توخاتشيفسكي..المجزرة العسكرية وموسم قطاف الرؤوس!(7-الاخير)


ماجد الشمري
2015 / 11 / 14 - 19:09     

"في هذه القاعة حيث عرشك يقف،
احلم بالقيصرية وارتجف!
ترى،هل الظلم انتشر؟
ام هل القانون انكسر؟
واللاقانون بات هو القانون!
والكل للامبراطورية هتف!



بعد المذبحة العسكرية،وحمام الدم،وابادة عشرات الالوف من قادة الجيش،والضباط،وكوادر التوجيه السياسي.نشرت صحيفة"البرافدا"مقالا افتتاحيا بعنوان:"لارحمة للجواسيس الذين خانوا بلدهم"!!وقد ورد فيه:"بخنجر ديكتاتورية البروليتاريا تم سحق عصابة اخرى من الخونة والاعداء،توخاتشيفسكي وشركاءه
المختبئون في صفوف جيشنا الاحمر المجيد،لم يستطيعوا اخفاء اعمالهم الاجرامية،ولم تساعدهم خبرتهم العالية في اعمال الامن من تحقيق هدفهم،وكمايشير مفوض الشعب للدفاع،ماريشال الاتحاد السوفييتي الرفيق فورشيلوف:"القضاء بأي وسيلة كانت ومهما يكن الثمن،على البناء السوفييتي في بلادنا،ومن خلال القضاء على السلطة السوفييتية،واسقاط حكومة العمال والفلاحين،واقامة سلطة الملاكين واصحاب المصانع(هل كان هناك سلطة للسوفييات حقا؟!وهل كانت الحكومة،حكومة عمال وفلاحين صدقا؟!وهل كان هناك طبقة برجوازية تمتلك المصانع نهلية الثلاثينات فعلا؟!-م.ا).توخاتشيفسكي وشركاءه يريدون ان يلعبوا في بلادنا العظيمة نفس الدور الذي يلعبه فرانكو،العدو المحتقر للشعب الاسباني".-فمن ساهم اذا في هزيمة الجمهورية الاسبانية؟!-..
وهكذا لم تتوقف عجلة التصفية والتنكيل،والتطهير كان خبزا يوميا متواصلا لاشباع الضحايا!.
الجنرال غورباتوف،والذي خاض محنة وعذاب المطهر الستاليني،ونجا،بمحض الصدفة،او خدمه حظه؟!لانعرف!ولكنه يتذكر بألم ماعاناه،من قسوة وظلم،قائلا:"علمت بالصدفة اسم الوحش الذي كان يحقق معي،كان اسمه ستولبونسكي،لااعرف اين هو الان،وان كان لايزال حيا،فانني اتمنى ان يقرأ هذه السطور،ويعرف مدى احتقاري له،واعتقد انه عرف ذلك في حينه،حتى الان يضج في اذني صدى انفاسه المليئة باللؤم والشر،وبعد ان سلب مني كل قوتي واغرقني بالدماء،رفعوني وهو يقول:"ستوقع!ستوقع!"لقد تحملت ذلك العذاب في الدورة الاولى والثانية من التحقيق لكن عندما بدأ المسلسل،كم تمنيت الموت سريعا"!.
_فأي عذاب ذاك الذي يتمنى المرء فيه الموت على احتماله؟!_..
لنقرأبعض البرقيات والرسائل التي كانت ترسل الى ستالين ويوجوف وبيريا في تلك الايام السوداء المترعة بالدم والدموع،والتي رزح تحت ظلها الشعب السوفييتي!.
:"الرفيق ستالين
لقد طردت250موجها سياسيا،واعتقلت القسم الاكبر منهم،ولكن عملية التطهير في الجهاز السياسي،وخاصة الحلقات الدنيا منه،لم تنتهي بعد.اعتقد انني لااستطيع مغادرة خاباروفسك قبل ان اتحقق من الحزبيين هنا بشكل اولي على الاقل
28/7/1937
ميخليس"ا
في آذار(مايس)1938كتب قائد قوات كييف العسكرية تيموشينكو،وعضو المجلس العسكري خروشوف،كتبا الى ستالين،وكأنهما بزفان خبرا عن نصر عسكري في حرب!!.:"نظف من الاعداء،وخلال عام واحد من قوات المنطقة،اكثر من3آلاف،واعتقل منهم اكثر من الف،ونتيجة لتطهير القوات من العناصر التروتسكية-البوخارينية،فان قدرة القوات في الدائرة قد نمت"!.-كيف نمت والتطهير والاعتقالات قائمة على قدم وساق؟!الجواب لدى تيموشينكو وخروشوف!!-فأذا كان هذا العدد في منطقة كييف العسكرية وحدها،فكم سيكون العدد الكلي في باقي المناطق الاخرى؟!-..
