أن تكون شيوعيا، فهو التزام يومي (الجزء الثالث)


مرتضى العبيدي
2016 / 3 / 27 - 03:16     

تشريف صفة العضو في الحزب

حتى نتمكّن من تحقيق انتصارات في الربط بين الماركسية اللينينية والممارسة العملية للثورة البرازيلية، علينا أن نحمل الطبقة العاملة إلى افتكاك الدور القيادي في المسار السياسي الحالي وضمانه. ولهذا السبب تتعاظم يوما فيوما مسؤوليات حزبنا ودوره كطليعة فعلية للبروليتاريا، والمهمّة الملحّة المطروحة عليه اليوم، بمناضليه وقادته هي أن يكون لديهم وعي كامل بذلك وبما توفّره الظروف من إمكانيات لا متناهية لإحراز انتصارات في عملنا.
قبل كل شيء على الحزب أن يساعد الطبقة العاملة التي وُلد من صلبها ومنحته قوة وحيوية على امتلاك وعي أكبر برسالتها التاريخية ومهامها الحالية والمستقبلية، وعلى تطوير نضالها في سبيل تحرّرها الاجتماعي وتحرّر شعبنا من الاستبداد العسكري الفاشي ومن نير الامبريالية والملاكين العقاريين الكبار وكبار الرأسماليين المرتبطين برأس المال الأجنبي. لا يمكن أن يوجد مكان في حزبنا لمواقف انتظارية وسلبية.
إنّ الوضع السياسي يفرض الآن وبإلحاح ضرورة تطوير وتوسيع مظاهر الاحتجاج والنضال، ويتوقّف ذلك إلى حدّ كبير على تكثيف النشاط السياسي الثوري لكامل الحزب وبذل مجهودات أكبر، على مثابرة ونضالية وتفاني هياكله ومناضليه تجاه الجماهير من أجل رفع يقظتها وإعدادها وتمكينها من نضالها مرورا بالأشكال المتطوّرة ذات الأبعاد الواسعة. ففي ظروف السرية القاسية والأشدّ معاكسة، يتوجّب على الحزب أداء دوره كطليعة، وهو ما يتطلّب من مناضليه وقادته عملا حازما وشجاعا، ولكي يشرّفوا صفة عضوية الحزب، عليهم أن يوفوا إيفاء كاملا بالمتطلبات اللينينية وأن يضعوا حيّزا لتكريس واجباتهم الحزبية.

واجبات عضو الحزب :

