مآثر:ستالين-بيريا ومفوضية(المسوخ)للشؤون الداخلية!!!(7)


ماجد الشمري
2016 / 1 / 1 - 18:42     

"سوف تخفق مشاريع ستالين..فلا يمكن لاحد ان يوقف مجرى التاريخ بمسدس.ان الستالينية محكوم عليها.وهاهي تتعفن وتتحلل امام اعيننا،وسيكون قريبا ذلك اليوم الذي يرمى بجثتها المهترئة في مجارير التاريخ"..
-ليوفا برونشتاين-


الكذب،النفاق،الوشاية،الجبن الاخلاقي،انحطاط الضمير،الخسة المرائية،الانتهازية،الوصولية،كل مضادات القيم هذه وغيرها من رذائل، من مظاهر الانظمة الشمولية،والمتسلطة،وليس من الغريب ان تتشوه الاخلاق،وتنكسر القيم،ويتبلد الضمير،عندما يسود الخوف والرعب حياة الناس اليومية!.تلك الخلال الشاذة والمختلة،والقسوة المفرطة، التي زرعها ستالين ورهطه الامني في نفوس اجهزة سلطته وقمعه،كقيم معكوسة تبرر وتخدم سيطرته،والتي جرفت نبل وسمو المباديء الثورية التي سعى لينين،واستهلك حياته من اجل ترسيخها كقوة مادية لدى الجماهير الكادحة.والتي مسخت لدى انصاف البشر الى نقيضها.ليبدأ العد التنازلي للانهيار المقبل في نهاية الثمانينات!.
فالكذب هو الصدق،والنفاق هو الاستقامة،والوشاية هي الوطنية والولاء للقائد،والجبن الاخلاقي هو الانضباط والتوحد والاصطفاف خلف الملهم،وانحطاط الضمير هو العقيدة الحقة والوفاء،والخسة والرياء هي الوسيلة الناجعة لكشف اعداء الشعب والعملاء،والوصولية الانتهازية هي التنافس والتزاحم لاثبات الولاء والطاعة،وازاحة وتدمير المارقين والمشكوك بأمرهم من الاعداء المتخفين!.
مسوخ مشوهة من قطيع اعمى وابكم يعبد دجالا مستبد،وكأنه مسيح المؤمنين الاتباع!.
كودريامنتسيف،سكرتير منظمة كييف الحزبية،وفي اجتماعاته الحزبية،كان يسأل الشيوعيين في منظمته قائلا:"هل كتبتم عن احد بلاغا؟"!!.هذا التثقيف المريض والمختل والمشكك واللااخلاقي في المنظمات الحزبية بات نهجا شاملا،لتعميم ثقافة الوشاية والدس والتجسس داخل الحزب،واصبح من الواجبات الملزمة على الاعضاء،والمضي في ممارسته بحمية"ثورية"وعلى نطاق واسع!.وطالت تلك المبدأية السقيمة والفظة الى التنكيل بنصف اعضاء الحزب،فنصف يشي،والنصف الاخر موشى به!.ولم يسلم منه حتى كودريامنتسيف نفسه بتوجيهاته الصارمة عن ضرورة كتابة البلاغات والتقارير بحق الرفاق،فكان واحدا من ضحايا نهج الوشاية وتنشيطها!.
في قرار الاجتماع العام للجنة المركزية في كانون الثاني(يناير)عام1938والذي جاء فيه:"يوجد عدد من الشيوعيين الطامحين الى مناصب عليا يحاولون البروز والترقي على حساب التنكيل وطرد اعضاء الحزب وفي محاولة منهم لحماية انفسهم من الاتهام لعدم كفاية اليقظة والحذر يلجأون للوشاية واستخدام التنكيل بدون اساس ضد اعضاء الحزب".تقرير اللجنة المركزية هذا والذي شخص الخلل الخطير والمنحرف داخل الحزب، والذي كان يجب ان يعالج هذه الظاهرة الخطيرة،والتي ستنخر الحزب وتدمره لم يؤخذ به ولم يؤثر في الحملة المعدة والمقررة من القيادة السياسية البيروقراطية المتعفنة للاستمرار بالتنكيل والتصفيات وتخريب الحزب!.
فتوجيهات الاجتماع العام كانت على العكس تحث على السحق الكامل لل"الاعداء المتخفين"!.وهنا ندرك حجم النفاق،وزيف شعار ستالين:"تقدير الكوادر"والانسان كقيمة عليا لايجب التفريط فيه،مهما بلغت الاخطاء.
