من اين ينبع خطر الحرب الكونية اليوم على العالم ؟


نجم الدليمي
2005 / 11 / 12 - 11:54     

" ان الرأسمال يخاف من غياب الربح او الربح التافه جدا ، كما تخاف الطبيعة من الفراغ ، ولكن ما ان يتوفر له ربحا كافيا ، حتى يصبح الرأسمال جريئا ، فلوا أمّن ربحا 10% يشتغل الرأسمال في أي مجال ، ولو أمّن 30% فأنه ينشط جدا ، ولو أمّن 50% تتملكه جرأة مجنونة ، ولو أمّن 100% يدوس بالاقدام جميع القوانين البشرية ، ولو أمّن ربحا 300% فليس هناك ثمة جريمة لا يجازف بأرتكابها حتى لو قادته الى حبل المشنقة "

كارل ماركس





اولا ـ الماركسية اللينينية والحرب .

تقر النظرية الماركسية ـ اللينينية بوجود شكلين من الحروب ، (العادلة ، وغير العادلة)، وتعد الحرب غير العادلة كارثة اجتماعية واقتصادية ، حيث يهلك ويتشوه فيها الالاف بل الملايين من القوى العاملة الشابة والقادرة على العمل والابداع وخلق الانتاج المادي . كما يجري انفاق المليارات من الاموال لأستمرارية هذه الحرب ، ويتم تدمير القاعدة الاقتصادية للبلاد ، وايقاف عملية التنمية الاقتصادية ـ الاجتماعية ، كل هذا من اجل تحقيق طموحات ونزوات الطغمة الحاكمة في التوسع والهيمنة . وبهذا الخصوص اشار فلاديمير لينين الى ان " هناك حربا مغامرة تلبي مصالح السلالات الحاكمة ، وشهوات عصابات النهب والسلب ، واهداف ابطال الكسب الرأسمالي " كما واكد ايضا " نحن الماركسيين نمتاز عن المسالمين ، والفوضويين بكوننا نقر بضرورة دراسة كل حرب على حدة دراسة تاريخية ( من وجهة نظر مادية ماركس الديالكتيكية ) ، واننا لنرتكب خطأ فادحا من الناحية النظرية ، اذ نسينا ان كل حرب ليست سوى امتداد للسياسة بوسائل اخرى " .
ان اشعال الحروب غير العادلة من قبل النظام الامبريالي العالمي بقيادة الامبريالية الامريكية لا ياتي صدفة فهي " انعكاس للسياسة الداخلية التي كانت البلاد المعنية تسير عليها قبل الحرب " وكذلك لا بد من " دراسة الوضع الاقتصادي والسياسي لهذا البلد أي الذي اعلن الحرب " ثم أ كد لينين " اما نحن فنقول اذا كنتم لم تدرسوا السياستين اللتين اتبعتهما في سياق عشرات السنين مجموعتا الدول المتحاربة ـ لكي لا تكون ثمة مصادفات ، ولكي لا تتلقفوا امثلة منفردة ـ واذا لم تبينوا الصلة بين هذه الحروب والسياسة السابقة لها، فانكم لم تفهموا شيئا في هذه الحروب " ، وكما ذكر لينين " ان طابع الحرب السياسي الاجتماعي لا يحدده الافراد او الجماعات او حتى الشعوب ، بل يحدده وضع الطبقة التي تخوض الحرب ، سياسة هذه الطبقة التي تعتبر الحرب استمرارا لها ، وعلاقات راسمال بوصفه القوة الاقتصادية المسيطرة في المجتمع الحالي ، والطابع الامبريالي للراسمال العالمي " ، كما قال " يجب ان نفهم من أي اية ضروف تاريخية نجمت الحرب المعنية ، واي طبقات تخوضها ولأي غرض ، واذا لم نفهم هذا ، فاننا نحول كل محاكاتنا عن الحرب الى كلام فارغ تماما ، والى مجادلات كلامية خالصة وعقيمة " .
ففي ضروف العراق اليوم ، تصبح المقاومة للأحتلال الأجنبي مقاومة عادلة ومشروعة ، اما الحرب التي تخوضها الامبريالية الامريكية وحلفاءها ضد الشعب العراقي ، فهي غير عادلة وغير مشروعة ، ومن اجل تحقيق اهداف سياسية واقتصادية وعسكرية في آن واحد . ولكن يجب التمييز بين من يقاوم الاحتلال الأجنبي ويعمل على انهاءه وتحرير الشعب العراقي واعادة السيادة الوطنية ، وبين بعض الأ رهابيين المأجورين سواء من داخل العراق او من خارجه ، الذين ينفذون جرائم بشعة بحق الشعب العراقي ويعملون وفق توجيهات وكالة المخابرات المركزية الامريكية ، والموساد ، لقاء حفنة من الاوراق الخضراء ، فالشعب العراقي وقواه الوطنية المخلصة براء من هؤلاء الخونة المأجورون .
ان الحروب غير العادلة هي صفة ملازمة للنظام الامبريالي العالمي ونابعة من طبيعته ، وهي ايضا تعكس ازمته العامة ، وحسب رأي " منظرو " النظام الأمبريالي العالمي ، فأن الحروب غير العادلة اصبحت احدى اهم الساليب الناجعة لمعالجة النظام الأمبريالي المتعفن والمحتضر ، ولو كان ذلك بشكل مؤقت ، لكننا نعتقد انها حلول جزئية وغير ناجعة وسيكون مصيرها الفشل الحتمي .
ان الكرة الأرضية لم تعرف خلال 2340 اسبوعا للاعوام 1945 ـ 1990 ، الا ثلاثة اسابيع من دون حروب ، وان اكثر من 60 بلدا اكتوى بهذه الحروب غير العادلة ، والتي يتحمل مسؤليتها النظام الأمبريالي العالمي بقيادة الولايات االمتحدة الاميركية ، و بسبب هذه الحروب غير العادلة بلغت الخسائر البشرية خلال القرن الماضي ما بين 80 الى 100 مليون نسمة ؟ .


ثانيا ـ بعض الاهداف الأستراتيجية الأمريكية اليوم ؟

ان من اهم الأهداف الأستراتيجية الأمريكية اليوم هي : ــ
1ــ العمل الحثيث على توسيع حلف الناتو من خلال ضم دول اوربا الشرقية وجمهوريات البلطيق وغالبة بلدان رابطة الدول المستقلة ( جمهوريات الأتحاد السوفييتي السابق ) .
2ــ السعي الجاد على اضعاف وتهميش دور دول الاتحاد الأوروبي سياسيا واقتصاديا وحتى عسكريا على الصعيد الدولي .
3ــ العمل المتواصل على تنشيط حلف الناتو بقيادة الامبريالية الامريكية وتحويله الى اداة قمع ارهابية دولية ضد البلدان الوطنية والتقدمية الرافظة لهيمنة القطب الواحد .
4ــ العمل على تفعيل دور المنظمات الدولية ومنها صندوق النقد والبنك الدوليين ، ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من المنظمات بهدف تنفيذ الاستراتيجية الاقتصادية والتجارية التي تضمن مصالح امريكا بالدرجة الاولى .
5ــ السعي لاحتواء منظمة الامم المتحدة ومجلس الأمن وتوجيه نشاطهما بما يخدم الأستراتيجية الأمريكية في الميدان الأقتصادي والعسكري على الصعيد الدولي .


