قوة الجاذبية للحركات الاجتماعية!


عادل احمد
2015 / 10 / 4 - 22:40     

حسب المفهوم المادي للتاريخ، فأن جميع الحركات الاجتماعية طوال التأريخ البشري في تداخل وصراع مستمر بعضها مع البعض. وان هذا الصراع والتداخل الاجتماعي هو نتاج التعقيدات والتناقضات الاقتصادية وعلاقاتها الاجتماعية. وان صراع الطبقات طبقا لهذا المفهوم المادي هي المحرك الرئيسي لكل التغيرات الحاصلة حتى الان في المجتمعات السابقة وحتى يومنا هذا. ان التداخل الطبقي والصراعات الاجتماعية هي التي تحدد مصير اي مجتمع. ان انتصار اي حركة سياسية واجتماعية تلقي بتأثيراتها وظلالها على عموم المجتمع وتطبعه بطابعها السياسي، وترسم ملامح هذا المجتمع بأفاقها واهدافها. اي ان قوة الجاذبية لاي حركة اجتماعية تجذب المجتمع نحو تأثيراتها وقوتها المغناطيسية.
في يومنا هذا نرى بأن تطور الرأسمالية في ارقى اشكالها وتحول الكرة الارضية الى كتلة رأسمالية عالمية واحدة على الرغم من الاختلافات والصراعات فيما بينهم لتوزيع هذه الثروة والرساميل. ونرى بوضوح تأثير الحركات البرجوازية على مسار حياة مليارات من الناس على هذا الكوكب على الرغم من تعفن البرجوازية ونظامها السياسي والاقتصادي . ونرى ايضا بأن الحركة المناهضة للراسمالية ونظامها في اوج الضعف واقل تاثيرا. حيث استطاع البرجوازية وحركاتها الاجتماعية جر المجتمع البشري نحو افاقها واهدافها المدمرة بغياب الافق الانساني بقوته وجاذبيته.
ان الطبقة العاملة والحركة الشيوعية وقعت تحت تأثير بقية الحركات البرجوازية وتدور في جاذبية الحركات الرأسمال الكيبرة. ان مشخصات ضعف حركة الشيوعية العمالية في يومنا هذا ناتجة عن الهجمة البرجوازية العالمية وتياراتها على الطبقة العاملة والحركة الشيوعية العالمية. ان الهجمة البرجوازية العالمية على الطبقة العاملة وافاقها التحررية ليس بشئ جديد ابدا، فأن البرجوازية بدون هذا الهجوم على اهداف واماني الطبقة العاملة لن يستطيع ان تعيش يوما واحدا. ولكن اليوم وبعد أنهيار جدار برلين وانهيار الكتلة الاشتراكية البرجوازية في الاتحاد السوفيتي السابق واوروبا الشرقية قبل عقدين ونصف، مكنت البرجوازية من تكثيف هجماتها على الطبقة العاملة والحركة الشيوعية العمالية واستطاعت ان تضعف هذه الحركة وابعادها عن التاثير المباشر على المجتمع وعلى مسار حركة التغيرالاجتماعي. واستطاعت البرجوازية العالمية تقوية محركها السياسي والاجتماعي لقوة هذا المحرك وجذبت جميع الحركات الاخرى في المجتمع ومن ضمنها الحركة العمالية والشيوعية نحو مسار حركتها.
وقعت الحركة الشيوعية العمالية في ظروفنا الحالية، تحت تأثير جاذبية الحركات الاجتماعية للبرجوازية وخاصة الحركات القومية والدينية في مناطق شرق اسيا والشمال الافريقي وتحت تاثير حركة التصنيع والتحديث للرأسمالية في امريكا اللاتينية. ووقعت تحت تأثير اوهام الديمقراطية والليبرالية البرجوازية في الغرب الصناعي.. اذن احد سمات هذه المرحلة هو توهم الطبقة العاملة العالمية بالحركات البرجوازية وافاقها، ووقوعها تحت تاثير شبكات قوة جاذبية الحركات البرجوازية. وسمة اخرى هي عدم تمكن حركة الشيوعية العمالية العالمية من اخراج نفسها من ضغط وتأثير انهيار القطب الاشتراكي البرحوازي العالمي. ان عدم وجود تكتيك واضح لنهوض الحركة الشيوعية العمالية من جديد غائب بين القسم الطليعي لهذه الحركة، وهذا ادى الى عدم وجود الثقة بنفسها بان تحاول الحضور مجددا في صراعات المجتمع وان تلعب دور رئيسي في حسم الصراعات والتناقضات داخل المجتمع. في هذه الحالة اي في حالة ضعف الحركة الشيوعية العمالية تفقد قوتها ايضا، وهذا بدوره يضعف المحرك ويضعف قوته لجذب كل الطبقة العاملة والطبقات والفئات المحرومة نحوها.
ان محرك القوة لحركة الشيوعية العمالية هو الحزب السياسي. بدون هذا الحزب لايمكن مواجهة البرجوازية وحركة الرأسمال. والشئ الوحيد الذي تخافه البرجوازية هو التحزب الشيوعي والعمالي. حاولت البرجوازية العالمية ان تضعف روح التحزب الشيوعي والعمالي بشتى الانواع وصرفت المليارات من خلال الاعلام والجامعات والمدارس وفي المصانع والشركات والمؤسسات المتنوعة بالضد من التحزب، وانشأت حركات عديدة مناهضة للتحزب خلال العقود الثلاثة الماضية. وتعرف البرجوازية جيدا ان السلاح القاتل والمؤثر بيد الطبقة العاملة هي التحزب السياسي، لذلك تحاول جاهدة ان تقف بوجهه بكل قوة. ان وجود حزبين شيوعيين العمالي العراقي والكردستاني في العراق اليوم هو نقطة قوة للطبقة العاملة العراقية على الرغم من ضعفهما في استقطاب المجتمع. ان فقط وجود الايمان بالتحزب امام الهجمة البرجوازية العالمية هو بحد ذاته احدى النقاط المهمة في ظروف اليوم.
ان ضعف الشيوعية العمالية في العراق وكردستان لا يمكن بحثه فقط في العوامل الذاتية لهذه الحركة وحزبها، بل يجب بحثه في النطاق العالمي وفي تحركات البرجوازية العالمية. ان اقوى واشرف موقف لهذه الحركة والحزب في العراق هو وقوفها الدائم بصف الطبقة العاملة ومعاناتها وآلامها. واذا لم تتمكن من قلب الاوضاع لصالح الجماهير العمالية لا تقلل من اهميتها ووجودها بتاتا. نتمنى وجود هذا النوع من الاحزاب في كل مكان لا لشئ الا لتقوية التحزب العمالي. ان من يقف بالضد من وجود هذا الحزب بوعي وبدون وعي يقف في المجال المغناطيسي للقوة البرجوازية والرأسمالية. ويقف بجانب ايقاف التغيير في المجتمع. ليس مهما بأن توافق سياسات هذا الحزب ام لا ، بل المهم الوقوف بجانب سياسة تحزبها هي بحد ذاتها نقاط مهمة لاي تحرري وتقدمي. ان تقوية التحزب الشيوعي في المجتمع هو خطوة مهمة في مواجهة تحديات الحركات الرجعية للبرجوازية كخطوة اولية، ومن ثم البدء بالية كيفية التغيير والتدخل المباشر في الصراعات داخل المجتمع. ان مهمتنا اليوم هي تشغيل هذا المحرك من التحزب في كل مكان.