طوطم (طبقة !) العمال العراقية.


عبد الحسين سلمان
2016 / 4 / 3 - 22:15     

طوطم (طبقة !) العمال العراقية.

لا يكاد يخلوا مقال او بيان من الحرس الشيوعي (القديم) العراقي من أن يذكر مصطلح الطبقة ! العاملة العراقية.
ويسبح هذا الحرس بتسبيحة الطبقة! العاملة العراقية , ليلاً نهاراً.
وكما اختارت القبائل البدائية الطوطم , ولكل قبيلة طوطمها, فأن طوطم الحرس الشيوعي القديم العراقي هو الطبقة! العاملة.

اولاً: مقدمة أحصائية.
1. الدخل القومي GDP للعراق عام 2015 هو 531.4 بليون دولار , وحصة كل قطاع كالاتي:

i. القطاع الزراعي 5.2 % ويساوي 27.6 بليون دولار تقريباً.
ii. قطاع الخدمات 45.1 % ويساوي 239.7 بليون دولار تقريباً.
iii. قطاع الصناعة 49.7 % ويساوي 264 بليون دولار تقريباً .
واذا ما علمنا ان قطاع الصناعة يشمل استخراج وتصفية النفط الخام و الصناعات البتروكيماوية والنسيج ومواد البناء, فأن القطاع النفطي يشكل 90 % من القطاع الصناعي العراقي.

2. القوة العاملة: Arbeitskraft (Labour Force)

في الواقع لا توجد أحصائيات دقيقة عن العراق بسبب عدم الشفافية لعصابات المافيا التي تحكم العراق الآن, ولكن البنك الدولي نشر عن القوة العاملة في العالم ومن بينها العراق , وكالاتي:

a. عدد نفوس العراق 34 مليون
b. عدد القوة العاملة للاعوام 2011-2014 تقدر حوالي 9 مليون , اي بنسبة 25 % من مجموع السكان وتشكل النساء 17 % من مجموع القوة العاملة, بحوالي مليون ونصف المليون.

http://data.worldbank.org/indicator/SL.TLF.TOTL.IN

c. نسبة القوة العاملة في العراق , اذن تساوي 25 % من مجموع السكان, وهذه النسبة موزعة كالاتي:

60 % في قطاع الخدمات ويساوي تقريباً 5.5 مليون .

21% في قطاع الزراعة ويساوي تقريباً 2 مليون.

19 % في قطاع الصناعة, حوالي مليون ونصف المليون.
https://www.cia.gov/library/publications/the-world-factbook/geos/iz.html

d. نشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP), معلومة طريفة تقول: أن واردات الحكومة العراقية 99 % من قطاع النفط , بينما قطاع النفط يشكل 1 % , من القوة العاملة.