ثالثا ـ بعض الحقائق

ان من اهم الحقائق التي تتميز بها الأمبريالية الأمريكية هي : ـ

الحقيقة الاولى :ـ ان امريكا ليس لها صديق ، وهي اصلا لا تؤمن بذلك ، فهي تؤمن بالعمالة فقط ، وتتخلى عن " حلفاءها " و" عملاءها " في الوقت المناسب ، أي عندما ينتهي دورهم المرسوم ، وخير دليل على ما حدث مع الشاه والسادات وموبوتو وغرباتشوف وغيرهم .... ، وهذه الحقيقة غائبة عن عقول القادة العرب وقادة اغلبية الاحزاب السياسية في البلدان العربية على سبيل المثال .

الحقيقة الثانية :ـ ان امريكا دولة غير ديموقراطية ، فهي لا تؤمن بالديموقراطية ولا بحقوق الانسان .... ، لا في داخل المجتمع الأمريكي ولا في خارجه ، فكل شيء خاضع لرقابة ( سي آي أي ) و ( في آي بي ) فأن اكثر من 200 مليون مواطن امريكي لديهم ملفات خاصة لدى المؤسسات المذكورة ، وهم خاضعون للرقابة المباشرة من حيث سلوكهم ونشاطاتهم السياسية والتجارية وغيرها من الانشطة الاخرى ، وان الأنتخابات الرئاسية الأخيرة ، وغياب شبه كامل لحقوق السود الأمريكان ، بالمقارنة مع الامريكان البيض ... خير دليل على غياب الممارسة الديموقراطية وحقوق الأنسان التي تدعي بها وتحاول نقل نموذجها السيىء الى العالم ، بل فرضه على شعوب العالم ، كما اعطت لنفسها " الحق " في ان تكون شرطي دولي على العالم ، وتتدخل بشكل مباشر في الشؤون الداخلية للدول المستقلة .

الحقيقة الثالثة :ـ ان امريكا تمارس سياسة الارهاب الدولي على البلدان والشعوب ، وهي دولة ارهابية رقم 1 ، مارست وتمارس منذ نشؤها و لحد الآن الارهاب السياسي والاقتصادي والعسكري ، فما حدث للهنود الحمر وما حدث ويحدث لشعوب اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية في القرن الماضي واليوم ، وكذلك ما حدث ويحدث اليوم للشعب اليوغسلافي والأفغاني والعراقي واللبناني .... الا دليل ملموس على ذلك .

الحقيقة الرابعة :ـ ان امريكا لا تؤمن ولا ترغب في تحقيق الأمن والأستقرار لا على الصعيد المحلي ولا على الصعيد العالمي ، وان المجتمع الأمريكي يقوم على المغامرة والانعزال ، وان اساس وحدة تلاحمه الاجتماعية قائمة على اساس وجود خطر في الداخل والخارج ، فالقيادة الامريكية دائما تبتدع وتبحث عن وجود عدو لها من اجل الحفاظ على وحدة كيانها الاجتماعي ـ الاقتصادي ، فسابقا كانت تستخدم حجة قديمة وهي وجود " الخطر الشيوعي " و " الخطر السوفييتي " ، اما اليوم فيتم استخدام مودة جديدة الا وهي" الارهاب الدولي " و " اسلحة الدمار الشامل " .

الحقيقة الخامسة :ـ ان الأمبريالية الأمريكية هي التي تشعل الحروب غير العادلة ، وهدفها الرئيسي هو الأستحواذ على ثروات شعوب العالم ، وخاصة التي تملك النفط والغاز .. بهدف معالجة ازمتها المستفحلة .

الحقيقة السادسة :ـ ان امريكا تعتمد في سياستها الخارجية ازدواجية المعايير ، فمثلا هي التي دعمت النظام الفاشي في تشيلي عام 1973 ، واعتبرته نموذجا " ديموقراطيا " وعملت ولازالت تعمل من اجل الاطاحة بالنظام الاشتراكي في كوبا على اساس انه " غير ديموقراطي " ؟ و كما تناصب العداء لكل من كوريا الشمالية وايران ولا تسمح لهما بامتلاك السلاح النووي .... اما اسرائيل الصهيونية فمن " حقها " امتلاك جميع انواع الاسلحة النووية والذرية والكيماوية ... كما ووضعت الفيتو على القادة العرب بعدم امتلاك أي سلاح عسكري حديث ؟ ناهيك عن السلاح النووي ؟ .
الحقيقة السابعة :ـ ان الأمبريالية الأمريكية هي نظام متناقض في الميدان الاجتماعي ـ الاقتصادي ، فأمريكا تحتل المرتبة الاولى في عدد الملياردرية في العالم ، وبنفس الوقت تحتل المرتبة الاولى في العالم بنسبة الجريمة والمخدرات وعدد السجناء ، وفي المديونية الداخلية والخارجية والتدخين وفي عدد قطع السلاح الخاصة ، اذ يمتلك المواطنون الأمريكان 250 مليون قطعة سلاح خاصة ؟.كما تحتل امريكا المرتبة الثانية في العالم بنسبة الانتحار والقتل والسرقة ، هذا هو مجتمع " الديموقراطية " .


رابعا ـ الحرب العالمية الرابعة ـ حربا من اجل النفط !

