من مكاسب الثورة الماويّة فى الصين - - عبد الله خليفة يشوّه الماوية و يقدّم النصح للرجعية -5-9


ناظم الماوي
2015 / 6 / 19 - 23:21     

ردّ على مقال " الماوية : تطرّف إيديولوجي" /
إن الثورة الشيوعية تقطع من الأساس كل رابطة مع علاقات الملكية التقليدية ، فلا عجب إذن إن هي قطعت بحزم أيضا ، أثناء تطورها ، كل رابطة مع الأفكار و الآراء التقليدية .
( ماركس و إنجلز ، " بيان الحزب الشيوعي" )
------------------------------
جوهر ما يوجد فى الولايات المتحدة ليس ديمقراطية و إنّما رأسمالية - إمبريالية و هياكل سياسية تعزّز الرأسمالية - الإمبريالية . و ما تنشره الولايات المتحدة عبر العالم ليس الديمقراطية و إنّما الإمبريالية و الهياكل السياسية لتعزيز تلك الإمبريالية .
( بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 43 ، 16 أفريل 2006 )
----------------------------
ما نراه فى نزاع هنا هو الجهاد من جهة و ماك العالمية / ماك الحرب من جهة أخرى و هو نزاع بين شريحة ولّي عهدها تاريخيا ضمن الإنسانية المستعمَرة و المضطهَدة ضد الشريحة الحاكمة التى ولّي عهدها تاريخيا ضمن النظام الإمبريالي . و هذان القطبان الرجعيان يعزّزان بعضهما البعض ، حتى و هما يتعارضان . و إذا وقفت إلى جانب أي منهما ، فإنك ستنتهى إلى تعزيزهما معا .
( بوب أفاكيان ، " التقدّم بطريقة أخرى" ، جريدة " الثورة " عدد 86 ، 29 أفريل 2007 . )

مقدّمة :
فى 31 أوت من سنة 2014 ، نشر السيد عبد الله خليفة ، مقالا عنونه " الماوية : تطرّف إيديولوجي " ، على صفحات موقع الحوار المتمدّن . ومقاله هو المقال الثاني فى فترة وجيزة الذى يطلق على الماوية طلقات ناريّة من العيار الثقيل فقد سبقه إلى ذلك السيد فؤاد النمرى فى جوان من نفس السنة . و هما كما هو معلوم كاتبان لهما باع كلّ فى ميدانه و نظرا لكوننا من المقصودين مباشرة أو بصفة غير مباشرة بهذين المقالين ، حقّ علينا أن ندافع عن الماويّة التى تتعرّض إلى الهجوم دون سابق إعلام و بلا داعى ، ظاهريّا ، فجاءت ثمرة جهودنا الأولى فى ممارسة حقّنا فى الردّ مقال صغناه و حمل من العناوين عنوان " تشويه فؤاد النمرى للماوية – ردّ على مقال " ماو تسى تونغ صمت دهرا و مطق كفرا " . و حان الأوان لنخصّص من الوقت ما يتطلّبه الردّ على إفتراءات السيد عبد الله خليفة على الماوية . و مثلما قلنا فى مقدّمة مقالنا ردّا على السيد فؤاد النمرى : " لن نكفّ عن ترديد أنّنا فى جدالاتنا قد يكون نقدنا و تعليقنا حادا و لاذعا إلاّ أنّنا أبدا لا نقصد إلى النيل من الأشخاص أو شتمهم بقدر ما نسعى جاهدين إلى نقد الأفكار و لن نكفّ عن ترديد أنّه مثلما لنا حقّ نقد أفكار الكتّاب مهما كانوا ، لهم و لغيرهم حقّ نقد كتاباتنا بل و نرحّب بالنقاش القائم على النقد العلمي و الدقّة و الواقع الملموس الراهن و الوقائع التاريخية. "
و إليكم المحاور التى سنتناولها بالبحث و النقاش فى مقالنا هذا :
I - فيما يشترك مقال السيد عبد الله خليفة و مقال السيد فؤاد النمرى و فيما يختلفان ؟
II - دور الفرد فى التاريخ بين الفهم المثالي و الفهم المادي :
1- الفهم المثالي للسيد عبد الله خليفة .
