تمهيد الكتاب 24-الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا : الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقّدّمها صوب الشيوعيّة


شادي الشماوي
2016 / 5 / 17 - 23:32     

الماويّة : نظريّة و ممارسة
عدد 24 / ماي 2016
شادي الشماوي
الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا :

الثورة الثقافيّة البرولتاريّة الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى

تقّدّمها صوب الشيوعيّة


بمناسبة الذكرى الخمسين للثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى التى ألهمت و لا تزال تُلهم عبر العالم قاطبة ملايين الشيوعيين الثوريين و الجماهير الشعبيّة التوّاقين لتحرير الإنسانيّة و تشييد عالم آخر ضروري و ممكن ، عالم شيوعي ، و مساهمة منّا فى مزيد التعريف بهذه الثورة و رفع رايتها الحمراء ، أتممنا صياغة فصول أضفناها إلى أخرى سبق نشرها لتأليف هذا الكتاب الذى ننشر اليوم.

( ملاحظة : الكتاب بأكمله متوفّر للتنزيل - نسخة بى دى أف - من مكتبة الحوار المتمدّن )

فهرس كتاب :

" الصراع الطبقي و مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا :
الثورة الثقافيّة البروليتاريا الكبرى قمّة ما بلغته الإنسانيّة فى تقدّمها صوب الشيوعيّة "

تمهيد

الفصل الأوّل :

عشر سنوات من التقدم العاصف ( مجلّة " عالم نربحه " عدد 7 ).

الفصل الثانى :

تعميقا لفهم بعض القضايا الحيوية المتعلّقة بالثورة الثقافية.( شادي الشماوي )

الفصل الثالث :


فهم الخطوط التحريفية التي واجهها الشيوعيون الماويون إبّان الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى

1- لمزيد فهم الخط اللين بياوي كأحد الخطين التحريفيين الذين هزمهما الخط الثوري الماوي أثناء الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .( شادي الشماوي)

2- من صين ماو الإشتراكية إلى صين دنك الرأسمالية: برنامج دنك الذى طبق فى الصين بعد إنقلاب 1976 يميط اللثام حتى أكثر عن الخطّ التحريفي الذى ناضل ضدّه الشيوعيو ن الماويون.( شادي الشماوي)

الفصل الرابع :

مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ بصدد الثورة الثقافية . (شادي الشماوي)
الفصل الخامس :

الثورة الثقافية فى الصين...الفنّ والثقافة...المعارضة والصراع...والمضيّ بالثورة نحو الشيوعية (بوب أفاكيان)
خاتمة الكتاب
ملاحق (3) : 1- قرار ال16 نقطة.
2 - ماو تسى تونغ يحلّل الثورة الثقافية .
3- الرئيس ماو تسى تونغ يناقش مظاهر البيروقراطية.

المراجع الأساسية المعتمد
أدبيات إضافية متوفّرة على الأنترنت
فهارس كتب شادي الشماوي
تمهيد :


فى المجتمع الإشتراكي كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و فى ظل دكتاتورية البروليتاريا و فى ظروف علم خمسينات القرن العشرين و ستيناته و الردّة التحريفية فى الإتحاد السوفياتي و عقب دراسة تجارب دكتاتورية البروليتاريا العالمية ، كان الشيوعيّون الماويون يجتهدون لتجنيب الصين المصير الذى آل إليه الإتحاد السوفياتي و يخطّون طريقا جديدا لبناء الإشتراكية مستفيدين من التجارب السابقة و كانوا يتوقّعون أن : " فى مثل هذه المرحلة ، علينا أن نكون على استعداد لخوض صراعات عظيمة فى جوانب عدّة ستختلف فيها أشكال الصراع عن تلك التى استعملت فى الماضى."( ماو تسى تونغ )

ومثلما شرح ذلك ماو تسى تونغ فى خطاب له أمام البعثة العسكرية الألبانية فى غرّة ماي 1967 ، سعى الشيوعيون الماويون منذ أواخر الخمسينات و بداية الستّينات لإيجاد طريقة و وسيلة فعالة بما فيه الكفاية لمكافحة الجانب الأسود داخل الحزب و الدولة - التحريفيون - و لم يسعفهم فى ذلك تاريخ الحركة الشيوعية العالمية بتجاربه المتنوّعة . و مع تطوّر الصراع الطبقي فى الصين و النهوض الجماهيري للدفاع عن المكاسب الإشتراكية و تطوّر النظرية الماوية لمواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، تكشفت و تجلّت الوسيلة و الطريقة الجديدة كلّ الجدّة و المثرية أيّما إثراء لعلم الثورة البروليتارية العالمية : الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى .

و يمكن إجمال أهم ركائز نظرية مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا مثلما طوّرتها الماوية كمرحلة ثالثة فى تطوّر علم الشيوعيّة فى الآتى ذكره : فى المجتمع الإشتراكي بما هو مجتمع طبقي إنتقالي من الرأسمالية إلى الشيوعية و إن تمّ بالأساس تحويل الملكية إلى ملكية إشتراكية يتواصل وجود الطبقات والتناقضات الطبقية و الصراع الطبقي و إمكانيّة حصول ردّة من الداخل واردة حقيقة بإعتبار تواصل صراع الطريقين الرأسمالي و الإشتراكي طوال المرحلة الإشتراكية المديدة فعلا كمرحلة إنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية ؛ و يتركّز الصراع الطبقي و الصراع بين الطريقين صلب الحزب الشيوعي بإعتباره محور المجتمع الإشتراكي. و يتّخذ شكل صراع خطين رهانه طبيعة الحزب و الدولة و إن ظلّ الخطّ الشيوعي الثوري منتصرا ظلّت طبيعتهما بروليتاريّة و متى إنتصرت التحريفيّة ، حدث تحوّل نوعي و بلغت البرجوازية السلطة و صارا برجوازيين و أعيد تركيز الرأسمالية . و من هنا لزاما على الشيوعيين أن يخوضوا بلا إنقطاع ، كي يبقى الحزب و تبقى الدولة بروليتاريين ، نضالا لا هوادة فيه ضد القاعدة المادية- إنتاج صغير وحق برجوازي و تقسيم العمل قادة / قواعد و التناقض بين العمل الفكري و العمل اليدوي و بين العمّال و الفلاّحين و بين الريف و المدينة...- و البنية الفوقية – و منها التقاليد و الأفكار البرجوازية المنغرسة لقرون- اللّذان يولّدان الرأسمالية بإستمرار و من أجل تثوير علاقات الإنتاج ( الموقع من العمل و الموقع من توزيع الثروة بعد تحويل الملكية ) والبنية الفوقية لتغيير نظرة الناس للعالم حتى تصبح بروليتاريّة شيوعية و للتقدّم صوب العالم الشيوعي .

و الذين يقفون دون تثوير المجتمع بإتّجاه المجتمع الخالي من الطبقات و يسعون لإيقافه و توسيع علاقات الإنتاج و الأفكار البرجوازية جزئيّا ثمّ لإعادة تركيز الرأسمالية عبر البلاد كافة هم فى صفوف الحزب أتباع الطريق الرأسمالي التحريفيين الذين كمهمّة يجب الإطاحة بهم و ذلك بوسيلة جديدة طوّرتها الماويّة هي الثورات الثقافية البروليتارية الكبرى ، من الأسفل عن طريق إستنهاض الجماهيراالشعبية لتستعيد أجزاء السلطة التى إستولى عليها التحريفيّون و لترفع من وعيها الطبقي من خلال الممارسة فتغدو قادرة على كشف التحريفيّين و الإطاحة بهم دون تردد و تغيير العالم بإتجاه بلوغ العالم الشيوعي.

هنا لسائل أن يسأل لماذا لم يتم ببساطة طرد التحريفيّين من الحزب دفعة واحدة و لا حاجة إلى هذه النظرية الماوية و هذا الصراع الدائم ( وهو رأي يشيعه الخوجيّون جميعا ) ؟

و الجواب هو أن تاريخ الصراع الطبقي للبرولياتاريا علمنا أن الطرد ليس الحلّ الأمثل . فمثلا طرد ستالين من طرد و مع ذلك حدث الإنقلاب التحريفي بقيادة من يعتبر من مساعديه المقرّبين و لم يفهم الشعب السوفياتي ما حصل و قطاعات كبيرة منه هلّلت للتغيير . و طرد أنور خوجا من طرد و مع ذلك جاء مساعده و عضده الأيمن راميز عاليا ليقود إعادة تركيز الرأسمالية بفجاجة و سادت البلبلة صفوف العمّال و الفلّاحين و المثقّفين...

هذا من ناحية أمّا من ناحية ثانية فماو ينظر إلى المسألة على أنّها صراع طبقيّ و عليه بالتالي أن يخوض الصراع الطبقي بالأساس و يأتى الطرد كأحد الإجراءات التى لا تعوّض الصراع السياسي و بالفعل طرد من الحزب أو المناصب الحزبيّة و الحكومية خلال الثورة الثقافية ليوتشاوشى – خروتشوف الصين الأوّل – و دنك سياو بينغ لمرتين – خروتشوف الصين الثاني- ضمن ما يناهز ال3 بالمائة من المطرودين و مع ذلك تمكّن التحريفيّون من مختلف المستويات السفلى و المتوسّطة و العليا من الضغط بوسائل متنوّعة و التآمر لإرجاع عدد من المطرودين. و بعد الإنقلاب فى 1976 أعادوا الإعتبار لمن أسموهم ضحايا الثورة الثقافية و وضعوا دنك على رأس الحزب و الدولة .

و من الأكيد أن عملية الصراع ضد التحريفيين لم تكن يسيرة فالأوراق كانت مختلطة و الأوضاع معقّدة بل فى منتهى التعقيد أحيانا فالتحريفيّون أنفسهم ما كانوا ليعلنوا أنّهم معادين صراحة للخطّ الثوري الماوي . بالعكس كانوا يقدّمون برامجهم و أفكارهم على أنّها الأفكار الماويّة و كانوا يعتمدون تكتيكات خبيثة نلمح إلى إثنين منها أمسيا معروفين خلال الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى والأوّل هو توسيع الهدف و الهجوم على الكلّ لحماية مجموعة قليلة و الثاني هو رفع راية الماويّة لإسقاطها أي إدعاء العمل وفق الخطّ الماوي فى حين يمارس نقيضه. و هذه ليست خيالات، هذه وقائع صراع طبقي محتدم مداره من سينتصر الطريق الإشتراكي أم الطريق الرأسمالي وهي معارك كما سنرى شرسة حقيقة .

