لماذا نرفض الرأسماليّة؟ — (الجزء الأول)

هاري ماجدوف وفريد ماجدوف
2015 / 12 / 16 - 19:31     

مالعمل - فريق الترجمة

scatter«حطّم العالم القديم، ابنِ عالمًا جديدًا» (ملصق دعائي صيني، 1967)
تتضمن الحجة ضد الرأسمالية على عدد من الجوانب. الجانب الأول، هو أن الرأسمالية هي نظام لا بد من أن يتوسع – مما يؤدي للحروب الاستعمارية والإمبرالية والهيمنة الاقتصادية على الدول الأكثر فقرًا. تقومُ أسُس النظام الرأسمالي بخلق ثروةٍ ضخمةٍ يجاورها فقرٌ مدقع على الصعيدين الوطني والدولي. ونتيجةً لذلك، فإن جزءًا كبير من البشرية محكوم عليها بالتبعية، حيث يعيش العديد منها حياة بائسة وغير مستقرة. تنزعُ الرأسمالية أيضًا – مع تطورها ونموها – لإلحاق الدّمار بالبيئة بسبب عدم وجود أي هدف منهجي لها غير السعي وراء تراكم رأس المال، فهي قوة تحركها الرئيسية. تنزعُ الرأسمالية أيضا لاستهلاك واستنزاف الموارد الطبيعية – المتجددة والغير متجددة – دون أي اعتبارٍ لطبيعتها المحدودة. وعلى الرغم من إمكانية تخفيف أسوأ آثار الرأسمالية، إلا أنّ الرأسماليين بإمكانهم أن ينزعوا هذه الإصلاحات إن اعتبروها حواجزًا تعيق تراكم رأس المال وأصبحت لديهم السلطة التشريعية للعودة إلى ظروفٍ أقل تقييدًا، عن طريق حلّ الضوابط التنظيمية.

التوسّع المتأصّل في الرأسمالية

مع نشأة الرأسمالية التجاريّة (mercantile capitalism)، أصبحت التجارة من أجل تحقيق مكاسبٍ مالية واستخراج معادن ثمينة الدافع المهيمن مركزيًا لدى المجتمع، مما أدى إلى تراكم الثروة لدى التجار والمصرفيين في البلدان القوية. وقد أدى ذلك إلى صراعاتٍ بين الفئات الاجتماعية وحروبٍ بين الأمم الباحثة عن المزيد من السلطة والممتلكات والثروة. لكن، شكلت المحيطات قيودًا على التجارة الأوروبية مع الأجزاء الأخرى من العالم – حتى أواخر القرن الخامس عشر – لاقتصارها على الطرق البرية. كان استكشاف المحيطات من قبل الدول الأوروبية في هذا الوقت ممكنًا بسبب تطوير المدفعية القوية، والأدوات الملاحية الجديدة، وسفنٍ شراعية كبيرة باستطاعتها حمل عدد كبير من الجنود والمدافع، حيث أشار كارلو سيبولا في كتاب «البنادق والأشرعة في المرحلة المبكرة من التوسع الأوروبي (1400-1700)» أنّ «الأوروبيّين قد حسّنوا بسرعة» التكنولوجيا العسكرية، ومدفعية البحرية، والسفن الشراعية «قبل أن يتمكن غيرهم من استيعابها. ونتيجة لذلك، فقد ازداد الاختلال في القوّة تدريجيًا».