http://www.iq.undp.org/content/iraq/en/home/countryinfo.html

ثانياً: مصطلح الطبقة العاملة : Die Arbeiterklasse ( The working class ).
يقول نعوم تشومسكي في مقابلة له بتاريخ 19-11-2010 :
Marx’s developing an abstract model of 19th century capitalism. It’s abstract and it’s changed
https://chomsky.info/20101119/
وكما لم يكتب فيلسوف عن النقود وجيوبه خاويه منها مثل ماركس, فأن ماركس , كتب المئات من الصفحات عن الطبقات , لكنه لم يقدم تعريفاً واحداً للطبقة.
لم يعّرف ماركس, الطبقة و لا الطبقات بشكل نسق متكامل..Systematic Form , لكن وردت متناثرة في كتبه و رسائله, وجميعها تتحدث عن طبقات , وطبقات العصر الفيكتوري تحديداً, The Victorian era, لذلك يقول, المفكر نعوم تشكومسكي, أن تحليل ماركس, للطبقات, هو تحليل نظري, تجريدي, خاص باوروربا الغربية في القرن التاسع عشر.
أن وجود الطبقات , هو من خصائص المجتمع البرجوازي, bürgerlichen Gesellschaft .. (civil society ) , ( والذي اقتبسه ماركس عن هيجل والذي اقتبسه هيجل بدوره من الادب الفرنسي, ويردد بعض العراقيين الآن مصطلح المجتمع المدني, دون أن يدركوا أن المقصود به هو المجتمع البرجوازي), ومصطلح المجتمع المدني, يقصد به ماركس: أن نمط الإنتاج المهيمن والمسيطر و السائد به, هو نمط الإنتاج الرأسمالي...Produktionsweise .
لذلك لا يمكن تصميم خريطة للطبقات دون معرفة نمط الإنتاج السائد, لا بل والأهم من هذا , ان وجود الطبقات مرهون بنمط الإنتاج الرأسمالي فقط. وقد عبر ماركس تعبيراً واضحاً, في رسالة الى جوزيف فيدمايار , بتاريخ 05-03-1852 يقول فيها:
وجود الطبقات يرتبط فقط باطوار تاريخية معينة من تطور الانتاج..... particular historical phases in the development of production (historische Entwicklungsphasen der Production)
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1852/letters/52_03_05-ab.htm
ويقصد ماركس هنا, بتطور الإنتاج, هو الإنتاج الرأسمالي, والدليل على ذلك , في رسالته الى المناضلة الثورية الروسية , , Vera Zasulich, ,بتاريخ آذار 1881 : حيث يتحدث عن نشوء الرأسمالية و تحليله لها, ويقول: ...حتى الان هذا لم يتحقق الأ, في بريطانيا , واوروبا الغربية التي تمر بالمرحلة نفسها....
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1881/03/zasulich1.htm

في النص الأخير الذي كتبه ماركس عن الطبقات:
يسئل ماركس في الكتاب الثالث,من رأس المال, Capital Vol. III, , الذي نشره إنجلز, في سنة 1894, و في الفصل 52, بعنوان, Classes ,هذا السؤال:

ما الذي يؤلف الطبقة؟ , Was bildet eine Klasse؟
What constitutes a class؟
والجواب, كما يذكر ماركس نفسه, , يأتي تلقائياً من الجواب , عن السؤال التالي:
ما الذي يجعل العمال المأجورين, wage-labourers , والرأسماليين, والملاّك العقاريين, landlords , يؤلفون الطبقات الاجتماعية الكبرى الثلاث؟
يقدم ماركس الجواب التالي: تماثُل الدخل , Revenuen , مع مصادر الدخل.
فهناك ثلاث مجموعات إجتماعية كبرى , يعيش عناصرها , أي الافراد الذين يؤلفونها, من الأجور , والربح , والريع العقاري, أي من أستخدام قوة عملهم , ورأسمالهم, وملكيتهم العقارية.
لكن ماركس سوف يعترض على هذا الجواب.
فيقول:
ولكن من وجهة النظر هذه, سيؤلف الأطباء و الموظفون , على سبيل المثال, أيضاً طبقتين, لأنهم ينتمون الى مجموعتين إجتماعيتين متمايزيتين, في نفس الوقت, يحصل أعضاء كل مجموعة, دخلهم من المصدر نفسه.
ويخرج ماركس, بنتيجة:
ولسوف ينطبق الشئ نفسه , على تشظَي لا نهائي, unendliche Zersplitterung , infinite fragmentation , , في المصالح , والمراتب , Stellungen , بسبب تقسيم العمل الإجتماعي , بين العمال والرأسماليين , والملاّك العقاريين.
والملاّك العقاريين, مثلاً , ينقسمون الى, مالكي مزارع الكروم, مالكي حقول زراعية, غابات, مناجم, و مالكي صيد الاسماك..
https://www.marxists.org/archive/marx/works/1894-c3/ch52.htm
لاوجود لطبقة عاملة دون وجود طبقة رأسمالية متميزة, و نظريا يمكن أعتبار الطبقة العاملة بمثابة المفهوم النوعي الشامل لكل المجبرين لكي يعيشوا على بيع قوة عملهم و الاسهام مباشرة في خلق القيمة الزائدة و ذلك نظرا لحرمانهم من وسائل الانتاج.
كان ماركس غير راضٍ عن وسائل الاحزاب الاشتراكية في تقييم وضع الطبقة العاملة, هنا او هناك, لذلك كتب في 20 نيسان 1880 تحقيق عمالي نشر في المجلة الاشتراكية La Revue socialiste ,وكان يهدف الى توفير كما يقول:
الى معرفة صحيحة وايجابيه للظروف التي تعمل فيها الطبقة العاملة وتتحرك في صلبها وهي الطبقة صاحبة المستقبل .
كتب ماركس 100 سؤال , تنقسم الى أربع مجموعات :
I. بنية المؤسسة : تركيبة اليد العاملة, التنظيم التكنلوجي و الاجتماعي للعمل, سلامة العمل.

