الدولة ....والكومونة...أيهما يلغي الآخر


جاسم محمد كاظم
2015 / 11 / 13 - 12:05     

نرى في كتابات بعض الماركسيين تعبير يتردد حول نظرية إلغاء الدولة ويستند هؤلاء على بعض السطور التي كتبت في القرن التاسع عشر لماركس وانجلز وان لم يقصد ماركس وانجلز شكل الدولة العام ..
ظهرت الدولة كأداة للطبقة المهيمنة لاستعباد باقي الطبقات لان جذوة الصراع الطبقي التي وصلت إلى حدود كانت تنذر بنفي كل الطبقات المتصارعة وأصبحت هذه الدولة وسيلة إثراء لهذه الطبقة على حساب المجتمع باستعباد عمل الكل من خلال القوانين والأشكال الحقوقية التي سنتها من اجل تخليد هذه السلطة .
تؤمن الماركسية بان الدولة مقولة تاريخا نية حالها حال الأسرة ظهرت إلى الوجود من خلال الصراع الإنساني مع المادة وتطور قوى الإنتاج وظهور الملكية الخاصة لذلك فالدولة هي شكل سياسي وأداة الحفاظ على هذه الملكية .
وحين تختفي هذه الملكية بانتصار البروليتاريا الأخير فان الدولة ستختفي .
لكن الدولة لم تختفي بل ازدادت الحاجة أليها وتطورت مع الصراع الطبقي وبدل أن تكون الدولة وسيلة استغلال وقهر أصبحت الدولة سلطة كل المجتمع العامل وأداة نفع عام .تقول الموسوعة الاشتراكية ما نصه في وصف خدمات الدولة الاشتراكية :-
"تتميز الاشتراكية عن جميع النظم التي سبقتها بما توفره من خدمات للمواطنين بالمجان أو بتكاليف اقل . والخدمات هنا معناها كل ما يحتاج إلية الإنسان في حياته المعنوية والمادية العصرية . ويكون على مستوى أعلى من مستوى ضرورات المعيشة المباشرة .ولا يستطيع الإنسان مهما كان أن يوفر لنفسه كل الاحتياجات والخدمات إلا عن طريق المجتمع بشكل عام ومن ناحية التقسيم توجد عدة أنواع من الخدمات المتزايدة التي توفرها الدولة الاشتراكية للمواطنين ومن أهم هذه الأنواع .
1- الخدمات العامة: وهي الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين لأداء وظيفة عامة يحتاجون إليها مثل المواصلات والشرطة وجمع الضرائب وتوفير الماء والإنارة أو هي خدمات ذات طابع بنائي مثل خدمات البريد والتليفون والتلغراف والإسعاف والخدمات القضائية .
2- الخدمات الاجتماعية : وهي الخدمات التي تقدمها الدولة لمساعدة الفرد على مواجهة مصاعب الحياة وأخطارها ونقط الضعف في المستقبل . بغية رفع مستواه المادي والمعنوي مثل الخدمات الصحية والخدمات التعليمية والتأمينات المختلفة .
3- الخدمات الاقتصادية : وهي الخدمات والتسهيلات التي تقدمها إدارات الحكومة بصفة مباشرة إلى مختلف القطاعات الاقتصادية العامة والخاصة في الصناعة والزراعة والتموين كإعانات الأسعار والقروض بدون فوائد-)

يستند هؤلاء الماركسيين في تعليلهم لهذا الحدث إلى قبل ظهور الدولة الحديثة وتطورها الهائل في قوى الإنتاج التي قفزت قفزة هائلة جدا خلال ال250 سنة الماضية ..
أدت إلى تغيير الكثير من المفاهيم السابقة بخصوص آلية وشكل الدولة .
تغير شكل الإنسان ووظيفة في هذه الدولة وكذلك العامل من عامل بسيط يؤدي عملية متتالية إلى خبير في المواقع والنووية أو مهندس .رئيس مهندسين . مصصم نماذج . مخترع .فني . و مواطن له حقوق وواجبات وأصبح المواطن والدولة شيئان ليس لهما انفصال كبنية واحدة كما هو الحال في بعض دول أوربا الغربية .
ولان المواطن هو يبني هذه الدولة بعملة ويسن لها القوانين أصبحت القوانين إنسانية في طابعها وليست قوانين قهرية .
أدرك لينين بعد انتصار أكتوبر بأنة لا يمكن الغاء الدولة وان تغيرت بعض مسميات السياسة مثل رئيس الوزراء والوزراء إلى قومسير الشعب إلا أن بنية الدولة بقيت كما هي شكل كامل المواصفات يعتمد على عمل المنتجين وكذلك الثروات الهائلة التي اكتشفت بعد القرن العشرين ولا يمكن إدارتها إلا من خلال الدولة .
وبتغيير شكل الدولة ومضمونها و مارا فقها من مؤسسات صناعية هائلة وخدمية أدت إلى ازدياد عدد السكان الهائل ومضاعفة سكان الأرض لأول مرة في التاريخ في منتصف الخمسينات .
وبسبب تطور شكل الدولة الحديثة ومضمونها الحديث وتخطيها للحدود الإقليمية والارتباط مابين المؤسسات العالمية بالأمور الفنية والنقدية وأسعار الصرف وظهور نظرية التكامل الاقتصادي من الأسواق الحرة والاتحادات الكمر كية مرورا بالأسواق المشتركة حتى الوصول إلى مرحلة التكاملات الاقتصادية والسياسية مابين الدول الأعضاء فان الدولة تبقى مؤسسة أدارية سياسية لها برلمانها الموحد وإدارتها المالية الخاصة وقوانينها الضرائبية وعملتها الوطنية الموحدة .
لذلك يبقى الحديث عن حلول الكومونة محل الدولة في عالم اليوم حديث خارج التاريخ لا يمكن أن يجد له تطبيقا في واقع اليوم .
فليس للكومونة في عالم اليوم ألا أن تكون مؤسسة ضمن سياق الدولة المتكامل وأدارتها الواسعة المتشعبة .

////////////////////////////////////
جاسم محمد كاظم