ان الازمة الاقتصادية ـ الاجتماعية التي عصفت بالنظام الامبريالي العالمي في الثلاثينات من القرن الماضي هي التي خلقت المقدمات لظهورالفاشية الالمانية ، والتي دفعت بهتلر بأعلان حربه غير العادلة ضد غالبية دول اوروبا والاتحاد السوفييتي ، بهدف الاستحواذ على ثروات هذه الشعوب وقيادة العالم .
ان الأزمة التي يعيشها النظام الامبريالي العالمي وخاصة الامبريالية الامريكية ،ومنذ الثلاثينات من القرن العشرين ولغاية اليوم ، واشتداد وتعميق واستمرارية هذه الازمة العامة ، هي نفسها التي دفعت ببوش الابن ممثل الطغمة الحاكمة في امريكا باعلان الحرب العالمية الرابعة غير العادلة من اجل الاستحواذ على ثروات الشعوب وخاصة " النفط والغاز .. " وقيادة العالم ، ويقود بوش حربه غير العادلة هذه تحت الشعار السيىءالصيت " من ليس معنا ... فهو ضدنا؟ " ان قوى داخلية في امريكا وخارجها هي التي كانت وراء حادث ايلول الفظيع عام 2001، ولكن امريكا وجهت التهمة مباشرة للعرب والمسلمين ، وابن لادن وتنظيم القاعدة ، على انهم كانوا وراءه عام 2001 ؟ . انها خرافة لا يصدقها حتى المجنون ، وهذا الاسلوب مشابه لما قام به هتلر عند احراقه الرايخشتاغ الالماني واتهامه للشيوعيين بذلك وشن حملته الفاشية عليهم . وكما هو معروف ان النفط والغاز هما العصب الرئيسي لبقاء وتطور الاقتصاد الراسمالي العالمي ، وخاصة الاقتصاد الامريكي ، وتوجد في العالم اليوم منطقتان غنيتان بالنفط والغاز ، وهما الشرق الاوسط وبحر قزوين ، وان منطقة الشرق الاوسط تملك 67% من الاحتياطي العالمي ، ويمتلك الاتحاد السوفييتي 15% ، وامريكا الشمالية 8% ، وامريكا اللاتينية 6% ، وافريقيا 5% ، واسيا 4,5 % ، واوروبا 1,5 % ، وعليه يمكن القول ، ان 82% من الاحتياطي النفطي العالمي موجود في منطقة الشرق الاوسط والاتحاد السوفييتي .
اما في بحر قزوين وحسب تقديرات الخبراء ، فان الاحتياطي النفطي يقدر ما بين 200ــ 230 مليار برميل ، اما الغاز فتتراوح كميته ما بين 236 ــ 350 ترليون متر مكعب .
ان الهدف الرئيسي لأمريكا من احتلالها لافغانستان كان يحمل طابعا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا في آن واحد ، وتم احتلال الأرض الأفغانية تحت غطاء ما يسمى بمكافحة الارهاب الدولي من اجل السيطرة على نفط بحر قزوين وبناء قواعد عسكرية امريكية في افغانستان وغالبية جمهوريات اسيا الوسطى ، وممارسة الضغوطات السياسية والاقتصادية والعسكرية ضد كل من روسيا والصين وايران .

خامسا ــ سيناريوهات "ديموقراطية " !

تسعى امريكا الى تحويل العالم الى مزعة اقطاعية خاصة بها ، والى بقرة حلوب غنية ورخيصة الكلفة ، من اجل تأمين وضمان امنها واستقرارها السياسي والاقتصادي ـ الاجتماعي والعسكري ، اذ اختارت امريكا اسلوبان " ديمقراطيان " نابعان من طبيعة نظامها الحاكم ضد شعوب العالم بهدف فرض سيطرتها عليه وقيادته، وهذان الاسلوبان هما : ــ
الاسلوب الاول : ــ يكمن جوهر هذا الاسلوب في استخدام القوة العسكرية المباشر ، سواء تم ذلك بموافقة مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة او بدون موافقتهما ، ويتم تنفيذ هذا الاسلوب تحت مبررات واهية الا وهي " مكافحة الارهاب العالمي ، وما يسمى تصفية اسلحة الدمار الشامل".وهذا ما جرى للشعب اليوغسلافي والافغاني والعراقي ، ولا يستبعد من ان يتكررهذا الاسلوب مع شعوب اخرى في المستقبل مع امكانية تحديثه .
الاسلوب الثاني : ــ هو اسلوب تصدير " الثورات الديموقراطية " ولكل " ثورة ديموقراطية " لونها واسمها الخاص بها ، وهذا الاسلوب الغيرقانوني لا يتم فيه استخدام الاسلحة العسكرية من الدبابات والطائرات والصواريخ عابرة القارات ... وهو يمثل اقل كلفة مادية من الاسلوب الاول ، اذ يتم ضخ الدولارات الامريكية ليتم شراء ذمم كبار المسؤولين في السلطة التنفيذية والتشريعية ، كما ويتم ايضا شراء ذمم غالبية " قادة " الدكاكين السياسية الموالية لامريكا ، ويتم العمل على تكوين " الطابور الخامس " في هذا البلد او ذاك والذي يشكل القاعدة السياسية والاقتصادية ـ الاجتماعية لأمريكا من اجل تنفيذ مخططاتها ، ويوجد اليوم في اميركا 15000 منظمة حكومية وغير حكومية والغالبية العظمى منها وثيقة الصلة بوكالة المخابرات المركزية والبنتاغون .. تقوم باعداد وتنفيذ هذه السيناريوهات الاديموقراطية ، كما حدث في جمهورية اوكراينا وجورجيا وقرغيزيا وما سيحدث لبقية جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في المستقبل القريب ، اخذين بنظر الأعتبار ضروف وخصوصية كل بلد على حدة بهدف " تطوير " هذه الاساليب القذرة ، وان ما يحدث في لبنان ... يمكن ان يتكرر مع سورية والسعودية ومصر والسودان وايران ... ويتم استخدام حجج واهية ، مثل ان الانتخابات البرلمانية كانت غير " ديموقراطية " ولم تستوفي " الشروط " الامريكية والاوربية ، او ان نسبة التزوير في الانتخابات الرئاسية كانت عالية ... طبعا في حال عدم فوز ممثلي الامريكان بالبرلمان والرئاسة في هذه البلدان . اما الأنتخابات البرلمانية في العراق فهي " سوبرللديموقراطية " وعلى النمط الامريكي ؟ ، ويمكن ان تكون " نموذجا " يحتذى به في العالم الرأسمالي " الديموقراطي " ، ان هذه الاساليب في شكلها ومضمونها تعكس اسلوب الارهاب الدولي الذي تمارسه امريكا ضد غالبية شعوب العالم .

سادسا ــ من المسؤول وماالهدف الرئيسي للحرب في العراق؟

ان نظام صدام حسين وامريكا وحلفاءها في المنطقة جميعهم مسؤولون عن حرب الخليج الاولى وحرب الخليج الثانية والحصار الاقتصادي الظالم الذي عكس حربا ابادية لغالبية الشعب العراقي ، والحرب الرابعة التي بدأ تنفيذها في أذار عام 2003 ، ولا زالت هذه الحرب غير العادلة مستمرة لغاية اليوم ، والهدف الرئيسي لها ليس" تحرير " الشعب العراقي من نظام الطاغية صدام حسين وفريقه ، بل السيطرة على نفط العراق ، فحسب تقديرات البروفيسور الروسي فلاديسلاف ليونوديفتش ، فأن الاحتياطي العراقي من النفط يبلغ 115 مليار برميل وباسعار شباط عام 2005 ، يعني ان هذا الاحتياطي يمثل مبلغا فلكيا يقدر بــ 5 تريليون دولار ، وهناك تقديرا أخر يؤكد على وجود 500 مليار طن من النفط ( الجريدة المستقلة 27/2/ 2002 ، باللغة الروسية )، ووفقا لاسعار النفط لشهر شباط 2005 فكم سيكون العائد المالي ؟؟؟ .
نشرت جريدة الشرق القطرية بتاريخ 14 مارس /2005، حول غزو العراق ، ونظرا لأهمية المعلومات الواردة فيها ، نورد ذلك لاطلاع القارىء العراقي ، وهي : ـ
حسب تقديرات المؤسسات المعنية بالنفط ، فأن العراق يمتلك ثاني اكبر احتياطي من النفط العالمي ، أي نحو 112 مليار برميل ، ويشكل ذلك 11% من الاحتياطي النفطي العالمي ، ولكن الحقيقة التي لا يعرفها الكثير ، ان العراق يملك مكامن نفطية في حدود 250 ـ 260 مليار برميل ، الا ان مؤتمرا نفطيا عالميا احتظنته واشنطن عام /1997 تؤكد ابحاثه ان مكامن النفط العراقية تحتوي على 300 ـ 450 مليار برميل .
ان ما يمييز النفط العراقي هو تنوع طبيعته ، من ثقيل جدا الى خفيف جدا ، فضلا عن ان عمره يتخطى حاجز الـ 250 عاما بالمعدل المتوسط للانتاج الذي يتراوح ما بين 3 ـ 5 ملايين برميل يوميا ، وهو يتجاوز بذلك النفط السعودي الذي لا يتجاوز 88عاما حسب تقدير منظمة اوبك ، والكويت 132 عاما ، والامارات 135 عاما . واذا ما شهد العراق استقرارا فعليا .... فأن العمر النفطي العراقي سيتضاعف بشكل سينفرد معه العراق وحده عالميا ليكون مصدر الطاقة النفطية ، وهذا ما تؤكده الوثائق والارقام من جهة ، وتدعمها الغارة الأمريكية ـ البريطانية من دون سبب منطقي لتجثم قواتها على منابع النفط العراقي .
تؤكد الوثيقة تحت رقم ( 14/128/ 2003 :
) " يتمتع العراق بطاقات هائلة ، فمن اصل حقوله النفطية الـ74 mde

