الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون – اللينينيّون و اللخبطة فى فهم المادية الجدلية و تطبيقها : النقطة الرابعة من الجزء الثاني من كتاب - الوطنيّون الديمقراطيّون الماركسيّون - اللينينيّون يحرّفون الماركسية - اللينينيّة -


ناظم الماوي
2016 / 5 / 7 - 22:17     

الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون – اللينينيّون و اللخبطة فى فهم المادية الجدلية و تطبيقها :
النقطة الرابعة من الجزء الثاني من كتاب
" الوطنيّون الديمقراطيّون الماركسيّون - اللينينيّون يحرّفون الماركسية - اللينينيّة "

لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !
( عدد 28 - 29 / فيفري 2016 )

هذه الإشتراكية إعلان للثورة المستمرّة ، الدكتاتورية الطبقية للبروليتاريا كنقطة ضرورية للقضاء على كلّ الإختلافات الطبقية ، و للقضاء على كلّ علاقات الإنتاج التى تقوم عليها و للقضاء على كلّ العلاقات الإجتماعية التى تتناسب مع علاقات الإنتاج هذه ، و للقضاء على كلّ الأفكار الناجمة عن علاقات الإنتاج هذه .
( كارل ماركس ، " الصراع الطبقي فى فرنسا 1848-1850" )
-----------------------------------
يستعاض عن الديالكتيك بالمذهب الإختياري [ الإنتقائية ]، و هذا التصرّف حيال الماركسية هو الظاهرة المألوفة للغاية والأوسع إنتشارا فى الأدب الإشتراكي - الديمقراطي [ الشيوعي] الرسمي فى أيّامنا . و هذه الإستعاضة طبعا ليست ببدعة مستحدثة ... إنّ إظهار الإختيارية بمظهر الديالكتيك فى حالة تحوير الماركسية تبعا للإنتهازية ، يخدع الجماهير بأسهل شكل، يرضيها فى الظاهر ، إذ يبدو و كأنّه يأخذ بعين الإعتبار جميع نواحى العملية ، جميع إتجاهات التطوّر ، جميع المؤثّرات المتضادة إلخ ، و لكنّه فى الواقع لا يعطى أي فكرة منسجمة و ثوريّة عن عمليّة تطوّر المجتمع .
( لينين ، " الدولة و الثورة " ص 22-23 ، دار التقدّم ، موسكو )
------------------------
على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة، أيّة حقيقة، تتفق مع مصلحة الشعب . و على الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب .
( ماو تسى تونغ ، " الحكومة الإئتلافية " ، 24 أبريل - نيسان 1945 ، المؤلفات المختارة ، المجلّد الثالث ).
كلّ ما هو حقيقة فعلا جيّد بالنسبة للبروليتاريا ، كلّ الحقائق يمكن أن تساعد على بلوغ الشيوعية.
( " بوب أفاكيان أثناء نقاش مع الرفاق حول الأبستيمولوجيا : حول معرفة العالم و تغييره "، فصل من كتاب " ملاحظات حول الفنّ و الثقافة ، و العلم و الفلسفة " ، 2005).

ليس بوسعكم كسر جميع السلاسل مستثنين واحدة. ليس بوسعكم التحرّر من الإستغلال و الإضطهاد و أنتم تريدون الحفاظ على إستغلال الرجال للنساء . ليس بوسعكم قول إنّكم ترغبون فى تحرير الإنسانية و مع ذلك تحافظون على نصف البشر عبيدا للنصف الآخر . إنّ إضطهاد النساء مرتبط تمام الإرتباط بتقسيم المجتمع إلى سادة و عبيد ، إلى مستغِلِّين و مستغَلّين و من غير الممكن القضاء على كافة الظروف المماثلة دون التحرير التام للنساء . لهذا كلّه للنساء دور عظيم الأهمّية تنهضن به ليس فى القيام بالثورة و حسب بل كذلك فى ضمان أن توجد ثورة شاملة . يمكن و يجب إطلاق العنان لغضب النساء إطلاقا تامّا كقوّة جبّارة من أجل الثورة البروليتارية .
( بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 84 ، 8 أفريل 2007 )

