيوعية – و قد وُجدت – توفّر الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بها بوب أفاكيان ، إطار تشخيص هذه الأخطاء و النقائص و فهمها و كذلك القطيعة معها بشكل صحيح و إنجاز ما هو أفضل فى الموجة التالية من الثورة الشيوعية .
إثر إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين ، بعد وفاة ماو تسى تونغ فى 1976 ، عمّ اليأس و الإضراب الكبير فى صفوف الشيوعيين و غيرهم عبر العالم قاطبة من الذين كانت الصين الثوريّة قد ألهمتهم ، فقام بوبأفاكيان بالإشتغال – الإشتغال طوال عقود – على تحليل شامل و نقدي للتجربة الماضية نظريّا و عمليّا ، للثورة الشيوعية و المجتمعات الإشتراكية السابقة التى أنجبتها ، ملخّصا دروس ما حصل فعليّا فى مسار هذه التجربة و كيف أنّ هذه التجربة ينبغى فعلا فهمها و تقييمها علميّا . و على هذا الأساس ، إلى جانب الإستفادة من عديد المجالات المتباينة من النشاط الإنساني ، طوّر بوب أفاكيان خلاصة جديدة للشيوعيّة تنهض على أكتاف الموجة الأولى للثورة الشيوعية و تدافع عن تجربة تلك الموجة الجديدة على نّها رئيسيّا و عامة إيجابيّة و تحرّريّة ، بينما كذلك تشخّص نقائص و أخطاء ثانويّة فى تلك التجربة و تقطع معها و تشخّص مجالات حيث تحتاج الإنسانيّة أن تنجز ما أفضل فى الموجة القادمة من الثورة الشيوعية .
و من أجل نقاش أتمّ لهذه النقاط ، أرغب حقّا فى التشديد على و إحالة الناس على نقاش لوتا – فى القسم الرابع من الحوار الصحفي – للخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بها بوب أفاكيان و الإمكانيّات التى تفتحها للإنسانيّة .
وأودّ أن أختم بالإستشهاد بمقتطفين من قسم من الحوار كأمثلة عن بعض النقاط التى تعرضنا لها أعلاه . المقتطف الأوّل من نهاية الحوار الصحفي حيث يناقش لوتا أهمّية نقطة ثمّ يقتبس فقرة لفاكيان من " ما تحتاجه الإنسانية ..." :
" كيف تعطون الأولويّة الصحيحة و الضروريّة للحاجيات الأساسيّة للجماهير الشعبيّة فى المجتمع – خاصّة مصالح الذين وقع دوس حاجياتهم فى ظلّ النظام الإستغلالي القديم ، إقتصاديّا و إجتماعيّا وسياسيّا و ثقافيّا . بينما فى نفس الوقت ، لا يقوّض الغليان الفكري و الثقافي الضروري و الإبداع و حتى المعارضة الضروريين للحصول على نوع السيرورة فى المجتمع حيث كافة الجماهير الشعبيّة ككلّ و كذلك قيادة الحزب و الحكومة يتعلّمون من مجمل هذه السيرورة ، بما فى ذلك النقد الذى يثار و الأفكار غير التقليديّة التى تجد تعبيرا عنها فى الصراع الفكري و فى مجال الفنون و هكذا – لكي تكون سيرورة أثرى . "
هذا إختراق هائل و جزء من إختراق أكبر قائم على الدراسة و الصراع العميقين ، على الخلاصة الجديدة و و يوفّر أساسا حقيقيّا للأمل المبني على قاعدة علميّة صلبة . "
و المقتطف الثاني الذى به أريد أن أنهي هذه الرسالة هو الفقرة الأخيرة ذاتها من الحوار الصحفي مع لوتا :
" كلّ هذا يختزل فى التالي : العالم يصرخ بإلحاح من أجل تغيير راديكالي ، من أجل الثورة . و الفهم الصحيح للطابع الحقيقي ، للطابع التحريري للمرحلة الأولى من الثورة الشيوعية و الغوص فى مساهمات بوب أفاكيان فى تلخيص هذه المرحلة و توفير التوجّه للمرحلة الجديدة ، مرحلة أعظم حتّى ، أمر حيويّ و ضروري...للمضيّ قدما و إنجاز قفزات فى مسار الخروج من " ظلام " المجتمع الطبقي . إنّ الأمر يتعلّق بالحاجة و بأساس عالم فيه يستطيع البشر حقّا الإزدهار. و يتعلّق الأمر بنا جميعا و بأن ننهض لتلبية الحاجة الكبرى التى تنتظرنا : إستيعاب هذا العلم و إستعماله لتغيير الواقع الذى تواجهه الإنسانيّة . "
=======================================================