المكتشفة والمقيمة ، لم يتم استغلال الا 15 حقلا بحسب محللي قطاع النفط . وتعتبر الصحراء الغربية في العراق منطقة يرتقب اكتشاف كميات كبيرة من النفط فيها لكن لم يتم التنقيب فيها بعد .
يقول السيناتور ريتشارد لوغار ، وهو ممثل الحزب الجمهوري في جلسة الاستماع حول العراق التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي في 31 يوليو حتى اغسطس عام 2002، حيث قال ( لسوف ندير شؤون النفط ، ولسوف نديرها جيدا ، وسوف نضع مالا ، ولسوف يساعدنا هذا في دفع نفقات اعادة تأهيل العراق لأن المال هناك ) . ثم يقول نائب الرئيس الامريكي ديك تشيني " ان انتاج النفط في بحر الشمال قد وصل قمته في عام 1999 ، وانه انخفض منذ ذلك الوقت بحوالي السدس ، وان الصادرات منه بالكاد تغطي الواردات ، وستصبح بريطانيا قريبا مستوردا صافيا للنفط ، ولذلك فأن تأييد جورج بوش يشير الى عزمه لاحتلال العراق ، يمكن تبريره لاعتبارات جيو ـ سياسية" .
ان الولايات المتحدة ادركت تماما حقيقة النفط العراقي ، وادركت اكثر انه مقابل حفر 2300 بئر في عموم مناطق العراق ، اضطرت امريكا لحفر ما يقارب المليون بئر في تكساس وحدها ، كما ان المؤشرات النفطية تؤكد ايضا ان حقل عكاس العراقي ، يقع في المنطقة الغربية ، يضاهي حقل الغوارفي السعودية ، وهو اكبر الحقوا النفطية في العالم ، وهذا الحقل يستطيع ان يغطي حاجة الولايات المتحدة من النفط لمدة 25 عاما ، في حين ان النفط العراقي وحده يستطيع الوفاء بحاجة امريكا من النفط لمدة 100 عام على الاقل . ( وهناك تقدير اخر يؤكد على 129 عاما !!) .
ان هذه المعلومات لا تشير او تكشف حقيقة ما يملكه العراق من مخزون ، اذا ادركنا ان 70% من الانتاج النفطي العراقي يستخرج من ثلاث حقول نفط تنتج ما يتراوح بين 2 و2,5 مليون برميل يوميا ، وهي حقول قديمة منها كركوك الذي بدأ انتاجه عام 1927 ، والرميلة الجنوبي عام 1951 والرميلة الشمالي عام 1962 ، وان المناطق الجنوبية العراقية الاخرى مناطق بكر ، حيث لم تطلها عمليات الاستكشاف .
ان النفط العراقي هو السبب الرئيسي والجوهري لاحتلال العراق ، ويجب ان يظل موضوع النفط حاضرا لمتابعة تطوراته لانه اساس الحرب ، وكذلك وجود سبب أخر وهو خلق انظمة عربية تستطيع اقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل . وبهذا الخصوص كتب المساعد السابق لوزير الخارجية الامريكي لشؤون الشرق الادنى ، روبرت بيللترو ، الى " ان الشروط التي تطلبها الولايات المتحدة من العراق قبل رفع الحصار الاقتصادي عنه هو ان ينظم الى مجموعة الدول العربية المستعدة للعيش بسلام مع دولة اسرائيل وان يكون العراق مستعدا للتفاوض على معاهدة سلام في النهاية " .
ان موضوع اقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل ، كان من الجائز حدوثه مع تطور عملية السلام في المنطقة ، الى حد توقع وزير خارجيتها اقامة علاقات طبيعية مع 7 دول عربية خلال سنوات قليلة ، الا ان موضوع النفط سيظل عصيا على محطات الوقود الامريكية ما لم تجثم قوة احتلال على الأبار والمكامن وأنابيب التصدير وحقول الانتاج !!.