2- الشعب صانع التاريخ .
3- و الشعب يحتاج قيادة البروليتاريا و الحزب الشيوعي الثوري .
4- دور الفرد و الضرورة و الصدفة .
5- تطوّر ماو تسى تونغ تطوّرا جدليّا تصاعديّا لولبيّا و ليس خطّيا .
6- ماو تسى تونغ ضد " عبادة الفرد " .
III - ماو تسى تونغ قومي أم أممي ؟
1- ماذا وراء إتّهام ماو تسى تونغ بالقومية ؟
2- أمميّ نظريّة .
3- أممي ممارسة .
IV – من مكاسب الثورة الماويّة فى الصين :
1- لمحة عن الصين قبل الثورة الماوية .
2- من مكاسب الثورة الماوية فى الصين .
V - الماوية و الدين :
1- لينين وستالين و ماو و الدين .
2- الصين الماوية و الدين .
3- السيّد خليفة يقدّم النصح للرجعية .
VI - ماو تسى تونغ منظرّ ماركسي لامع أم " صاحب فقر نظري " ؟
1- إفتراء قديم متجدّد .
2- ردّ على أراجيف .
3- الماويّون الحقيقيّون على خطى ماو تسى تونغ سائرون .
VII - الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة :
1- إنعدام إمكانية ثورة ديمقراطية قديمة فى عصر الإمبريالية و الثورة الإشتراكية .
2- الثورة الديمقراطية الجديدة .
VIII - تأبيد الإضطهاد و الإستغلال أم الثورة عليهما ؟
1- تأبيد الأوضاع السائدة هدف رجعي .
2- نقد " الديمقراطية الغربية " و تجاوزها .
خاتمة :
ملاحق :
1- مقال السيد عبد الله خليفة ، " الماوية : تطرّف إيديولوجي " .
2- محتويات كتاب شادي الشماوي ، " الثورة الماوية فى الصين : حقائق و مكاسب و دروس ".
3- فهرس كتاب بوب أفاكيان ، " المساهمات الخالدة لماوتسى تونغ ".
4- فهرس كتاب " المعرفة الأساسية للحزب ".
5- فهرس كتاب " و خامسهم ماو " .
======================================
IV – من مكاسب الثورة الماويّة فى الصين :
يقرّ السيّد عبد الله خليفة بأنّ المجتمع الصيني كان يرزح تحت كلاكل " نظام إقطاعي بشع " و لا يزيد كلمة عن ذلك التوصيف الأخلاقي البحت الذى لا تنضح منه الحقائق المرعبة و الفظائع المرتكبة فى حقّ الشعب الصيني . لا يتكلّم عن أشياء أخرى غير مسألة ستمثّل بؤرة إهتمامه فيما بعد فى فقرات المقال ألا وهي أنّ " الأشكال العبادية المظهريّة للصين القديمة تزداد إهتراء " .
1- لمحة عن الصين قبل الثورة الماوية :
و يركّز على أنّ ماوتسى تونغ تمرّد على النظام الأسري القديم و ليس على كافة المجتمع الصيني المستعمر و شبه المستعمر و شبه الإقطاعي و هنا أيضا نلفى السيّد خليفة مثاليّا ذاتيّا لا يرى الصين موضوعيّا و فى صورتها العامة بل ينظر إليها من زاوية ضيّقة إحادية الجانب . لم يكن النظام الإقطاعي وحده " بشعا " ، إستغلاليّا و إضطهاديّا بل كان الإستعمار كذلك " بشعا " ، إستغلاليّا و إضطهاديّا إلى أقصى الحدود . و ينسجم عدم ذكر" بشاعة " الإستعمار مع دعوة كاتبنا تاليا إلى" الديمقراطية الغربية ". لا مشكلة للسيّد خليفة مع الإستعمار و الإمبريالية و بوجه خاص مع نهبهما للصين حسب هذا المقال . إلى هذا توصله نظرته المادحة ل " الديمقراطية الغربية " .
