المضحك المبكي/ الحزب الشيوعي الفلسطيني


حسن نظام
2015 / 11 / 4 - 08:16     

المضحك المبكي/ الحزب الشيوعي الفلسطيني

بقلم : حسن نظام الدين

ينشر هذا الحزب العجائبي، منذ بعض الوقت، بيانات ومقالات تتسم كلها بتحليلات ذاتوية، لاعلاقة لها بالواقع أو بحركة التاريخ المعاصرة. والأغرب أن تلك التحليلات والفرضيات بعيدة كل البعد عن الاسم (الحزب الشيوعي)، الذي من المفترض أن يكون عنوانا لفهم علمي شامل وموضوعي لعالمنا اليوم، ناهيك من أن يكون متمكنا من فهم الجدل الماركسي! وهنا نستطيع أن نستنتج أن الاسماء، في أغلب الاحوال، لاتعبر بالضرورة عن المحتوى الحقيقي لحزب أو مجموعة من السياسيين؛ مثيري الكثير من الإثارة والجلبة والصخب والصوت العالي، المتأتية – كلها- من حركة طبول فارغة! لمن لايعرف فإن ما يسمى بـ"الحزب الشيوعي الفلسطيني" لا علاقة له بتاريخ هذا الإسم النضالي العريق. بل أن مجموعة محدودة من نفر، حاولت أن تسد الفراغ، هي التي أسست هذا الحزب، منتحلة الاسم التاريخي المذكور، بعد أن تخلى الشيوعيون الفلسطينيون الفعليون عن الإسم-كما هو معروف في تسعينات القرن الماضي- متخذين لحزبهم اسم؛ "حزب الشعب الفلسطيني"، كوارث ومكمل للأرث التاريخي العظيم لـ" الحزب الشيوعي الفلسطيني" القديم. بمعنى أن من مجموعة من النفر القلائل، الذين رفضوا تغيير الاسم (مسألة شكلية) فكروا في إعادة تاسيس حزب جديد، يتسم أساسا بنهج انعزالي، عصبوي وقومجي واضح، بالرغم من الادعاء الأممي، الذي يدعيه أعضاء وقيادة الحزب المذكور، من خلال بياناتهم ومقالاتهم المتشابهة والسطحية، كما ذكرنا أعلاه. والملاحظ أن المجموعة هذه ضلت لعدة سنوات في ظرف أشبه بالكمون، حتى جاء التشجيع والمساعدة المادية والمعنوية من لدن؛ القيادة الحالية لـ " الحزب الشيوعي اليوناني"!.. وهذا الاخير لمن لايعرف.. مافتئ يتحرك في السنوات والعقود الأخيرة في مساعدة، أوالعمل على تأسيس هكذا أحزاب صورية أو صوتية، بغية تكوين تكتل او كتلة من أحزاب "شيوعية" يساروية، مطيعة للشقيق الأكبر؛(الحزب الشوعي اليوناني)، في داحل حركة الاحزاب الشيوعية العالمية، حتى يتسنى لها (الكتلة المذكورة) الهيمنة والسيطرة على الحركة الأم، في نهاية المطاف! فالظاهرة التي نحن بصددها حدثت في أكثر من بلد، كان أهمها – بجانب الفلسطينيين- ما يسمى بـ " الحزب الشيوعي التركي" الجديد، الذي انبثق إلى الوجود بنفس أسلوب الحزب الشيوعي الفلسطيني المستحدث. حيث أن الاتراك أيضا قد غيروا اسم حزبهم التاريخي، بعد تفكك المنظومة السوفيتية والاشتراكية مباشرة.

الشئ بالشئ يذكر- كما يقال عادة- فإن ما يثير حفيظة الشيوعيين الحقيقيين في غالبية الاحزاب الشيوعية في مختلف القارات.. ما حدث في المؤتمر العالمي للاحزاب الشيوعية، الذي حمل رقم 17 ، والمنعقد في عطلة نهاية الاسبوع الفائت ( الجمعة والسبت والأحد 30 أكتوبر- 2 نوفمبر / 2015 ) في اسطنبول (لم يشارك إلا 48 بلدا، أي أقل من نصف الاحزاب الفعلية في الحركة الشيوعية العالمية)، وبترتيب من الحزب المضياف؛ "الحزب الشيوعي التركي" (الحزب الشيوعي اليوناني هو الممول والمنظم الفعلي للمؤتمر المذكور ومن وراء الستار!). لقد تجرأت الكتلة اليساروية الانعزالية في الحركة، هذه المرة، في رفع عقيرتها ونبره صوتها، في الدعوة صراحة للانشقاق. أو فصل بقية الاحزاب من الحركة تحت شعار تأسيس "أممية جديدة"، لتكون بمثابة المرجعية الفعلية للأحزاب الشيوعية "الحقيقية"، حسب منظور اليسارويين من تلك الاحزاب! (من الممكن مراجعة مداخلات الشيوعيين اليونانيين، ومن يدور في فلكهم كأقلية ضئيلة من أحزاب شيوعية صغيرة متناثرة، تؤتمر من قبل اليونانيين، في موقع سوليدنيت.اورغ). أكيد سيجد المراجع ثرثرة فارغة من خطابات إنشائية ذاتوية وتحليلات غير منسجمة، بعيدة -بعد السماء عن الأرض- عن المنهجية العلمية، المتعلقة بضرورة فهم تضاريس العالم المعاصر وبنيته المعقدة!؟

لنعد- والعود أحمد- ولنر مداخلة " الشوعيين" الفلسطينيين المعنيين (المضحك المبكي) في المؤتمر المذكور (منشور في الحوار المتمدن)... يستهل هذا الحزب خطابه العرمرمي بتحية "ثورية بلشفية" للمؤتمرين!. وفجأة يتكلم عن موقف "جديد" ومصطلح عجيب، غير موجود أساسا لدي أي حزب من الأحزاب؛ وهو البرجوازية " الوضيعة"، التي استلمت السلطة في الاتحاد السوفيتي على أثر اغتيال ( تسميم) " ستالين" (حسب وجهة نظره)!! وتطرح المسألة بثقة صبيانية وبيقينية غريبة وجريئة! أي أن هذا الحزب العجائبي يحاول الايحاء بأن النظام الاشتراكي قد انتهى مع موت (اغتيال) ستالين! فهو يزايد –بهذا التقييم الغريب-حتى على ولي نعمته (الحزب الشيوعي اليوناني)، الذي لايشاطره الراي والتقييم هذا، وإن كانت قيادة هذا الاخير قد تخبطت – ومازالت كما رأينا- في الشأن اليوناني الداخلي!؟ .. ثم يستمر الحزب الشيوعي الفلسطيني في الدعوة لتأسيس أممية جديدة، لا مكان فيها للمنحرفين اليمينيين والاشتراكيين البرجوازيين!! ولعل أغرب طرح يطرحه هو مشروعه لحل القضية الفلسطينية، أي دعوته للدولة الفلسطينية الديمقراطية الواحدة!؟. وأخيرا .. من الممكن أن نقترح على "الكتلة المذكورة" الانضمام للاحزاب " الشيوعية العمالية" الحكمتية، بجانب فلول التروتسكيين و" الستالينيين" واحزاب يسارية متطرفة أخرى، بغية تشكيل " أممية جديدة" مأمولة ؟!؟