مقدّمة الكتاب :
منذ 2011 و تحديدا منذ العدد الثاني من نشريّة " لا حركة شيوعية ثوريّة دون ماوية ! " ، إنكببنا على دراسة الخطّ الإيديولوجي و السياسي للوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين ( الوطد م- ل من هنا فصاعدا ) و أعملنا سلاح النقد الماركسي فى وثيقتين محوريّتين هما " مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين اللينينيين " و " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا – لينينيّا ؟ " و هما وثيقتان أساسيّتان فى أرضيّة وحدة المجموعة التى إنقسمت لاحقا ليكوّن شقّ منها ما يعرف الآن بالحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد( من هنا فصاعدا الوطد الثوري ) - و الذى إنشقّ بدوره منذ ما يناهز السنة الآن - و ليستمرّ الشقّ الآخر فى إطلاق تسمية الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين على نفسه . وبالتالى يشمل النقد الذى وجّهناه للوثيقتين ( الوثيقة الثانية لم نكمل بعدُ الإشتغال عليها لظروف لا مجال للخوض فيها هنا و نتعهّد بإتمام العمل حالما تسمح الظروف ) كلا المجموعتين و ما تفرّع عنهما أو ما فرّخت رغم سعي هذه العناصر أو تلك إلى التنصّل بشكل أو آخر من هذه الوثيقة أو تلك أو تغيير عنوانها أو تحوير جزء منها .
و نفرد جهدنا هنا بوجه خاص إلى قراءة فى وثائق الوطد م - ل بعدما صغنا كتبا و مقالات عدّة عُنيت بكشف أنّ الوطد الثوري حزب ماركسي مزيّف ، خوجي متستّر و إصلاحي . و بطبيعة الحال ، جلّ إن لم يكن كلّ ما وضّحناه بصدد الوطد الثوري بشأن الخوجيّة و الإصلاحيّة ينسحب على الوطد م - ل بما أنّه يخصّ فى معظمه الجذع المشترك بينهما ، على أنّه والحقّ يقال فى منعرجات كثيرة فى السنوات الأخيرة، لاحظنا تمايزا فى بعض المواقف و التكتيكات دون أن يمسّ ذلك ما هو إستراتيجي بالنسبة إليهم و دون أن يعني أيضا إختلافا نوعيّا حاسما فى الخطّ الإيديولوجي و السياسي ؛ و من ذلك خاصة تعارض فى المواقف تجاه المشاركة فى الإنتخات التشريعية والرئاسيّة و فى التحالفات المنسوجة .
و إصطفينا للجزء الأوّل من الكتاب مقالين هما : " بعض النقد لبعض نقّاد الماويّة " و " قراءة نقدية فى مشروع برنامج الوطنيّين الديمقراطيّين الماركسيّين اللينينيّين " و محتوياتهما هي :
1- بعض النقد لبعض نقّاد الماويّة :

( ملاحظات نقدية ماوية لوثيقة " الثورة الوطنية الديمقراطية و المرتدون مؤسّسو "العود" )
أ / براغماتيّون و ذوو نظرة مثالية إحادية الجانب فى قراءة الوضع العالمي
ب / مثاليّون ميتافيزيقيون
ت / مرتدّون عن منهجيّة تناول الردّة
ث / إنتهازيون : " يأكلون الغلّة و يسبون الملّة " :
ج / دغمائيون
------------------------
2- قراءة فى مشروع برنامج الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين – اللينينيين

