أسانيد (المانيفيستو الشيوعي اليوم)


فؤاد النمري
2015 / 9 / 5 - 17:04     

أسانيد (المانيفيستو الشيوعي اليوم)

من الغريب بل ومن المستهجن أيضاً أن أحداً من الشيوعيين الذين ما زالوا يعلنون شيوعيتهم لم يعترض أو ينتقد سلباً أم إيجاباً "المانيفيستو الشيوعي اليوم " الذي نشرته باللغتين العربية والإنكليزية في الحوار المتمدن قبل عشرة أيام رغم أن المانيفيستو الشيوعي الذي أصدره ماركس وإنجلز في العام 1848 كان الأساس الفكري والفلسفي الذي قامت عليه مختلف الأحزاب الشيوعية، و"المانيفيستو الشيوعي اليوم" جاء استجابة وتكميلاً لمانيفيستو ماركس وإنجلز .

استند "المانيفيستو الشيوعي اليوم" على تصريح لينين في الاجتماع التاسيسي للأممية الشيوعية (الكومنتيرن) في السادس من إبريل 1919 حيث قال .. " لقد غدا انتصار الثورة الشيوعية أمراً مؤكداً " والمانيفيستو اليوم يؤكد صحة هذا التصريح بعد مرور قرن طافح بالأحداث عليه .
نحن نعلم أن فلاديمير لينين لا ينطق عن هوىً، ولم يؤكد انتصار الثورة الشيوعية قبل أن يتفحص مختلف القوى الطبقية في أوروبا التي كانت آنذاك مركز العالم، ووجد أن قوى البروليتاريا الروسية تفوق مختلف القوى الطبقية في أوروبا بعد أن استطاعت خلال عام واحد في الحرب الطبقية من تصفية قوى البورجوازية الدينامية في روسيا ومعها فلول القيصرية والإقطاعيين . وبرهنت البروليتاريا الروسية على أنها عند حسن ظن لينين وقد ألحقت هزيمة مذلة بتسعة عشر جيشاً جهزتها أربع عشرة دولة رأسمالية بأحدث الأسلحة وأرفع الكوادر العسكرية وأرسلتها إلى روسيا لتخنق البلشفية في مهدها .

إثر تلك الهزيمة المنكرة التي لحقت بالنظام الرأسمالي العالمي على أيدي البروليتاريا السوفياتية تقررت مسألة تاريخية حديّة وهي أن النظام الرأسمالي في العالم أخذ يواجه عدواً مصيريا من شأنه أن يحدد وظائفه محصورة في الهروب الآمن من الشيوعية . منذ العام 1921 أضحت وظيفة النظام الرأسمالي العالمي الأولى ليس البحث عن أسواق وإعادة إقتسام الأسواق بل هي الحد من انتشار الثورة الشيوعية التي توطدت أركانها في الإتحاد السوفياتي . ولسوء حظ البشرية غدت المخابرات البريطانية (MI6) هي العقل الموجه (Mastermind) لكل حركة رأسمالية في العالم . المخابرات البريطانية هي التي أقامت الفاشية في إيطاليا بأيديها العارية في العام 1922 وقطعت فعلاً الطريق على القوى الشيوعية الإيطالية ؛ وبأيديها العارية أيضاً أقامت منظمة الإخوان المسلمين كعصابة قوية مسلحة معادية للشيوعية في مصر في العام 1928 ؛ وعملت بالتعاون مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي في ألمانيا ، وهو موئل الخيانة للطبقة العاملة، على إقامة النظام النازي في ألمانيا في العام 1933 .

لما كانت أعمال المخابرات البريطانية معاكسة لتقدم التاريخ فقد إنقلب السحر على الساحر واستمرت الطائرات الألمانية تدك لندن بقنابلها صباح مساء لثلاثة أعوام، فكان بالتالي أن لجأت بريطانيا العظمى إلى الإتحاد السوفياتي ليوفر لها الحماية من الإحتلال النازي ؛ وكانت ايطاليا قد احتلت الحبشة الموالية لإنكلترا، وعملت عصابات الإخوان المسلمين ضد القواعد البريطانية في مصر .
بعد أن قضى الاتحاد السوفياتي على سوء صنيع المخابرات البريطانية في ألمانيا وإيطاليا هبت رياح التحرر الوطني في العالم كله (1946 – 1972) فكان أن تحررت كافة الدول المحيطية في العالم وامتنع نتيجة ذلك تصدير فائض الإنتاج الرأسمالي إلى خارج الحدود وهو ما خنق النظام الرأسمالي غريقاً في فيض انتاجه الأمر الذي كان كارل ماركس وفردريك إنجلز قد استشرفاه قبل مائة وعشرين عاماً في المانيفيستو الشيوعي .

البروليتاريا في العالم لم تكن في السبعينيات في حال يؤهلها للقبض على السلطة في مختلف البلدان وذلك بسبب الحرب اللاإنسانية المجنونة التي شنتها البورجوازية الوضيعة السوفياتية على البروليتاريا السوفياتية قائدة الثورة الشيوعية العالمية منذ رحيل ستالين في العام 1953، منتهزة عواقب العدوان النازي، وما زالت حربها قائمة حتى اليوم .
البورجوازية الوضيعة في العالم الرأسمالي استفادت من تراجع البروليتاريا السوفياتية فاستطاعت الاستئثار بالسلطة . البورجوازية الوضيعة هي حقاً وضيعة لأنها لا تنتج سبباً من أسباب الحياة بل إن حياتها نفسها هي حياة طفيلية تقوم على إنتاج البروليتاريا . طبقة لا تنتج الحياة لا يمكن أن تستمر في الحياة . ستنهار وتزول في وقت قريب جداً . لن يبقى قبالة البروليتاريا أي أعداء ذوي شأن وستقود البروليتاريا إذاك الثورة الشيوعية التي بشر بنجاحها لينين في العام 1919 دون حاجتها للعنف وللدكتاتورية .
وهنا ليس بوسعنا إلا أن نتذكر كارل ماركس يدين بأقوى العبارات البورجوازية الرأسمالية وقد حطمت دون رحمة أو أدنى مسؤولية البورجوازية الصغيرة المشتغلة بالصناعات الحرفية في القرنين السابع عشر والثامن عشر مؤكداً بذات الوقت أن البروليتاريا بالمقابل ستأخذ على عاتقها توفير أسباب الحياة للبورجوازية الوضيعة بعد نجاح الثورة الشيوعية .