|
غلق | | مركز دراسات وابحاث الماركسية واليسار | |
|
خيارات وادوات |
|
ظلُّ كِتاب.. وبقايا شعب
أردتُ من عنوان هذا المقال قراءة جديدة لكتابٍ قديم ، حيث الكتاب هنا مثل شجرة قبل 39 سنة كانت صغيرة وكان ظلها صغيرا أيضا ، وعندما مرت عليها السنين أصبحت كبيرة وصار ظلها كبيرا واتتْ أكُلها في موطنها الأصلي اسبانيا وعموم أوربا ، اقصد الكتاب : " الأورو.. شيوعية .... والدولة " المؤلف سانتياغو كاريللو:سكرتير الحزب الشيوعي الاسباني،وقد طُبع الكتاب في حزيران 1978ببغداد بترجمة الدكتورة سعاد محمد خضر،المهم أن سانتياغو كاريللو ألّف كتابه هذا بعد سنة من سقوط دكتاتورية النازي الاسباني فرانكوا سنة 1975 ، أي تم تأليفه عام 1976 ، وهنا النقطة التي دفعتني لقراءته لتشابه وضعنا في العراق بعد سقوط الدكتاتورية،مع فارقين الدكتاتورية الصدامية سقطت بفعل خارجي وليس داخلي ، والفارق الثاني تخلف الوضع الاقتصادي في قطاع الصناعة قبل 2003،وإهمال قطاع الزراعة بعد 2003 ، أي تم إنهاء الصناعة والزراعة في العراق على يد نظامين مخلفتين؟!مفارقة ؟! مما سبب اقتصادا ريعيا أحادي الجانب – نفطي ( منهوب مثلما كان في النظام السابق للأقلية الحاكمة )، أما الآن فهو منهوب من خلال تقنين وشرعنة النهب المنظم للريع النفطي،برواتب عالية جدا للرئاسات الثلاثة والوزراء وأعضاء البرلمان ،والدرجات الخاصة،عدا النهب الذي يُسمى فسادا ؟! . وهذان الفارقان سببا مشاكل كثيرة لسنا بسبب التصدي لها والانشغال بهما بدلا من تشغيل العقل في بناء المجتمع من مخلفات سنين الحروب الدكتاتورية التي ضربت بالمجتمع ومفاهيمه المتحضرة عرض الحائط ..،وربما غدت معلومة للجميع – المحاصصة الطائفية والأثينية التي تحولت إلى طائفية سياسية وأقلية حاكمة تاركين أغلبية الشعب( المكرود) خارج التغطية ، خارج أسوار الحياة الطبيعية هنا وهناك من الوطن ، لكن ما نحن - بصدده أصدقائي القرّاء - هي أفكار الكتاب الذي حوى نقدا لفكرة العنف الثوري والظاهرة الستالينية وكيف أثرت هذه الظاهرة بهز أركان الدولة بعد رحيل ستالين عندما توجه خروشوف بالنقد لشخص ستالين،وأحيانا يرى سانتياغو المؤلف أن ظروف ثورة أكتوبر البلشفية لم تكن هي ظروف البلدان الأخرى في حينها عموم العالم وخصوصية أوربا الاقتصادية الاجتماعية ومنها تجربة ستالين مع تيتو في يوغسلافيا شاهد على ذلك التناقض في الظروف بعد نهاية الحرب العالمية الثانية مباشرة ،كما أن هذه الظروف لا تعد موجودة بعد تقادم الزمن وتغيير جميع ظروف الحياة الإنسانية اليوم – الحركة والتغيير وقوانين الديالكتيك- ماركس، بينما يستعين سانتياغو بعض الأحيان بكتابات لينين التي تقرأ الوضع العالمي لحركة تطور الرأسمالية الى الامبريالية وسيطرة رأسمال المالي ويشيد بها ويأخذ منها ، ،بمعنى جاء النقد عميقا بناءا ولم يكن نقدا سطحيا ، كما انتقد هذا الكتابُ الألماني كاوتسكي واشتراكيته الديمقراطية وسيرها تحت مظلة القوى البرجوازية،وأيضا جاء النقد بناءا،على أساس أن الأفكار الماركسية في تطبيقاتها انحسرت في تلك المدة بين العنف الثوري – لينين ، والاشتراكية الديمقراطية – كاوتسكي، وناقش سانتياغو جميع هذه الأفكار وعلاقتها بالدولة والفرد وحركته في المجتمع ،وتوصل إلى أن الحالة في الأعم الغالب تصل بالأقلية لحكم أكثرية الشعب من الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين والكادحين وغيرهم،بما يمنع الديمقراطية وحرية الرأي حتى للطبقة العاملة في الدول الاشتراكية ( المبنية على أساس دكتاتورية البروليتاريا ) مع