أ- الهوية

ب- جوانب من المنهج

ت- حول العصر

ث- المسألة الوطنية فى عصر الامبريالية

ج- تحالفات الجبهة الوطنية

ح- الدولة البديلة

خ- الطريق الى السلطة السياسية :
د- الحزب الشيوعي

ذ- الأمميّة

ر- التحريفية و انهيار الاتحاد السوفياتي

ز- التهجّم على الماويّة

و آثرنا فى الجزء الثاني من الكتاب القيام بجولة فى موقع إتحاد الشباب الماركسي – اللينيني الفصيل الشبابي للوطنيّين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين على الأنترنت أين تنشر وثائق المجموعة فاطلعنا على البيانات والأيقونات الشيوعية و الطريق الثوري و أنشطة أشمل و أخبار أممية و بالحبر الأحمر ...
http://ujml.over-blog.com
وقرأناها المقالات بإمعان ، و بدقّة و صبر دوّننا الملاحظات لنكوّن فى النهاية جملة من الأفكار بوّبناها تحت عنوان " لا يمكن إعتبار الوطنيّين الديمقراطيّين الماركسيّين – اللينينيّين ماركسيّين – لينينيّين ! " و وفق التخطيط الآتي ذكره لمزيد تناول الخطّ الإيديولوجي و السياسي لتلك المجموعة إنطلاقا من الوثائق المنشورة فى ذلك الموقع على الأنترنت .
1- من مضحكات مبكيات الوطنيّين الديمقراطيّين الماركسيّين – اللينينيّين :
أ- الماويّة و إنتصار الثورة الفيتنامية على الإمبريالية الأمريكية
ب- الثورة الماويّة فى النيبال
ت- مسألة ستالين و رؤية الوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين الخوجيّة
ث- التهرّب من تقييم التجربة النقابيّة للوطنيين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين
2- كيف يسيئ الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون - اللينينيّون الخوجيون المتستّرون إلى ستالين :
أ- إيقاف تاريخ الحركة الشيوعية عند ستالين و طمس طريق الثورة فى المستعمرات و أشباه المستعمرات
ب- إساءات الخوجيين لستالين
3- الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون - اللينينيّون بين الوطنيّة البرجوازية و الأممية البروليتارية :
أ- تسمية خاطئة و ضارّة
ب- إنعزاليّون رغم محاولة ذرّ الرماد فى العيون
ت- دفاع دغمائي عن أخطاء ستالين و ديمتروف فى ما يتعلّق بالجبهة المتّحدة العالميّة ضد الفاشيّة
ث- الفهم اللينينيّ للأممية و العالم أوّلا راهنا !
4- الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون - اللينينيّون و اللخبطة فى فهم المادية الجدلية و تطبيقها :
أ- الحتميّة
ب- الكمّى والنوعي تناقض / وحدة أضداد و ليس قانونا جدليّا
ت- نفي النفي ليس قانونا جدليّا
5- الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون-اللينينيّون و تأجيل الصراع ضد إضطهاد المرأة و إستغلالها :
أ- غياب التحليل الملموس للواقع الملموس
ب- تـأجيل النضال ضد إضطهاد المرأة و إستغلالها جندريّا
ت- الخلاصة الجديدة للشيوعية وتحرير المرأة
6- تحرير فلسطين و أوهام الوطنيّين الديمقراطيين الماركسيّين – اللينينيّين :
أ- ماو تسى تونغ تحريفي و أبوعلي مصطفى ماركسي – لينيني أم قلب الحقائق رأسا على عقب ؟
ب- الكفاح المسلّح ليس معيارا فى حدّ ذاته للثوريّة
ت - الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و المشاريع الإستسلامية
ث - كيف نفسّر أوهام الوطنيّين الديمقراطيين الماركسيين - اللينينيين هذه ؟
بدلا من خاتمة الكتاب :
تحرير البروليتاريا و الإنسانيّة جمعاء : إن لم تناضلوا للقضاء على " الكلّ الأربعة " لستُم بصدد النضال من أجل الشيوعية .
مراجع الكتاب :
الملاحق ( 5 ) :
1- لعقد مقارنة بين مقالنا و مقالهم عن تشافيز
2- لعقد مقارنة بين بيانهم بمناسبة 8 مارس 2015 و بيان منظّمة نساء 8 مارس ( إيران - أفغانستان)
3- إقتراح حول الخطّ العام للحركة الشيوعية العالمية
4- ما هي الخلاصة الجديدة للشيوعية ؟
5- محتويات نشريّة " لا حركة شيوعيّة ثورية دون ماويّة ! "
( الأعداد 1 إلى 27 - بقلم ناظم الماوي )
و معا سنكتشف مقولات جماعة على شفير الهاوية يدفعها إليها فى المصاف الأوّل المنطق الداخلي لفهمها غير الشيوعي للعالم بينما تصارع بعض عناصرها و تكابر و تسعى إلى إيقاف النزيف و السقوط التام المدوّى دون أن تملك حلّ المشكل فالأطروحات التى طوّرتها هي فى حدّ ذاتها جزء من المشكل و منبعه و ليست جزءا من الحلّ.