"... " نشأ فى بلاد أطلق عليها وصف "رجل آسيا المريض"
ولد ماو فى 26 ديسمبر 1893 ونشأ فى صين غزتها وقسمتها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا وألمانيا و اليابان . وقد سيطرت هذه القوى الإستعمارية على إقتصاد الصين وسياستها وعاملت الشعب الصيني معاملة الكلاب وإستغلته فى " الأشغال الشاقة " فى المزارع وفى المناجم فى جميع أنحاء العالم .
كانت القوى الأجنبية موجودة فى كل مدينة كبيرة وكانت القوارب المسلحة البريطانية والأمريكية تقوم بدوريات فى المياه الإقليمية الصينية وكانت البلدان الأجنبية تسيطر على الموانى والنظام البريدي و الشحن والسكك الحديدية . و كان يُقرأ على لافتة معلّقة بمدينة شنغاي الكبيرة " ممنوع على الكلاب و الصينيين ". كانت الصين مضطهَدَة إلى درجة أنه أطلق عليها وصف " رجل آسيا المريض ".
و كان غالبية سكان الصين أين نشأ ماو من الفلاحين الفقراء الذين يعانون من النظام الإقطاعي . وكان الإقطاعيون الكبار يملكون جلّ الأراضي و أجبروا الفلاحون بلا أرض على العمل عندهم والحصول بالكاد على ما يسدّ رمقهم و الديون لم تكن تفارقهم وهم عرضة لإستبداد الإقطاعيين . وتميّزت ظروف عيشهم بالفقر و الجوع و المرض . و باعت عائلات أطفالها لأنها لم تكن قادرة على إطعامهم . كما تسببت المجاعات فى موت الآلاف .
و ما كانت الحياة بالنسبة لعامة الشعب من سكان المدن بأفضل بكثير من تلك بالريف. ففى شنغاي ،كلّ سنة ، كان يتمّ إلتقاط حوالي 25 ألف جثّة من الشوارع . وأغرق البريطانيون الصين فى الأفيون محوّلين ما يفوق ال60 مليون صيني إلى مدمنين بينما درّت تجارة المخدرات المال الوفير على الرأسماليين البريطانيين والأمريكان .
لنتوقف لحظة و نفكّر فى الناس وراء تلك الأعداد ودرجة البؤس الإنساني والمعاناة التى يمثلها ذلك، عاما بعد عام " .
( هذه مقتطفات من مقال لي أونستو ، " القصّة الحقيقية لماو تسى تونغ و الثورة الشيوعية فى الصين ." ضمن كتاب شادي الشماوي ، " الثورة الماوية فى الصين : حقائق و مكاسب و دروس " ) .
2- من مكاسب الثورة الماوية فى الصين :
و من الإفتراءات المتداولة التى يعيدها على مسامعنا ناقد الماوية على أنّها تطرّف إيديولوجي فى مقاله أنّ ماو تسى تونغ " كرّس نظاما ذا ملكيّات عامة وصناعات شعبيّة ... واسعة ذات فقر تقني رهيب ". و يلتقى حول هذا الإفتراء ، من جهة اليسار، التروتسكيّون و التحريفيون السوفيات والخوجيّون بشتّى ألوانهم و ، من جهة اليمين ، الرجعيين المحلّيين والإمبرياليين عبر العالم قاطبة .
و الغاية من هذا الإفتراء هي النيل من التجربة الإشتراكية الماوية و إستهجانها كي لا تكون نموذجا يحتذى به و يستفاد منه فى الثورة على الرجعية و الإمبريالية وتشييد دول تقودها البروليتاريا و هدفها الأسمى الشيوعية عالميّا . ما يرفعه الشيوعيون الثوريّون الماويّون عالميّا على أنّه نموذج متقدّم مضى أبعد من تجربة الإتحاد السوفياتي على الطريق المؤدّية إلى الشيوعية ، يرمى به هؤلاء المفترون أرضا و يمرّغونه فى الوحل حتى يفقد الشيوعيون الثوريّون و تفقد الشعوب البوصلة و يظلّوا تائهين بما يساعد على تمرير المشاريع الإمبريالية و يؤبّد الأوضاع السائدة عالميّا .