إذا كان الحزب هو الطليعة المنظمة والواعية للطبقة العاملة وكانت هذه تمثّل القوّة الوحيدة القادرة على قيادة التحويل الثوري للمجتمع البرازيلي والسير بالثورة الشعبية وبالاشتراكية إلى النصر، فأن تكون عضوا في هذا الحزب، يعني أن تكون في مستوى طلائعيته وأن تساهم بكل الطرق في تحقيق أهداف على هذه الدرجة من العظمة. ولذا فإنّه لا يوجد شيء أعظم من صفة العضوية في الحزب الشيوعي البرازيلي، الصفة العالية والمشرّفة والمعبّر عنها بوضوح ضمن الشروط اللينينية المطلوبة في المرشّح لعضوية الحزب وضمن التعريف بواجباته. إنّ واجبات عضو الحزب مطلقة الضرورة وذات أهمية لا تقبل نقاشا.
ما هي هذه الواجبات؟ السهر والنضال المستميت من أجل الوحدة الإيديولوجية والسياسية والتنظيمية للحزب، وفي نفس الوقت الحفاظ على انضباطيته والذود عنها. المساهمة في بناء الخط السياسي والعمل على استيعابه وتطبيقه تطبيقا جيّدا بالمشاركة النشيطة في الحياة السياسية للحزب والنضال بلا كلل من أجل إنجاز مقرّراته ومهمّاته. أن يكون المناضل بممارسته اليومية أفضل المناضلين وأكثرهم تفانيا واعتزازا لخدمة الجماهير، أن يبذل قصارى جهده من أجل إقناعها بسياسة الحزب وبمواقفه الثورية ومن أجل كسب المناضلين الطلائعيين المتواجدين في صلبها إلى صفوفه حيثما كانوا بالمعامل والضيعات والمدارس والأحياء والقرى.
أن تكون مناضلا في الحزب يعني أن تُجهد نفسك للرفع من وعيك السياسي والإيديولوجي وأن تتعرّف على التجربة الثورية للحزب وعلى المبادئ الماركسية اللينينية، ويعني أن تمارس النقد والنقد الذاتي وتشجّع على التكثيف من استخدامه بالمحاربة التي لا هوادة فيها للتحريفية والانتهازية بكل أشكالها وللاتجاهات القومية والاشتراكية الإصلاحية، وبالتأكيد على النواقص في نشاط الحزب والنضال ضدّ الأخطاء ونقاط الضعف وبذل منتهى الجهد قصد القضاء عليها.
أن تكون مناضلا في الحزب يعني أن تُخضع مصالحك الخاصة من دون قيد أو شرط للمصالح العليا، دون أن تخشى الصعاب والعقبات والتضحيات، وأن تحارب النزعة الفردانية وتذود عن الروح الرفاقية الشيوعية، وتتّبع نسقا متواضعا ومثاليا في حياتك وتنقاد بالمبادئ العليا للأخلاق الشيوعية، كما عليك أن تواصل العمل على تطوير نشاط الحزب ـ إذا فقدت الاتصال به لسبب أو لآخر ـ عبر التوجّه الذاتي في كل الوضعيات وفقا للخط السياسي للحزب وأن لا تتردّد أمام تحمّل مسؤولية بعض القرارات وتنفيذ بعض المهام وذلك مع الحفاظ على وثوقك وتفاؤلك في الساعات الحرجة، وعلى هدوئك وحذرك وقت الانتصارات.
أن تكون مناضلا في الحزب يعني أن تكون مخلصا وصادقا تجاهه ولا تسمح بإخفاء الحقيقة أو تشويهها وأن تفهم أنّ كل تصرّف يقوم به الشيوعي في حياته ينعكس على حياة الحزب وعلى سمعته عند الجماهير، وأن تحافظ بغاية الدقّة على أسرار الحزب وتلازم دوما اليقظة والصرامة الشيوعيين في العمل السري وفي النشاط العملي للجماهير وإزاء كل عدو طبقي للبروليتاريا وذلك ببذل النفس إذا اقتضت الحاجة. إنّ الحقد الطبقي تجاه العدو والإخلاص المطلق للحزب شيئان ضروريان في كل المجالات والظروف.
إن واجبات مناضل الحزب وخصوصا واجب الوفاء الكامل لقضية الحزب والطبقة العاملة والثورة الاشتراكية تعتبر الصفات المميّزة للمناضلين الطلائعيين والتي على الشيوعيين تجسيدها في سلوكهم وكل تصرّفاتهم. وتُصقل خصال الشيوعي داخل الحزب وفي خضمّ الصراع الطبقي، لا يمكن للمناضل اكتساب صفات الثوري البروليتاري الأصيل، الإنسان من طراز متميّز، إلا عبر أدائه لواجباته وسعيه إلى الارتقاء بتلك الصفات.
إنّ الشيوعيين هم الجزء الأكثر وضوحا سياسيا من الطبقة العاملة والأكثر تشيّعا ٌإيديولوجيا وتنظّما وتجربة، والأكثر حزما وإخلاصا ، ولكل هذه الأسباب فإنّ عليهم دون غيرهم قيادة الطبقة العاملة في الدرب الصعب والشاق، درب الثورة والاشتراكية.

