حول الدوله و الانتيليجينسيا - ستالين


عبد المطلب العلمي
2015 / 7 / 28 - 23:28     

حول الدوله و الانتيليجينسيا

يوسف فيساريونوفتش ستالين

ترجمه:عبد المطلب العلمي

4.بعض المسائل النظريه
من بين العيوب في دعايتنا و عملنا الايدلوجي هو غياب الوضوح التام بين رفاقنا حول مسائل معينة في النظرية ،لها أهمية عملية كبيرة، وهناك بعض الالتباس في هذا الصدد. وأعني بذلك مسألة الدولة بشكل عام، و حول دولتنا الاشتراكية ،بشكل خاص. و كذلك حول الانتيليجينسيا السوفياتيه.
أحيانا يتسألون، تم تدمير الطبقات المستغِلة، ولم يعد هناك طبقات معادية في البلاد، لا حاجه لوجود القمع، اذن ليست هناك حاجة للدولة، الدوله يجب أن تزول . لماذا لا نسعى لاضمحلال دولتنا الاشتراكية ، لماذا لا نحاول أن نتخلص منها ،اما حان الوقت للتخلص من ركام الدوله بالكامل ؟.
أو بشكل اخر: "لقد دُمرت الطبقات المستغِلة ، و لقد تم بناء الاشتراكيه بشكل اساسي ، نحن نسير نحو الشيوعية، والنظرية الماركسية حول الدولة تقول، أنه في ظل الشيوعية لا يجب أن تكون هناك دولة - لماذا لا نعمل في اتجاه تعزيز اضمحلال دولتنا الاشتراكية ، ألم يحن الوقت لادخال الدوله الى متحف للآثار؟ ".
هذه الأسئلة تشير إلى أن اصحابها حفظوا بامانه بعض أحكام تعاليم ماركس وإنجلز حول الدولة. لكن تشير أيضا الى أن هؤلاء الرفاق لا يفهمون جوهر هذه التعاليم ، لا يفهمون، في ايه ظروف تاريخية استنبطت أحكام معينة في تلك التعاليم، وخصوصا لا يفهمون الوضع الدولي الراهن، يتغاصون عن حقيقة الحصار الرأسمالي والأخطار الناجمة عن ذلك بالنسبة لبلد الاشتراكية. في هذه المسائل، يظهر ليس فقط تبخيس حقيقة الطوق الرأسمالي. بل يظهر أيضا التقليل من دور وأهمية الدول البرجوازية ودوائرها، التي ترسل الجواسيس و القتله و المخربين الى بلدنا، و يحاولوا انتهاز الفرصة لشن هجوم عسكري عليها، وكذلك التقليل من دور وأهمية دولتنا الاشتراكية و سلطاتها القمعيه و الحربيه و الاستخباريه ، السلطات اللازمة لحماية البلاد الاشتراكية من الهجمات الخارجية. يجب أن نعلن أن هذا التبخييس ليس فقط خطأ الرفاق المذكورين. بل إلى حد ما مخطئ كل واحد منا، جميع البلاشفة دون استثناء. اليس من المستغرب أن النشاطات التجسسيه و التآمرية للتروتسكيين و البوخارينيين علمنا بها مؤخرا فقط، في الاعوام 1937-1938، على الرغم من انه كما يتبين من المواد، هؤلاء السادة انخرطوا في تنظيمات التجسس الأجنبية و قاموا بانشطه تآمرية منذ الأيام الأولى لثوره أكتوبر؟.