===============================================================
4 - الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون – اللينينيّون و اللخبطة فى فهم المادية الجدلية و تطبيقها :
فى إرتباط وثيق بما سلف من دغمائية الوطد م – ل و مثاليّتهم و تجاهلهم لتنظيرات القادة الشيوعيين و ممارستهم زمن حياة ستالين ( ماو تسى تونغ و الثورة الصينية مثلا ) و خاصّة بعد وفاته ( الماويّون على وجه الخصوص ) ، تستوقفنا ضحالة التكوين النظري لدى واضعي النصوص المنشورة فى موقع إتحاد الشباب الماركسي – اللينيني على الأنترنت ، التى طفحت بمفاهيم غريبة عجيبة منها و على سبيل المثال لا الحصر مصطلح " حالة ثورية " المتكرّر فى أكثر من مناسبة لا سيما فى النصوص المترجمة و الحال أنّ المصطلح المتعارف عليه لينينيّا " الوضع الثوري " !
و الأخطاء من قبيل " عصـر الإمبريالية و الثورة الإشتراكــية و ثورات التحرر الوطني " و " دولة لينين و ستالين، دولة وطنية ، أممية ، ديمقراطية بروليــتـارية مناصرة لحريــــة الإنسان و الشعـــوب، معادية للإمبرياليــة و كل الطبقــات الرجعيــة و الإنتهازية " و " شهداء الحرّية فى العالم " و " الإشتراكية هي الحلّ " ( نص " في ذكرى ثورة أكتوبر: نهجها هو الحل " ) و " العصر الحالي عصر الامبرياليّة والثّورة الاشتراكيّة وعصر النّضال التحرّريّ الوطني للشّعوب المضطهدة " ( " مصطلح للتحليل : الثورة الإجتماعية " ) و " عمل تحريريّ وطنيّ ديمقراطيّ إشتراكيّ " ( نص " البيروقراطية : مصطلح للتحليل " ) و " جبهة عمّاليّة وطنيّة أمميّة عريضة معادية للامبرياليّة " (نصّ " طبقة ضد طبقة " ) و " حزب كل العمال و الفلاحين الفقراء و سائر الكادحين والمحرومين في بلادنا " ( نصّ " بيان بمناسبة اليوم العالمي للمرأة – 8 مارس 2015 " ) ... و إستخدام كلمات الحرّية و الديمقراطية إلخ إستخداما عاما و كأنّه ليس لها طابع طبقيّ و بالتالي و فى النهاية تستخدم إستخداما برجوازيّا ...
إلاّ أنّ هذا الغيض من الفيض من أناس ماركسيين – لينينيين جدّا جدّا و ينعتون غيرهم ب " الصفر فى النظرية و التفاهة فى الممارسة " ليس ما يهمّنا التركيز عليه هنا فنحن نريد أن نسلّط الضوء بالأساس على ما يتّصل بثلاث قضايا متعلّقة بالمادية الجدلية و نقصد على وجه الضبط : الحتمية و نفي النفي و الكمّى و النوعي فهي قضايا لم تنل ما تستحقّ من نقاش ضروري فى صفوف الماركسيين ، عربيّا على الأقلّ .
أ- الحتميّة :
من الأخطاء الجسيمة التى رافقت الحركة الشوعية العالمية منذ نشأتها خطأ شخّصه بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكية ، ضمن الخلاصة الجديدة للشيوعية التى تقدّم بها كثمرة لعقود من البحث و التنقيب و التحليل و التلخيص لتاريخ الحركة الشيوعية العالمية و تجارب البروليتاريا العالمية .
و لدى تجوّلنا فى ثنايا نصوص الوطد م – ل ، رصدنا الجمل التالية التى تعبّر عن مدى إستفحال هذا الخطأ فى صفوفهم :
- " المصير المحتوم الذي سيواجهه الشعب و تواجهه البلاد في صورة فشل المسار الانتخابي " ( نص " تونس : الطريق الثوري و نهج " الانتقال الديمقراطي" مساران متناقضان " ).
- آمن بحتمية انتصار الطبقة العاملة ( نصّ " جورجى ديمتروف " ).
- " إنّ العمليّة الثوريّة المتصاعدة حاليا داخل البلدان الرأسمالية ذاتها في المستعمرات وأشباه المستعمرات لا مردّ لها " ( نص " دور الطلبة فى النضال التحرّرى الوطني " الجزء 1 " ) إلخ .
و قد أنف لنا التطرّق للمسألة فى كتاب " صراع خطين عالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية -
هجوم محمّد علي الماوي اللامبدئي و ردود ناظم الماوي نموذجا عربياّ. " ( ص 13 ) فقلنا :
" لقد أجرى أفاكيان قطيعة أتمّ مع وجوه من المثالية رافقت الحركة الشيوعية منذ نشأتها ومنها وجه متصل بالحتمية حيث طالما إعتبر الشيوعيون أن بلوغ الشيوعية حتمي ومحدّد سلفا فى حين أن هذا يجانب الحقيقة و أنّه مرتهن بجهود الشيوعيين الثوريين ؛ و وجه ثاني متصل بإعتبار الشيوعية أشبه بالجنّة بمفهوم ديني أين لا وجود لتناقضات و لا لصراعات على عكس ما ستكونه من منطلق فهم المادية الجدلية و الحركة التى أساسها التناقضات فى كلّ شيء ، و إن لن توجد فى المجتمع الشيوعي طبقات و لا صراع طبقي عدائي " .