سابعا ــ متى بدأ التفكير في احتلال العراق ؟

هنا يطرح السؤال التالي : هل بدأ التفكير في احتلال العراق عقب احداث ايلول عام 2001 ؟ .
في 17 مايو عام 2001 ، أي قبل احداث ايلول بثلاث اشهر ، فوجىء العالم "عدا العرب ، طبعا ، لانهم آخر من يحلل الاحداث الكبرى " ، باعلان ما يسمى خطة بوش للطاقة وجوهرها هو ( ضمان معروض مستقر من الطاقة الممكنة للمنازل والاعمال والصناعة الامريكية ، وانه من دون زيادة جوهرية في الكميات المعروضة من الطاقة ، قد تواجه الولايات المتحدة تهديدا جديا لامنها القومي وصحة اقتصادها ) .
لقد اكد كلير " ان خطة بوش للطاقة والداعية الى زيادة الاستيراد الامريكي للنفط وغيره من مصادر الطاقة في السنوات المقبلة يصعب تحقيقها ، من غير ان تتورط امريكا في الشؤون السياسية والاقتصادية والعسكرية للدول التي يتدفق منها النفط . وان هذا التورط قد يتخذ اشكالا مالية ودبلوماسية في اكثر الاحيان لكنه قد يتطلب احيانا عملا عسكريا " . هذه هي الحلول " الديموقراطية " التي تتخذها الامبريالية الامريكية . وان كانت امريكا وانطلاقا من احداث كثيرة تورطت او تدخلت بشكل او بآخر في امور دول نفطية كثيرة ، فانها تورطت عسكريا في العراق ، حيث قال الجنرال تومي فرانكس قائد القوات المشتركة ( ان غزو العراق فضيحة ) !! .
لقد كان من الضروري ان تغازل امريكا تشاد ، وهي على مشارق الدول النفطية ، وان تسعى لوقف الحرب الاهلية في السودان ، لان السودان ينتظره مستقبل نفطي واعد ، وان تدعم نيجيريا بقوة ، وان تلقي بثقلها في بحر قزوين ، قبل ان تثبت الوثائق والتحليلات ، انها اخطأت التقدير ، لأن بحر قزوين لن يكون بديلا عن نفط الخليج في القريب المنظور .
كما حذرت خطة بوش للطاقة من خطر التبعية ، حيث تقول الخطة " انطلاقا من وضعنا الحالي ، ستستورد امريكا بعد 20 سنة نحو برميلين من كل ثلاثة براميل من النفط ، وهذا سيكون بالاعتماد على دول اجنبية لا تعنيها دائما مصالح امريكا .ان المنتجين الرئيسيين هم في الخليج ، ويملكون نحو 675 مليار برميل من النفط ، اي نحو ثلثي الاحتياطي العالمي ، كما ان دول الخليج هي الاولى في الانتاج العالمي على المستوى اليومي .
يعتبر العراق في التصنيف الجغرافي احد اهم الدول المنتجة للنفط ، ليس هذا فقط بل اهم الدول التي ينتظرها مستقبل واعد في انتاج النفط ، اذا ما تفجرت المكامن النفطية لتجعله يملك وحده اكبر احتياطي في العالم . وجاءت احداث ايلول عام 2001 لتضم ادارة بوش العراق الى قائمة المتهمين برعاية الارهاب ، وكان لا بد من ايجاد رابطة بين من نفذ 11 ايلول وحكومة العراق ، وسرعان ما اختلقت وكالة المخابرات المركزية الامريكية ، ما اسمته بوثائق تربط نظام صدام بتنظيم القاعدة ، ولأن الوثائق كانت مفبركة ، قام رئيس الوزراء البريطاني ، توني بليير ، بتكريس الارتباط من خلال معلومات تبين لاحقا عدم صحتها .
لقد شنت الامبريالية الامريكية حربها ضد افغانستان على اعتبار ان بن لادن انطلق منها ، وبغض النظر فأن حكومة طالبان قد سقطت من خلال دفع الرشاوي المالية ـ الدولارات ـ لزعماء القبائل وقادة حركة طالبان ، حيث وجدت في احتلال افغانستان اقترابا اكثر من حقول النفط في بحر قزوين ، كي لا تنفرد روسيا بأكل الكعكة القزوينية بمفردها!
وبعد افغانستان حل الدور على العراق ولعدة اعتبارات اهمها هي : ـ اولا، خطة بوش للطاقة ، ثانيا، المعلومات التي تؤكد قدرات العراق النفطية ، لذا من الضروري البحث عن ذرائع لشن الحرب ، فجائت اكذوبة اسلحة الدمار الشامل ، التي دعمت بتقرير بريطاني اثار جدالا واسقط ضحايا وأقال مسؤولون ، لكن المحصلة خلصت الى انها كانت اكذوبة كبرى .
ان المشكلة العظمى التي تواجه امريكا ، هي ارتفاع وتيرة الاستهلاك من الطاقة وبشكل كبير ، وهو ما يجعل التبعية قائمة ومتزايدة . ان التبعية ستكون حادة وخصوصا في مجال النفط الذي يشكل نحو 35% من استهلاك الطاقة في الولايات المتحدة ، اذ تحصل امريكا على 53% من حاجتها النفطية من مصادر خارجية ، ولكن هذا المعدل سيرتفع الى 62% بحلول عام2020 ، وهذا يعني عمليا زيادة الاستهلاك الامريكي من النفط المستورد بنسبة 50% ، أي من 24,4 مليون برميل الى 37,1 مليون برميل يوميا ، فمن دون هذه الكميات ستجد امريكا نفسها في وضع حرج ، قد يوجه لأقتصادها ضربة قاصمة ، في وقت تفقد عملتها نحو 35% من قيمتها ، مقابل استمرار تصاعد قيمة اليورو ، وزيادة الاعتماد عليه كعملة دولية بدلا من الدولار ، الذي تسبب في خسائر بالمليارات للمودعين به .
لقد ادركت ادارة بوش ، انها مطالبة بانفاق 2,5 ترليون دولار على النفط المستورد حتى عام 2020 ، على اعتبار ان سعر البرميل نحو 25 دولار ، وفي حالة ان يكون السعر 50 دولار فأن المبلغ سيتضاعف ، ليصل الى 5 ترليون دولار ، وفي حالة زيادة اسعار النفط الى 100 دولار للبرميل فان المبلغ سيصل الى 10 ترليون دولار ، علما ان الناتج المحلي الاجمالي الامريكي يتراوح ما بين 8 الى 10 ترليون دولار !! ان هذا الوضع وصفته ادارة بوش بالخطير ، وقد زاده سوءا ، زيادة الطلب على البترول من قبل الصين والهند وبكميات كبيرة ، وهذا يعني ان هناك منافسة وتزاحما من مستهلكين غير متوقعين للمستهلك الامريكي ، ومن هنا كان لا بد من ضمان تدفق النفط العراقي ، والتدفق لا يعني انتاجا فحسب ، بل انتاجا تضمن امريكا تدفقه لمعامل تكريرها ، التي بنيت وصممت في يوم ما على اساس النفط الفنزويلي ، لتكتشف "صدفة" بعد ذلك ان نفط كركوك هو النفط الوحيد الدي يتماشى مع تصميم مصافي النفط في امريكا ، وهنا بيت القصيد ، فالصراع على محافظة كركوك لم يأتي نتيجة صدفة بل ...... ؟!.