كيف انا لم ننتبه الى هذا الأمر الخطير؟ كيف يمكن تفسير هذا الخطأ؟ عادة تتم الاجابة على هذا السؤال بهذه الطريقة: نحن لم نستطع أن نفترض أن هؤلاء الناس يمكن أن يسقطوا الى الحضيض. ولكن هذا ليس تفسيرا مقبولا و ناهيك عن كونه تبريرا، لأن غياب الانتباه يبقى حقيقة. كيف يمكن تفسير مثل هذا الخطأ؟ تفسير ذلك هو الاستخفاف الخاطئ بقوة وأهمية و آلية عمل الدول البرجوازية المحيطة بنا و وكالات الاستخبارات، التي تحاول استخدام ضعف الناس، وغرورهم ، ضعف شخصيتهم من أجل ادخالهم في شبكات التجسس و موضعتهم في أجهزة الدولة السوفياتية. ويفسر كذلك بالتقليل من دور وأهمية آلية دولتنا الاشتراكية ،والتقليل من اهميه مخابراتها ،بثرثره عن ان دور اجهزة الاستخبارات في الدولة السوفيتية - تافه و بسيط. و أن جهاز الاستخبارات السوفيتية والدولة السوفيتية في حد ذاتها قريبا سيتم ادخالها إلى متحف للآثار.
هذا الاستخفاف على أي أساس نشأ ؟ لقد نشأ على أرضيه القصور في فهم بعض الأحكام العامة للماركسيه حول الدولة. و لاقت رواجا بسبب التساهل غير المقبول بخصوص مسائل نظرية الدولة، على الرغم من أنه اصبح لدينا تجربة عقدين من النشاط في بناء الدوله، الذي يعطي مادة دسمة للتعميمات النظرية، لدينا فرصة اذا رغبنا ، لملئ هذه الفجوة النظرية و بنجاح . لقد نسينا توجيهات لينين المهمه للغاية حول الواجبات النظرية للماركسين الروس ، الهادفه إلى تطوير النظرية الماركسية. هذا هو ما قاله لينين في هذا الشأن:
"نحن لا نعتبر نظرية ماركس كشئ منجز، لا يجوز انتهاك حرمته؛ على العكس من ذلك، نحن مقتنعون ،أنها وضعت فقط حجر الأساس لعلم على الاشتراكيين أن يطوروه في كل الاتجاهات إذا كانوا يرغبون في مواكبة الحياة . ونحن نعتقد انه على الاشتراكيين الروس ضروره التنمية المستقلة لنظرية ماركس، لان هذه النظرية توفر المبادئ التوجيهية العامة فقط، والتي تخص إنجلترا بشكل مختلف مما تخص فرنسا، تخص فرنسا بشكل مختلف عن ألمانيا، و تخص ألمانيا بشكل مختلف عما في روسيا ".
لناخذ على سبيل المثال، الصيغة الكلاسيكية لنظرية الدولة الاشتراكية التي قدمها إنجلز:

