لينين.. وذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية


عادل احمد
2015 / 10 / 26 - 01:01     

تمر هذه الايام الذكرى السنوية الثامنة والتسعون لاندلاع ثورة اكتوبر الاشتراكية. ان الحديث عن ثورة اكتوبر بدون ذكر دور العنصر الفعال لهذه الثورة وهو دور لينين وافاقه وتشخيصه الدقيق لمهام ودور الطبقة العاملة في كل مراحل تطور المجتمع الروسي، يعتبر غير دقيقة وغير مادي. لتوضيح دور لينين في توحيد صفوف الطبقة العاملة الروسية وحتى العالمية وانجاح اول ثورة اشتراكية في العالم، يجب ان نرجع قليلا الى الوراء ونلقي نظرة الى تأريخ الطبقة العاملة والحركة الاشتراكية العالمية. ان زمن كارل ماركس وفريدريك انجلس كان زمن تطور الطبقة العاملة في اوروبا. وان هذا الزمن كان يحتاج الى خوض نضال ايدولوجي في مجال الفلسفة والاقتصاد السياسي في اول الامر حتى يتم الاجابة على الحركة السياسية العمالية والتي كانت في طور النضج والتطور المستمر. ان هذا الزمن كان يحتاج الى السلاح والنضال الفكري اكثر من النضال السياسي من اجل وضع نضال الطبقة العاملة في مساره الصحيح صوب الهدف النهائي وهو القضاء على الرأسمالية الفتية وقتها. وقد اندلعت ثورات عديدة في زمن ماركس من اجل تكملة النضال الطبقي وتبسيطه الى نضال بين الطبقتين الرئيسيتين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية. ماركس وانجلس شخصا كل تطور النضال السياسي للطبقة العاملة منذ بديتها وحتى نهاية القرن التاسع عشر وبينا الافق السياسي والنهج العملي ومستلزمات الثورة العمالية. اي ان كل دور ماركس وانجلس في زمنهما، كان هو دور المربي للطبقة العاملة من اجل القيام بدور طليعي في الثورة الاشتراكية.
جاء لينين بعد زمن ماركس وانجلس لينهض بتعاليم هذين العبقريين ومفهومها وتطبيقها في زمن اخر مختلف من الناحية السياسية والاقتصادية ومرحلة متطورة في حياة الرأسمالية والحركة العمالية. لينين كان وفيا بمعنى الكلمة الى تعاليم الماركسية ومفهومها المادي للتأريخ وديالكتيكها. لينين كان تعبيرا عن اكمال ما اضطلعت به الماركسية في القرن التاسع عشر واصبح حينئذ عنصر فعال في تحقيق وحتمية الثورة الاشتراكية. ان اكثرية الاشتراكيين في زمن لينين لم يفهموا ابدا دور وعظمة ماركس في تحقيق الاشتراكية العمالية، بل اقتبسوا التعاليم الماركسية في صيغتها المبتذلة من اجل خدمة مصالح طبقة البرجوازية الصغيرة. ان ما قام به لينين في مواجهة في كل مراحل حياته هو اختبار صحة افق ونهج ماركس في المجتمع وفي النضال الطبقي. ان السلاح الفكري والنظري والفلسفي الذي قام به ماركس في زمنه كان نفس السلاح الذي قام به لينين، ولكن في زمن اخر الزمن الذي فيه نضجت الطبقة العاملة العالمية واكتسبت خبراتها في النضال الطبقي والثورات. اي ان الفرق بين ماركس ولينين هو الزمن الذي تطورت فيه سياسيا الطبقة العاملة في عهد لينين. اي ان لينين كانت تجسيدا عمليا لنهج الماركسية ووفيا لتعاليم الماركسية في النضال الطبقي في روسيا.
لم يكن هناك انتصارا لثورة اكتوبر في روسيا بدون نضال لينين السياسية والفكرية من اجل الدفاع عن حقانية الماركسية. ان كل تاريخ لينين كان مفعما بنضال مستميت ضد الانتهازية والاشتراكية الغير عمالية في زمنه. ان لينين انتصر في ثورة اكتوبر لانه انتصر على اعداء الماركسية داخل الحركة العمالية. وكذلك انتصر لانه كان يعبر في كل الاوقات عن امكانية الدور الطليعي للطبقة العاملة في تغير المجتمع.. ولم ينسى ابدا حتى ولو للحظة واحدة هذا الدور التي تضطلع به الطبقة العاملة من اجل قيادة المجتمع لاكمال الدور التأريخي المرسوم لها.. بدون لينين كانت قد تصبح الاشتراكية مجرد حركة انتهازية لعشرات السنين، او قد تصبح اماني فقط بالنسبة للملايين من ابناء الطبقة العاملة العالمية بدون محاولة امكانية حدوثها او جعلها واقعا.. بدون لينين ربما كانت الحركة الشعبوية والنزعة الاقتصادية والاشتراكية القومية قد اصبحت حركة قوية في ارجاء العالم.. وبدون لينين ربما لم يكن للاشتراكية ان تصبح واقعا يرسم الملامح السياسية للقرن العشرين بأفقها..
في ذكرى ثورة اكتوبر من حقنا نحن الاشتراكيين ان نفتخر بقائد مثل لينين وان نفتخر بتعاليمه وتكتيكاته وتقاليده الحزبية.. ومن حقنا ان ندافع عنه بكل قوتنا رغم فشل هذه الثورة في تحقيق مهامها النهائية وهي الثورة الاقتصادية والتي هي روح الثورة الاشتراكية. ان فشل الثورة الاشتراكية في روسيا في النهاية، لا يقلل ذرة واحدة من اهمية دور لينين في احياء الروح الثورية بالأرادة الانسانية ولا يقلل ذرة واحدة من حقانية الماركسية ، بل بالعكس اثبتت بأن ماركس وانجلس كانوا على حق عندما اثبتوا بأن الثورة والسلطة العمالية اذا لا تصل الى نهايتها وهي الثورة الاقتصادية، فأن حتى السلطة السياسية التي ظفروا بها قد تسترجع من قبل البرجوازية بالحديد والنار وبسفك بحارا من الدماء.. ان ما قام به لينين في زمنه لا يقل شيئا على ما قام به ماركس وانجلس في زمنهما. ان نضال كارل ماركس وفريدرك انجلس في القرن التاسع عشر ونضال لينين في القرن العشرين نابع من ضرورة الاجابة على النضال الطبقي في كل مرحلة وكلاهما كمل الأخر..
ان الاجابة على متطلبات مرحلتنا الحالية في عمر وتأريخ الرأسمالية، لا يكون شيئا بغير الرجوع الى النضال الماركسي في جميع ميادين الحياة، والى خوض النضال الفكري والسياسي لجميع الايدولوجيات البرجوازية ومدارسها الفكرية واشباه الاشتراكيين للبرجوازي الصغير والكبير.. وكذلك النضال الحزبي والسياسي لقلب السلطة البرجوازية وبناء الاشتراكية على انقاضها.. وهذا يحدث عندما نؤمن بصحة جوهر تعاليم الماركسية، وهي ان نجعل من اشتراكيتنا وحركتنا العمالية جزء من التغيير الاجتماعي نحو عالم افضل.. بالقضاء على السلطة الرأسمالية والقيام بالثورة الاشتراكية والاقتصادية. طالما هناك محاولة لتغير العالم نحو الافضل يبقى لينين وتعاليمه تجربة غنية في هذا المضمار..