ثامنا ــ متى قررت امريكا غزو العراق ؟

ان الاجابة على هذا السؤال يكمن بخطة بوش للطاقة ، ان التفكير في غزو العراق ، لم يكن بسبب اسلحة الدمار الشامل ، او التخلص من شرور صدام ، او وقف قمعه للشعب العراقي ، او من اجل " تحرير " الشعب العراقي ، بل كان النفط هو السبب الرئيسي ، يعقبه تحييد العراق وجعله من الدول القادرة على اقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل .
ان مؤشرات الاستهلاك الامريكي من النفط تشير الى ما يشبه الكارثة ، وكما تشير مؤشرات بحر الشمال في بريطانيا ، الى انتهاء عصره و قرب نضوبه ، لقد ادى احتلال العراق على هذا النحو ، من العنف وبحور الدم وعدم الاستقرار وغياب الامل في المستقبل ،واختطاف العراق برمته واختطاف ثرواته في العقود المقبلة ، ليكون مصدرا جيدا لانتاج النفط ، وان العراق المقبل في ضل هذه التداعيات ، سيكون اشبه بالقبرة الحلوب ، التي تغذي المستهلك الامريكي دون ان يتمكن صاحبها من شرب كوبا واحدا منها بحرية .
لقد خططت الادارة الامريكية لغزو العراق بدقة ، ومثلما كان غزو العراق ضروريا منذ 17 مايو 2001 ، كان ضروريا ايضا الترتيب لاقامة 4 قواعد عسكرية امريكية ضخمة لضمان حماية حقول النفط العراقية الحالية .
ان قرار احتلال العراق ــ كما يؤكد مصطفى امين ــ قد اتخذ في 17 مايو 2001 ، ولكن نفذ في 20 مارس 2003 ، وهذه هي الحقيقة المرة في الذكرى الثانية لاحتلال العراق .
من خلال ما تم ذكره ، يواجه الغرب الامبريالي وخاصة الامبريالية الامريكية ازمة حادة وخانقة ومستمرة في مجال استهلاك الطاقة ، وهذه البلدان يزداد استهلاكها للطاقة باستمرار ، ولاسباب عديدة وموضوعية ، ومنها الضروف المناخية ، ودخول مستهلكين جدد وكبار للطاقة ، ومنهم على سبيل المثال الصين الشعبية والهند ، وغيرها من الاسباب ، فعلى سبيل المثال بلغ حجم الاستهلاك العالمي للنفط في اليوم ما بين 75 ــ 77 مليون برميل ، وسوف يزداد في عام2010 الى ما بين 93 ــ 97 مليون برميل في اليوم ، وفي عام 2020 سوف يزداد الاستهلاك الى ما بين 115ــ 120 مليون برميل في اليوم ، وفي عام 2050 سوف تزيد نسبة الاستهلاك من النفط سنويا ما بين 2 الى 2,5,% بالمئة ، في حين ستبلغ نسبة الانتاج ما بين 1,0 الى 1,5,% بالمئة سنويا ، وبالنتيجة سوف يحدث عجزا كبيرا ما بين 1الى 1,5 بالمئة سنويا ، ومن هنا ينشأ الخطر الحقيقي على النظام الرأسمالي العالمي واقتصاده ، هذه هي البدايات الحقيقية لانهيار النظام الرأسمالي ، وخاصة في ظل غياب البديل عن النفط . وعلى هذا الاساس تسعى الامبريالية الامريكية المفرطة في همجيتها ووحشيتها ، الى فرض سيطرتها الكاملة على منابع النفط والغاز في العالم ، ابتداءا من مرحلة الانتاج والتسويق وانتهاءا بالسياسة السعرية ــ طبعا ــ اذا استطاعت ان تحقق ذلك فالمستقبل هو الكفيل باعطاء الجواب الكامل على كل هذه الاسئلة وغيرها .


تاسعا ــ مشروع الشرق الاوسط الكبير ، الخطير ،!

ان فكرة هذا المشروع قد طرحت من قبل نادي ، بيلدربيغ ، وهو واحد من أهم النوادي التابعة للحكومة العالمية ، والهدف الرئيسي من هذا المشروع هو السيطرة الكاملة على منابع الطاقة ( النفط ، الغاز ، ... ) في منطقة الشرق الاوسط ، التي تشكل 67% من الأحتياطي النفطي العالمي ، وسوف يتم اعطاء الدور الرئيس للكيان الصهيوني لقيادة هذه المنطقة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، وذلك عبر التطبيع الدبلوماسي ، واقامة السوق الأقتصادي للشرق الأوسط ، وعبر " التنسيق والتعاون " العسكري بين اسرائيل والبلدان العربية ، ويتم كل ذلك وغيره بالتعاون والتنسيق مع تركيا عضو الناتو والراعي والمشرف والرقيب الرئيس لهذا المشروع هو الامبريالية الامريكية .
ان فكرة تنفيذ هذا المشروع " الامشروع " قد بدأت خطواته الاولى عند غزو العراق من قبل القوات الامريكية ـ البريطانية ، وسوف يستمر تنفيذ هذا المشروع الهدام ـ طبعا ـ عندما لا يدرك قادة ورؤساء وملوك البلدان العربية وقادة الاحزاب السياسية الوطنية التقدمية وخاصة اليسارية منها ، مخاطر هذا المشروع التخريبي الهادف الى تحويل شعوب البلدان العربية الى عبيد يعملون لصالح الشركات المتعددة الجنسية ، احد اهم الادوات الاقتصادية للحكومة العالمية ، ولصالح ما يسمى بالمليار الذهبي !


عاشرا ــ ماهي الخسائر البشرية والمادية ؟

بلغت الخسائر البشرية للشعب العراقي من المدنيين خلال سنتين من الاحتلال الامريكي ـ البريطاني ، ما بين 100 الى 120 الف قتيل ، ما عدا الجرحى المدنيين ، الذين يفوق عددهم عدة مرات عدد القتلى ، وفق المنطق العسكري ، اما خسائر الجيش العراقي لنفس الفترة فقد بلغت ما بين 4895 الى 6370 عسكري . كما تراوحت الخسائر المادية للشعب العراقي منذ عام 1980 حتى عام 2004 ، ما بين 1,2 الى 1,3 ترليون دولار ، وهذه الخسائر تشمل : كلف حرب الخليج الاولى ، وحرب الخليج الثانية ، والدمار والتخريب للقاعدة الاقتصادية للعراق ، والتعويضات ، و فوائد الديون الخارجية ، وكلفة اعادة اعمار العراق حتى عام 2004 ، التي بلغت حسب تقدير الخبراء الامريكان 600 مليار دولار . ( الجريدة المستقلة ، في 13/8/2004 باللغة الروسية ) .والخراب الاقتصادي لا زال مستمرا وهذا يعني منطقيا زيادة كلفة الاعمار !! .
اما الخسائر الامريكية المعلنة في الصحف الرسمية ، خلال فترة الاحتلال تتراوح بين 1500 الى 2000 قتيل ، والى 20000 جريح و10800 عدد الذين اصيبوا بامراض مختلفة ( جنون ، امراض نفسية ، ... )، وفقد الجيش البريطاني كذلك 82 عسكري ، اما خسائر بقية الدول المشاركة في احتلال العراق فكانت 85 عسكري . والخسائر الامريكية في المعدات العسكرية فقد بلغت 85 دبابة و30 مروحية عسكرية و16 مدرعة مصفحة . لكن هذه الارقام لا تعبر عن العدد الحقيقي للخسائر البشرية والمعدات ، التي بلغت في واقع الامر اكثر من ذلك بكثير.