ومن آلاف رسائل الوشاية نقرأ هذه الرسالة،والتي تذكرنا بتقارير البعث الفاشي المميتة ابان حقبة صدام المظلمة والمرعبة!.:"الرفيق مالينكوف:
انا نائب وحدة في قوات مفوضية الشعب للشؤون الداخلية.اليوم جرى اجتماع بخصوص منح وسلم"النصر للرفيق ستالين.دعي الضباط فقط للاجتماع،ولم يدع الجنود.الجنرال بروفكين قاد الاجتماع بشكل غريب.ثلاثة او اربعة اشخاص فقط القوا كلمات،وانتهى الاجتماع،وقبل انهائه قالوا ان جزءا من الموجود سيذهب الى الحصاد،وان مسؤول القسم السياسي كوزنيتسوف سينتقل الى مكان آخر للخدمة.اجتماع سياسي هام كهذا الاجتماع الخاص بمنح الرفيق ستالين وسام"النصر"نظم بشكل مبتذل ومتسرع وممسوخ"!!.الا تشمون اعزائي القراء رائحة النفاق والتملق والرياء العفنة،والمزايدة على عبادة الفرد،والتحريض الحقير ضد من لم يأخذوا(منح الرفيق ستالين وسام النصر)على محمل الجد وتقديم فروض العبادة والتقديس!.وبدلا من الاحتفال المهرج والمبجل بطقس كرنفالي لاهوتي هو الاكثر اهمية،توجهوا لعمل تافه وثانوي مثل الحصاد!.
وكما هو متوقع همش مالينكوف على الرسالة :"تحول الى بيريا"!!.وكأنها تحول الى عزرائيل ليقرر مصائر التعساء!.
وحتى بعد ان خفت حدة القمع والتصفيات الدموية،طالب ستالين بأنهاء "القضايا المعلقة والتي لم تغلق بعد"!.وبدلا من الافراج عن المعتقلين الابرياء،والاعتذار لهم كما يفترض العدل والانصاف،جرفت الموجات الاخيرة من الموت اشخاصا جدد!.
هاكم تقريرا للوغد اورليخ من تلك الفترة:"اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي:الرفيق ستالين-
من تاريخ21شباط(فبراير)الى14أذار(مارس)1939في الهيئة العسكرية للمحكمة العليا في الاتحاد السوفييتي،وفي محاكمات موسكو،بت في قضايا436شخصا،والمحكومين بالاعدام413شخصا نفذت احكام الاعدام على اساس القانون الصادر في1/12/1934،في جلسات المحاكمة اعترف قسم بأنهم مذنبون(يغوروف،سميرنوف..)بعض المتهمين انكروا الاعترافات التي ادلوا بها اثناء التحقيق قبل المحاكمة،ولكن تم اثبات جرائمهم بأدلة اخرى..16/3/1939/ممثل الهيئة العسكرية للمحكمة العليا/القانوني العسكري/اورليخ".
خلال اقل من شهر جرى اعدام المئات !!.ومايلفت الانتباه في تقرير اورليخ المجرم،انه يكذب بوقاحة القتلة،فقد اورد في تقريره ان يغوروف"اعترف"و"حوكم"و"اعدم"!وهذا تزييف للوقائع،فيغوروف لم يعترف،ولم يعدم،بل مات تحت التعذيب ومن جراءه!!.
تشوبار البلشفي الشريف القديم الذي كان في هيئة المكتب السياسي منذ المؤتمر الخامس عشر،وطرد من المكتب السياسي عام1938وبسبب رسالته الى ستالين،والتي حددت وقررت مصيره،ورد في خاتمتها:"لقد حاولت عدة مرات ارسال هذه الاراء لكم،ولكني فشلت،ولست السبب في ذلك،ومن المؤسف والمؤلم الاعتراف انه يتوجب علي الان ان اترك عملي بسبب سيل التهم الباطلة ومكائد اعداء الشعب،ولكني سأعمل في اي مكان تقررونه لي،وفي كل مكان،وسأناضل بشرف واخلاص من اجل قضيتنا المشتركة،ومن اجل ازدهار الاتحاد السوفييتي ومن اجل الشيوعية/شوبار".
ارسل ستالين تلك الرسالة الى يوجوف-فهو المتخصص في نبش النوايا وكشف هويات اعداء الشعب!-.وبعد حين وصل الى ستالين تقرير اورليخ المنتظر بأعدام شوبار!!.
