نحو صناعة عراقية استهلاكية


جاسم محمد كاظم
2015 / 9 / 26 - 13:42     

نحو صناعة عراقية استهلاكية

يفتقر السوق العراقي اليوم إلى الصناعة وبالخصوص الصناعة الاستهلاكية البسيطة التي تسد حاجة الأسرة .
وربما يكون عراق اليوم البلد الوحيد الذي لا توجد بة صناعة منتجة ضمن كل دول المنطقة ..
نرى من خلال محلات التجزئة صناعة غذائية كويتية تتمثل بالزبدة والقيمر ونتساءل هل من المعقول أن توجد زبده كويتية في بلد يفتقر إلى المزارع والماء بينما لا ينتج العراق شيئا وهو الذي يمر فية اكبر انهار المنطقة ويمتلك سهلا رسوبيا كبيرا اخضر اللون سمي بسببه في قديم الزمان ميزوبوتاميا .. إي بلاد مابين النهرين .
رأت الصناعة العراقية النور بعد انتصار تموز الظافر بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم وأرست المعاهدة العراقية السوفيتية حجر الزاوية لهذه الصناعة الوليدة .
واستطاعت الصناعة الاستهلاكية العراقية من سد حاجة الأسرة العراقية من كل المتطلبات في منتصف السبعينات التي اعتبرت الفترة الذهبية للصناعة العراقية من حيث التخطيط والجودة .
استطاعت الصناعة العراقية في تلك الفترة الذهبية من سد الحاجة لأكثر المتطلبات الحياتية من خلال تصنيع الزراعة وتوفير معظم الاحتياجات للصناعة الغذائية وظهرت ماركات غذائية عراقية شهيرة مثل شربت يافا الرائع وزبده وقيمر أبو غريب .وألبان السماوي ..ودبس بغداد .وأنواع كثيرة من مربى المشمش والرقي والتين .
وبدأت الصناعة الكهربائية أيضا على طريق التصنيع التجميعي أولا لإنتاج المراوح السقفية والمنضدية وكافة متطلبات البيت العراقي من الاحتياج الكهربائي للمصابيح والأسلاك .
واستطاعت الصناعة النفطية سد احتياج السوق من البنزين وزيت الغاز والدهون بأنواعها وظهرت إلى السوق الماركة العراقية الشهيرة زيوت بابل التي تفوقت على نظيراتها من الزيوت الألمانية في وقتها .
وسارت الصناعة الدوائية العراقية على نفس الخطى وملئت رفوف الصيدليات بكافة أنواع الأودية العراقية المميزة بالجودة .
وفرت الصناعة الاستهلاكية العرقية عملة كبيرة وحدت من تهريب ونزف الدينار إلى الخارج وخلقت طبقة عمالية كبيرة في العراق من العامل البسيط إلى العامل الماهر فالمهني وطبقة الفنيين والمهندسين والمهندسين الاختصاص وربط التعليم بالصناعة عبر إنشاء المعاهد الفنية والكليات التقنية لسد الاحتياج في المصانع .
وبسبب سياسة عدم الاستيراد والاكتفاء الذاتي من المواد الاستهلاكية نمت وفورات نقدية كبيرة في الخزينة العراقية من بيع النفط وعدم خروج العملة العراقية إلى الخارج أصبحت مصدر قوة كبيرة للدينار العراقي الذي تخطى في فترة ال1977-1978 الدينار الكويتي في سوق الصرف وأصبح يعادل دينار ونصف كويتي وثلاث دولارات أميركية.
شهدت هذه الفترة انعدام البطالة في الشارع العراقي بسياسة التوظيف للكل الخريجين وظهور قانون العمل للمعوقين وكبار السن كحراس ومستخدمين في الدوائر العراقية الصناعية والخدمية .
وبسبب تأسيس المعامل الكبيرة استوردت الحكومة العراقية الفنيين من الباكستان ودول شرق أسيا لملى الفراغ في هذه المصانع في بادئ الأمر .
تلاشت الصناعة العرقية بعد انقلاب البعث الصدامي الثاني على الرئيس احمد حسن البكر واندلاع الحرب العراقية الإيرانية وتجنيد العمال كاحتياط في الجيش أو في قواطع الجيش الشعبي وشهدت السنوات اللاحقة لانتهاء الحرب إفلاس الميزانية العراقية وبيع المصانع بالمزادات العلنية وتأجيرها للقطاع الخاص وتسريح العمال وما أن حل عهد الحصار بعد غزو الكويت حتى انتهت الصناعة العراقية وتلاشت من الوجود تماما .
عراق ما بعد 2003 عراق يخلو من الصناعة نهائيا ويعتمد على توفير كل الاحتياج من مردودات بيع النفط التي أصبحت موارده النقدية لا تكفي لدفع رواتب السلطة ومؤسساتها الخدمية وربما يأتي يوم لا يستطيع الدفق النفطي من توفير العملة الكافية للرواتب .
وهنا لابد من تأسيس بوادر صناعة أولية بسيطة استهلاكية في طابعها لتوفير الاحتياجات البسيطة للأسرة العراقية وملى محلات التجزئة بهذه البضاعة للحد من نزف العملة الحاد وتهريبه للخارج وكذلك فإنها تسعى إلى تخفيف حالة البطالة الهائلة وربط حالة التعليم بالصناعة ومؤسساتها وبالتالي دوران العجلة العراقية بصورة صحيحة تستطيع معها تصحيح مسار التاريخ الذي عاد إلى الوراء ..

/////////////////////////////////م
جاسم محمد كاظم