و فضلا عن ذلك و تأسيسا على كون تناقضات المجتمع الإشتراكي ذاتها تفرز بإستمرار الرأسماليّة و التحريفيّة و كون ما يدور من صراع طبقي يتمحور على هدف السلطة وهل يتظلّ الصين إشتراكية أم سيعاد تركيز الرأسمالية بها مع صعود التحريفية و بالتالي صعود البرجوازية الجديدة للسلطة ،على عادته الثوريّة المنطلقة من الفهم العميق للخط الجماهيري و إعتبار الشعب و الشعب وحده هو صانع تاريخ العالم، إستنهض الخطّ الماوي الذى كان سائدا داخل الحزب الشيوعي الصيني إلى 1976 الجماهير لتصنع التاريخ متصدّية للتحريفيّة وماسكة بزمام المجتمع و سلطة توجيهه على الأصعدة كافة و رافعة وعيها و مغيّرة نظرتها للعالم فيتقدّم المجتمع على الطريق المؤدى للمجتمع العالمي الخالي من الطبقات ، الشيوعية المثل الأعلى المستقبلي .

و فى السجال الذى سنخوض هذه المرّة ضد أصحاب و أنصار التحريفية المعاصرة و الخوجيين وتحديدا بصدد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى كأحد ركائز نظريّة مواصلة الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا ، حجر الزاوية فى الماوية ، فى سجالنا هذا سنلجأ الى استشهادات متعدّدة قد تثقل على من لم يتعوّد هذا النوع من المقالات و لكن عذرنا هو أن غايتنا من هذه الاستشهادات مزدوجة فأوّلا ، أقدمنا على ما أقدمنا عليه اجلاءا للحقيقة فى أدق تفاصيلها ( و الحقيقة وحدها الثورية ) و ثانيا ، توفيرا لمادة وثائقية قد يفتقدها العديد من الرفاق و الرفيقات و من يبحث عن الحقيقة .

و قناعتنا راسخة بأنّه لما ينفض الغبارالذى ذرّه التحريفيّون المعاصرون و الخوجيّون على الماركسية – اللينينية -الماوية ستدرك الثوريّات و يدرك الثوريّون أنّه لن توجد حركة ثورية دون علم الشيوعية و قمم تطوّره المستمرّ و لن تنجز ثورة ديمقراطية جديدة تمهّد للثورة الاشتراكية و تقودها الطبقة العاملة عبر حزبها الشيوعي.

-----------------------------------------

إستخلاص الدروس من التجربة السوفياتية لتشييد تجربة أرقى :

لن نتوسّع هنا فى هذه المسألة و إنّما لنوفّر مادة فهم تمهيدي سنعمد إلى مقتطف طويل نسبيا من واحدة من الوثائق التاريخية ذات الدلالة الفائقة ألا وهي" شيوعية خروشوف المزيّفة و الدروس التاريخية التى تقدمها للعالم " المؤرخ فى 14 تموز 1964 ، قبل سنتين تقريبا من إندلاع الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى. و هذه الوثيقة هي " الجواب " الصيني التاسع على الرسالة السوفياتية التى يعود تاريخها إلى 14 تموز(يوليو) 1963، وهي واحدة من نصوص الجدال الكبير ضد التحريفية السوفياتية / البرجوازية الجديدة التى إنقلبت و على رأسها خروشوف على الخط الثوري للحزب و الدولة السوفياتيّين فحولّتهما من حزب و دولة بروليتاريّين إلى حزب و دولة برجوازيين.

و تجدر الإشارة هنا إلى أن الخوجّيين بجميع أصنافهم ناشري الجهل لم يذكروا هذه الوثائق الماويّة و لم يتعرّضوا لها لا بالتحليل و لا بالنقد ( خوجا يحول وجهته فى 1979 و يهاجم ماو هجوما مسعورا مزوّرا الحقائق ومفتريا على القائد البروليتاري العالمي الإفتراء كلّه قالبا الوقائع رأسا على عقب مدّعيا أنّ ماو لم يناضل ضد التحريفيّة المعاصرة ، كلّ هذا بعد أن كان يرفع ماو إلى السماء ! ) رغم عرضها لبعض النظريّات التى طوّرها ماو و تصريحها بلا لفّ و دوران مثلا أن ماو " أغنى و طوّر النظريّة الماركسية اللينينية حول دكتاتورية البروليتاريا..." كما سنلمس فى الوثيقة التى نضع مقتطفات منها بين أيديكم :

" إن السير إلى الأمام نحو الشيوعية معناه التقدّم نحو إزالة كلّ الطبقات و الفوارق الطبقيّة . و لا يمكن تصوّر مجتمع شيوعي يُبقى على أيّ من الطبقات ناهيك عن طبقات مستغِلّة . و الحال أنّ خروشوف يدعم نوعا جديدا من البرجوازية ، بإعادة نظام الإستغلال و توسيعه و تعجيل الإستقطاب الطبقي فى الإتحاد السوفياتي . و أصبحت الآن شريحة برجوازية منعمة بالإمتيازات فى وضع معارض للشعب السوفياتي تحتلّ مركز السيطرة فى الحزب و الحكومة و فى الدوائر الإقتصادية والثقافية وغيرها. فهل يجد المرء ذرة من الشيوعية فى كلّ هذا ؟ ...

إنّ السير قُدما نحو الشيوعية يعنى العمل على رفع الوعي السياسي الشيوعي لدى الجماهير الشعبية بصورة دائمة. و لا يمكن تصوّر مجتمع شيوعي تطغى فيه الأفكار البرجوازيّة . و الحال أنّ خروشوف يعمل بحمية لإنعاش الإيديولوجيا البرجوازية فى الإتّحاد السوفياتي و يتصرّف تماما كمبشّر بالثقافة الأمريكيّة المتفسّخة.

