بستّ طُرق يحاولون خداعكم فى ما يتّصل بالثورة الثقافية فى الصين و سبب وجيه جدّا لحاجتكم إلى التعمّق فى البحث عن الحقيقة و بلوغها


شادي الشماوي
2016 / 5 / 31 - 00:45     

بستّ طُرق يحاولون خداعكم فى ما يتّصل بالثورة الثقافية فى الصين و سبب وجيه جدّا لحاجتكم إلى التعمّق فى البحث عن الحقيقة و بلوغها
جريدة " الثورة " عدد 440 ، 23 ماي 2016
http://revcom.us/a/440/six-ways-they-try-to-bamboozle-you-about-the-gpcr-en.html

يتميّز ماي 2016 بأنّه يمثّل الذكرى الخمسين ٌطلاق ماو تسى تونغ الثورة الثقافيّة فى الصين . و كان هذا إختراقا فى التعاطي مع المشكل التاريخي العالمي للثورة الشيوعية – كيفيّة الحيلولة دون حصول ثورة مضادة فى ظلّ الإشتراكية حتّى من قبل الذين يدّعون أنّهم إشتراكيّون . طوال سنوات عشر عبّأت الثورة الثقافية مئات الملايين فى صراع لمنع إعادة تركيز الرأسمالية . ثمّ فى 1976 ، عقب وفاة ماوتسى تونغ ، أعاد إنقلاب رجعي النظام الرأسمالي الذى يضطهد الشعب الصيني مذّاك . و بعد خمسين سنة ، لا تزال الثورة الثقافيّة تقضّ مضجع و تهدّد ممثّلي النظام القديم و فى الأسبوع الماضي ، بُذلت جهود متجدّدة لتصوير تلك الفترة على أنّها مشهد فظيع كلّيا . و إليكم بعض ما يقولونه – و كيف يسعون إلى جعلكم تفكّرون :
1- إنّهم نشروا وينشرون – و فى الواقع بطلب من جريدة النيويورك تايمز – روايات " من مصادر أصلية " لا نهاية لها لأناس حول كيف أنّهم أو كيف أنّ أسرهم ،على حدّ زعمهم ، عانوا أثناء الثورة الثقافيّة ، و يقدّمون مراجعات كبيرة لكتب يدّعون أنّها تقول حتّى أكثر من تلك الروايات . حسنا ، عندئذ ، أين هي الروايات و الكتب التى ألّفها من إلتحقوا بماو تسى تونغ و قاتلوا إلى جانبه خلال الثورة الثقافيّة ولا يزالون يرفعون رايتها ؟ ونعم هؤلاء موجودون و يرغبون فى أن تروى قصصهم . ( أنظروا كتب دونغ بينغ هان و موبو غاوو ؛ و الحوار الصحفي مع وانغ زهانغ [ بالعربيّة ضمن كتاب شادي الشماوي بمكتبة الحوار المتمدّن " الثورة الماوية فى الصين : حقائق و مكاسب و دروس " ] ) .
ومثلما أشار بوب أفاكيان ، يمكنكم أيضا أن تحكموا على الحرب الأهليّة [ الأمريكيّة ] بقراءة السير الذاتيّة التعيسة التى كتبها الجنرالات الكنفدراليين ، أو مالكو العبيد الذين خسروا مزارعهم. و فوق هذا ، هناك مشكل أكبر فى التعويل فى كلّ شيء على السير الذاتيّة و الروايات " من مصادر أصليّة " ( التى عادة ما لا يقع التثبّت من مدى صدقها ) و التى لا يمكن أن تحدّثنا إلاّ عن جزء من القصّة ولا يمكنها فى حدّ ذاتها أن تسلّط الضوء على القوى الإجتماعيّة الأوسع والديناميكيّة السياسيّة فى الصراع. ( أنظروا " ما الخطأ فى " التاريخ وفق السير الذاتيّة " و الردّ عليه ؛ [ وهو متوفّر بالكتاب 23 لشادي الشماوي " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها و مستقبلنا " لريموند لوتا ).
الناس فى حاجة إلى الحقيقة بشأن الثورة الشيوعيّة . فالحقيقة الفعليّة فى زمن ينهض فيه الناس فى عديد الأماكن عبر العالم بأسره و يبحثون عن مخارج ، يوجد هذا البديل الشيوعي خارج جدول الأعمال . فى زمن يصطدم فيه حتّى عدد أكبر من الناس و يثيرون أسئلة كبرى حول المستقبل ، يتعرّض هذا البديل بإستمرار إلى التشويه و الشيطنة و الإفتراء عليه ، بينما لا تتوفّر أيّة مساحة للذين يدافعون عنه للتعبير عن آرائهم .