:"الى مفوض امن الدولة،الرفيق بيريا:
في الفترة من1/10/1936و30/9/1938حكمت الهيئة العسكرية للمحكمة العليا في الاتحاد السوفييتي والهيئات الخارجية الفرعية في60مدينة حكمت على30514شخصا بالاعدام و5643شخصا بالسجن،المجموع36157شخصا.
15/10/1938
اورليخ"
"الى مفوض امن الدولة:نائب مفوض الداخلية،الرفيق بيريا:
في ايلول(سبتمبر)1938الهيئة العسكرية العليا في موسكو ولينينغراد وكييف وخاركوف وخابروفسك،ومدن اخرى،تم الحكم على1803اشخاص بالاعدام،و389شخصا بالسجن،المجموع2192شخصا
اورليخ،
وفي شهرتشرين الاول(اكتوبر)تضاعف العدد ليصبح3588شخصا اعدموا ابتهاجا بعيد الثورة البلشفية كما يبدو!!.وهذا فقط"انجاز"المحاكم العسكرية،فكم ياترى"انجزت"المحاكم المدنية في ذكرى الثورة؟!.
هذه النماذج من رسائل البشائر!واساليب التحقيق"الاولي"و"تنظيف"القوات من"الاعداء" و"الخونة"و"الجواسيس"!و"المخربين"!و"العملاء"!و"اعداء الشعب"!و"تطهير"المدن من الطاعون الفاشي!باتت ظاهرة يومية ومنهجا اعتياديا معتمدا،وسياقا طبيعيا ثابتا!.ومن المؤكد ايضا انها جزء من ممارسة طبقية ضد اعداء (اشتراكية)ستالين،ونظريته العبقرية في احتدام الصراع الطبقي،كلما اندفعت قدما تلك(الاشتراكية في اجتراح معجزاتها ومآثرها العظمى!!.
هؤلاء "الاعداء المزعومون،لم يكونوا فاشيين قطعا،بل كانوا من خيرة الرفاق اخلاصا لوطنهم وشعبهم.
والمفارقة البائسة في المشهد التراجيكوميدي المعروض،هو:ان هذه الملايين من:"العملاء"!و"الاعداء"!و"الجواسيس"!و"الفاشيون"!هم ابرز القادة والنخب والكوادر في المفاصل المهمة في الحزب والدولة والمجتمع،في:الصناعة،والزراعة،وسكك الحديد،والمصانع،والمناجم،اطباء،ومهندسون،واكاديميون،ومثقفون،وفي كل المفوضيات،وداخل اللجنة المركزية،والمكتب السياسي،ومندوبو مؤتمرات الحزب،في الجيش،والشرطة،واجهزة الشؤون الداخلية،وحتى ستالينيون اقحاح!.ورغم كل التباين والاختلاف في التوجهات والآراء الفكرية والسياسية،الا انهم حشروا جميعا بلا استثناء في خانة:"العصابة التروتسكية الفاشية"!!.
فاذا كانت هذه الحشود الضخمة على قمة هرم الدولة وفي الحزب،كقادة في اغلب المفاصل الحساسة والبارزة،كلها ضد ستالين،فكيف احتفظ بموقعه في هرم السلطةدون منازع،ودون ان يتمكنوا من الاطاحة به،وكانت مصائرهم بين اعتقال واعدام ونفي وانتحار،ونهايات فاجعة؟؟؟!!!.
انه سؤال لايتطلب الاجابة بقدر ما يحفز على التفكير والتأمل بدراما الرعب تلك!!.
كانت قوائم الموت تترى على ستالين بالمئات من :يوجوف،وبيريا،واورليخ،ليذيلها بتوقيعه المبارك،والموافقة على تنفيذ حمامات الدم الممتعة!!.
لقد تحولت شعوب الاتحاد السوفييتي الى قطعان مطاردة من:الجواسيس،والعملاء،والخونة،والمخربين،"اعداء الشعب"و"القائد"!والاقلية على الجانب الاخر هم البلاشفة والوطنيين والمخلصين لقيم الثورة والاشتراكية،امثال:ستالين،ويوجوف،وبيريا،وبقية الحواريين الانقياء!!!!!!!......
........................................................
وعلى الاخاء نلتقي...