ماركس . لينين. ستالين ماو تسي تونغ . والتخطيط للثورة الاشتراكية ..ج2


جاسم محمد كاظم
2016 / 2 / 17 - 12:35     

رحل ماركس عن الوجود وقد رأى تأثيره الفكري يتجسد في ارض الواقع في اقل من عقدين بالكومونة التي بقيت صامدة لمدة شهرين .
وأغمض عينية بعد أن جعل العمل هوية ينتسب إليها المرء بدل كل الهويات المزيفة التي سبقت و فتح عالما جديدا في الوجود يختلف عن كل العوالم التي مرت بها الأرض وأمر كفة الميزان بالاعتدال لقلب العالم المقلوب السائر على رأسه أن يسير على قدميه .
وبقيت آخر الكلمات الرائعة في رأس المال تنذر بناقوس الخطر .
"أن رأس المال ولد ملطخا بالدم والقذارة من أعلى رأسه حتى أسفل قدميه ...وان تحول الملكية الخاصة المبعثرة إلى ملكية رأسمالية هي أبطا بكثير من تحول الملكية الرأسمالية إلى ملكية اجتماعية لان الحالة الأولى تقوم بها حفنة من الغاصبين بانتزاع ملكيات الشغيلة بينما تكون الثانية العكس حين تقوم كل الشغيلة بانتزاع حقها من حفنة الغاصبين "
ابتدأ لينين من حيث انتهى ماركس واعتبر الماركسية كلية الصحة لتحليل الواقع وإنها مرشد عمل وحجر الزاوية في العمل الثوري .
انتهى ماركس و أنجلس إلى أن حروبا هائلة ستعج بها البشرية في عقودها القادمة فكيف تستغل هذه الحروب في عصر تقدم الصناعة وظهور الأسواق العالمية وحمى التسلح واقتسام العالم مابين الرأسماليين .
كتب لينين ما لعمل وهو ابن ال25 والعشرين وبناء على ذلك شكل الحزب الشيوعي وان كانت بتسمية الأولى حزب العمال الاشتراكي .
واعتبرت النهج اللينيني في التنظيم بعد ذلك أفضل الطرق لإنشاء الحزب بتراتبيتة ومبادئه اللينينية في التنظيم الحديدي الذي لازال إلى اليوم محور تشكيل كل الأحزاب بما فيها الإسلامية التي أخذت هذه الطريقة في التنظيم وان اختلفت المسميات الهيراركية .
يكمن الاختلاف مابين لينين و ماركس بان لينين كان قائدا ورجل سلطة قبل أن يكون فيلسوفا ومنظرا والتنظير من واقع السلطة يختلف بما لا يقاس عن التنظير من خارجها .
لم يعتمد لينين على العمال في الحراك الثوري مثلما اعتمد ماركس فأعطته تجربة ثورة 1905 خبرة هائلة في المجال اللوجستي العسكري تلك التجربة التي وصفها بأنها البرق الذي ينير درب المعركة وإنها بروفة تمهيدية تسبق الثورة .