2- طالما أنّنا بصدد الروايات " من مصادر أصليّة "، أين مطالب جريدة النيويورك تايمز بروايات " من مصادر أصليّة " لأناس من الفتنام أو لاووس أو العراق أو أندونيسيا أو السلفادور ليتحدّثوا عن كيف عانوا من ما صنعته بهم الولايات المتّحدة ؟ تماما قُتل أربعة ملايين فى الهند الصينيّة جراء الغزو الأمريكي المباشر أو القصف بالقنابل الأمريكية و هذه الجرائم لا تزال متواصلة اليوم بفعل قنابل إنشطاريّة لم تتفجّر وقتها و تتفجّر الآن وتتسبّب فى قتل الأطفال الذين يعثرون عليها . ومع ذلك ، قلّما تجد ، إن وُجدت أصلا ، مثل هذه الكتب و الروايات ناشرين و مستمعين أو إذا وجدت لا تمثّل شيئا نسبة إلى تقريبا صناعة إنتاج كتب تراجعها التايمز ومنشورات أخرى الأسبوع تلو الأسبوع ، لا سيما الآن . و لماذا تتوقّعون أنّهم يفعلون ذلك ؟
3- يقال لنا : " كان ماو مجنونا قتل الملايين فى سعيه الجنوني نحو السلطة " . واضعا جانبا واقع أنّ غالبيّة الأرقام عن " ضحايا " الثورة الثقافيّة تمّ تضخيمها أو لا أساس لها من الصحّة ، مرّة أخرى ، أشار بوب أفاكيان ، بأنّ مثل هذا القول يشبه قول إنّ لينكولن كان " قتل قتلا جماعيّا 700 ألف إنسان أثناء الحرب الأهلية " – دون حتّى قول ما الذى يجرى القتال حوله فى الحرب الأهليّة : وجود العبودية فى الولايات المتحدة ! كذلك ، كان رهان الثورة الثقافيّة بقاء الصين على الطريق الإشتراكي أو العودة إلى الرأسماليّة – و لسوء الحظّ إنتصر الجانب الخطأ !
4- يقال لنا " حتّى الحزب الشيوعي الصيني يقول اليوم بأنّ الثورة الثقافيّة كانت خطأ رهيبا " . أجل ، هذا هام جدّا : الآن و قد أصبحت الصين البلد الذى حذّر منه ماو تسى تونغ – بالوعة إستغلال و إضطهاد عنيف بثقافة أنا أوّلا ممزوجة بقوميّة رجعيّة – يحذّر حكّامها من ذات المبادرة ، الثورة الثقافيّة ، التى إتّخذتها ماو للحيلولة دون ذلك الإنقلاب . و عندئذ ، لماذا يكون ذلك مفاجئا ؟ و لماذا تعتقدون أنّ كلاّ من الحزب الشيوعي الصيني و حكّام الإمبريالية الأمريكية متّفقين بهذا المضمار ؟ أيمكن أن يعزى ذلك إلى أنّ الإثنين يترأسان مجتمعين رأسماليين إستغلاليين و إضطهاديين ، مجتمعان يمضيان فى طريق تحطيم الكوكب ، و كلاهما ر يريدان أن لا يعتقد الناس فى وجود أي بديل راديكالي آخر – تحديدا الإشتراكية و الشيوعية ؟ تذكّروا : ذات الأشخاص الذين يقولون لكم إنّ هذا النظام الرأسمالي ، نظام الحرب و اللامساواة و التجويع الجماعي و تحطيم البيئة هو " أفضل عالم ممكن " ، هم ذات الأشخاص الذين يفترون عليكم بخصوص الثورة الثقافيّة .