ستالين الذي كان يزعم ويدعي باهتمامه بمصير الانسان،وكادر الحزب،وكل شيوعي،ومهما كان ذنبه،لايستحق التصفية الجسدية،كان يوقع بلا تردد وبدم القتلة البارد قوائم الاعدام الهائلة التي تصله من جلاديه في تلك الفترة الدامية.
اي نوع من(الاشتراكية)الجهنمية تلك التي كان يطبقها ويحققها"محبوب الشعب"وهي معبدة بملايين الجثث البشرية؟!..
في المؤتمر العشرين صرح خروشوف قائلا:"لانستطيع اعتبار تصرفات ستالين تصرفات مستبد مجنون،لقد اعتقد انه يجب التصرف كذلك لمصلحة الحزب والجماهير الكادحة وللدفاع عن مكتسبات الثورة،وفي هذا تكمن المأساة"!.
ان خروشوف يحاول بفذلكته العرجاءهنا التخفيف من هول جرائم سيده السابق،ويظهره بمظهر البلشفي المستقيم سليم النية والقصد،والذي اجتهد واخطأ،ولابأس بذلك فله اجر!. فمن اجل الغاية النبيلة تهون حمامات الدم!!.وخروشوف احد شركاء ستالين في جرائمه ويده ملطخة بالدم كزعيمه الاوحد يخرف متعمدا ويبرر ديماغوغيا،ولايقول صراحة،فضميره ميت!.انه :وبأسم مكتسبات الثورة والاشتراكية/ومصلحة الحزب،والجماهير الكادحة،كانت ترتكب المجازر،والابادة الجماعية لرفاق لينين من الحرس البلشفي القديم!!.
في الاجتماع العام للجنة المركزية عام1937 اقر في الاجتماع ليس فقط:"يلزم مفوضية الشعب للشؤون الداخلية بتنفيذ قضية كشف وسحق التروتسكيين والعملاء الاخرين الى النهاية،وقمع اي ظهور صغير لاعمالهم المعادية للاتحاد السوفييتي".ولكنه اقر ايضا:"تعزيز كوادر مفوضية الشعب للشؤون الداخلية"!.
وهذا يعني ببساطة مزيدا من القتل والاعدام ومزيدا من الاجتذاب لقتلة جدد الى مفوضية المسوخ هذه!.ف"التعزيز"لايحتمل الا تفسيرا واحدا وهو المضي قدما في التنفيذ الاعمى والحازم لتحقيق ارادة"القائد في تدمير كل صوت مخالف او معترض او ناقد لما يجري من تجاوزات فادحة وتنكيل شنيع بالرفاق!.
لقد كانت قوة وجبروت ستالين تكمن في آلية الحزب،وبدونها هو لاشيء،فقد الغى زمرته الخاصة،والتي وقفت بجانبه وساعدته في تصفية كل معارضيه،واقام بدلا منها زمرا اكثر التصاقا وولاءا له،وحرصا عليه من عملاءه السريين،ورغم ان المكتب السياسي الذي اختير في المؤتمر السابع عشر للحزب كان من عشرة اعضاء،الا ان القرارات التي كانت تتخذ على الاغلب،كانت تقتصر على دائرة ستالين الضيقة:مولوتوف،كاغانوفيتش،فورشيلوف،ثم لاحقا :جدانوف،وبيريا!.
فقد شكل ستالين داخل المكتب السياسي ماسماه:باللجان الخمسة،والستة،والسبعة،هذا النظام الذي استحدثه ستالين من اللجان،والذي وصفه خروشوف نفسه في المؤتمر العشرين ب"لعية الورق"!.هو الذي همش المكتب السياسي واللجنة المركزية وجعل من قادة الحزب جنود شطرنج لااكثر!.
فكل القرارات كانت حصريا بيد ستالين لاغيره،ولم يعد هناك،كما كان على عهد لينين تلك الديمقراطية الضرورية وتعدد الاراء والاختلاف الحيوي والصحي داخل الحزب،فقد دفنها ستالين، فكيف يتمتع الشعب بالديمقراطية والحزب الذي يقود السلطة نفسه يفتقر اليها؟!.مع تفرد محبوب الشعب بالسلطة لم يعد هناك تلك الخرافة الشكلية والمضحكة عن القيادة الجماعية للحزب!!!.فالكل يؤيد بلا اعتراض مايقرره الحبر الاعظم!!!.
....................................................
وعلى الاخاء نلتقي...