الصرامة في كل الظروف

على الشيوعي مهما كانت المهمات والنضالات والأخطار والتقلبات والصعوبات والتضحيات، أن يبذل أفضل ما لديه من أجل الحزب بما في ذلك حياته نفسها، وأن يبرهن على تجرّده وشجاعته وحبّه وشغفه الثوري، وأن يلازم يقظة حادّة ولا يستنقص من شأن النشاط الماكر لجهاز القمع، وأن يفهم أنّ إنسانا واحدا يقظا وحذرا يساوي عشرة. كما يطرح عليه أن يكون دقيقا وصارما في العمل السري أو وسط الجماهير، وأن يكون خلال الإضرابات والمظاهرات والاشتباكات العنيفة مع القوات العسكرية والبوليسية مثال المناضل الثوري الطليعي، قائدا جماهيريا ماهرا ومقداما لا يخيّب البتّة ثقة الحزب، ثمّ عليه أن لا ينبس ببنت شفة في غرفة التعذيب ولا يدلي بأيّ تصريح قد يُضرّ بالحزب أو برفيق أو بصديق، ألاّ يكون لديه أيّ وهم حول العدو الطبقي ولا يمكّنه من تغليطه. كما يجب الحفاظ عن برودة الدم وعلى جذوة عزّته عالية كشيوعي لا يتذبذب ولا يهادن أو يستسلم. وواجب الشيوعي أن لا ينسى أبدا ولو وجد نفسه وحيدا داخل السجون وأمام المحاكم في مواجهة جهاز القمع، وفي صراع يبدو غير متكافئ أنّه الأقوى، أقوى بكثير من جلاّديه الحقيرين لأنّه يحتفظ بعزّة من يؤدّي واجبه ويعلم أن المُثُل الشيوعية ليست بمعادن تذوب، وأنّ سلاحه هو القوة التي لا تُقهر يحملها كممثّل جدير للحزب والشعب الكادح وقضيته هي قضية الثورة الاشتراكية المنتصرة لا محالة. فعندما يكون في قبضة أعدائه الطبقيين، يعلم أنّ رفاقه في النضال يقفون إلى جانبه وأنّ الراية الحمراء المجيدة غير بعيدة عنه، وأنّه ـ وهو في هذه الواجهة ـ أجدر ممثّل لهم.
وبقدر ما يزداد شكل الصراع الطبقي صعوبة ويشتدّ الامتحان وجها لوجه مع العدو الطبقي، يُطرح على الشيوعي ضرورة الوعي الكامل بطبيعة الصراع الذي يخوضه حتى يتمكّن دائما من الحفاظ على موقف صلب ونضالي لأنّه يعلم أن موقع المواجهة الذي يقف فيه يمثّل جزءا لا ينفصل من ساحة المعركة الكبيرة. الشيوعي في كل الظروف هو ممثّل الحزب نفسه. وعندما يتعلّق الأمر بقائد، فإنّ ما يُطلب منه يزداد جسامة نظرا إلى كون مسؤولياته أعظم من مسؤوليات غيره من المناضلين. وفي الكثير من الأحيان، يجسّد القادة فكر الحزب بهذه الصورة تجسيدا يجعل الجماهير ترى فيهم أمثلة حيّة تقتدي بها في حياتها اليومية، وفي مثل هذه الظروف خاصّة، يصبح تشريف صفة عضوية الحزب هو المبرّر الأوّل لحياتهم. إنّ القائد تنصقل قدراته كل يوم ويصلب عوده مع كل امتحان تُتيحه له حياة الحزب، وعلى كل شيوعي، قائدا كان أو مناضلا، أن يضع نصب عينيه مقولة لينين وهو يتحدّث عن الحزب الشيوعي : "إنّه وعي هذا العصر وشرفه وخبرته."
إنّ تشريف صفة عضوية الحزب الشيوعي البرازيلي يعني أن تُجهد نفسك من أجل استيعاب وتطبيق الماركسية اللينينية، ليس فقط في بعض مبادئها، استيعاب وتطبيق الإيديولوجيا الاشتراكية البروليتارية وليس هذه أو تلك من مكوّناتها، الخط الثوري للحزب وليس هذا أو ذاك من مظاهره، تطبيق كل المهامّ الحزبية وليس فقط تلك التي تبدو أسهل، إذن أن يجعل الناس يحترمون لقب عضوية الحزب وأن يكون شغله الشاغل على الدوام السعي إلى اكتساب وتطوير الصفات الشيوعية كمناضل ثوري طليعي للبروليتاريا، والهمّ الرئيسي للمناضل الحزبي هو النضال بكل جوارحه وقدراته حتى يكون شيوعيا طيلة حياته ولا "رفيق الدرب" الذي تحدّث عنه لينين، حتى يكون دائما مجنّدا للنضال، يفيض همّة بروليتارية. فإن كان حزبنا نجح في الحفاظ على شيء، فهو حفاظه على هذه العادة الثورية التي يحملها القائد كما يحملها المناضل ويصونها بمنتهى الحزم كواجب شيوعي ثابت في جميع الأوقات ومهما انقلبت الأوضاع، في أشقّ ظروف السرية وأعنف المعارك، في قاعات التعذيب وفي زنزانات البورجوازية، والتي يمثّلها الشعار البطولي : "الحزب أوّلا وحياتك فيما بعد إن أمكن." إنّ حياة حزبنا ثرية بأمثلة الصرامة والبسالة الموجّهة والتي تبيّن كم يمكننا بالفعل مواجهة كل المحن بجرأة والبقاء مخلصين للحزب والطبقة العاملة، لقضية الثورة والاشتراكية حتّى النفس الأخير. وإنّ أمثال دانيلي وقيبهارديني وأوست وأومار و أرّبو وفرنسيسكو شافس وبيكالهو ودرومان وهلنيرا وكثيرون غيرهم من أبطال حزبنا الذين سقطوا بشرف في معارك الصراع الطبقي ستبقى راسخة إلى الأبد في ذاكرة الشيوعيين البرازيليين وفي قلب شعبنا. إنّهم مصدر إلهام دائم كمناضلين أخلصوا إخلاصا مطلقا لمُثُلهم الشيوعية التي من أجلها سكبوا دمهم سخيّا، لنرفع عاليا راية النضال التي لم تكن أبدا سوى الراية الحمراء للحزب الشيوعي البرازيلي قائدنا وأمل شعبنا.
جويلية 1977
(يتبع)