ثمّ شرحنا المسألة أكثر فى كتاب " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية " ( ص 94) : " إعتقد و يعتقد الكثير من الشيوعيين أنّ إنتصار البروليتاريا ثمّ تحقيق الشيوعية أمر حتمي تاريخيّا وهو ليس كذلك إذ هو مرتهن بنضال الشيوعيين و قيادتهم للثورة البروليتارية العالمية بإقتدار إعتمادا على فهم علمي راسخ و تطبيق مبدع لعلم الشيوعية على الظروف الخاصّة و العامة و على جدليّة الخاص و العام أيضا ( هذا دون أن نتطرّق بالتفصيل إلى إمكانيّة كوارث طبيعية أو كوارث تنجم عن أفعال النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي و الطبقات الرجعية : تحطيم كوكبنا ...). و حتى التقدّم صوب الشيوعية العالمية يحتاج إلى النضال المستميت ضد إعادة تركيز الرأسمالية و خوض الصراع الطبقي على طول المرحلة الإنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية على أساس علمي خدمة للمصالح الإستراتيجية و الآنية للجماهير الشعبية بغاية تحرير الإنسانيّة جمعاء فى نهاية المطاف . و التقدّم نفسه لا يسير فى خطّ واحد مستقيم بل فيه تراجعات و عثرات و إنتكاسات وهو ما أثبته تاريخيّا التجارب الإشتراكية السابقة و خسارة البروليتاريا العالمية لأكثر من دولة بل للمعسكر الإشتراكي برمّته الذى بنته بفضل تضحيات جسام لأجيال و أجيال من الشيوعيين و من الجماهير الشعبية ."
و هكذا تتراكم الأدلّة على أنّ الوطد ما – ل بحديث عن " الحتميّة " مخطئون و مخطئون أفدح الخطأ و أنّ خطأهم هذا ينمّ عن وجه من وجوه الفهم المثالي للعالم الذى شخّصته الخلاصة الجديدة للشيوعية و عملت على القطيعة معه و تجاوزه تجاوزا علميّا .
ب- الكمّي و النوعي تناقض / وحدة أضداد و ليس قانونا جدليّا :
قد يستغرب البعض من ذوى الإلمام البسيط بتاريخ الماركسية أو من قرأوا كتابات إنجلز و منها " ضد دوهرينغ " من إعلاننا أن نفي النفي ليس قانونا جدليّا و الأمر بسيط : عرض إنجلز قوانين الجدلية هناك حسب الفهم الهيغلي لها و لم ينقدها كما يجب وجاء لينين من بعده و أدخل تحويرات على أهمّية القوانين تلك و قانون التناقض خاصة و طلب فى "حول الديالكتيك " بأن يتمّ مزيد تعميق النظر فى المسألة و جاء ماو تسى تونغ ليعمّق الفهم الماركسي – اللينيني للمادية الجدلية لا سيما فى " فى التناقض " و " فى الممارسة العملية " و " المعالجة الصحيحة للتناقضات فى صفوف الشعب " و تاليا أثناء الثورة الثقافيّة البروليتارية الكبرى ( 1966- 1976 ) ، تبيّن من التجارب و الدراسات أن نفي النفي ليس قانونا جدليّا و أنّ القانون الجوهري للجدلية هو التناقض و أنّ الكمّى و النوعي يمثّل تناقضا / وحدة أضداد و ليس قانونا جدليّا على حده .
و قد خضنا فى الموضوع بشيء من التفصيل عند قراءتنا النقديّة لوثيقة الوطد الثوري و الوطد م- ل عندما كانا فى تنظيم واحد ، ألا وهي " هل يمكن أن نعتبر ماو تسى تونغ ماركسيّا – لينينيّا ؟ " لذلك نقتبس لكم فقرات من عملنا الذى لم ينشر بعدُ :
" ... متسلّحين بالفهم الجدلي المتقّدم ، خاض الماويّون الصراعات المتعدّدة بين الخطّين داخل الحزب الشيوعي الصيني و داخل الحركة الشيوعية العالميّة بصرامة ثوريّة و بدورها عزّزت تلك المحطّات النضالية إستيعاب ماو تسى تونغ و الثوريّين للجدليّة فكان أن لخّص ماو التجربة ، تجربة عقود بعد وفاة لينين ، ليرتقى مرّة أخرى بالفهم البروليتاري للديالكتيك الى مرحلة أعلى خدمة من جديد لصراعات الثورة البروليتارية العالمية .
فى خضم معارك ضارية على الجبهة الفلسفية ضد التحريفيّين الصينيّين و على رأسهم يانغ ممثل ليوتشاوشى فى هذا المجال ، فى خطاب له مؤرخ فى 18 أوت 1964 تحت عنوان " حول مسائل فلسفية " و الوارد بكتاب لستوارد شرام " ماو يتحدث الى الشعب " ( ص 214 ، نشرته الصحافة الجامعية الفرنسية ، سنة 1977، نشر بالإنقليزية بلندن سنة 1974 ) صرّح ماو تسى تونغ :

