صراع اللصوص في الشرق الاوسط


عادل احمد
2016 / 1 / 10 - 21:19     

تمر منطقة الشرق الاوسط برمتها في الازمة والفوضى السياسية والحروب وعدم الاستقرار. وان هذه الفوضى الناتجة عن صراع الاقطاب العالمية والمحلية في هذه المنطقة بحثا عن القوة والسيطرة ومناطق النفوذ وتقسيم هذه المنطقة من جديد بين اكثر اللصوص القوية عسكريا. ما اشبه اليوم بالبارحة! امريكا اللاتينية في مطلع الخمسينات وحتى السبعينات كانت نقطة وبؤرة السياسية والصراع بين الغرب بقيادة امريكا والاتحاد السوفيتي السابق، ومثالا لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في العالم انذاك. اما اليوم فأن الشرق الاوسط يمثل نقاط تقاطع الصراعات العالمية والاقليمية. ووصلت الفوضى الى درجة بأن طويت فيها صفحة القضية الفلسطينية والصراع العربي - الاسرائيلي.
تبدوا في الظاهر بأن الدول الغربية جميعا في حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي ونمط الحياة فيها يسير في حالة روتينية ونوعما مزدهرة، وتبدوا انظمة الدول الغربية اكثر انسانية مع مثيلاتها في الدول الفقيرة والمتأخرة اقتصاديا. وتبدوا الجنة موجودة فقط في الغرب وبقية العالم يتحرق بنار جهنم بسبب الجهل وتقاليد مجتمعاتها ونمط اقتصادها. ويفتخر الغرب كثيرا بأنجازته وعلومه التكنولوجية وصناعاته ورساميله وقوة بنوكه المالية، وصناعاته العسكرية. وحتى يبدو ان الانسان الغربي اكثر احتراما وقيمة من الانسان الشرقي.. انها صورة مؤلمة للمجتمع البشري بهذه التقسيمات والتصنيفات المصطنعة من الانسان نفسه.. تبين هذه الحالة جوهر وماهية النظرة اللاانسانية للمجتمعات الحالية والمجتمع الرأسمالي المعاصر.
ان عالمنا اليوم يحكمه اللصوص والقتلة! تحكمه انظمة اللصوصية وانعدام العدالة والقيم الانسانية. ان الاغنياء كبيرهم وصغيرهم هم لصوص محترفين قانونيا ويتقاتلون مع بعضهم البعض من اجل الكسب اكثر والسيطرة على العالم اكثر. ان الدول الغربية وانظماتها هم اللصوص الاقوياء والاكثر غنى والاكثر تنظيم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا، الكل حسب درجة غناه ومقدار الرساميل في بنوكه وفي اسواقه. وان هذه القوة والمكانة الاقتصادية والعسكرية مكنت لهذه الدول فرصة التدخل والشراكة مع بقية اللصوص الصغار لتقسيم العالم فيما بينهم، ونهب كل الثروة الناتجة من عمل وكدح الانسان العامل والطبقة الفقيرة. ان اللصوص مهما كانت درجتهم ومهما كانت اناقتهم فهم يبقون لصوص. وان الغرب الصناعي مهما ظهر بأنه انساني فلا يمكنه اخفاء عملياته اللصوصية. ان الانسان العامل والكادح في المجتمعات الغربية يعمل ليلا ونهارا فقط من اجل ادامة حياته لا اكثر ولا اقل، ولا يجني في النهاية غير مصاريف مراسيم جنازاته ومكان دفن موتاه.. وان اللصوصية البرجوازية تعصر دم وعرق جبين الفقراء حتى اخر لحظة من حياتهم كي يتراكم الرأسمال في البنوك اكثر واكثر. كل هذا يحدث تحت مسمى الديمقراطية والبرلمانية التعددية.