وهو بترويجه للحافز المادي يحوّل جميع العلاقات بين البشر إلى علاقات ماليّة و ينمّى الفرديّة و الأنانيّة . و أصبح العمل الجسماني نتيجة لفعله محتقرا من جديد ، و أصبحت المتعة و العبث على حساب عمل الآخرين عملا مشرفا . إنّ الأخلاق الإجتماعيّة و العادات التى يشجّعها خروشوف أصبحت بعيدة جدا عن الشيوعيّة...

إنّ " شيوعية " خروشوف هي فى جوهرها لون من ألوان الإشتراكيّة البرجوازيّة . و هو لا يعتبر أنّ الشيوعية هي إزالة الطبقات و الفوارق الطبقيّة تماما ، بل على العكس فهو يصف الشيوعية بأنّها "صحن بمتناول الجميع مليئ بمنتجات العمل الجسماني و الروحي ". و بالنسبة إليه لم يعد نضال الطبقة العاملة من أجل الشيوعية نضالا من أجل التحرّر الكامل للطبقة العاملة نفسها و لجميع البشرية ، بل العكس فهو يصفه بإعتباره نضالا من أجل صحن جيد من " الغولاش " ( البطاطا و اللحم ). لم يبق فى قلب خروشوف من أثر للشيوعية العلمية ، بل لا يوجد فيه إلاّ صورة مجتمع برجوازي سوقي ...

و ليس من شيء عجيب غير مألوف فى شيوعيّة كهذه . إنّها ببساطة إسم جديد للرأسمالية .

فمن السهل إذن أن نفهم لماذا تحظى " شيوعية " خروشوف بتقدير الإمبريالية و الرأسمال الإحتكاري . صرّح وزير الخارجيّة الأمريكيّة دين راسك : "... بقدر ما يحتلّ الغولاش و البنطلون الثانى و ما شابه ذلك من مسائل من مكانة أكثر أهمّية فى الإتحاد السوفياتي بقدر ما تظهر ، على ما أعتقد ، من تأثيرات معتدلة ..."

بودنا أن ننصح السادة الإمبرياليين بألاّ يفرحوا قبل الأوان ! و ذلك لأنّ أيّة خدمة تقدّمها عصابة خروشوف التحريفيّة لن يكون بمقدورها حماية الإمبريالية من نهايتها الحتميّة . إنّ العصابة التحريفية المسيطرة تعاني نفس المرض الذى تعانيه العصابة الإمبريالية المسيطرة ، فهما متعارضتان تعارضا لا لقاء فيه مع الجماهير الشعبية التى تشكل أكثر من 90 بالمائة من سكّان العالم ، لذا فإنّهما ضعيفتان و عاجزتان و نمران من ورق . إنّ عصبة خروشوف التحريفيّة تشبه صنما من الطين لا يمكنها أن تصون نفسها من الذوبان أثناء عبور النهر ، إذن كيف يمكنها أن تمنح الإمبريالية عمرا أطول ؟...

هل مجتمعنا اليوم نظيف لا شائبة فيه ؟ كلاّ ! ما زالت الطبقات موجودة ، وما زال الصراع الطبقي موجودا ، وما زالت هنالك الطبقات الرجعيّة التى أطيح بها عن الحكم و التى تتآمر للعودة ، و ما زالت فى بلادنا نشاطات تمارسها العناصر البرجوازية القديمة و الجديدة ، و هجمات مسعورة يشنّها المختلسون و المرتشون و المتحلّلون. وهنالك أيضا حالات تفسخ فى عدد قليل من المنظمات القاعدية ، و بالإضافة لهذا يبذل هؤلاء المتفسّخون وسعهم لإيجاد حماة و عملاء لهم فى الهيئات القياديّة الأعلى . لهذا علينا ألاّ نقلّل بأيّ قدر كان من يقضتنا إزاء هذه الظواهر ، بل علينا أن نكون منتبهين تماما ...

كيف يمكن تدارك عودة الرأسمالية ؟ لقد وضع الرفيق ماو تسى تونغ حول هذه المسألة مجموعة من النظريّات و السياسات بعد تلخيص الخبرات العمليّة لدكتاتوريّة البروليتاريا فى الصين و بعد دراسة الخبرات الإيجابيّة و السلبيّة للأقطار الأخرى ، لا سيما الإتحاد السوفياتي ، وفقا للمبادئ الأساسية للماركسية - اللينينية ، و هكذا أغنى و طوّر النظرية الماركسية-اللينينية حول دكتاتورية البروليتاريا .

إنّ المحتوى الأساسي للنظريّات و السياسات التى قدمها الرفيق ماو تسى تونغ فى هذا الصدد هو كما يلى :

1- من الضروري تطبيق القانون الماركسي-اللينيني حول وحدة الأضداد على دراسة المجتمع الإشتراكي . إنّ قانون التناقض فى كلّ الأشياء ، أي قانون وحدة الأضداد ،هو القانون الأساسي للديالكتيك المادي . و يعمل هذا القانون فى كلّ مكان سواء فى عالم الطبيعيّات أو فى المجتمع الإنساني أو فى الفكر الإنساني . إنّ الأضداد فى أيّ تناقض ما تتّحد بعضها مع بعض و تتصارع بعضها مع بعض ، و هذا ما يدفع الأشياء إلى الحركة و التغيّر . و المجتمع الإشتراكي لا يشذّ عن هذا ...