"عندما تزول الطبقات الاجتماعية، التي يجب اخضاعها، عندما لا يكون هناك هيمنة طبقه على أخرى والنضال من أجل الوجود، المتجذر في فوضى الإنتاج الحديث ، عندما يتم القضاء على العنف و التصادمات الناتجه عن ذلك ، لن يبقى هناك من يُقمع ويُردع، عندها تزول الحاجة إلى سلطه الدوله ، التي تقوم الآن بهذه الوظيفة .الخطوه الأولى التي ستجعل الدولة ممثل حقيقي للمجتمع بأسره - تحويل وسائل الإنتاج إلى ملكية عامة - سيكون آخر عمل مستقل لها كدوله. تدخل سلطه الدولة في العلاقات الاجتماعية يصبح، شيئا فشيئا زائدا عن الحاجة و ينتهي من تلقاء نفسه. وبدلا من اداره الأفراد ،تحل إدارة الأمور وإدارة عمليات الإنتاج.الدولة لا تُلغى بل تموت ".
هل موقف إنجلز صحيح؟

نعم، هذا صحيح، ولكن بشرطين: أ) إذا نظرنا للدولة الاشتراكية من زاويه التنمية الداخلية للبلاد، وبصرف النظر عن العامل الدولي.عزلنا البلاد والدوله عن الوضع الدولي لتوفير ظروف مريحه للبحث و للدراسة ، أو ب) إذا افترضنا أن الاشتراكية قد انتصرت في جميع البلدان اوفي معظم البلدان، و بدلا من الطوق الرأسمالي لدينا بيئة اشتراكية واضحة، لا وجود لخطر وقوع هجوم من الخارج، و ليس هناك حاجة إلى تعزيز الجيش والدولة.
لكن إذا كان انتصار الاشتراكية في بلد واحد فقط ، من المستحيل تماما اهمال و غض النظر عن البيئة الدولية.كيف التصرف في هذه الحالة؟ صيغة انجلز لا تجيب على هذا السؤال . و لم يطرح إنجلز نفسه هذا السؤال، وبالتالي، فإنه لا يمكن أن يكون لدى انجلز جوابا على هذا السؤال. انجلز ينطلق من افتراض أن الاشتراكية قد انتصرت بشكل من الاشكال في جميع البلدان، أو في معظم البلدان في وقت واحد. ونتيجة لذلك، انجلز يبحث ليس حول هذه أو تلك من الدول الاشتراكية في بلد معين، بل تطور الدولة الاشتراكية بشكل عام، بافتراض انتصار الاشتراكية في معظم البلدان: لنفترض أن الاشتراكية انتصرت في معظم البلدان، فإن السؤال المطروح - ينبغي أن يكون ما هي التغييرات في هذه الحالة للدولة الاشتراكية البروليتارية . تعرض إنجلز فقط للطبيعة العامة والمجردة لهذه المسأله لدى دراستة مسألة الدولة الاشتراكية صارفا النظر عن عامل الظروف الدولية، والوضع الدولي.
لكن يترتب على هذا ، أنه من المستحيل تعميم الصيغة العامة لانجلز على مصير الدولة الاشتراكية وفي الحالة المحددة، انتصار الاشتراكية في بلد واحد، محاط ببيئة رأسمالية، المعرض لخطر هجوم عسكري من الخارج، والذي لا يمكنه بالتالي صرف النظر عن الوضع الدولي والذي يجب ان يكون تحت تصرفه جيش مدرب جيدا، واجهزة قمعيه منظمة تنظيما جيدا، واستخبارات قويه. لذلك، يجب أن تكون له دولته القوية بما يكفي، القادرة على الدفاع عن انجازات الاشتراكية في وجه هجوم أجنبي.
