الفساد الانتخابي مالي ومؤدلج للدين الإسلامي...


محمد الحنفي
2015 / 9 / 8 - 12:05     

كثيرا ما يعتبر البعض منا، أن حزب العدالة والتنمية ليس فاسدا، ولم يشتر ضمائر الناخبين. وهؤلاء ينسون ما يقوم به المنتمون إلى هذا الحزب، على مدار كل سنة، فيما بين انتخابات، وانتخابات. وخاصة تلك التي تسبق الانتخابات الجماعية، والجهوية، أو الانتخابات البرلمانية. فعلى مدار السنة، يقوم المنتمون إلى هذا الحزب، عبر الجمعيات التي أنشأوها لهذه الغاية، والتي تأخذ طابعا إحسانيا، حتى تحفز المعوزين على البحث عنها، خاصة وأنها:

(1 توزع أكياس الدقيق، والزيت، والسكر، والشاي، على مدار السنة.

(2 توزع الأكباش بمناسبة عيد الأضحى على المعوزين في مختلف الأحياء، وفي جميع القرى، وعلى المستوى الوطني.

(3 مضاعفة التموين الذي تقدمه للمعوزين في شهر رمضان.

ونحن لا ننتبه إلى هذا الاستغلال، الذي يكلف العدالة والتنمية المغربي مئات الملايين، إن لم تكن الملايير كل سنة، كما لا ننتبه إلى:

(1 استغلال مختلف المساجد، بواسطة مختلف الأئمة، الذين ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية، عن طريق التصريف اليومي لخطاب العدالة والتنمية، والتصريف الأسبوعي لهذا الخطاب، من خلال خطبة الجمعة، أو حتى من خلال تصريف الخطاب المخزني في مختلف المساجد، من أجل الاستفادة منه.

(2استغلال المدرسة المغربية، عن طريق ما تقوم به نساء ورجال التعليم، المنتميات والمنتمون إلى حزب العدالة والتنمية، من خلال مختلف حصص الدروس المختلفة، وخاصة درس التربية الإسلامية، الذي يتحول فيه القسم إلى مجرد مقر لحزب العدالة والتنمية، والخطاب إلى خطاب للعدالة والتنمية، على مدار السنة الدراسية، ومن أموال الشعب، لإعداد التلميذات، والتلاميذ بصيرورتهم أعضاء في حزب العدالة والتنمية.

3) استغلال النفوذ من قبل المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية، المتحملين للمسؤوليات في مختلف المؤسسات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لجعل المرتبطين بتلك المؤسسات، من أجل أن يتجهوا بفكرهم، وبممارستهم، نحو حزب العدالة والتنمية.

ونحن عندما نغمض أعيننا عن ممارسة المنتمين إلى هذا الحزب على مدار السنة، تصبح ممارستنا السياسية المتعلقة بمحاربة الفساد السياسي / الانتخابي، لا تتجاوز ما تمارسه الأحزاب الإدارية، والممخزنة على مدار أيام الحملة الانتخابية، عن مرشحيها الفاسدين، الذين يقيمون الولائم، ويوزعون الأموال الهائلة، ويشترون ضمائر الناخبين، خلال أيام الحملة الانتخابية وفي يوم التصويت.

وإذا كان حزب العدالة والتنمية يوزع أوهام أدلجة الدين الإسلامي، المتعلقة بضمان الدخول إلى الجنة يوم القيامة، عن طريق مرشحيه، ونشر الظلام في المجتمع، وتقديم الصدقات إلى المعوزات، والمعوزين، من أجل ربطهن، وربطهم به، عن طريق البطن، فإن الأحزاب الإدارية، والأحزاب الممخزنة، تشتري ضمائر الناخبات والناخبين، من أجل الوصول إلى مراكز القرار، وبالأغلبية المريحة. وفي الحالتين معا، هناك فساد سياسي / انتخابي، يتميز بسمتين أساسيتين:

السمة الأولى: الفساد السياسي / المالي الذي تمارسه الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، والأحزاب الممخزنة.

والسمة الثانية: الفساد السياسي / الديني، الذي تمارسه الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية، الذي احتل المرتبة الثالثة في الانتخابات الجماعية ليوم 04 شتنبر 2015.

وبذلك نصل إلى أن الفساد واحد، مهما تعددت مشاربه، وكيفما كان مصدره.