الحادي عشر ــ ما هي سمات الوضع السياسي للعراق اليوم ؟


ان من اهم السمات التي يتمييز بها الوضع السياسي في العراق حسب اعتقادنا تكمن بالأتي : ــ
اولاـ لقد انتقل الحكم السياسي في العراق من حكم الطغاة الظالمين ، الى حكم الغزاة المجرمين المفرطين في وحشيتهم .
ثانياـ اشتداد وتفاقم حدة الصراع السياسي والايدولوجي بين التيارات السياسية الرئيسية في العراق حول آفاق النظام السياسي والاقتصادي ــ الاجتماعي اللاحق ، كما و لا يستبعد استخدام الاساليب اللاديموقراطية من قبل القوى السياسية الحاكمة ضد خصومها من الاحزاب السياسية والشخصيات الوطنية .
ثالثا ـ لقد فشلت وستفشل امريكا في نهجها المتغطرس والارهابي ، والذي يكمن في سياسة الارض المحروقة ، كما فعلت في النجف وكربلاء والفلوجة وسامراء والموصل وتل اعفر وغيرها من المدن العراقية . وكما نود ان نقول لمن يطبل ويزمر للمشروع الامريكي ــ الصهيوني ، على انه مشروع يخدم مصالح الشعب العراقي ، وهو يعمل على وحدة العراق ، فهو على خطأ كبير ويجهل او يتجاهل النوايا السيئة لقوى الثالوث العالمي اتجاه منطقة الشرق الأوسط وخاصة العراق ، لأن الهدف الرئيسي لهذا المشروع الخطير هو الاستحواذ الكامل على ثروات الشعب العراقي من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ، وكذلك العمل على تفكيك العراق الى دويلات " مستقلة " وتحت مبررات واهية و " قنابل " موقوته من خلال اثارة النعرات القومية والدينية ... بين الشيعة والسنة والاكراد .... ، ان مصير هذا المشروع سيكون الفشل وسيرمى في مزبلة التاريخ ، وعلى كل القوى السياسية الوطنية العراقية والمثقفين الوطنيين والثوريين العمل على فضح وتعرية هذا المشروع الهدام ، الذي يمثل جزءا هاما من مخطط قوى الثالوث العالمي .
رابعا ــ لقد فشلت الحكومة العراقية التي استلمت السلطة منذ ابريل عام 2003 ولغاية اليوم في ايداء اهم وظائفها الاقتصادية والاجتماعية والامنية ، بسبب عدم استخدام معايير الكفاءة والنزاهة والاخلاص ، أي عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، اضافة الى ذلك انتشار " السرطان " في جسد وقلب النظام السياسي الحاكم الا وهي ظاهرة الفساد الاداري والمالي ، التي شملت جميع مرافق النظام وخاصة السلطة التنفيذية ، ناهيك من ان القيادة السياسية الحاكمة في بغداد اصبحت في عزلة شبه كاملة عن جماهير الشعب العراقي ومعاناته الاقتصادية والاجتماعية والامنية وحتى النفسية ، فتركز عمل هذه القيادة في المنطقة الخضراء فقط وتحت الحماية الامريكية .
خامسا ــ هناك قوى داخلية واقليمية ودولية تعمل بأستمرار على تأجيج الصراع بين قادة التيارات السياسية الرئيسية المتمثلة بالتيار الديني والتيار القومي العربي ( جماعة علاوي ـ الياور ... ) ، والتيار القومي الكردي ، كما ولا يستبعد من ان ينفجر هذا الصراع بين التيار الديني والتيار القومي العربي ، او بين التيار الديني والتيارالقومي العربي والكردي ، وستكون عواقب ذلك وخيمة على الشعب العراقي ، وهذا ما تهدف اليه بعض القوى الاقليمية والدولية .
ان خطر الحرب الاهلية وتقسيم العراق الى دويلات " مستقلة " لايزال قائما اليوم ، ويمكن ان يحدث ذلك من خلال تفجير عدة " قنابل ذكية " موقوتة ، منها على سبيل المثال ، محافظة كركوك ، مشروع الدستور ، مشروع الفيدرالية ، " تقاسم " ثروات الشعب وخاصة النفط ، وتأجيج النزاعات الطائفية والدينية ، والاحتراب والعنف السياسي . ان هذه"القنابل " يمكن ان يتم تفجيرها من قبل صانعيها وفي وقتها " المناسب " .
سادسا ــ غياب الأمن والاستقرار وتنامي معدلات البطالة والجريمة في المجتمع ، وغياب شبه كامل لدور الدولة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي ،واتنامي دور ومكانة ممثلي اقتصاد الظل من اللصوص المؤيدين للاحتلال الاجنبي ، من اجل الاثراء المادي السريع وغير الشرعي ، وان " قيادة " اقتصاد الظل ، تنتظر تنفيذ برنامج الخصخصة سيء الصيت ، وسوف تتعاون وتنسق نشاطها مع البرجوازية الادارية والبيروقراطية ، ومع بعض قادة الاحزاب السياسية ، من اجل الاستحواذ الكامل واللاقانوني ، على مؤسسات الدولة الانتاجية والخدمية ، وشراءها بثمن بخس ، كما حدث في روسيا وغيرها من بلدان رابطة الدول المستقلة . هذا هو جوهر وصفة صندوق النقد والبنك الدوليين .
سابعا ــ لم تتسم الانتخابات البرلمانية السابقة لا بالعدالة ولا بالنزاهة ولا بالديموقراطية ولا بالتكافؤ في فرص النشاط والدعاية ، ناهيك من انها قد تمت تحت هيمنة واشراف مباشر من قبل قوات الاحتلال الاجنبي ، فعكست هذه الانتخابات تفاقم حدة الصراع والعنف بين التيارات السياسية المتمثلة بالتيار الديني ووالتيار القومي العربي والتيار القومي الكردي . من الضروري ان يتم تجاوز هذه الثغرات في الانتخابات البرلمانية القادمة في منتصف كانون الاول 2005 ، والتي يجب ان تتم وفق مبدأ الديموقراطية والتكافؤ والنزاهة في فرص النشاط والعمل السياسي والدعائي والاعلامي ، بين التيارات السياسية العراقية ، وكذلك فيما يخص المال ووسائل الاعلام وخاصة التلفزيون ، وحياد كامل للسلطة التنفيذية ، وعدم استخدام الجهاز الاداري من قبل أي جهة سياسية لصالحها ، كما ويجب الابتعاد عن اسلوب التزوير وشراء الذمم ، والاسراع والدقة والموضوعية في عملية فرز الاصوات والنتائج ، وان تجري هذه الانتخابات البرلمانية تحت اشراف ممثلي جميع الاحزاب والمنظمات المهنية والجماهيرية العراقية ، والبرلمانات العربية والاتحاد الاوروبي ، ومنظمة الامم المتحدة من اجل ضمان نزاهتها، ان تعطي هذه الجهات تقييمها الموضوعي حول مسيرة الانتخابات البرلمانية العراقية .


الثاني عشر ــ بعض السمات الخطيرة في المجتمع العراقي .