2- إنّ المجتمع الإشتراكي يستمرّ لفترة تاريخيّة طويلة جدّا ، و الطبقات و الصراع الطبقي يستمران فى هذا المجتمع ، و الصراع لم يزل يدور بين طريق الإشتراكيّة و طريق الرأسماليّة . إنّ الثورة الإشتراكية فى الجبهة الإقتصاديّة ( فى ملكية وسائل الإنتاج ) وحدها ليست كافية ، و لا يمكن تدعيمها أيضا . لهذا لا بدّ من وجود ثورة إشتراكية شاملة فى الجبهتين السياسية و الإيديولوجية .

وهذا يحتاج إلى فترة طويلة من الزمن لكي يتقرّر أيّ من الإشتراكيّة و الرأسماليّة ستنتصر على الأخرى فى الجبهتين المذكورتين . و سوف لا تكفى عدّة عقود من الزمن ، و النصر يحتاج إلى مدّة تمتدّ من قرن إلى عدّة قرون . و فيما يتعلّق بمسألة الجهود يكون من الأفضل إعتبار المهام أصعب بدلا من إعتبارها سهلة . و التفكير و العمل بهذا الشكل سوف يكونان أكثر نفعا و أقلّ ضررا . و كلّ من يعجز عن رؤية هذا أو عن تقديره تقديرا تاما سوف يرتكب أخطاء عظيمة و هائلة . و من الضروري خلال الفترة التاريخيّة للإشتراكيّة التمسّك بدكتاتورية البروليتاريا و مواصلة الثورة الإشتراكية حتّى النهاية إذا ما أريد سدّ الطريق أمام عودة الرأسمالية ، و دفع البناء الإشتراكي إلى الأمام ، و خلق الظروف للإنتقال إلى الشيوعية .

3- إنّ الطبقة العاملة تقود دكتاتوريّة البروليتاريا على أساس التحالف بين العمّال و الفلاّحين . و هذا يعنى مباشرة دكتاتوريّة البروليتاريا ، بواسطة الطبقة العاملة و الشعب تحت قيادتها ، على الطبقات الرجعيّة و على الأفراد الرجعيّين و العناصر التى تعارض التحويل الإشتراكي و البناء الإشتراكي ، و تمارس المركزيّة الديمقراطيّة بين صفوف الشعب. إنّ ديمقراطيّتنا هي أوسع ديمقراطية ، و يستحيل إيجاد مثلها فى أيّ دولة برجوازية .

4- من الضروري فى الثورة الإشتراكيّة و البناء الإشتراكي معا الإلتزام بخطّ الجماهير ، و إستنهاض الجماهير بشجاعة و تطوير حركة الجماهير على نطاق واسع ...

5- من الضروري ، سواء فى الثورة الإشتراكيّة أو البناء الإشتراكي ، حل مسألة : من يعتمد عليه ، و من يُكسب و من يعارض . وعلى البروليتاريا و طليعتها أن تجريا تحليلا طبقيّا للمجتمع الإشتراكي و أن تعتمدا على القوى المعتمد عليها فعلا و التى تسلك الطريق الإشتراكي بحزم ، و أن تكسبا كلّ الحلفاء الذين يمكن كسبهم ، و أن تتّحدا مع جماهير الشعب التى تشكل أكثر من خمسة و تسعين بالمئة من السكان ، فى نضال مشترك ضد أعداء الإشتراكية ...

قال الرفيق ماو تسى تونغ على ضوء الدروس التاريخية لدكتاتورية البروليتاريا : إنّ النضال الطبقي و النضال من أجل الإنتاج و التجارب العلمية هي الحركات الثورية الثلاث العظمى لبناء بلد إشتراكي قوي ، و هذه الحركات ضمان كاف لأن يتجنّب الشيوعيّون البيروقراطيّة و يتحصّنوا ضد التحريفيّة و الجمود العقائدي ، و أن يظلّوا أقوياء لا يغلبون إلى الأبد إنّها ضمان يعتمد عليه فى أن تصبح البروليتاريا قادرة على الإتّحاد مع الجماهير الواسعة من الشغيلة لتحقيق دكتاتوريّة ديمقراطيّة . و إذا سنح ، فى غياب هذه الحركات ، للملاكين العقاريين و الفلاّحين الأغنياء و المعادين للثورة و العناصر السيّئة و غيرهم من الشياطين بالخروج من مخابئهم و مباشرة نشاطهم بينما تغمض ملاكاتنا أعينها عن كلّ هذا و يعجز كثير منها حتّى عن التمييز بين العدو و بين أنفسنا ، و يتعاون مع العدو و يصبح فاسدا منحط الأخلاق ، و إذا إنجرت ملاكاتنا هكذا إلى معسكر العدو ، أو إذا تمكّن العدوّ من التسلّل إلى صفوفنا ، و إذا تُرك عدد كبير من عمّالنا و فلاّحينا و مثقّفينا بدون قدرة على الدفاع عن نفسه فى وجه التكتيكات الليّنة و الشديدة التى يمارسها العدوّ ، فسوف لا يمضى وقت طويل حتى تحدث بلا شك ّ، بعد عدّة سنوات أو عقد من الزمن أو عدّة عقود على الأكثر ، عودة معادية للثورة على نطاق البلد ، وحتىّ يصبح الحزب الماركسي- اللينيني بالتأكيد حزبا تحريفيا أو حزبا فاشستيا و تغيّر الصين قاطبة لونها ".

لقد أوضح الرفيق ماو تسى تونغ أنّه علينا ، بغرض التأكّد من عدم تغيير حزبنا و بلدنا للونهما ، ألاّ يكون لنا خط صحيح و سياسات صحيحة فحسب ، بل أن ندرّب و نربّي ملايين من الخلف لمواصلة قضية البروليتاريا الثورية.