لا يمكن الطلب من كلاسيكي الماركسية الذين تفصلهم عن زماننا فترة 45-44سنة، أن يتنبؤا بكل متعرجات التاريخ في كل بلد وفي المستقبل البعيد. وسيكون من السخف الادعاء بأن كلاسيكي الماركسية وضعوا لنا حلولا جاهزة لكل مشكلة نظرية قد تنشأ في كل بلد بعد 50-100 سنة، بحيث يتمكن احفاد كلاسيكيي الماركسية من النوم على حرير واجترار الحلول الجاهزة. ولكن يمكننا ويجب علينا أن نطالب الماركسين اللينينين المعاصرين، أن لا يقتصروا على حفظ عدد قليل من المبادئ العامة للماركسية، أن ينقبوا في جوهر الماركسية، وأن يتعلموا الأخذ في عين الاعتبار تجربة عشرين عاما من وجود دولة اشتراكية في بلدنا، وأن يتعلموا، في نهاية المطاف، ارتكازا على هذه التجربة وعلى جوهر الماركسية، بلوره المبادئ العامة للماركسية وصقلها وتحسينها. كتب لينين كتابه الشهير "الدولة والثورة" في آب 1917، أي قبل بضعة أشهر من ثورة أكتوبر وإنشاء الدولة السوفيتية. المهمة الرئيسية لكتاب لينين هذا ،هي حماية تعاليم ماركس وإنجلز من التشويه والابتذال من قبل الانتهازيين. لينين كان على وشك كتابة الجزء الثاني من "الدولة والثورة"، مخططا ايراد النتائج الرئيسية لتجربة الثورتين الروسيتين عام 1905 وعام 1917. لايمكن أن يكون هناك شك في أن لينين ، في الجزء الثاني من كتابه ، كان يهدف لتطوير و تحليل نظرية الدولة استنادا إلى تجربة السلطة السوفياتية في بلدنا. لكن الموت منعه من أداء هذه المهمة. ولكن ما لم يتمكن لينين من القيام به، يجب أن يفعله تلاميذه.
نشأت الدولة نتيجه لانقسام المجتمع إلى طبقات متناحرة، نشأت من أجل سيطره الأغلبية المستغِله على الأقلية المستغَلة . ادوات سلطة الدولة تركزت بشكل رئيسي في الجيش والأجهزة القمعيه والمخابرات والسجون. وظيفتين أساسيتين تميز النشاط الدولة: داخليه (الاساسيه) – السيطره على الأغلبية المستغَلة، خارجيه (وليست اساسيه) لتوسيع أراضيها،لمصلحه الطبقة الحاكمة على حساب دول أخرى، أو لحماية أراضي الدولة من الهجمات من قبل الدول الأخرى. كان هكذا هو الحال تحت نظام الرق والإقطاع .و هذا هو الحال في ظل الرأسمالية.
من أجل إسقاط الرأسمالية، كان من الضروري ليس فقط إزاحه البرجوازية عن السلطة، وليس فقط مصادرة املاك الرأسماليين، ولكن أيضا السحق التام لآلة الدولة البرجوازية وجيشها القديم، الجهاز البيروقراطي والشرطة التابعة لها،و احلال جهاز بروليتاري جديد و دوله اشتراكىه جديده مكانها .هذا بالضبط ما فعله البلاشفة كما نعلم ، ولكن هذا لا يعني أن الدولة البروليتارية الجديدة لا تحافظ على بعض وظائف الدولة القديمة، محوره حسب احتياجات الدولة البروليتارية. لكن هذا لا يعني أن شكل دولتنا الاشتراكية يجب أن يبقى دون تغيير، و أن جميع الوظائف الأصليه لدولتنا يجب الحفاظ عليها بالكامل في المستقبل. في الواقع، فإن شكل دولتنا يتغير وسوف يتغير تبعا لتطور بلدنا والتغيرات في البيئة الخارجية.
كان لينين على حق تماما عندما قال:

"أشكال الدول البرجوازية متنوعة للغاية، ولكن جوهرها بطريقة أو بأخرى هو واحد فقط ، في نهاية المطاف هي حتما ديكتاتورية البرجوازية. الانتقال من الرأسمالية إلى الشيوعية بالتأكيد لا يمكن إلا أن يسفر عن كم هائل ومتنوع من الأشكال السياسية، إلا أن جوهره حتما هو ديكتاتورية البروليتاريا.
منذ ثورة أكتوبر، دولتنا الاشتراكية مرت في تطورها عبر مرحلتين أساسيتين.

المرحلة الأولى - هي الفترة من ثورة أكتوبر الى القضاء على الطبقات المستغِلة. وكانت المهمة الرئيسية لهذه الفترة قمع مقاومة الطبقات المطاح بها، تنظيم الدفاع عن البلاد ضد التدخل الاجنبي، ترميم الصناعة والزراعة، و إعداد الظروف للقضاء على العناصر الرأسمالية. وتمشيا مع هذا، قامت الدولة في هذه الفترة بوظيفتين رئيسيتين. الوظيفة الأولى - قمع الطبقات المطاح بها داخل البلاد. دولتنا اصبحت مشابهه من الخارج للدول السابقه ،التي كانت وظيفتها قمع المتمردين، مع فرق اساسي هو أن دولتنا قمعت الأقلية الاستغلاليه لصالح الأغلبية الكادحة، في حين قمعت الدول السابقة الأغلبية المستغَلة لصالح الأقلية الاستغلاليه. الوظيفة الثانية - الدفاع عن البلاد في وجه الهجمات الخارجية. وهذا هو أيضا يذكرنا شكليا بالدول السابقة ، والتي مارست أيضا الدفاع المسلح عن بلدانهم، ومع ذلك، فإن الفرق الأساسي هو أن دولتنا دافعت عن مكاسب الأغلبية الكادحة في وجه هجوم أجنبي ، بينما دافعت الدول السابقة في مثل هذه الحالات عن ثروة وامتيازات الأقلية الاستغلاليه. كانت هناك ايضا وظيفة ثالثة – تنظيم العمل الاقتصادي والعمل الثقافي- التعليمي لاجهزه الدوله ، بهدف تطوير براعم اقتصاد اشتراكي جديد وإعادة تربيه الناس على روح الاشتراكية. ولكن هذه الوظيفة الجديدة لم تحظى في هذه الفترة بتطور جدي .

المرحلة الثانية - الفترة من القضاء على العناصر الرأسمالية في المدينة والريف إلى النصر الكامل للنظام الاقتصادي الاشتراكي واعتماد الدستور الجديد. المهمة الرئيسية لهذه الفترة - تنظيم الاقتصاد الاشتراكي في جميع أنحاء البلاد والقضاء على آخر بقايا العناصر الرأسمالية، وتنظيم الثورة الثقافية، وتنظيم جيش عصري للدفاع عن البلاد. وتمشيا مع هذا ، تغيرت وظائف الدولة الاشتراكية. سقطت وظيفة القمع العسكري داخل البلاد، لانه تم سحق الاستغلال، لم يعد هناك مستغِلين و لا يوجد من يجب قمعه. بدلا من وظيفة القمع ،ظهرت وظيفة جديده للدوله هي حماية الملكية الاشتراكية من اللصوص والناهبين لخير الوطن. وظيفة الدفاع عن البلاد من هجوم أجنبي تم الحفاظ على الدوله، و تم الحفاظ على الجيش الأحمر والبحرية، فضلا عن اجهزه القمع والاستخبارات الضرورية لكشف ومعاقبة الجواسيس، القتلة والمخربين الذين تم ارسالهم إلى بلدنا من قبل هيئات التجسس الأجنبية. تم الحفاظ و حصلت على التنمية التامه هيئات الدولة للتنظيم الاقتصادي والعمل الثقافي التربوي. الآن المهمة الرئيسية لدولتنا داخل البلاد هي التنظيم السلمي للاقتصاد والعمل الثقافي والتربوي. بخصوص الجيش و اجهزه القمع و الاستخبارات، فاصبحت قدرتها موجهه ليس إلى داخل البلاد بل الى الخارج، ضد الأعداء الخارجيين.
كما ترون، لدينا الآن دولة جديدة تماما،دوله اشتراكية، لم يسبق لها مثيل في التاريخ، و مختلفه بشكل كبير في الشكل والوظيفة عن المرحلة الأولى للدولة اشتراكية.

ولكن التنمية لا يمكن أن تتوقف. نحن نسير الى الامام إلى أبعد من ذلك، نحو الشيوعية.
هل سوف تبقى دولتنا في الفترة الشيوعية؟

نعم، ستبقى، ما لم يتم تصفية الطوق الرأسمالي، ما لم يتم القضاء على خطر وقوع هجوم عسكري من الخارج، على أن يكون مفهوما أن أشكال دولتنا سوف تتغير مرة أخرى وفقا للتغيرات في البيئة الداخلية والخارجية.

لا، لن تبقى وسوف تذوي إذا تم تصفية الطوق الرأسمالي، إذا تم استبداله بطوق اشتراكي.

هذا هو الحال مع مسألة الدولة الاشتراكية.

