-ماركسيو- الامس و التسطيح الفكري


منير العبيدي
2016 / 4 / 22 - 10:21     



لم يكونوا طبعا ماركسيين، فماركس كان مخلصا لوقائع الحياة و ليس لخليط من العقائد و المعتقدات المكيفة.
فالوضع في العراق سيء. هذا ما نتفق عليه جميع. و هذا، حسب رأيهم، بسبب السعودية ودول الخليج و ايران و امريكا و الغرب و تركيا! هل نسيت احد؟
كل العالم يتآمر لكي لا يستقر الوضع في العراق.
مهمة السياسي ليس التحليل بل التحليل من اجل التشخيص و التشخيص من اجل وضع علاج. و "ماركسيو" العراق السابقون لا يجدون حلا ، بل يجعلونه مستعصيا بطريقة التسطيح هذه.
انهم يشبهون الطبيب الذي يقول للمريض انك مصاب بهذا المرض و لكنه يمتنع عن كتابة الادوية.
فلكي يخرج العراق من محنته يجب ان يكون له حلفاء. حتى اكثر الدول قوة تحتاج الى حلفاء و اختيار هؤلاء الحلفاء لا يتم انطلاقا من العقد الطائفية الدفينة او العقائدية المؤسسة على الكراهية او على ما نشاهده اليوم، أي على خليط من هذين الامرين.
تشخيص الحلفاء و على من نعتمد يجب ان يقوم على اسس موضوعية قائمة في طبيعة هذه الانظمة.
بهذه الطريقة في تسطيح الحقائق سوف نبقى ندور في حلقة مفرغة بسبب قيود العقيدة.
على السياسي ان يطرح على نفسه السؤال التالي: لماذا ساعدت امريكا حلفاؤها بلدانا على بناء اقتصاد متطور و بناء انظمة ديمقراطية راسخة في اعقاب ديكتاتوريات و انظمة معسكرة كما في المانيا و اليابان و كوريا الجنوبة؟ و لماذا في عين الوقت لا ترغب في ذلك في العراق، بل تتآمر عليه؟
الجواب على هذا السؤال ذو اهمية فائقة لكي لا نقع في شتم الكل و نشعر اننا محاربون من الجميع كما يشعر المصابون بالشيزوفرينيا.
لكن في الحقيقة ان أصدقاءنا لديهم حلا: المجتمع المدني الديمقراطي!
كما لو ان لدينا العصا السحرية الذي تمس الشيء و يتحول كما نرغب.
ان المجتمع المدني الديمقراطي يحتاج الى خارطة طريق و برنامج سياسي يحمل مقترحات للتغيير و تكتيك معارضة حقيقي و ليس السير في ذيل السلطة و الانتفاع من مغانمها و ترضية عامة الناس و اسماعهم ما يرضيهم انما الاخذ بيدهم و قيادتهم و ليس الانقياد لهم.
أن ماركسيي الامس لا يرغبون في استعمال مفردات مثل المعارضة حتى بالمعني السلمي للكلمة و يفزعون من كلمة علمانية و يرسخون المحاصصة و لكنهم يشتمونها في ادبياتهم.
كما ان المجتمع المدني لا يتحقق بفعل ساحر انما يحتاج ايضا الى حلفاء محليين و عالميين من اجل محاربة الارهاب بشكليه الميليشياوي و الداعشي و اعادة يناء البلد و مؤسساته.
و الذي ينوي ان يبني الديمقراطية عليه ان يلجأ الى البلدان التي بنتها و رسخت فيها و ليس الى اثارات تسعى الى ترضيات الوسط المحيط و اعادة رفع شعارات معاداة الامبريالية البالية التي لم تقد الى شيء.
التشخيصات السابقة قادت العراق الى الكارثة و الناشطون السياسيون مشتركون في ذلك حتى لو كانوا في المعارضة، فمتي يقومون بمراجعة جذرية لمرتكزات تفكيرهم؟