إنّ مسألة تدريب الخلف لقضية البروليتاريا الثوريّة هي ، فى التحليل النهائي ، مسألة ما إذا كان هناك فى المستقبل من يواصلون العمل للقضيّة الماركسية-اللينينية الثوريّة التى بدأها الجيل القديم من الثوريّين البروليتاريين أم لا ؟ و هل تظلّ قيادة حزبنا و دولتنا فى المستقبل فى أيادي الثوريّين البروليتاريّين أم لا ؟ و هل يواصل خلفنا السير على الطريق الصحيح الذى رسمته الماركسية-اللينينية أم لا ؟ أو بمعنى آخر ، هل يمكننا أن نحول بنجاح دون ظهور تحريفيّة خروشوف فى الصين أم لا ؟ إنّ هذه ، بإختصار ، مسألة بالغة الأهمّية ، مسألة حياة أو موت لحزبنا و بلادنا. إنّها مسألة ذات أهمّية أساسيّة لقضيّة البروليتاريا الثوريّة لمئة أو ألف سنة و حتى لعشرة آلاف سنة . إن المتنبّئين الإمبرياليّين و قد إرتكزوا إلى التغيّرات التى حدثت فى الإتّحاد السوفياتي يعلّقون آمالهم فى " التحوّل السلمي " على الجيل الثالث أو الرابع للحزب الشيوعي الصيني.علينا أن نحطّم و نبدّد هذه التنبّؤات الإمبريالية. وعلينا ، من منظماتنا العليا إلى الدنيا ، أن نعتني دائما فى كلّ مكان بتدريب و تربية الخلف للقضيّة الثوريّة ."

(ستوارد شرام ، " الماركسية - اللينينية أمام مشاكل الثورة فى العالم غير الأوروبي "، دار الحقيقة ، بيروت ، 1988).

" ما هي الشروط اللازمة التى يجب أن تتوفر فى هذا الخلف لقضية البرولتاريا الثورية ؟

يجب أن يكونوا ماركسيين- لينينيين حقيقيّين ، لا محرّفين مثل خروشوف الذى يلتحف فقط بثوب الماركسية اللينينية .

يجب أن يكونوا ثوريّين يخدمون بكلّ أمانة و إخلاص الأغلبيّة الساحقة من الناس فى الصين و فى العالم أجمع ، لا مثل خروشوف الذى يخدم مصالح حفنة من أفراد الفئة البرجوازية صاحبة الإمتيازات فى بلاده ، و يخدم أيضا مصالح الإمبريالية و الرجعيّة على الصعيد الدولي .

يجب أن يكونوا سياسيّين بروليتاريّين قادرين على الإتّحاد مع الأغلبيّة الساحقة من الناس و العمل معها. يجب عليهم ، فضلا عن الإتّحاد مع من يوافقونهم فى الرأي ، أن يحسنوا الإتّحاد مع من يختلفون معهم فى الرأي ، بل و مع الذين عارضوهم فى الماضي و قد برهن الواقع على خطئهم بعد ذلك. و لكن يجب أن يحذروا على وجه الخصوص من أصحاب المطامع الشخصيّة و المتآمرين من أمثال خروشوف و أن يسدّوا الطريق على أمثال هذه العناصر السيّئة من إغتصاب قيادة الحزب و الحكومة من جميع المستويات .

يجب أن يكونوا نماذجا فى تطبيق مركزيّة الحزب الديمقراطيّة ، و أن يُجيدوا أسلوب القيادة القائم على مبدأ " من الجماهير و إلى الجماهير" ، و يجب أن يعوّدوا أنفسهم على الأسلوب الديمقراطي بحيث يحسنون الإستماع إلى آراء الجماهير . و لا يجوز أن يكونوا متجبّرين مثل خروشوف فينقضون مركزيّة الحزب الديمقراطية ، و يشنّون الهجمات المفاجئة على الرفاق أو يتصرّفون بصورة تعسفيّة و دكتاتوريّة .

يجب أن يكونوا متواضعين متروّين و أن يتدرّعوا ضد الغرور و التهوّر ، يجب أن يكونوا مشبعين بروح النقد الذاتي و لديهم الشجاعة على إصلاح النقائص و الأخطاء فى العمل. ولا يجوز لهم أبدا أن يكونوا مثل خروشوف، يتستّرون على أخطائهم فيدّعون أن كلّ الفضل يعود إليهم وحدهم و يعزون كلّ الأخطاء إلى الآخرين.

إنّ الخلف الصالح لقضية البروليتاريا الثوريّة ينشأ فى الكفاح الجماهيري ، و يترعرع و ينصقل فى العواصف العاتية للثورة . فينبغى إختيار الكوادر و الحكم عليهم و إختيار و تربية خلف منهم فى غمرة الكفاح الجماهيري الطويل .

( " حول شيوعية خروشوف المزيّفة و الدّروس التاريخية التى تقدمها للعالم " ، ص 294-296 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ).