غالبا ما كانت التجارة من أجل المنتجات ذات القيم العالية كالتوابل والمعادن الثمينة الدافع الأول للاستكشافات الأوروبية والفتوحات الخارجية. لم يستغرق الأمر إلا بضعة عقود حتى أصبحت الدول الأوروبية القوى المهيمنة على المحيطات وكسبت النفوذ إلى العديد من الدول حول العالم. وما أن وصلت الدول الأوروبية إلى تلك المناطق حتى شرعوا في إقامة مستوطنات صغيرة، وقد تمكنوا من توسيع مستوطناتهم بشكل كبير خاصة بعد هلاك وفناء سكانها الأصليين عقب إدخال الجراثيم الأوراسية والتي لم يكن لدى السكان الأصليين أي مناعة ضدها. على الرغم من أن الاندفاع لخارج أوروبا لم يبدأ إلا مع أواخر القرن الخامس عشر، إلا أن عام 1500 غالبًا ما يشار له كبداية عصر الرأسمالية التجارية. خَلقت الرأسمالية التجارية سوقًا عالميًا، وتمركزًا هائلا للثروة (مستندةً بشكل كبير على تجارة الذهب والفضة المسروقين من القارّتين الأمريكيتين)، وبداية الاستعمار الذي أثر على قطاعات كبيرة من العالم. أُبيدَ السكان الأصليّون بالحروب، والعبودية، والأمراض، والتهميش. وتركزت الأسواق الأوروبية مع أفريقيا لعدة قرون على تجارة الرقيق، والتي أفادت بريطانيا في الدرجة الأولى.

خَلقت الرأسمالية التجارية السوق العالمية وساعدت في توفير الثروة المتراكمة التي أدت لنشوء الثورة الصناعية في منتصف القرن الثامن عشر. وبالتالي، منذ حوالي قرنَين ونصف تطور مجتمعٌ جديدٌ في أوروبا الصناعية – الرأسمالية الصناعية – وانتشر منذ ذلك الحين ليصل إلى كل أركان العالم. ففي صلب نسيج الرأسمالية الحديثة – أو الصناعية – هو حاجتها لتوسيع نطاق سيطرتها على الشواطئ الأجنبية – وهذه العمليّة تُسمى بالإمبريالية. حملة التوسّع هذه حرّكتها دوافعٌ مهمّة متعدّدة، وقد هيمنت دوافعٌ مختلفة خلال فترات الرأسمالية المختلفة. ومع ذلك، فهذه القوى مرتبطة عمومًا مع بعضها البعض، وذلك لأنها مشتقة جميعا من طرق عمل الرأسمالية.

هناك حاجة للسيطرة على الموارد الطبيعية الأجنبية (بالتنافس مع الرأسماليين الآخرين و/أو الدول الأخرى) للحصول على مصدر آمن من المواد الأساسية للإنتاج – كالقطن والبُوكْسيت والنفط والنحاس وهلم جرًا. فالحرب الأمريكية على العراق ومحاولة التأثير على سياسات واقتصاد تلك الدولة والمنطقة لا يمكن فهمهما دون النظر إليهما كجزءٍ من استراتيجية السيطرة على نفط الشرق الأوسط، والذي يمثل 65 بالمئة من احتياطي العالم المعروف. تستورد الولايات المتحدة حاليًا أكثر من نصف احتياجاتها النفطية، وتستورد مئة بالمئة من احتياجاتها لسبعة عشر معدن مختلف، وتعتمد بشدة على الاستيراد لأكثر من ذلك بكثير.

إنّ الدفع باستمرار لاستثمار الأرباح من أجل مراكمة المزيد والمزيد من رأس المال، وهو، كما أسلفنا، القوة المحركة للرأسمالية الصناعية، والإنتاج الذي يحفّزه التنافس بين الشركات للحصول على حصة في السوق دَفعَ بالرأسماليين لأن يطوروا منتجات جديدة وأن يوسعوا من حصة أسواقهم داخليًا. وبمجرد تشبع الأسواق الداخلية أو ابتدائها بالتشبع، يبدأ الرأسماليون بالبحث في الخارج عن فرص مُربحة للتغلب على الركود الاقتصادي المتنامي. إن الفائض المستمرّ للاستثمار والإنتاج عن نسبة الطلب الفعّال – وهو سبب النزعة الرأسمالية نحو الركود – قد شخّصه ماركس في المجلّد الثالث من «رأس المال» كإحدى خصائص النظام الرأسمالي:


إن صاحب هذا التراكم الجديد لرأس المال صعوباتٌ في توظيفه، من خلال عدم وجود مجالاتٍ استثمارية – أي: لوجود فائضٍ في فروع الإنتاج وفائضٍ في عرض رأس المال المُقتَرض – فلا يظهِر هذا الكم الهائل من رأس المال النقدي القابل للإقراض إلا محدودية الإنتاج الرأسمالي…والذي يُمثّل في الواقع عقبةً في قوانينها التوسعية، أي في الحدود الممكنة لرأس المال بأن يحقّق ذاته كرأس مالٍ.