5- " إن قال الجميع بأنّ هذا صحيح فيجب أن يكون صحيحا " . تفكير لامع ! إمنعوا أي شخص يحمل وجهة نظر معارضة من الكلام عن هذا ، و كرّروا نفس الأكاذيب مرارا و تكرارا ، و إن أمكن بشكل أكثر إستهجانا فى كل مرّة ، ثمّ قولوا : يعلم الجميع أنّ هذا صحيح " . فكّروا . بالعودة إلى ما قبل ستينات القرن العشرين ، " كلّ الناس " فى أمريكا – على الأقلّ تقريبا كلّ أكاديمي و شخص أبيض البشرة – " يعلم " بأنّ فترة إعادة البناء ، الفترة القصيرة التى تلت الحرب الأهليّة حيث كانت للسود بعض الحقوق الديمقراطية ، كانت " كارثة " . فقط بفضل معارك ملايين الناس فى ستينات القرن العشرين و الطريقة التى دُفع بها الناس للتعمّق فى البحث عن الحقيقة الفعليّة الخاصة هبذا البلد ، و الجهد البحثي لجيل جديد من الأكاديميين ، أخذت الحقيقة حول فترة إعادة البناء تظهر جليّة : كانت عمليّا فترة إيجابيّة نقيصتها الأساسيّة أنّها لم تمض بعيدا كفاية فى تمكين السود من الحقوق السياسيّة و السلطة .
6- على ما يبدو ، حسب الطريقة التى تتمّ بها تغطية الثورة الثقافيّة ، قد يذهب بنا الظنّ أنّ " العالم حينها كان فى تراجع و أنّ أمريكا كانت بطلة الحرّية ، و أنّ الناس عبر العالم قاطبة كانوا يرغبون ببساطة فى " الديمقراطية " التى كانت تتمتّع بها أمريكا " . حسنا ، ما كان يجرى أيضا هو أنّ رُبع الإنسانيّة من خلال الثورة الثقافيّة كان يبنى مجتمعا إشتراكيّا هدفه التخلّص من المجتمع الطبقي و من الإضطهاد عبر العالم ! و إلى جانب حروب الإبادة التى كانت تشنّها الولايات المتحدة الأمريكيّة فى الفتنام و بقيّة الهند الصينيّة ، و تنظيمها لإنقلابات عسكريّة عنيفة فى أندونيسيا والشيلي خلّفت قتل تقريبا أكثر من مليون إنسان ، و غزوها لجمهورية الدومينيك و فظاعات عالميّة أخرى ، كان السود يخوضون نضالا عظيما لمجرّد أن يعاملوا كبشر ، أن يمنحوا الحقوق المدنيّة الأساسيّة . و كانت النساء تموت من الإجهاضات فى الخلفيّات و تحرم من الحق الأساسي فى التحكّم فى متى و إن كانت ترغب فى إنجاب طفل و تقاتل ضد هذه و غيرها من التجاوزات . و من فلسطين إلى جنوب أفريقيا ، إلى أمريكا اللاتينيّة ؛ و من الهند إلى ديترويت و الميسيسيبي و باريس ، كان الناس ينهضون عبر العالم قاطبة ، و كان العديد منهم ينظرون إلى الصين و ماو تسى تونغ من أجل الإلهام و الإرشاد السياسي . وكان هذا جيّدا و تحرّريّا و لا شيء من هذا يمكن تصوّره بالطريقة نفسها دون ذلك الإلهام .
و سبب وجيه جدّا للتعمّق فى البحث عن الحقيقة ...
إنّ لمعرفة الحقيقة بشأن الثورةالثقافيّة فى الصين صلة وثيقة بالمعرفة والقدرة على القتال من أجل عالم مغاير و تحرّري تماما. و ليس بوسعكم معرفة الحقيقة دون التعمّق فى أعمال بوب أفاكيان – ما تقدّم به بخصوص لماذا تمّ خوض تلك الثورة و ما كان ماو تسى تونغ يحاول القيام به وهو يقودها ، و ما كانت الإختراقات و وجهات النظر الثاقبة فى هذا الصراع العظيم و غير المسبوق تاريخيّا ، و ما كانت النقائص والأخطاء و الأشياء التى نحتاج إلى تغييرها و القيام بأفضل منها ، و التقدّم أكثر منها . .. ثمّة الكثير للدراسة و طريقة للتوغّل فيه . و من أفضل المداخل التى نقترح عليكم الإنطلاق منها :
-" الثورة الثقافية فى الصين...الفنّ والثقافة...المعارضة والصراع...والمضيّ بالثورة نحو الشيوعية " لبوب أفاكيان. [ بالعربيّة ، الفصل الخامس من الكتاب 24 لشادي الشماوي " الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البروليتاريا الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقدّمها صوب الشيوعيّة "]

- الحوار الصحفي مع ريموند لوتا " لا تعرفون ما تعتقدون أنّكم " تعرفون " ... الثورة الشيوعية و الطريق الحقيقي للتحرير : تاريخها و مستقبلنا "[ الكتاب 23 لشادي الشماوي ].
==================================================================