" تحدث إنجلز عن ثلاث ميزات [ قوانين الجدلية ] لكن بالنسبة لى لا أعتقد فى إثنتين منها " يتعلق الأمر هنا بنفي النفي و التغيّر الكمّى الى النوعي اللذان عرضهما إنجلز مع وحدة الأضداد كثلاث قوانين أساسية للديالكتيك ، فى الجزء الخاص بالفلسفة من " أنتى دوهرينغ" . "

عن التحوّل الكمّى الى النوعي أضاف ماو شارحا موقفه :" تحوّل النوعي و الكمّى كلّ الى نقيضه ليس سوى وحدة أضداد نوعي كمى " و فيما يتصل بنفي النفي قطع بأنّ :" نفي النفي لا يوجد بالمرّة ." و إسترسل بالضبط إثر ذلك : " وضع التحوّل النوعي الكمّى كل إلى نقيضه و نفي النفي فى نفس مستوى قانون وحدة الأضداد هو " تثليث " و ليس توحيدا ، ذلك أن القانون الأكثر جوهرية هو وحدة الأضداد ". [ وحدة الأضداد / تناقض ].

بكلمات أخرى ، يعنى هذا أن القوانين الثلاثة كما سبق و أن لاحظ لينين و كما عرض و طوّر و عمّق ماو ليست متساوية فى أهمّيتها و أساسيّتها و جوهريّتها بالنسبة للديالكتيك . وحدة الأضداد / التناقض هي الجوهر، هي القانون الجوهري للديالكتيك . أمّا تحوّل الكمّى الى النوعي و النوعي الى الكمّى فلا يعدو أن يكون هو ذاته تناقض بين الكمّى و النوعي (كمّى / نوعي مظهرا التناقض أو وحدة ضدين) و الحركة و التحوّل الحاصل ناجم عن وحدة و صراع طرفا التناقض كمى و نوعي . بالتالي لماو الحق ، الحق كلّه فى إعتبار التحول الكمّى و النوعي كل الى نقيضه تناقض كمى / نوعي و ليس قانونا مستقلا بذاته له ذات قيمة وحدة الأضداد التى هي الأشمل و الأكثر جوهرية جدليّا . هذا تطوير ثوري للجدليّة الماركسية – اللينينية .