شكل لينين بعقلية القائد العسكري المحنك فصائل الحرس الأحمر والتشكيلات المسلحة الثورية واعتبرها بأنها أساس الثورة ورأس الحربة القاتل ومن يرجع إلى تاريخ الثورة الروسية يجد أن الحزب البلشفي لم يعتمد على العمال أو البروليتاريا في حسم المعركة الأخيرة قدر اعتماده على فصائلة الحمراء المسلحة في ساعة الحسم .
وصل عدد العمال المضربين أبان الثورة الروسية إلى ما يقارب ال500000 النصف مليون عامل لكنهم لم يستطيعوا فعل شي واستطاعت حكومة كيرنسكي من الضحك على عقولهم والتنصل من كل الشعارات المرفوعة .
.
عرف لينين أن الانتقال إلى السلطة لابد أن يكون بمعركة فاصلة تخوضها قوى الثورة المسلحة من فصائل الحرس الأحمر ومن ينظم أليهم من العمال والجنود وفصائل البحارة الثوريين وحين غادر منطقة فيبورغ الى قصر سمولني أعطى أشارة الثورة المسلحة وبدء القتال الضاري واحتل الحرس الأحمر الذي وصل تعداده إلى 40000 أربعين ألف مسلح كل ضواحي بتروغراد وهاجم البلاشفة قصر الشتاء واستولوا بسرعة البرق على كل محطات السكك وطرق المواصلات ومحطات الكهرباء ودوائر الحكومة ومصرف الدولة المركزي تجنبا لخطا الكومونة القاتل بينما انتشر أكثر من ربع مليون مسلح آخر في كل ضواحي روسيا .
تميز لينين بعقلية فذة تضاهي عقليات قيادة الركن العسكرية وهو يعرف مقدما أن العمال وحدهم لن يستطيعوا الانتصار بدون تشكيل الفصائل المسلحة واستفاد كثيرا من هزيمة الجيوش الروسية الساحقة أمام الجيش الألماني .
فرض لينين رقابة الحزب البلشفي على كل شي في الإنتاج والتوزيع وتأميم كل الاحتكارات ومصادرة كل أملاك العائلة الحاكمة وأمر بتوزيع الأرض على فقراء الفلاحين الذي لولاة لأخفقت أكتوبر في المهد ومن يقراء كتاب تورغنيف "مذكرات صياد " يعرف حجم الكارثة الذي يعيشه الفلاح الروسي القن والمستَغل وكأنة يعيش في الجحيم.
تميز لينين بعدم الظهور على الأضواء على عكس تروتسكي المحب للظهور إلى العلن وكان يعمل في الخفاء وفرض سيطرة الحزب على كل مفاصل الدولة بشخصية القائد الضرورة وكارزما هائلة اقتبسها عنة بعد ذلك صدام حسين بإيعاز من عبد الجبار محسن .
امتلك لينين كل المواهب العسكرية والاقتصادية والتخطيط المنظم والسياسة المنفتحة كقائد من طراز فذ في حسم الموقف في أوقات الشدة وأعطى للحزب كل الصلاحية بإدارة شؤون الدولة على عكس روزا لكسمبورغ التي أرادت تقليل سلطة الحزب الشيوعي على مفاصل الدولة وان الحزب يختزل الطبقة العاملة وبالتالي تطغي شخصية السكرتير أو القائد على اختزال الحزب نفسه لأنها لم تكن في موقع السلطة لان التنظير في موقع السلطة يختلف عن الكلام الأجوف من خارجها .
أعاد لينين إلى الماركسية بريقها الأخاذ وحول التنظير إلى ممارسة وخلق الاتحاد السوفيتي من العدم وأعطى للسياسية دفعة جديدة تمثلت بحكم الحزب القائد والتخطيط المركزي للدولة واعتمد على سياسة اقتصادية جديدة"NEP" بعد حرب التدخل الامبريالية من قبل 41 عشر دولة لسحق أكتوبر واعتبرها الببغائيين بأنها خالفت الماركسية وأعطت تنازلا للرأسمال لأنها لم تعطي للذين يصنعون القيمة أن تكون لهم مواقع السيطرة في الحكم كما عبر عنها ماركس .
اقتنع لينين بالتصنيع الثقيل بأنة مفتاح الانتقال للاشتراكية والشرط الأول لنجاح الثورة مستقبلا ومالم توجد وسائل الصناعة الثقيلة المولدة للصناعة فلا أمل بالثورة بالاستمرار وعمل في أول الأمر على أنتاج الطاقة الكهربائية ومصانع صهر الحديد وبناء المصانع الثقيلة وان لم يعطي الزمن ثائر أكتوبر الخالد تلك الفرصة .
لا يعتمد لينين التنظير الأجوف مثل روزا لكسمبورغ وبوخارين وتروتسكي ويصف هؤلاء بالأطفال لان هذا الطرح سوف يدمر ما بنته الثورة وهي محاطة بالأعداء من كل اتجاه.
أراد لينين من الاتحاد السوفيتي دولة عظيمة تضاهي اكبر قلاع الرأسمال العالمي لتكون نقطة انطلاق لتحرر كل الشعوب المضطهدة وقطع كل شرايين الرأسمال في آسيا بتحرير كل المناطق المستعمرة في الدول لقطع أمداد الموارد الأولية لدول الرأسمال ونقل التناقض من خارج هذه الدول إلى دواخلها لكي تبدى بها آلية الثورة .
وأراد لدولته الناشئة الانتقال إلى مرحلة التصنيع الثقيل الهائل وهذا ما سار علية خليفته الحديدي صاحب القلب الفولاذي جوزيف ستالين .... يتبع .

//////////////////////////////م
جاسم محمد كاظم