------------------------------------------------------------


التحريفيون المعاصرون السوفيات و الصينيّون و الخوجيّون يلتقون فى الموقف المعادي للثورة الثقافية البروليتارية الكبرى قمّة ما بلغته تجارب دكتاتورية البروليتاريا عالميّا فى سيرها نحو الشيوعية :

وفق التسلسل التاريخي :

1/ إفتراءات تحريفية سوفياتية :

و يوفّر لنا كتاب للتحريفيّين السوفيات فيه يهاجمون بشراسة ما بعدها شراسة الماويّة و ماو تسى تونغ :
" نقد المفاهيم النظرية لماو تسى تونغ "( دار التقدم ، الترجمة الى العربية ، 1974) ، يوفّر لنا مادّة كثيفة فى منتهى الدّلالة لن نقتطف منها سوى هذه الفقرات تجنّبا للاطالة :

- الإيديولوجية الماويّة هي إيديولوجية المغامرة السياسية و الديماغوجية و العنف و الإرهاب الجماعي . و من البديهي أنّه لا معنى لها بدون عبادة الفرد . و عن طريقها نجح أتباع ماوتسي تونغ فى إغتصاب السلطة فى الحزب و الدولة خلال "الثورة الثقافية ". (ص226 )

- قام الماويّون بهجوم حقيقيّ على الحزب الشيوعي الصيني – فقضوا على كلّ الهيئات القياديّة المنتخبة للحزب الشيوعي الصيني من أعلى إلى أسفل ، و حطم كلّ الهيكل التنظيمي للحزب ...و وجهت ضربة قاسية لكلّ القوى السليمة فى الحزب و أبعد عن النشاط السياسي و خضع للتطهير و الإضطهاد و التشهير مجموعات كبيرة من قادة الحزب و الدولة البارزين و الشخصيات العسكرية و المناضلين القدماء فى الثورة الصينية... .فاستبعد من الحزب ليوتشاوتشى... .( ص 222-221)

- أنصار ماو تسى تونغ إضطرّوا أن يقيموا فى كلّ مكان إشرافا عسكريّا و أن يستخدموا الجيش إلى أقصى حدّ لتنظيم الإنتاج . ( المصدر السابق ، ص218)

- و لا ندهش إذا إنتشرت على نطاق واسع الإهانات و التشهير و الإعتقالات و الضرب و الإصابات الجسديّة و غير ذلك من أبشع أساليب العنف ضد ضحايا " الثورة الثقافية " و كثيرا ما يتحوّل إلى قصاص عرفي و قتل و صدامات دموية واسعة النطاق .( ص214)

2 / إعترافات خوجية :

- كان التحريفيّون السوفيات يعلقون آمالا كبيرة على أصحابهم التحريفيّين الصينيّين و الآن و قد تلقى هؤلاء ضربة ، يتّخذ السوفيات بشكل مفتوح الدفاع عنهم و ينادونهم الى الإنتفاض ضد ماو . هذا صراع حد الموت. ( أنور خوجا ، " ملاحظات حول الصين " ج1، ص 341 ، بالفرنسيّة )

- فى هذه المرحلة ، تكتيك الخروتشوفيّين الذين أطاحوا بخروتشوف و الذين يدّعون عدم مناقشتنا ، بهذه الخدع ، هو السعي بالتأكيد الى إعانة أصحابهم التحريفيّين الصينيّين للعمل بهدوء أكبر لتنظيم افتكاك السلطة فى الصين بغية القضاء على ماو أو تحييده و ذلك لأن فى وضع ثوري كان التحريفيّون الصينيّون سيفتضحون كما حصل بالفعل . [ فى الوضع الثوري الذى خلقته الثورة الثقافية البرواليتارية الكبرى تمّ فعلا فضح التحريفيّين و نزع السلطة التى اغتصبوها لوضعها بين يدي شيوعيّين مخلصين وهو ما لم يقع لا فى الاتّحاد السوفياتي و لا فى ألبانيا و من هنا البعد التاريخي العالمي لهذه الثورة . الإضافة لنا ] .

الآن و قد كشف ماوتسى تونغ و الحزب الشيوعي الصيني عندهم الخونة التحريفيّين و مؤامرتهم فإنّ التحريفيّين المعاصرين و على رأسهم السوفيات، مع حلفائهم الأوفياء الامبرياليين الأمريكيين يقومون بحملة معادية للصين ، و معادية للماركسية و معادية للينينية لأن رفاقهم الصينيّون وقع كشفهم و عزلهم فآمالهم فى إفتكاك السلطة فى الصين ذهبت أدراج الرياح . فى مؤتمرهم ذهب التحريفيّون السوفيات و المجريّون الخ حتى الى الدفاع العلني عن أمثالهم الذين سحقوا فى بيكين . يجب اعتبار هذا انتصارا لا فحسب بالنسبة للصين و لكن أيضا بالنسبة لنا و بالنسبة الى الحركة الشيوعية العالمية . (" ملاحظات..." ، ص 336-337)

هذه ليست تخمينات خوجية و إنّما وقائع فرضت ذاتها فهي حملة عالميّة و هي محتويات مداولات مؤتمرات وهي دفاع علني عن التحريفيّين الصينيّين و رمزهم ليوتشاوشى الملقب صينيا ب" خروتشوف الصين ".

3 / تشويهات تحريفيّة صينيّة :

و سنة 1980 يتقدّم دنك سياو بينغ مهندس الانقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 كالطاووس ليفصح عن موقفه الحقيقي من الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى فى كتاب " ماوتسى تونغ : سيرة حياة – تقييم – ذكريات "؛ دار النشر باللغات الأجنبية ، بيكين1989 :
1- " "الثورة الثقافية " ...كانت خطأ "(ص107)
2 - خطأ جسيما (ص109)
3- و خطأ مريعا (ص111) لأنّها " قد وجهت الضربات الى الكوادر القياديين على كافة المستويات الذين قدموا مساهمات للثورة و يتحلون بخبرات عملية و منهم الرفيق ليوتشاوشى ".