يُوفر الاستثمار في الخارج فرصًا للاستفادة من انخفاض تكلفة اليد العاملة وقلة الضوابط التنظيمية البيئية مما يتيح جني أرباحٍ إنتاجية أكثر في الأسواق الداخلية و/أو الخارجية. يتيح وجود العديد من العمليات التجارية في الخارج للشركات فرصة توزيع وتقسيم التكاليف والدخل لمختلف فروعها الدولية بطرق تقلل فيها من التزاماتها الضريبية.

كان الصراع بين الشركات العملاقة للسيطرة على السهم الأكبر من الأسواق الداخلية والخارجية في المرحلة الاحتكارية للرأسمالية – والتي نشأت في القرن العشرين – عاملًا آخر ساهم في الحملة التوسعية. تحتاج الشركات في كثير من الأحيان إلى تمويلٍ خارجيّ لتغذية هذا التوسع. يُبَدَّدْ الكثير من الفائض المُنتج من قبل الشركات بطرق غير إنتاجية، مثل الإعلانات والترويج أو الدخول العالية والباهظة لكبار موظفي الشركة. فعلى سبيل المثال، يعادل المبلغ الذي يكسبه الرئيس التنفيذي لشركة وول مارت في أسبوعين ما يكسبه العامل العادي طيلة حياته (بول كروغمان، مجلة النيويورك تايمز، 13 مايو 2005). وبالتالي، فعلى الرغم من استطاعة الشركات تحقيقَ أرباحٍ للاستثمار الداخلي، كثيرًا ما يطلبن حرية الوصول إلى رأس المال للتوسع في الإنتاج أو الاستحواذ على الشركات الأخرى. فمن أجل استقطاب وجذب المصرفيين ومستثمري أسواق الأسهم، هم بحاجة لإثبات تحقّق نمو كبير أو مُمكن.

وأخيرا، فإن «غزو» دول الأطراف[§] من قِبل بنوك الدول الرأسمالية المركزية يساعد الاستثمار الأجنبي ويساعد أيضًا المستثمرين الأجانب وحلفائهم من الطبقة الحاكمة المحلية في نقل الأرباح إلى الدول المركزية. تجد بنوك الدول المركزية أيضًا أنه من المربح تقديم قروضٍ لوكالات دول الأطراف، الخاصّة منها والعامة، مما يعزز من تطوير سخرة الديون (debt peonage). ففوائد هذه القروض (بالإضافة إلى بعض المبلغ الأصلي) التي تعادل القرض الأساسي يتمّ نقلها سريعًا إلى دول المركز تاركةً خلفها التزامًا طويلَ الأجل لتسديد القرض.

كان إنشاء أو خلق السيطرة الاستعمارية هو الطريقة التي ضمنت بها المراكز الرأسمالية المنبثقة سيطرتها على الموارد والأسواق الأجنبية. أدى توسع أكثر الدول تقدمًا، صناعيًا وعسكريًا، إلى السيطرة التامة على معظم أنحاء العالم. فمع حلول عام 1914، غطت مستعمرات الدول الغنية والصناعية ما يقارب 85 بالمئة من اليابسة (هذا مع تحدث الناس هذه الأيام عن «العولمة» وكأنها ظاهرة جديدة بدلًا من كونها اندفاعةً إمبرياليةً جديدة!). لقد دارت الحربين العالميتين في القرن العشرين – في المقام الأول – حول مسألة تقاسم العالم بين القوى العظمى. أَجبرت الصراعات والحروب المريرة المناهضة للاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية القوى الاستعمارية على إنهاء استعمارها. إلا أن دول مركز الاقتصاد الرأسمالي العالمي الغنية – بعد نهاية الاستعمار – واصلت هيمنتها على معظم دول العالم الثالث (underdeveloped world). فإحدى السمات المشتركة بين سنوات الاستعمار وسنوات ما بعد كسب الاستقلال السياسي هو خضوع الدول الفقيرة، اقتصاديًا، لاحتياجات ورغبات رؤوس الأموال في دول المركز. فقد شَوَّهَ تاريخ الهيمنة الاستعمارية والإمبريالية اقتصادات دول الأطراف بطرقٍ تَحوْل دون تطورهم ونموهم الذاتي. إن السِمة الرئيسية لتبعية الدول الأكثر فقرًا – ألا وهي استخراج الثروة لدعم تراكم رأس المال من قبل القوى المهيمنة – لا تزال مستمرةً حتى يومنا هذا. لكن ما إن انتهى الاستعمار، حتى اتضحت الحاجة لوسائل جديدة ولاستمرار إعادة إنتاج تبعية دول الأطراف الفقيرة وللإشراف عليها. ففي يومنا هذا، يقوم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالدّورِ الإقساري الذّي أدّاه الاحتلال الاستعماري والقوة العسكرية سابقًا، إلا أن القوات المسلحة لا تزال تُستَخدم لفرض الإرادة الإمبريالية.

