من ثروة الأمم الزيرجاوية إلى أسانيد المانفيستو النمرية


موسى راكان موسى
2015 / 10 / 14 - 02:15     

كانت البداية حين تناول الأستاذ جاسم الزيرجاوي , في طرحه المعنون ب [ ثروة الأمم ـ 5 ] ؛ الذهب . و ذكر فيما ذكره في طرحه : أسعار الذهب ؛ أسعار أونصة الذهب ــ و كيف أنها حظيت بإستقرار لمدة 200 سنة , ثم تذبذب خفيف , ثم إرتفاع ملحوظ , فإنخفاض ملحوظ , ثم إرتفاع أكبر مرة أخرى . فطلبت من الأستاذ الزيرجاوي تفسيرا لذلك , فكان إن رد بالتالي :

{{ بقى سعر الذهب ثابتا لمدة 200 سنة , من سنة 1717 إلى 1914 . أول إرتفاع للذهب , حدث عام 1920 . و الإرتفاع الثاني عام 1934 . ثم حصلت القفزة الكبرى بعد عام 1972 . و جاءت هذه القفزة الكبرى بعد تعويم الدولار في 15 نسيان 1971 , عندما أعلن الرئيس (نيكسون) تخليه عن قياس الذهب بسبب عدم قدرة الولايات المتحدة على الإيفاء بإلتزامها بتحويل الدولار إلى الذهب . هنا جاء دور صندق النقد الدولي , فبدلا من الحفاظ على موقف الرقابة من أسعار الصرف فقط , أصبحت وظيفته هي _المراقبة_ surveillance , من أداء الإقتصاد الكلي الشاملة للبلدان الأعضاء . و أصبح صندوق النقد الدولي , (خزين صندوق النقد الدولي IMF من الذهب , يساوي 2814 طن , في المركز الثالث عالميا) , يدير الآن السياسة الإقتصادية بدلا من أسعار الصرف . و قد عبر ماركس عن ظاهرة لعبة تبادل الكراسي بين أمريكا و صندوق النقد الدولي , بتعبير قاس : فإن كان المتوحشون يلعقون السلعة بلسانهم (ماركس) . فإن الرأسمالية قبل 1971 , كانت تلعق الدولار بالذهب , و الآن الرأسمالية المتوحشة , تلعق الدولار , بصندوق النقد الدولي بدلا من الذهب . و قد عبر الزميل الدكتور طلال الربيعي عن هذا , بتعبير بالغ الأهمية : حررت دور (يقصد دولة المال) المال في الولايات المتحدة نفسها من ثقل الذهب و أغلاله , فأصبحوا أحرارا أقرب إلى الآلهة منهم إلى البشر , ففي الخمسينيات طبعت حكومة الولايات المتحدة على نقودها
In God We Trust
لتأكيد مسيحية الدولة في حربها ضد السوفييت _الملحدين_ . أنهم لا يحتاجون إلى الذهب لإعطاء قيمة لعملتهم , فهم من يعطيها هذه القيمة بإرادة المصارف المساوية لإرادة الله }} .


بعد هذه الإجابة , سألته إستكمالا :

{{ تذكر أن السبب هو [ بسبب عدم قدرة الولايات المتحدة على الإيفاء بإلتزامها بتحويل الدولار إلى الذهب ] .. فيا ترى هل عدم القدرة على الإيفاء بالإلتزام تطلب [حل] موقعه داخلي في هيكلية الإقتصاد الرأسمالي , أم هو [حل] خارجي عن هيكلية الإقتصاد الرأسمالي , و قد ذكرت فيما ذكرته في الإجابة أن التحوّل كان من (دولار ـ ذهب) إلى (دولار ـ صندوق النقد الدولي (أي البراءة القانونية)) , و لا أظن كلانا مختلفين حول ماهية الذهب التي لا تتطابق مع ماهية البراءة القانونية كمعيار نقدي , بل حتى لا يقتربان بأي شكل من الأشكال , كماهية نقدية .

و شتان بين قيمة لها وجودها الموضوعي , أو عملية خلق وجودها الموضوعي , و قيمة يتم خلقها وهميا ــ إلا أن كان خلق الإلهة ليس وهميا ! .

و بلا شك كان لقرار التعويم تأثيره , الذي إن كان نختلف أنه تأثير جذري , إلا أننا _كما أظن_ لا نختلف في كونه كائن , كتأثير يستحق منا النظر }} .


لم يجب الأستاذ الزيرجاوي , لعله وقتها كان مشغولا بشيء آخر , أو لم ينتبه إلى إستكمال السؤال . و كان إن طرح الرفيق النمري طرحه المعنون ب [أسانيد (المانيفيستو الشيوعي اليوم) 6 ] , و على الرغم من أن الطرح يقترب من نقطة التساؤل و إستكمالها التي بدأتها مع الأستاذ الزيرجاوي , إلا أني آثرت إنتظار طرح نقطة مباشرة جوهرية , فكانت المصادفة أن كان الأستاذ الزيرجاوي إن تناول ما إنتظرته ؛ الربح .


فقمت بإعادة طرح الإستكمال , و أضفت :

{{ و يذكر الرفيق النمري في تعليقه أن الأموال لا تجعل من صاحبها رأسمالي , و هو محق في ذلك . و تذكر أستاذ جاسم أن الربح هو ركن من أركان نمط الإنتاج الرأسمالي ــ و كأنه لا وجود لأي شكل من اشكال الربح الحقيقي أو الوهمي خارج إطار نمط الإنتاج الرأسمالي ؟! . أعتقد أن توصيف الربح الرأسمالي مرتبط بنمط الإنتاج الرأسمالي (فهو محدد مخصص مميّز ــ و ليس عام مطلق) , و قد ذكرت أنه بعد تعويم الدولار قد تحرر الرأسماليون من قيود الذهب و أصبحوا أشبه بالآلهة يخلقون القيمة ! , و نحن نعلم أن الإله الخالق لا يستفيد شيئا مما يخلقه , إذ ليست له حاجة من خلقه , فهو يمنّ على من خلقه بأنه خلقه .

