رد على أبراهامي حول مقاله -لم يفهموا ماركس يوما ما-


عذري مازغ
2015 / 9 / 4 - 08:27     

أتمنى أيضا أن تنشره جميع المواقع التي نشرت موضوع أبراهامي
في جدل حقيقي متخم بالمعطيات يهرب الجبناء فقط، في مقال حول ماركس، جادلت حول مقالات تطرقت لمفهوم ساعات العمل الضروري عند ماركس، حدث ما حدث، وبقي وزر بعض المقالات التي علقت على مقالي يتابعني في غوغل حتى هذه اللحظة، مقال للسيد أبراهامي عنوانه: "لم يفهموا كارل ماركس في يوم من الأيام". كتب الجيب التي كانت تصدرها دار موسكو، هي ما قرأت شخصيا في المغرب، وكانت تكنى بالعنوان العام "الرأسمال" والحقيقة المرة أني لم أفهم يوما ما تلك الكتب زيادة على أنها مملة لشيء ما لم أفهم كنهه، كتاب الراسمال لماركس هو كتاب بالتأكيد في الإقتصاد السياسي، كتاب مترابط في كل موضوعاته، لا يمكن تجزيئه إلى مقطوعات في كتب جيب، هذه هي الخلاصة التي توصلت إليها، بخصوص ذلك الجدل الصاخب في الحوار المتمدن، كان جدلا غنيا مستفزا بكل تأكيد، وهذا هو جميله، شخصيا لم أفهم ماركس يوما من الأيام، لكن أيضا شارحي ماركس لم يفهموه أيضا يوما ما، وانا هنا لا أروم إلى إعجاز فقهي كما هي العادة عندنا حيث بدا ان فهم ماركس أقرب كثيرا بفهم القرآن عند الفرق الإسلامية، بدا شرح منظومته الفكرية كما لوكان نصا مقدسا يستلزم علم كلام آخر، برغم أنه، ومن حسن حظنا، لم يكن ماركس مجنونا كالأنبياء، كأن يقول مثلا بان فلسفته منزلة بوحي، لكن لماذا اتسم الجدال بتلك الحدة حول كتاب موجود ويمكن الرجوع إليه في أية لحظة، فهو ليس كتابا كتب بعد ثلاثمائة سنة عن قائله لنحقق في الرواة ونحقق في مصداقية الحفظة، إن ماركس كتب كتابه بيده ولم يكن كتابا مرويا، كان كتابا منزلا بالكتابة إذا أردنا أن نتكلم بلغة الدين.
شخصيا وبخلفيات طبيعية، لم يشرح لنا أي ماركسي ماذا تعني الساعات الضرورية عند ماركس، والحقيقة ليس ماركس هو من انتجها أيضا، لكن في القرن 19 كانت تحمل معنى دقيق جدا وهذا ما نبهني إليه السيد أبراهامي، ذلك المعنى الذي في توغله في القرن العشرين وحاليا فقد دقته العلمية، حسب أبراهامي، فقد مدلوله إطلاقا من حيث لا يمكن مقارنة نزول الناس في المريخ (هبطنا بسلام على المريخ) بشخص يتكلم عن "غزل القطن بواسطة النول"، اعترف شخصيا أن سخرية أبراهامي قاتلة لحد ما، لكنها مع ذلك تقيم مقارنات مجحفة، يمكنني في هذا الصدد إدراج عشرات الأمثلة في مضمون هذا القول لضرورات إنسانية أو حيوانية حتى: النازا تبحث عن الماء في المريخ وتتيح لذلك الأرصدة الطائلة في ما نصف البشر يحتاج تلك الأرصدة للتروي بالماء.. هذا بالطبع قول نقيض يعبر عن شيزوفرينية الرأسمالية نفسها وليس عن المقارنة المجحفة التي تريد أن ترفعنا عن غزل النول .. ليس الامر مقنعا لي بخصوص هذه المقارنة فنحن بعد لم ننتقل من غزل النول ، هذ ما يجب أن يفهمه أبراهامي، لكن بالطبع الحديث عن المريخ أمر مؤلم حقا بمستوى التميز عن حقيقة في الأرض، بلعبة لفظية، أن أكون متحششا، وأتصور نفسي مباشرة في المريخ، هذا الكلام ليس حطا من أبراهامي، لا زلت أعترف له بتنبيهي إلى أمر هام، بالفعل ساعات العمل الضروري ليست عند ماركس كما عرفتها في ذلك المقال، وليست أيضا كما عرفها زميلي جاسم الزيرجاوي الذي لم يتطرق له أبراهامي ، والذي اعتمدته كمرجع، أو لنقل كان مقال الزيرجاوي سببا مباشرا في كتابة مقالي من منطلق تسجيل ملاحظاتي عليه.
ليست المشكلة الآن في مقارنة ساعات العمل الضروري عند ماركس بما نسميه حاليا بالحد الأدنى للأجر كما في حالنا اليوم.
المشكلة بالفعل هي في الفهم.
عند ماركس ساعات العمل الضروري تعني فقط الساعات التي يعملها العامل لكسب أجر بقائه حيا هو وأسرته، هي ضرورية له لكي يعيش.
مقابلها في عصرنا هو ما نسميه الحد الأدنى للأجور
خطئي هو اني اعتبرتها ضرورية للعامل كما هي ضرورية للرأسمالي في استرداده لما خسره في عملية الإنتاج (هذا الامر لا علاقة له بالمريخ، هذا الفهم الخطأ أدرجه أيضا رفيقي الزيرجاوي في مقاله ولم ينتبه له أبراهامي).
انطلاقا من هذا التوضيح يمكننا الآن أن نتكلم عن فائض القيمة التي يعتبرها البعض مقارنة بالنزول بالمريخ غير موجودة.
هذا نقد ذاتي قبل أن يكون نقدا لأبراهامي
وهذه أخلاق لا توجد عند الماركسيين العرب