لقد أشار جوان روبنسون لأهمية التغلغل العالمي لرأس المال في نجاح النظام ككل عندما قال: «قليلٌ سينكرون كون “الطفرة الطويلة الشاسعة” للمئتين سنة الأخيرة…هي المحرك الرئيسي لتوسع الرأسمالية إلى مناطق جديدة». يَخلق هذا التوسع المتأصل في الرأسمالية حرباً شبه دائمة ويُخضع اقتصادات دول الأطراف لاحتياجات الشركات المتمركزة في دول المركز. كما أنه يعمل أيضا على إبقاء جزء كبير من سكان الأرض في ظل ظروف قاسية جدا (انظر الجزء الثاني).

الرأسمالية والحالة الإنسانيّة

لقد أنتجت الرأسمالية – ومعها عددٌ من التنوّعات السياسيّة – سلعًا واختراعاتٍ وأفكارٍ جديدةٍ وتقدماتٍ تكنلوجيةٍ أكثر من كل الأزمنة السابقة. فقد كان هناك خلال القرنين ونصف الماضيين للرأسمالية الصناعية – باستثناء الحروب والكساد والركود الاقتصادي – توسعٌ شبه مستمر في البلدان الرأسمالية المتقدمة. لكن ماذا قدّم هذا التقدم والتطور الهائل للقدرات الإنتاجية بالنسبة للظروف المعيشية وعلاقات البشر ببعضهم البعض على هذه الأرض؟ من جهة، يعيش جزء كبير من سكان العالم – حوالي الـ 20 بالمئة – في راحة معيشية مع توفر العديد من الفرص التعليمية والسكنية والشرائية لهم. لكن ضمن هذه المجموعة الميسورة معيشيًا، يوجد توزيع غير متكافئ للثروة – مع سيطرة الأغنى على كميات هائلة من الثروة. فلدى أغنى 691 شخصًا على الأرض ثروة تبلغ 2.2 تريليون دولارًا، أي ما يعادل الناتج المحلي الإجمالي السنوي لـ 145 دولة – أي أكثر من كل بلدان قارتي أمريكا اللاتينية وأفريقيا مجتمعتين!! ويسيطر أيضا أغنى 7.7 مليون شخص (حوالي 0.1 بالمئة من سكان العالم) – والذين يملكون صافي قيمة مالية تزيد عن مليون دولارٍ – على ما يقارب الـ 28 تريليون دولار – أي ما يعادل الـ 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لجميع بلدان العالم. يساوي هذا أكثر من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لجميع دول العالم ‪جمعاء ناقصًا الولايات المتحدة (إذ يشمل في الواقع أيضًا حوالي 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي).

على الرغم من كمية الثروة الضخمة الُمنتَجَة والُمتَراكِمة في أيدي قلة من الناس، إلا أنّ تفاصيل كيفية عيش الكثير من الناس في الواقع – أعداد وظروف بؤساء الأرض – فظيعة للغاية.