فما عساه يكون الربح ــ بعد تعويم الدولار ؟! ــ الربح الرأسمالي المرتبط بنمط الإنتاج الرأسمالي ؛ أعني }} .


و لحسن الحظ لم ينشغل الأستاذ الزيرجاوي , لكن يبدو أن باله متعلق بشيء آخر , فلم يتناول في إجابته الإستكمال و لا سؤال الإضافة , إنما تناول في الرد ؛ الربح في نمط الإنتاج الرأسمالي ــ بأقصى ما أمكنه من التجريد [!] :

{{ الربح هو مقولة مجردة ... abstraction argument .
الربح في نمط الإنتاج الرأسمالي , هو فائض الإيرادات Revenues على النفقات Expense . و الربح هو الفرق بين قياس كلفة البضاعة إلى الرأسمال و كلفة البضاعة إلى المجتمع .

قياس كلفة البضاعة / السلعة :
إلى الرأسمال : تقاس كلفة البضاعة بتكاليف الإنتاج الرأسمالية (رأسمال ثابت + رأسمال متحرك) .
إلى المجتمع : في التكاليف الحقيقة للإنتاج (رأسمال ثابت + رأسمال متحرك + فائض القيمة) }} .


فما كان مني إلا أن أعلق على الإجابة , مع تساؤل في آخر التعليق ؛ محاولا تنبيه الأستاذ الزيرجاوي لإمعان النظر في ما طرحته إستكمالا فيما سبق في التعليقات على طرحه [ ثروة الأمم ـ 5 ] ــ و قمت بتكرار طرحه مرة أخرى مع إضافة في تعليقات طرح [أسانيد (المانيفيستو الشيوعي اليوم) 6 ] :

{{ الربح و إن كان مقولة مجردة , بالتالي يمكن أن يعبر عن وهم أو حقيقة (الربح الذي يعتقده فلان مجرد وهم : كأن يعتقد المؤمن بإيمانه و صلاته و صيامه أنه ربح الجنة / الربح الذي له وجود موضوعي فلا يهم إن أعتقد فلان به أم لا : الربح الرأسمالي الذي هو بالضرورة تعبير عن إضافة ــ هو ربح و إن وصفه البعض بأنه خسارة تحت أطر إنسانية و منطلقات بيئية) .

إذا فالربح الرأسمالي لا يمكن إلا أن يعبر عن حقيقة , حقيقة تتمثل في ما هو مادي ملموس أو محسوس . رأس المال هو تعبير عن [ قوة العمل المختزنة ] , إذا ربحه سيكون من خلال (( إضافة )) , و هذا يتأتى من (( القدرة )) على تحويل [ قوة العمل المباشر ] إلى [ قوة العمل المختزنة ] , و ذلك ممكن في حالة الإنتاج السلعي , إذ بالإمكان إختزال أو إختزان [ قوة العمل المباشر ] ؛ إذ تتجسد [ قوة العمل المباشر ] في شكل مادي بالإمكان (( إحتكاره )) و (( تداوله )) بشكل منفصل عن مصدره .

و كما تفضلت يمكن معرفة الربح بمعرفة الفرق "بين قياس كلفة البضاعة إلى الرأسمال و كلفة البضاعة إلى المجتمع" ؛ و الذي هو مرتبط بالنقود _كما أظنك تتفق معي_ .
الذهب هو الآخر يعبر عن [ قوة العمل المختزنة ] , و بهذا _بجانب خصائصه الأخرى_ فهو من جنس رأس المال ؛ لذلك فإرتباط الذهب بالنقود في التداول هو من طبيعة جنس رأس المال : بالتالي يتحقق عن طريقه الربح الرأسمالي ؛ (( الإضافة )) .

لكن ما هي (( الإضافة )) التي يمكن تحقيقها بالبراءة القانونية , خلق قيمة للورق كإله , و هي بكل الأحوال لا يمكن أن تعبر عن [ قوة العمل المختزنة ] ؟! ــ لا أعتقدك تظن أن يكون الرأسماليين (بالجمع) , بالإضافة لكل البشرية جميعهم , متوهمين [ قوة العمل المختزنة ] في النقود ؛ بالتالي تكون (( الإضافة )) بالإستناد على هذا الظن : مجرد وهم ! }} .

و لم أحظ حتى اللحظة بالرد من الأستاذ الزيرجاوي , الذي بدا هذه المرة منشغلا في تنظيم أشبه بقطيع من الذئاب تتناوب فيما بينها لإسقاط النمري . و لست بصدد الدفاع عن الرفيق النمري فهو في غنى عن الدفاع .

أعتقد أنه من اللازم تناول الأسس قبل الخوض في أي تفاصيل (لطالما كانت التفاصيل موهمة الحقيقة ــ و هي بلا شك بذلك تغوي) , و في موضوعنا ها هنا هو النقد ؛ ما بين الذهب و البراءة القانونية ــ مرتبطا بالربح ؛ الربح الرأسمالي . فمن ثروة الأمم الزيرجاوية إلى أسانيد المانفيستو النمرية , تناول الأسس ضرورة (و هو هنا النقد) , فإما : ثروة حقيقية و ثورة وهمية ــ و إما : ثروة وهمية و ثورة حقيقية .

========

لطفا : الرجاء البقاء قدر المُستطاع حول جوهر الموضوع و محاوره القريبة منه ــ في التعليقات .