II. شروط العمل: توقيت العمل , تشغيل الاطفال.

III. الوضع القانوني : طبيعة العقد , ترتيب الاجور.

IV. النشاط العمالي: تأسيس النقابات, حرية الاضرابات.
http://www.marxists.org/archive/marx/works/1880/04/20.htm

ويمضي ماركس بعيدا : أن البحث عن السر الاكثر عمقا وعن الجوهر الخفي لكل نظام أجتماعي , يجب ان يكون من خلال العلاقة المباشرة بين مالك وسائل الانتاج والانتاج المباشر

ثالثاً: الاستنتاج
1. عندما تحدث ماركس عن الطبقات, فأن ماركس , تحديداً كان يحلل ويقيم ويدرس فقط , نمط الإنتاج الرأسمالي في اوروربا الغربية , وتحديداً , وبشكل خاص : بريطانيا.

2. القطاع الصناعي يشكل 19 % , من مجموع القوة العاملة في العراق. تقريباُ 2 مليون يعملون في الصناعة.

3. الآن هذه ال 2 مليون, يشكلون 5 % من مجموع سكان العراق ( 35 مليون).

4. هؤلاء يشكلون اقلية ضئيلة الى مجموع سكان العراق.

5. نعم . يوجد عمال في العراق, لكنهم لحد اليوم لم يشكلوا طبقة ,للاسباب التالية:

a) غياب طبقة رأسمالية واضحة المعالم , تنتج وليدتها الطبقة العاملة.
b) الغالبية من هؤلاء العمال يخضعون لنمط إنتاج الدولة , Staatlich Produktionsweise ,
(State – Controlled mode of production )

وهؤلاء العمال هم غالباً ما يكونوا في حالة رفاهية: رواتب عالية, ضمان صحي واجتماعي, قطع اراضي, وامتيازات اخرى.....

c) والذي يعمل ضمن نطاق , نمط إنتاج الدولة , لا ينتج فائض قيمة ولا يبيع قوة عمله ولا محرومين من وسائل الإنتاج

6. إما الذين يعملون مع الشركات الاجنبية الاحتكارية في الحقول النفطية العراقية ( والشركات هي : Shell, Petronas , CNPC, Total, BP, ENI, Occidental , KOGAS, Lukoil, Gazprom , Statoil, TPAO, Exxon.....الخ ) , هؤلاء : تنطبق عليهم مقولة : العمل المأجور.
و هم إجراء, يعملو ن بأجر, سواءاً كان عامل نضافة ام مهندساً.

7. لا نريد ان نبخس حق العمال العراقيين, ونلغي طبقتهم, لانها ليست موجودة اصلاً. واقصد بالعمال, العمال المنتجين والذين يستخدمون وسائل الإنتاج , ولا اقصد العمال الغير منتجين.
8. اعتقد ان اغلبية فئات الشعب العراقي هم من الكادحين, لذلك ( وجهة نظر شخصية), ان لفظ الكادحين هو الاقرب للواقع العراقي.


جاسم الزيرجاوي