ما من أحد من معلمي البروليتاريا قبل ماو صاغ الأمر بهذه الدقّة و هذا الوضوح المتناهي ، لا لأن إنجلز و ماركس و لينين و ستالين غير قادرين نظريّا على إتّخاذ مثل هذا الموقف بل لأنّ تجاربهم التاريخيّة لم تسمح لهم بإستنتاج بيّن لا تشوبه شائبة بجوهرية التناقض بالنسبة للديالكتيك و بأن التغيّر الكمّى الى نوعي و العكس بالعكس تناقض / وحدة ضدّين و ليس قانونا جدليّا يضاهي التناقض فى أهمّيته . فإنجلز عرض التناقض و التحوّل الكمّي و الكيفي و نفي النفي و لينين لاحظ مدى أهمّية وحدة الأضداد و إن لم يمكن له شرح الأمر وتطويره مؤكدا أن التناقض جوهر، أحد جواهر أو ميزات الجدلية و فى "الدفاتر الفلسفية "، مع ذلك عدّد ستة عشر عنصرا للديالكتيك (ص 209-210 ، المجلد 38 من أعماله الكاملة بالفرنسية ، دار التقدم). و ستالين فى " المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية " تفحص " الخطوط الأساسية وهي : أ/الترابط ب/الحركة و التغير الدائمين ج/"من تغيرات كمية ضئيلة و خفية الى تغييرات ظاهرة و أساسية " ( و لم يتفطن الى نقيض ذلك " تحوّل النوعي الى كمّى ") ، د/ " تناقضات داخلية ".

على أنّه يتعين علينا أن نشير الى أن كلا من إنجلز و لينين تفطّنا الى تحوّل الكمّى الى النوعي و نقيضه تحوّل النوعي الى الكمّي و إن لم يعتبرا ذلك بصريح العبارة تناقضا فإنجلز فى " ضد دوهرينغ " ، فى معرض كلامه عن " الجدلية : الكمية و الكيفية " كتب :" الكمّية تتحوّل فيها الى كيفية و العكس بالعكس " (ص 151 ، دار دمشق للطباعة و النشر ، الطبعة الخامسة 1981) و لينين فى المصدر المذكور أعلاه ( " الدفاتر اللفسفية ") خط النقطة 16: " تحوّل الكمّى الى النوعي و العكس بالعكس ". "
( إنتهى المقتطف )

ت – نفي النفي ليس قانونا جدليّا :
و نسترسل مع فقرات أخرى من عملنا الذى لم ينشر بعدُ :
" يبقى لنا أن نفسّر الآن لماذا لا يوجد قانون ديالكتيكي إسمه " نفي النفي".
نشرع فى المعالجة بإعطاء الكلمة لقائد البروليتاريا الصينية و أحد معلّمي البروليتاريا العالمية ليقدّم تعليله هو . و هاكم ما نعثر عليه إثر ما سبق من الإستشهادات من " حول مسائل فلسفية " :
"... تأكيد ، نفي ، تأكيد ، نفي ... فى تطوّر الأشياء ، كل علاقة فى سلسلة الأحداث هي فى آن تأكيد و نفي . المجتمع العبودي نفي للمجتمع البدائي و لكنّه نسبة للمجتمع الإقطاعي مثّل بالعكس تأكيدا. و مثّل المجتمع الإقطاعي نفي علاقات المجتمع العبودي لكنّه كان فى المقابل تأكيدا بالنسبة للمجتمع الرأسمالي . و المجتمع الرأسمالي كان نفي المجتمع الإقطاعي لكنّه فى المقابل تأكيد بالنسبة للمجتمع الإشتراكي".