مِنَ الستة مليار وثلاث مئة مليون شخص في هذا العالم:
•يعاني ما يقارب من نصف البشرية (ثلاث مليار نسمة) من سوء التغذية ونقصٍ شديدٍ في عدد السعرات الحرارية والبروتينات والفيتامينات والمعادن. ويعاني عددٌ أكثر من الناس من «انعدام الأمن الغذائي»، دون أن يعرفوا مصدر قدوم وجبتهم المقبلة. وتُقدر الأمم المتحدة أنه «ما لا يقل» عن 840 مليون شخص (بما في ذلك عشرات الملايين في البلدان الغنية الرأسمالية المركزية) يعانون من سوء التغذية، لكن هذا أقل بكثير من معظم التقديرات الأخرى.
•يعيش مليار شخص في الأحياء الفقيرة العشوائية (slums)، وهم يشكّلون ثلث الثلاثة مليار نسمة (تقريبًا) من سكان المدن.
•يعيش ما يقارب من نصف البشرية على أقل من القيمة الشرائيّة لدولارين في الولايات المتحدة.
•مليار شخص لا تصلهم مياه نظيفة.
•ملياري شخص ليس لديهم كهرباء.
•لا يوجد لدى ملياري ونصف شخص خدمات صرفٍ صحية.
•يعاني مليار طفل – نصف إجمالي أطفال العالم – من الحرمان الشديد بسبب الفقر والحروب والأمراض (بما في ذلك الإيدز).
•حتى في البلدان الغنية الرأسمالية المركزية، يعيش جزءٌ كبير من السكان حياةً غير آمنة. فعلى سبيل المثال، تفتقر اثنتا عشر مليون أسرة في الولايات المتحدة للأمن الغذائي وفي أربعة ملايين أسرة (تسع ملايين فرد) يتنازل فردٌ ما عن وجبةِ غذاءٍ ليكفي ما تبقى من الغذاء أفراد الأسرة الآخرين.

وتمثل الحروب المتتالية – والتي لقى مئات الملايين من الناس حتفهم فيها – جزءًا آخر من الوضع الإنساني على مدى القرنين ونصف الماضيين من الرأسمالية الصناعية. فالاحتلال والاستعباد والإبادة الجماعية والحروب والاستغلال ليسوا إلا جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الرأسمالية المتواصل. لقد نتجت الحروب من تقاتل البلدان الرأسمالية فيما بينها من أجل الهيمنة والنفوذ إلى الأسواق العالمية، ومن محاولات الإخضاع الكولونياليّة والنيو-كولونياليّة، ومن الاختلافات العرقية والدينية بين الناس – والتي تفاقمت واستشرت بسبب الاحتلال الاستعماري والتدخل الإمبريالي في كثير من الأحيان. إن قوة الدفع الأساسية للرأسمالية – ألا وهي مراكمة رأس المال – تُرغم الدول الرأسمالية لاختراق الأسواق الخارجية وتوسيع حصتها في السوق. ومع ذلك، فإنه من المستحيل فصل محرك اقتصاد الدول الإمبريالية الرائدة للاستثمار والبيع خارجًا من سياساتهم العسكرية والسياسية – فكل المصالح متشابكة في مزيج خطير جدًا. فبينما تتواصل الحرب في عصر ما بعد الحرب الباردة – مع حَماسِ الولايات المتحدة لاستعراض سلطتها العسكرية – فإن احتمال تزايد البؤس والمعاناة في تنامٍ أكثر. قد تعطينا تقديرات موت 100000 عراقي بسبب الغزو الأمريكيّ فكرةً عن حجم الكارثة التي حلّت على تلك الأمة.

مُقتطف من مقال «التطرق للاشتراكية»، من مجلة: مونثلي رڤيو

--------------------------------------------------------------------------------


[§]نظرية «المنظومات العالمية» هي نظرية تشير إلى التقسيم الإقليمي والدولي للعمل، حيث تُقَسِّم العالم إلى دول المركز، ودول الأطراف. تركز الدول المركزية على المهارات العليا والإنتاج القائم على كثافة رأس المال، في حين تركز دول الأطراف على المهارات المنخفضة والإنتاج القائم على كثافة اليد العاملة واستخراج المواد الخام. هذا التفاوت بين دول المركز ودول الأطراف يعزز ويعيد إنتاج هيمنة الدول المركزية.