فالفساد السياسي / المالي، الذي يستغل حاجة الناخبين من أجل بيع ضمائرهم، التي تعتبر أغلى ما عندهم بأبخس الأثمان، يصير واضحا ولا غبار عليه ولا ينكره حتى الذين تعودوا على بيع ضمائرهم.

والفساد السياسي / الديني، الذي يستغل اعتقاد الناخبين بالدين الإسلامي، وتضليلهم، حتى يحصد مؤدلجو الدين الإسلامي أصواتهم، التي تصبح أصواتا إسلامية، حتى يستفيد منها المترشحون الإسلاميون، المنتمون إلى حزب العدالة والتنمية بالخصوص، والذي لا ينازعه أي حزب إسلامي آخر، يفسد السياسة ويفسد المعتقد الديني الذي يحول أدلجة الدين الإسلامي إلى دين جديد.

وكلا الفسادين: الفساد السياسي / المالي، والفساد السياسي / الديني، لا يختلفان، ولا يمكن أن ينتجا إلا فساد الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

ومحاربة الفساد بألوانه المختلفة، وخاصة من قبل المنتمين إلى مختلف مكونات فيدرالية اليسار الديمقراطي، الذين يجب أن يضعوا في اعتبارهم: أن الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة، والأحزاب الممخزنة، لا تمارس إلا فساد الحياة السياسية، كلما كانت هناك انتخابات، ليختفوا، وبصفة نهائية وراء مكاتب مختلف المجالس ليدبروا عملية نهب ثروات الشعب المغربي، إلى أن يصل موعد انتخابات أخرى.

أما الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية، فإنها تمارس الفساد على مدار السنة، وهذا الفساد، يستهدف إفساد الحياة السياسية، كما يستهدف إفساد الاعتقاد بالدين الإسلامي، ليتحول إلى الاعتقاد بأدلجة الدين الإسلامي. وهو أمر يشكل خطرة على معتقدات الشعب المغربي، الذي يصير جانحا إلى التطييف، وإلى إنتاج المزيد من الدواعش، الذين قد يتمكنون من تخريب هذا الوطن، كما خربوا العراق، وسورية، وليبيا، واليمن. وهذا النوع من الفساد، يقتضي من مناضلي فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن يضعوا في اعتبارهم ضرورة خوض الصراع الأيديولوجي، الذي لا حدود له، ضد مؤدلجي الدين الإسلامي، مهما كان لونهم، وعلى رأسهم حزب العدالة والتنمية، إلى جانب ضرورة خوض الصراع السياسي المرير.

وإذا كانت محاربة الفساد السياسي / الانتخابي، كلما حل موعد الانتخابات مهمة، ووجيهة، وأساسية، فإن محاربة إفساد الحياة السياسية، وإفساد الاعتقاد بالدين الإسلامي، على مدار السنة، أهم، وأكثر وجاهة، وأكثر من أساسي.

وفي هذا الإطار، فإن معظم المجالس الناتجة عن الانتخابات، لا يمكن أن تكون إلا فاسدة، والتعامل مع الفساد في واقعنا لا يمكن أن يكون إلا جزءا من الفساد.

وقرار الهيأة التنفيذية لفيدرالية اليسار الديمقراطي، بعدم التحالف مع الأحزاب الإدارية، وحزب الدولة وحزب العدالة والتنمية، الموجه إلى مناضلي فيدرالية اليسار الديمقراطي، الفائزين في انتخابات 04 شتنبر 2015، لا يمكن اعتباره إلا قرارا وجيها، وعلميا، ودقيقا، ويستحق التنويه، من أجل الوصول إلى الحسم مع الفساد، مهما كان لونه، سواء كان سياسيا / ماليا، أو سياسيا / مؤدلجا للدين الإسلامي. وهو قرار يفرض على جميع مناضلي فيدرالية اليسار الديمقراطي، أن يضعوا في اعتبارهم محاربة الفساد السياسي / المالي / الديني، على مدار السنة، والاستمرار في فضح الفساد، مهما كان مصدره، والنضال من أجل فرض إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لا وجود فيها لأي شكل من أشكال الفساد، من أجل إعادة الاعتبار للعملية السياسية.

ابن جرير في 07 /09 / 2015

محمد الحنفي