و نتدخل فى الحال بالشرح . لا يفعل ماو هنا سوى تطبيق التناقض / وحدة الأضداد فى معالجة " نفي النفي" ذاته فيحرز تقدّما خلاّقا فى الجدلية . " إ زدواج ما هو واحد " هو جوهر الديالكتيك لينينيّا و ماويّا و مطبّقا على نفي النفي كعلاقة تطوّر أعطى بكلمات ماو " كلّ علاقة فى سلسلة الأحداث هي فى آن تأكيد و نفي" ( و لنتذكر : " الشيء هو فى كلّ لحظة ذاته و شيء مختلف أيضا " ( إنجلز ،" أنتى دوهرينغ "، دار دمشق1981، ص 145).

مظهرا التناقض هنا هما التأكيد والنفي . وبهذا ، مجدّدا ، نرى أن قانون التناقض هو الأكثر جوهرية و أساسية و هو الأكثر شموليّة والذى يتعيّن وضعه فى المقدّمة و ربط التحوّل الكمّى الى نوعي و العكس بالعكس به فيتمّ بذلك ما أسماه ماو ب" التوحيد " و نبتعد عن" التثليث "( فى إشارة مجازية الى الديانات التوحيدية و تثليث المسيحية : الأب و الإبن و الروح القدس ).

أضف الى ذلك أن " نفي النفي" لا يحدّد مطلقا كيف تتحوّل الأشياء و الظواهر و السيرورات بمعنى السبب الباطني للتحوّل بما هو محدّد و جوهري فالتطوّر والحركة و النموّ يحصلون لا بفعل" نفي النفي "، بل بفعل التناقض / وحدة الضدّين ، القانون الجوهري للديالكتيك . و تبعا لذلك " نفي النفي" ليس إلّا شكلا ظاهريّا تتّخذه الحركة الناجمة عن التناقض و النابعة منه ، بسببه و من جرائه .

و " نفي النفي " لا ينسحب على عديد الأشياء . إنه ليس قانونا عاما و شاملا . فإذا كانت الإقطاعية قد نفتها الرأسمالية و إذا نفت الإشتراكية الرأسمالية تكون الإشتراكية " نفي النفي " لكن ما هي العناصر الإقطاعية التى ستعاد على مستوى أرقى ضمن الإشتراكية لو قبلنا جدلا بمثال إنجلز فى" أنتى دوهرينغ " حول الملكية الخاصة الإقطاعية التى تنفيها الملكيّة الخاصة الرأسمالية لوسائل الإنتاج التى بدورها تنفيها الملكية الإشتراكية لوسائل الإنتاج ؟ على حدّ معرفتنا بالتجارب الإشتراكيّة التاريخية للبروليتاريا العالميّة هذا لا يستقيم .

و من جهة أخرى ، إعتبر إنجلز " نفي النفي" مشاعيّة بدائيّة ثم مجتمع طبقي فشيوعية كمجتمع خال من الطبقات . و يثور هنا سؤال : هل ستنفى الشيوعية بمجتمع طبقي أرقي محتويا على عناصر هامة من المجتمع الطبقي السابق؟ إن فكّرنا فى الأمر مليّا بحكمة و رويّة ، نلمس لمس اليد كيف أن " نفي النفي" يغلق طريق المستقبل و التغيّرات النوعيّة التى ستشهدها الشيوعية .

و لن يتم تطوّر الماركسية و تحديدا المادية الجدلية كقاعدتها الفلسفية بالطبع بنفي الماركسية بشكل أرقي من الميتافيزيقا و المثاليّة و إنّما بتعميق المنهج المادي الجدلي و تاريخيّا هذا ما حصل منذ ماركس و إنجلز ، على أيدي لينين ثم ماو تسى تونغ و بالضبط فى صراع مع المثالية و الميتافيزيقية . و المحاججة بعكس هذا تسقط لا محالة فى تعزيز توجّه نحو تطوّر خطيّ (1-2-3/" نفي النفي" ) يناهض التطوّر الديالكتيكي اللولبي و القفزات و ما يقف وراءهما : التناقض / وحدة الضدّين سببا و علّة . "
( إنتهى المقتطف )