اما في دول الشرق والدول الفقيرة فيحكمها اللصوص الصغار بدرجة اقل. وان هؤلاء اللصوص هم ايضا يمتصون دماء الفقراء في بلدانهم ولكن بمساعدة اللصوص الكبار في الدول الغربية. ان كل الانظمة في الشرق الاوسط مرتبطة بالغرب سياسيا وعسكريا واقتصاديا من اجل اقتسام الغنائم والثروة. وان اللصوص الكبار في الغرب لديهم شراكة مع اللصوص المحليين في الشرق الاوسط، وان الحروب والفوضى وعدم الاستقرار هي ناتجة عن صراع اللصوص الكبار فيما بينهم من جهة مع اللصوص الصغار من جهة اخرى. الحرب الدائرة في اليمن وسوريا والعراق وعدم الاستقرار في مصر وتونس وفلسطين ولبنان وفوضى الصراع بين السعودية وايران في المنطقة، والاتفاقات المخفية بين الكتل والجماعات الارهابية والوحشية والدول مثل تركيا والسعودية وايران، ومع لصوص صغار منهم البارزانيين والطالبانيين والصدريين النجيفيين وغيرهم، ماهي الا عملية لصوصية من اجل القوة والسيطرة وجمع رساميل اكثر. ان كل هذه الفوضى وعدم الاستقرار السياسي في الشرق هي عملية يخطط لها اللصوص الكبار في الغرب الديمقراطي وبمساعدة مباشرة منهم. ان الغرب المستقر يعيش على انقاض فوضى الشرق.. وللاسف الصورة تظهر الغرب بأنه أنساني وحامي الأنسانية.
ان الغرب ظهر لديه احساس بالخطر عندما اندلعت الثورة في تونس ومصر، لان الثورة قطعت يد اللصوص وكشفت نوياهم وجوهر اللعبة القذرة للغرب الديمقراطي في الشرق الاوسط. واندهش الغرب بأندلاع الثورة في الشرق الاوسط وحاول التدخل بكل امكاناته لكي لاتبلغ الثورة هدفها في النهاية وتقطع ايدي اللصوص التابعين لللصوص الكبار في الغرب... وجاهدوا بكل امكاناتهم لتوجيه الوعي الجماهيري الثوري الى شيء اخر وهي ان الثورة في الاخير لا تجلب الا الفوضى وعدم الاستقرار.. واستطاعوا بالفعل توجيه كل الاحتجاجات الجماهيرية في الشرق الاوسط الى الفوضى السياسية، عن طريق تدخلهم عسكريا وسياسيا مثلما حدث في كل من ليبيا وسوريا، وسياسيا في كل من تونس ومصر واليمن. ان اللصوص الكبار الغربيين والصغار الشرقيين اتفقوا على ان يخمدوا ثورة الجياع والفقراء ويعاقبوهم من جراء وقوفهم بوجه الاغنياء واللصوص والقتلة.
ان موت الانسان في سوريا واليمن والعراق وليبيا يوميا وتجويعهم في كل وقت وتشريد الملايين منهم، وغرق المئات في مياه البحار والمحيطات، وظهور عصاباة الموت والقتل الوحشي.. كل هذا من اجل اقتسام الثروة والغنائم بين اللصوص الكبار والصغار. هذا هو النموذج الحضاري للنظام الرأسمالي والتي تفتخر به البرجوازية بانه اكثر انسانية. ولكن أن تخلو عن الاسلحة والجيش والشرطة، واذا انهوا التعذيب والخوف والسجون فلا يتحمل سلطانهم البقاء يوما واحدا من المواجه مع القوة الانسانية للفقراء والجياع العالم. ان الفقراء في الشرق والغرب عليهم ايقاف تطاول يد اللصوصية الكبيرة والصغيرة. وان ثورة الجياع هي التي بامكانها أن تقلب الفوضى الى الاستقرار السياسي لصالح عامة الشعب. وان ثورة الجياع ما هي الا ثورة الطبقة العاملة والجماهير الكادحة بالضد من النظام الرأسمالي.