توفر الخبز ، ويمنع الخبز ويزداد القهر الاجتماعي في الدول الرأسمالية مع وجود الديمقراطية أو عدم وجودها أو ديمقراطية زائفة خصوصا في البلدان المتخلفة اقتصاديا وديمقراطيا – النامية كما تسمى -،ونرى صواب رأي سانتياغو بعد الـ 39 سنة في تقدم اليسار الاسباني ومنه الحزب الشيوعي الاسباني على الأحزاب التقليدية الحاكمة والمعارضة (1)لأن منتجين أفكارها ظلوا تقليدين دون أبداع ، وهنا كان قد أكد سانتياغو منذ سنة 1976 في كتابه هذا على عامل الوقت في انتهاج الأسلوب الديمقراطية وأتباع برنامج انتخابي بعيدا عن الاشتراكية الديمقراطية وبرامجها الجاهزة التي لا تمثل حاجات المجتمع المُلحة والآنية ،وذلك باعتماد الحراك المجتمعي ومتطلبات وحاجات المجتمع الآنية في مرحلتها لتكون أهداف صغيرة تتحقق في حينها ،ومنطلقا للبرنامج الاقتصادي الاجتماعي في أنظمة ديمقراطية من أجل هدف كبير : تحقيق الاشتراكية بأسلوب الديمقراطية السياسية بشكل مراحل انتخابية يعني الارتكان إلى قناعات الناخبين الأغلبية في المجتمع بعد مداومة الاتصال بهم دون منع حرية التعبير والديمقراطية للأقلية غير المنتُخبة لهم ، وإذا لم تتحقق الاشتراكية التي تنتجها الاقتصاديات الرأسمالية المتطورة كشرط أساسي لها ومن قناعة الشعب الناخب فأن على أقل تقدير إيقاف زحف القوى الرأسمالية إلى مركز القرار في البلدان الأوربية ، والعمل على الممكن الاقتصادي الذي يقلل من الحرمان والضرائب على الفقراء سواء كانوا عمال أو موظفين أو غيرهم ، وذلك من خلال تراكم كيفي يتحول إلى كم في صناديق الاقتراع عبر النضال الديمقراطي الانتخابي، ولم يصل هذا الرجل سانتياغو المؤلف إلى هذا التفكير لولا قراءة الواقع الأوربي عموما،والاسباني على وجه الخصوص،قراءة موضوعية للعلاقات الاقتصادية الاجتماعية في العالم وقراءة عميقة للتجارب السابقة للدول الرأسمالية والاشتراكية ،وكذلك علاقة الإفراد بوصفهم موظفين في الدولة أو مواطنين دون وظائف فيها أيا كانت الطبقة التي يمثلون ، وكيف يمكن أن يتأثروا سلبا بقرارات الدولة أي كانت هذه الدولة رأسمالية الاقتصاد أو اشتراكية ( عندما كان مفهوم الدولة محصور بين معسكرين) ،بل حدد ملامح الشرائح والفئات الاجتماعية التي سوف تكوّن قوة تصويتية لصالح الحزب الشيوعي الاسباني في المستقبل ، كما أشار الكتاب إلى ضرورة الحراك المجتمعي الذي تقوده الأحزاب الشيوعية الأوربية كاشفة زيف الرأسمالية بأسلوب ديمقراطي شرعي،مؤكداً على ضرورة استمرار الالتصاق بالجماهير وتبني مطالبيهم من منطلق أن غالبية الشعب طبقة عاملة نتيجة ملاحظته التطور السريع للرأسمالية ،معتمدا في ذلك على قــول انجـلز في مرحلة الأممية الأولى وما بعدها - قبل الأممية الثانية – ، حيث قال انجلز عن الانتخابات ألمانية في ذلك الوقت : " لكن وباستخدام الانتخابات بهـكذا فعالية استطاعت البروليتاريا استخدام طريقة للصراع جديدة كليا وتطورت مع ذلك بسرعة ، إلى جانب أنها وجدت مؤسسات الدولة التي تسطير عليها البرجوازية تقدم إمكانيات جديدة تسمح للطبقة العاملة بمناهضة المؤسسات نفسها. فهم يشاركون في انتخابات مختلف المجالس التشريعية والمجالس البلدية ومجالس محاكم العمال، أنهم يتنازعون مع البرجوازية على كل مركز وحيث نرى قسما هاما من البروليتاريا يشارك في تسمية الموظفين ، وهكذا نرى البرجوازية والحكومة تشعر بالخوف من العمل الشرعي أكثر مما يخافون من العمل اللاشرعي للحزب العمالي،أنهم يخافون نجاحات الانتخابات أكثر من تخوفهم من نجاحات الانتفاضات" ص137- 138 من الكتاب .
|
|