المساله الثانيه - هو مسألة الانتيليجنسيا السوفياتيه.

في هذه المسألة، مثل ما في مسألة الدولة، هناك في حزبنا بعض الغموض و التشوش.

على الرغم من أن موقف الحزب واضح تماما بشأن مسألة الانتليجينسيا السوفياتيه، ما زالت منتشره في حزبنا وجهات نظر معادية للانتيليجينسيا السوفياتيه ، وجهات نظر تتعارض مع موقف الحزب. حمله هذه الآراء، كما هو معروف، يقومون بممارسات خاطئة طابعها الازدراء تجاه الانتيليجنسيا السوفياتيه، معتبرينها قوة غريبة ، بل ومعادية للطبقة العاملة والفلاحين. في الحقيقه الانتليجينسيا في فترة التنمية السوفيتية تغيرت جذريا سواء في تكوينها او في مكانتها، لتقترب من الناس وتتعاون بصدق معهم. مما يبرز اختلافها الجذري عن الانتيليجينسيا البرجوازيه القديمه. ولكن هؤلاء الرفاق، على ما يبدو، لا يهمهم ذلك. استمروا في عزف الالحان القديمه. ناقلين بطريقه غير سليمه المواقف و وجهات النظر التي كان لها ما يبررها في الايام الخوالي عندما كانت الانتليجينسيا في خدمة الملاك والرأسماليين .
قديما ما قبل الثورة ، في ظل الرأسمالية، كانت الانتليجينسيا أساسا من أفراد الطبقات المالكة - النبلاء واصحاب المصانع والتجار والكولاك، وهلم جرا. و كذلك كان بينهم أفراد من الطبقة الوسطى، صغار الموظفين وحتى الفلاحين والعمال، لكنهم لم يلعبوا ومن غير الممكن ان يلعبوا دورا حاسما. الانتليجينسيا بشكل عام خدمت و كانت تأكل من على مائده الطبقات المالكة. ولذلك فمن المفهوم عدم الثقة ، و في كثير من الأحيان الكراهية التي كانت العناصر الثورية في بلادنا ، وخصوصا العمال تضمرها تجاههم،. صحيح، أن الانتليجينسيا القديمه انجبت بعض الثوريين وعشرات من الجريئين الذين وقفوا الى جانب الطبقة العاملة والذين ربطوا مصيرهم مع مصير الطبقة العاملة الى النهايه. ولكن مثل هؤلاء كانوا اقلاء جدا، وأنهم لا يمكن أن يغيروا وجه الانتيليجنسيا بشكل عام.
تغير الامر بعد ثوره اكتوبر بشكل جذري، بعد هزيمة التدخل العسكري الأجنبي، وخاصة بعد نجاح مشاريع التصنيع وتاسيس التعاونيات، عندما تم القضاء على الاستغلال و تجذرالنظام الاقتصادي الاشتراكي ، الذي اعطى فرصة حقيقية لاقرار دستور جديد. القسم الأكثر تأثيرا والمؤهلين من الانتيليجنسيا القديمه، في الأيام الأولى لثورة أكتوبر انفصلت عن البقية ، و أعلنت الحرب على الحكومة السوفياتية وانضمت إلى المخربين. لهذا استحقت العقاب، هزمتها وفرقتتها أجهزة السلطة السوفياتية . و في وقت لاحق، تم تجنيد معظم الناجين منهم كمخربين وجواسيس، وبالتالي حذفوا أنفسهم من صفوف الانتيليجنسيا. جزء آخر من الانتيليجينسيا القديمة، ألاقل كفاءة ولكن أكثر عددا، قضت وقتا طويلا في انتظار "أوقات أفضل"، ولكن بعد ذلك، قررت التخلي عن الانتظار و أن تعمل و تتعايش مع السلطه السوفياتيه. جزء كبير من هؤلاء شاخ و انسحب من العمل. الجزء الثالث من الانتيليجينسيا القديمه ، الجزء ألاقل مهارة انضم إلى الشعب وايد السلطة السوفياتية. كان عليها أن تكمل تعليمها، وفعلا اكملت دراستها في جامعاتنا. ولكن جنبا إلى جنب مع هذه العملية المؤلمة للتمايزو تصدع الانتيليجينسيا القديمه، كانت هناك عملية سريعة لتشكيل وتعبئة و تجميع قوه الانتيليجينسيا الجديده. ، دخل الى الجامعات والمعاهد الفنية، مئات الآلاف من الشباب العمالي و الفلاحي وابناء المثقفين الكادحين ، وبعد انهائهم للدراسه، انضموا الى صفوف الانتيليجينسيا . ضاخين دمائا جديدة معيدين إحياء الانتيليجينسيا بشكل جديد، بشكل سوفياتي. لقد غيروا جذريا شكل وتركيبة الانتيليجينسيا . أما من تبقى من الانتيليجنسيا القديمه فلقد ذابت في أعماق الانتيليجينسيا الشعبيه السوفياتيه الجديده. وبالتالي تم خلق انتيليجنسيا سوفياتيه جديده، مرتبطه ارتباطا وثيقا مع الشعب و جاهزة لخدمته بإخلاص.
نتيجة لذلك، لدينا الآن انتيليجينسيا كبيره و جديدة،انتيليجينسيا شعبية و اشتراكيه، تختلف جوهريا عن الانتيليجينسيا البرجوازيه القديمه سواء في تكوينها اوفي طابعها الاجتماعي والسياسي.

