الحزب الشيوعي والطبقة البرجوازية


جاسم محمد كاظم
2016 / 5 / 16 - 15:49     

الحزب الشيوعي والطبقة البرجوازية
منذ تأسيس الحزب الشيوعي العراقي كان للبرجوازية حصة كبيرة في تنظيمه ولا أريد هنا استخدام كلمة البرجوازية بمعناها الحرفي في الأدبيات الاقتصادية والفلسفية كما هي في أوربا بل هي تمثل عندنا اليوم طبقة صغار الموظفين في اغلب المؤسسات الإنتاجية المنتجة للخدمة أو للبضاعة الكتاب المثقفين .
لو عدنا إلى بدايات تأسيس الحزب لوجدنا أن الطبقة العمالية لم تتكامل بعد في طبقة حيوية حقيقية تتكون منها واردات الدولة ..
لم يكن للنفط بعد من وجود في العراق كثروة وطنية تعتمد عليها مردودات الدولة لان أكثر من ثلاثة أرباعه يذهب للشركات الاحتكارية ويبقى الربع الباقي للعائلة المالكة ورواتب السلطة.
خرج الحزب الشيوعي إلى الوجود من عباءة حسين الرحال و محمود احمد السيد ومصطفى علي ومحمد سليم فتاح والطبقة المتنورة التي تأثرت بثورة البلاشفة وزار اغلبهم دولا أوربية وشاهدوا بأم العين أن الواقع هناك يختلف عن واقع العراق المزري حيث الفقر والمرض .
تعرض الحزب في بواكير مسيرته إلى هذا التناقض من أيام فهد فأراد البعض من المتعلمين الاعتماد على الطبقة المثقفة من الموظفين وطلاب المدارس العليا في نشر أهداف الحزب لتميزهم بالوعي والمعرفة على عكس شريحة العمال والفلاحين التي لا يمكن الاعتماد عليها لتغلغل الأفكار الدينية فيها أولا وسطحية تفكيرها وبساطته ثانية .
وواجه الحزب بوادر الانشقاقات الأولى وخروج البعض ممن شكلوا أحزاب وروابط أخرى بتسميات شيوعية .
ورغم أن فهد أراد الاعتماد على طبقة العمال ألا أن بنية الحزب ولجنته المركزية ومكتبة السياسي تكونت من طبقة الموظفين بأكثرية.
ولو عدنا إلى زمن تلك الفترة فان اغلب الأدبيات الماركسية لم تكن معروفة أبدا كدراسات اقتصادية سياسية فلم يترجم رأس المال والبيان الشيوعي ولم تظهر بعد دار التقدم لتترجم كتب لينين وتبوب كل أعمالة في مجلدات كاملة وكل ما ذكر في تلك الفترة مقالات في صحف بسيطة إضافة إلى معرفة من درسوا في جامعة الشرق للكادحين مثل عاصم فليح وفهد .
وباعتقادي أن فهم الشيوعية في تلك الأيام كان فهما سطحيا بسيطا جدا إضافة إلى أن نواة الحزب وأعضائه كانوا من الفئات العمرية الصغيرة جدا والتي لم يتكامل عندها الوعي السياسي والفهم الاقتصادي .
لقد ساعدت الحزب الظروف الاقتصادية السائدة آنذاك والظلم الاجتماعي على الانتشار والتي تمثلت بظلم الإقطاع وانتشار الفقر المدقع وبروز طبقة التجار والمستغلين بإعداد كبيرة مدعومة ببركات رجال الدين والفقهاء .
فمثل الحزب كتلة المظلومين ممن لم يجدوا أي تمثيل سياسي يستطيع ضمهم والمطالبة بحقهم في الحياة .
تغير الموقف كثيرا بعد ثورة الزعيم قاسم وتأميم النفط وماتلاة في العقود الأخيرة وعودة رؤوس الأموال إلى الخزينة العراقية وظهور بوادر المؤسسات الإنتاجية والخدمية العراقية الناشئة .
فأصبح كتلة الحزب جسده وهيكلة تضم أكثر الموظفين في دوائر الدولة من المعلمين . المدرسين المحامين .المهندسين.كتاب الصحف .العاملين في حقل الخدمات الطبية .إضافة إلى العاملين في القطاعات الإنتاجية وساعد الموقف الدولي على انتشار الحزب بسبب الدعاية الشيوعية من إذاعة موسكو وتأثير الاتحاد السوفيتي كقوة تنويرية ومناوئة للعالم الرأسمالي .
يتبنى الحزب الشيوعي نظرية الاقتصاد المركزي المخطط والموجة سواء أكان أعضائه من الطبقة العاملة أم من البرجوازية والموظفين .
ويستطيع الحزب الشيوعي من تحقيق نظريته إلى براكسيسس عملي وتطبيق الاشتراكية والسير بها حتى بوجود طبقة الموظفين لو استطاع مسك مقاليد السلطة نتيجة وجود الثروات الطبيعية الكبيرة والاعتماد على الميزة المطلقة في الإنتاج.
وبنظري في عالم اليوم لن تكون طبقة الموظفين او البرجوازية الصغيرة عائقا أ في طريق الحزب وتحقيق أهدافه إذا عرفنا أن أكثر الكتاب والمنظرين للشيوعية هم من هذه الطبقة مثل كاتب هذه السطور لان هذه الطبقة هي السائدة اليوم وتعاني التناقض الشديد مابين المستويات العليا والدنيا فيعاني اغلبها الظلم والغبن وتحمل كل أجزاء العمل بدون مردود بالقياس إلى طبقة كبار الموظفين من المدراء العامين ووكلائهم .السلك القضائي .كبار الضباط .رجال الأمن .الجلاوزة. أساتذة الجامعات . ممن ينعموا بالجزء الأكبر من الثروة الوطنية .
فبالتالي يستطيع الحزب الشيوعي من بناء نفسه وجسده من هذه الطبقة والسير بها إلى الإمام لتحقيق أهدافه شيئا فشيئا للقضاء على الاستغلال بكل أشكاله وأطيافه .

///////////////////////////////
جاسم محمد كاظم