ان الوضع السياسي والاقتصادي ـ الاجتماعي والامني في العراق اليوم محفوف بالمخاطر الجدية ، ولا يمكن ان يستمر هذا الوضع على ما هو عليه طويلا وذلك بسبب ،ــ فقدان شبه كامل للأمن والاستقرار في عموم البلاد تقريبا ، لضعف دور الحكومة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية ، أي بمعنى آخر فشلها في ايداء مهامها الرئيسية ،وفقدان ثقة الغالبية العظمى من المواطنين العراقيين بالحكومة العراقية ، اضافة للعداء والكراهية لقوات الاحتلال الاجنبي ، وتفشي الامراض الخبيثة للنظام الرأسمالي في المجتمع والاقتصاد العراقي ، وبدأت هذه الامراض تنخر وتفتك في جسم وعقل المواطن العراقي ، ومن اهم و اخطر هذه الامراض هي : تنامي معدلات البطالة والتضخم النقدي المفرط ، وظهور المافيات الاجرامية ، وتدهور المستوى المعاشي للغالبية العظمى من المواطنين ، تدهور مستمر للقطاعات الانتاجية المادية ، وضعف الخدمات الطبية ، واستمرار عمليات الاغتيال والاختطاف ، سواء لاسباب سياسية او اقتصادية او مذهبية ،وظهور اسلوب جديد مدان ، الا وهو اسلوب السيارات المفخخة والانتحاريين ، والاستهتار المتعمد من قبل قوات الغزو الامريكي ـ البريطاني ، سواء في حركتهم اليومية في الشوارع العراقية بدباباتهم ومصفحاتهم العسكرية والتي تثير حقد ومشاعر المواطنين العراقيين ، اضافة الى عرقلة سير المواصلات ولفترة طويلة ، والمداهمات الليلية للعوائل العراقية ضاربين عرض الحائط كل الاعراف والقييم الاجتماعية للشعب العراقي ، وعدم احترامها ، والاعتقالات الكيفية للشباب والرجال والنساء وحتى الاطفال " بحجة " انهم يؤيدون ويساندون " الارهاب والارهابيين " ! ، وكما يلاحظ ان الغالبية العظمى من وكلاء امن النظام السابق قد تحولوا الى وكلاء امن لقوات الاحتلال الاجنبي ، ويقدمون لهم المعلومات الملفقة عن العراقيين لقاء حفنة من الدولارات . ومن خلال هذه اللوحة السياسية والاجتماعية المعقدة في العراق نقترح الاتي :
اولا ــ العمل الجاد والسريع على وحدة كافة القوى الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال الاجنبي في جبهة وطنية عريضة ، وان تطرح برنامجها السياسي والاقتصادي ـ الاجتماعي مباشرة على جماهير الشعب العراقي ، ويجري التأكيد على ضرورة الالتزام ببناء مجتمع ديموقراطي عادل ، والاقرار بالتعددية السياسية ، والعمل الجاد لاعادة اعمار البلاد خلال فترة زمنية محددة ما بين 10 ـ 15 سنة ، والعمل على ضمان الامن والاستقرار وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع .
ثانيا ــ العمل الجاد على تحشيد جماهير الشعب العراقي ، وخاصة الشباب منهم للنضال العادل والمشروع من اجل انهاء الاحتلال الاجنبي ، واستخدام كافة اساليب النضال المشروعة من اجل تحرير الشعب العراقي وارجاع كامل السيادة الوطنية الحقيقية للشعب العراقي .
ثالثا ــ على كافة الاحزاب العراقية ان تعلن وتدين وتندد وتتخلى عن اسلوب السيارات المفخخة ، والانتحاريين ، وعمليات الخطف والاغتيال السياسي ، سواء كان ذلك لاسباب سياسية او اقتصادية او مذهبية ، لان هذه الاساليب والعمليات ،اعمالا مدانة ولن تخدم نضال الشعب العراقي ، بل العكس سوف تلحق الضرر الكبير في النضال الوطني العادل من اجل طرد الغزاة المحتلين ، وبنفس الوقت فأن هذه الاعمال الغيرانسانية والتي يذهب ضحيتها الالاف من ابناء الشعب العراقي ، سوف تشوه النضال العادل والمشروع من اجل تحقيق الهدف الرئيسي الا وهو تحرير العراق ارضا وشعبا من كافة قوات الاحتلال الاجنبي .

الخاتمة :


اولا : ان المعيار الوطني لأي حزب او منظمة سياسية او اجتماعية يتحدد بالدرجة الاولى بالموقف من قوات الاحتلال الاجنبي للعراق ، فمن يقف مع قوات الاحتلال الاجنبي واستمراريتها وتحت مبررات واهية ، سوف يضع نفسه سواء بشكل مباشر اوغير مباشر في خانة معاداة شعبه ، ويجب ادراك الحقيقة الموضوعية ، وهي ان امريكا وحلفاءها سوف يهزمون ويرحلون من ارض العراق اليوم اوغدا ـ كما يقال ـ ويهزمون كما هزموا في كوريا الشمالية وفييتنام والصومال وغيرها من الدول .
ثانيا : يدور الصراع اليوم بين النظام الامبريالي العالمي بقيادة امريكا وبين معسكر الشعوب التواقة للسلام والرخاء والتقدم الاجتماعي والاقتصادي ، وان الحكومة العالمية التي تقود وتوجه الصراع الدولي بشكل غير علني من خلال استخدامها لأدواتها المالية والاقتصادية والعسكرية الدولية ، وبهذا الاسلوب فانها ادخلت نفسها في صراع مباشر مع فقراء العالم قاطبة لصالح ما يسمى بالمليار الذهبي ، ويعكس هذا الصراع التناقض الصارخ بين الرأس المال العالمي وبين العمل على الصعيد العالمي .
ان ما حدث في فرنسا اوائل تشرين الاول عام 2005 من انتفاضة للفقراء الفرنسيين ، و الفقراء من اصول غير فرنسية ، اذ اقدموا على حرق السيارات وبعض المؤسسات الخدمية والمواجهة المباشرة مع البوليس الفرنسي ، حيث فقدت فرنسا سيطرتها الامنية على عدد غير قليل من المدن الفرنسية ، ويعود السبب الريئسي لانتفاضة الفقراء الفرنسيين الى تفشي البطالة والفقر والتمييز العنصري ، وهذه الانتفاضة تحمل سمات الحرب الاهلية ، وكما لا يستبعد من ان ينتقل هذا النموذج " طبعا " مع تحديثه الى دول اوروبا الراسمالية ، ورابطة الدول المستقلة ، ودول اوروبا الشرقية ، بالاضافة الى ما يحدث في امريكا اللاتينية من مقاومة شعبية للغزو الامبريالي الامريكي لهذه القارة. ان هذه الاحداث التي وقعت في العالم الراسمالي وفي امريكا اللاتينية ... ما هي الا دليل حي وملموس على تفاقم حدة الصراع والتناقض بين العمل والراسمال ، وفشل العلاجات المؤقته لازمات النظام الراسمالي المتمثلة بـ " الديموقراطية ، وحقوق الانسان ، واللبرالية " ، وكما تعكس هذه الاحداث ايضا فشل النظام الامبريالي العالمي ، في معالجة وحل مشاكله وتناقضاته الاجتماعية والاقتصادية والايديولوجية .
ثالثا : ينبع خطر الحرب الكونية على العالم من النهج الامريكي المتوحش والمتعطش لأراقة دماء الشعوب من اجل الاستحواذ الكامل على ثرواتهم بهدف انقاذ النظام الامبريالي العالمي المصاب " بمرض السرطان " وفي حالة استمرار هذا النهج الخطير فان امريكا سوف تدفع شعوب العالم نحو كارثة حقيقية وستكون عواقبها وخيمة على كافة شعوب العالم ، ولكي يتم ابعاد هذا الخطر الكوني نقول ـــ يا اعداء الامبريالية العالمية اتحدوا من اجل افشال خطر الحرب الكونية عن العالم وانقاذ الشعوب من الهلاك والفناء .