انتيليجينسيا ما قبل الثورة ، القديمه، التي خدمت الملاك والرأسماليين، تناسبها تماما النظرية القديمة التي تشير إلى الحاجة الى عدم الثقة بها ومحاربتها. الآن هذه النظرية شاخت، و لم تعد مناسبة للانتيليجينسيتنا الجديده السوفياتيه. الانتيليجينسيا الجديده بحاجة الى نظرية جديدة تحمل مواقف وديه و تسعى الى العنايه بها و احترامها والتعاون معها لصالح الطبقة العاملة والفلاحين.

الامريبدو واضحا.

من أكثر ما يثير الدهشة والغرابه أن بعد كل هذه التغييرات الأساسية في وضع الانتيليجينسيا ، لا يزال هناك في حزبنا ، كما تبين، اناس يحاولون تطبيق نظرية قديمة موجهة ضد الانتيلجينسيا البرجوازييه، اتجاه الانتيليجنسيا السوفياتيه الجديده، التي تعتمد أساسا على الفكر الاشتراكي. هؤلاء الناس، كما تبين، يجادلون بأن العمال والفلاحين الذين حتى وقت قريب كانوا يعملون في المصانع والمزارع الجماعية، ومن ثم إرسلوا إلى الجامعات للتعلم، توقفوا عن كونهم أناس حقيقيين، وأصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية.اذن فأن التعليم - شيء خبيث وخطير. نحن نريد أن نجعل جميع العمال والفلاحين ،مثقفين و متعلمين، ونحن سوف نفعل ذلك مع مرور الزمن. ولكن من وجه النظر الغريبه لهؤلاء الرفاق يتبين أن هذا المخطط محفوف بخطر كبير، لأنه بعد ان يصبح العمال والفلاحين مثقفين ومتعلمين سيواجهوا خطر اعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية. و من الممكن أنه مع مرور الوقت هؤلاء الرفاق الغرباء سينحدروا الى درجه تمجيد التخلف والجهل ،الظلام والظلامية. ومن المفهوم الالتوائات النظرية لم تقد أبدا ولا يمكن أن تقود إلى الخير.

هذا هو الحال فيما يتعلق بانتيليجينسيتنا الجديده الاشتراكيه.

مقطتف من التقرير السياسي المقدم الى المؤتمر الثامن عشر
العاشر من اذار1939