و يعيد التحريفيّون الصينيون الاعتبار لليوتشاوشى و يربطوا علاقات صداقة متينة مع التحريفيّين السوفيات منذ إغتصابهم للسلطة وإعادة تركيز الرأسمالية فى الصين.

4 / ردّة خوجية :

و حين إرتدّ أنور خوجا تنكّر لما سبق و أن أكّده و لوقائع و أحداث الصراع الطبقى فى الصين وشروحات ماو للبعثة العسكرية الألبانية منذ 1967 ، شنّ شأنه شأن جميع التحريفيّين المعاصرين هجوما شرسا على الماوية فى كتاب لاحق حمل عنوان " الإمبريالية و الثورة " وضعه أواخر السبعينات ، بعد وفاة ماو و الإنقلاب التحريفي فى الصين سنة 1976 ، و ممّا ورد فيه :

- فى نظرنا بإعتبار أنّ هذه الثورة الثقافية لم تقع قيادتها من طرف الحزب و إنّما كانت بمثابة إنفجار فوضوي ناتج عن نداء وجهه ماو تسى تونغ يسقط عنها طابعها الثوريّ . لقد مكّن نفوذ ماو فى الصين من إثارة ملايين الشبّان غير المنظّمين من طلبة و تلاميذ إتّجهوا نحو بيكين ، نحو لجان الحزب و السلطة و فقاموا بحلّها ، و كان يقال إنّ هؤلاء الشبّان يمثّلون فى الصين " الايديولوجيا البروليتارية " و هم الذين يرسمون للحزب و البروليتاريا الطريق" الصحيح" . ( طبعة باللغة الفرنسية ، ص411) .

- لقد كانت هذه الوضعيّة الخطيرة نتيجة لمفاهيم ماو تسى تونغ القديمة المعادية للماركسية ، فهو كان يقلّل من شأن الدور القيادي للبروليتاريا و يبالغ فى تقدير دورالشبيبة فى الثورة... و هكذا أبقيت الطبقة العاملة جانبا و فى العديد من الحالات وقفت ضد الحرس الأحمر بل وصلت إلى حدّ التصادم معهم . إنّ رفاقنا الذين كانوا وقتئذ فى الصين شاهدوا بأمّ عينهم عمّال المصانع يحاربون ضد الشبان . لقد صار الحزب مفكّكا و تمّت تصفيته . و لم يكن فى أيّ حال من الأحوال حزب الشيوعيّين و لا البروليتاريا . لقد كانت هذه الوضعيّة خطيرة جدّا .

- لقد أكّد سير الأحداث أنّ الثورة الثقافيّة البروليتاريّة لم تكن ثورة و أنّها لم تكن كبرى و لا ثقافيّة و بالخصوص لم تكن بروليتاريّة البتّة ، إنّها لم تكن سوى إنقلاب داخل القصر على المستوى الصينيّ من أجل تصفية حفنة من الرجعيّين الذين كانوا قد إستولوا على السلطة . و بالطبع كانت الثورة مخادعة . إنّها قضت فى نفس الوقت على الحزب الشيوعي الصيني و على التنظيمات الجماهيريّة و أغرقت الصين فى فوضى جديدة . لقد قاد هذه الثورة عناصر غير ماركسيّة ( أو بالتحديد الأربعة ) الذين بدورهم سوف يقضى عليهم عن طريق إنقلاب عسكري من قبل عناصر أخرى معادية للماركسيّة و فاشيّة (ص413) .

5 / ترديد أفكار تحريفيّة سوفياتيّة وخوجيّة :

و قد وقع الردّ على هذه التشويهات التى لا أساس لها من الصحّة من قبل الشيوعيّين الأصيلين عبر العالم وفى الوطن العربي أتت تنظيمات و أحزاب تدعى الشيوعيّة لتكرّر كالببّغاء الأفكار الخوجيّة التى نهلها أنور خوجا من معين التحريفيّة السوفياتيّة و الصينيّة . و نحن نساهم فى التصدّى الآن جزئيّا حسب ما يسمح به المجال للتحريفيّة بأصنافها و تزويرها للحقائق و بالمناسبة ذاتها نعرض قدر الإمكان فى هذا الحيّز التاريخ و الممارسات و التنظيرات الثوريّة للماوية لينال كلّ ذى حقّ حقّه .

-------------------------------------------------

و ينطوى كتابنا الذى يتطرّق لأكثر الثورات فى ظلّ دكتاتوريّة البروليتاريا جماهيريّة و إمتدادا زمنياّ - عشر سنوات - ووعيا بروليتاريا فى تاريخ العالم على أربعة فصول : فصل أوّل يقدّم ترجمة لعرض تاريخي للعشر سنوات التى هزّت الصين و العالم هزّا نهدف من ورائه إعطاء فكرة عامة عن الحدث الجلل لمن لم يطّلع على وثائق تتناول هذه الثورة و توفير تذكير سريع لمن يكون قد درس المسألة سابقا و فصل ثاني يعمّق فهم بعض المسائل الهامّة المتصلة بهذه الثورة و فصل ثالث غايته فهم الخطوط التحريفية التى واجهها الشيوعيّون الماويّون فى خضمّ الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى وفصل رابع جمعنا فيه أهمّ الأقوال التاريخية لماو تسى تونغ خلال تلك الفترة و فصل خامس تشخّص فيه بعض الأخطاء التى إقترفها الماويّون فى خضم تلك الثورة العظيمة على أكثر من مستوى وهو موضوع ما حظي بالبحث مليّا كما ينبغى من طرف شقّ من الماويين ، أنصار الخلاصة الجديدة للشيوعية .

-------------------------------------------------------------------------------------------------------