تعطيل الحركة اليسارية، أي حركة يسارية، لصالح من؟ ولأجل ماذا؟.....2


محمد الحنفي
2016 / 2 / 10 - 18:49     

تقوية وتفعيل أحزاب اليسار:

فتآكل أحزاب اليسار، يرجع إلى سيادة عوامل الضعف، والتشرذم، التي تحكم الواقع الموضوعي، الذي تتحرك فيه الأحزاب، والتوجهات اليسارية المختلفة، وعوامل التفرقة الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، التي تنخر كيان الأحزاب من الداخل، حيث تقود إلى قيام صراع فيما بين المجموعات المتصارعة داخل كل توجه، أو حزب يساري. وهو ما يعني: أن اليسار يعرف وضعا مزريا، يحتاج إلى الوقوف عليه، والعمل على اتضاح شروط التجاوز، التي تقتضي قيام تجمع، أو تحالف، أو فيدرالية، تشمل كل، أو جل الأحزاب، والتوجهات اليسارية الفعلية، وليس المنسوبة ظلما إلى اليسار، أو المتمخزنة بشكل، أو بآخر.

فقيام عمل مشترك بين الأحزاب، والتوجهات اليسارية المناضلة، على أساس برنامج حد أدنى، واتضاح شروط قيام تنظيم أرقى، في أفق إنضاج شروط الاندماج، إلى أسس أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية مشتركة، بهدف العمل على بناء تنظيم يساري قوي، يستطيع اكتساح مجال التراب المغربي، في أفق بث الوعي الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بين جميع أفراد الشعب المغربي، في افق إقدام الجماهير الشعبية الكادحة، على خوض الصراع، لفرض الاستجابة إلى مطالبها، سواء كان ذلك بطريقة مباشرة، أو عن طريق التنظيمات الجماهيرية، التي تقود كل واحدة منها شكلا من أشكال الصراع، الذي يفرض الاستجابة إلى مطالب محددة، وصولا إلى الالتحاق بالحزب اليساري الكبير، الذي يحرص على تغيير الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، وعلى يدها، وصولا إلى إدراك أهمية اندماج اليسار في حركة يسارية واحدة أولا، وإلى أهمية ارتباط اليسار بالجماهير الشعبية الكادحة، المالكة لوعيها بأوضاعها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والمنخرطة في النضالات المطلبية، انطلاقا من ذلك الوعي، الذي يتطور باستمرار، انطلاقا من تطور الواقع العيني المتغير باستمرار، وانطلاقا، كذلك، من الفعل اليومي لحزب اليسار، ولمختلف المنظمات الجماهيرية، وللجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة.

والتفتت، والتفكيك، الذي يعرفه السار باستمرار، يرجع إلى تعدد المرجعيات الأيديولوجية المختلفة، التي تقيم سدودا منيعة، تحول دون قيام تواصل بين مختلف اطراف اليسار، مما يجعل تجاوز هذا التفكك، والتفكيك، من الصعوبة بمكان.

وهذا الوضع المزري، والمتردي، الذي يعرفه اليسار بتوجهاته المختلفة، يحتاج إلى فتح نقاش واسع بين مختلف الأحزاب، والتوجهات اليسارية، وعلى جميع المستويات التنظيمية، وانطلاقا من اختلاف المنطلقات الأيديولوجية، والتصورات التنظيمية، والمواقف السياسية، في أفق انبثاق قواسم مشتركة بين مختلف الأطراف اليسارية، في الأيديولوجية، وفي التصور التنظيمي، وفي المواقف السياسية، سعيا إلى إيجاد أرضية مشتركة، يمكن أن تعتمد في قيام تنسيق، أو تحالف، أو فيدرالية، بين مختلف أطراف اليسار، من أجل القيام بتفعيل الأرضية المشتركة، في أفق قيام نضال مشترك، بين مختلف الأطراف اليسارية، في أفق تجاوز التفتيت، والتفكيك، والعمل على بناء تنظيم يساري قوي، يزداد توطيدا أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا. وللوصول إلى ذلك، لا بد من:

1) الحرص على التفاعل الأيديولوجي بين مختلف التنظيمات اليسارية، ودون وجود معيقات، تحول دون ذلك، حتى يتم استيعاب أوجه الالتقاء، التي يجب أن تعمل أحزاب اليسار على التأكيد عليها، وأوجه الاختلاف، التي يجب الاستمرار في إخضاعها للنقاش، في أفق توسع قاعدة الالتقاء، والتقليص من دائرة الاختلاف الأيديولوجي، بين مختلف أطراف اليسار.

2) الحرص على إخضاع التصورات التنظيمية المختلفة، والقائمة على أساس اختلاف المنطلقات الأيديولوجية، وصولا إلى انفراز قواسم مشتركة، يمكن اعتمادها في إقامة تنظيم مشترك. وهذه القواسم، يجب إخضاعها للنقاش المستمر، من أجل تعميق الاقتناع من الجميع، مع الاستمرار في إخضاع نقط الاختلاف، المتعلقة بالتصورات التنظيمية، التي تسعى إلى التفريق بين الأحزاب، والتوجهات اليسارية، من أجل تجاوزها، في أفق العمل على ترسيخ القواسم المشتركة بين الجميع.

3) العمل على إخضاع التصورات السياسية، المترتبة على التصورات التنظيمية المختلفة، القائمة على أساس اختلاف المنطلقات الأيديولوجية، في أفق إيجاد قواسم مشتركة، تساهم، بشكل كبير، في التقارب بين التنظيمات اليسارية، مع تعميق النقاش حولها، حتى تزداد وضوحا، في صفوف المنتمين إلى التنظيمات اليسارية المختلفة، مع الاستمرار في إخضاع نقط الاختلاف السياسية، إلى النقاش المشترك، من أجل التجاوز، في أفق إيجاد تنسيق، أو تحالف، أو فيدرالية، بين مختلف المكونات اليسارية، في أفق الاندماج المنشود، سعيا إلى بناء حزب يساري كبير، ومنسجم، ومناضل.