كلام السيّد خليفة عن الفقر التقني صحيح جزئيّا فقط . فقبل أواسط خمسينات القرن الماضي ، بنت الصين الماوية عدّة مشاريع صناعيّة ضخمة وذات تقنية عالية بالتعاون مع الإتحاد السوفياتي و ما من أحد يمكن أن يقول أنّ الصناعات السوفياتية حينها كانت " ذات فقر تقني رهيب " . هنا كذلك تتجلّى المثالية الذاتية و إحادية الجانب لدى ناقد الماويّة . ثمّ لماذا قامت الثورة أصلا ؟ ألم تقم لتحرير الإنسان و هذا التحرير يستدعى ماركسيّا ضمن ما يستدعيه تجاوز التخلّف التقني و الصناعي إلخ ؟ و بالفعل كانت الصين تشكو تخلّفا فى مجال الصناعة و هذا واقع موضوعي لم ينكره الماويّون بل إعترفوا به و بنوا على أساسه مخطّطاتهم و سياساتهم و طريقة جديدة فى النموّ المتوازن بين الفلاحة و الصناعة و بين الصناعة الثقيلة و الصناعة الخفيفة و بين المشاريع الكبرى و المشاريع الصغرى و بين ملكيّة الدولة و الملكيّة الخاصة المحاصرة و المقيّدة ( فى السنوات الأولى بعد 1949 ) ثمّ بين ملكيّة الدولة و الملكية الجماعية للكمونات الشعبية إلخ . لقد إستفادت الصين الماويّة من التجربة الإشتراكية السوفياتية و قيّمتها و نقدتها و إحتفظت بما هو صحيح و إستبعدت ما هو خاطئ و أضافت إبداعات فى بناء طريق تطوّر خاص ( يطول شرحه و المجال لا يسمح بذلك ) يضع تلبية حاجيات الجماهير الشعبيّة على رأس أولويّاته وفى المصاف الأوّل و السير على رجلين لا على رجل واحدة أو على حساب الأخرى .
بفعل ذلك حقّقت الثورة الماوية فى الصين نتائجا مذهلة يمكن تسميتها بالمعجزات الإقتصادية والإجتماعية حينما كانت السلطة بيد الجماهير الشعبية بقيادة الشيوعيين الثوريين الماويين . و مفيد إلى أبعد الحدود هو كتاب شادي الشماوي عن الصين ، المذكور قبلا و خاصة منه الوثائق التالية :
- كابوس سوق دنك الحرة.
- الوجه الحقيقي لل"معجزة الصينية ".
- إنهاء عمل "الأطباء ذوى الأقدام الحافية " و الأزمة الصحية فى الريف الصين .
- النساء فى الصين : السوق الحرة الرأسمالية القاتلة.
- النساء فى الصين : عبودية السوق الحرة .
- النساء فى الصين : منبوذات السوق الحرة .
فوفق هذه الوثائق المستندة إلى معطيات بحثيّة إحصائيّة علمية ثابتة فى كتاب شادي الشماوي ،
(1- المكاسب الإقتصادية و الإجتماعية فى ظل ماو.
2- المعجزات الإقتصادية للصين الماوية، حين كانت السلطة بيدي الشعب.
3- كيف قضت الثورة الماوية على الإدمان على المخدرات فى الصين.
4- كيف حررت العناية الجماعية بالأطفال النساء فى الصين الماوية.
5- كسر سلاسل التقاليد جميعها.
6- معطيات و أرقام من كتاب "25 سنة من الصين الجديدة ". )
تمكّنت الصين الماويّة من تحقيق مكاسب جمّة منها على سبيل الذكر لا الحصر :
- " أدت الثورة الإشتراكية الصينية من 1949 -1976 إلى تحسين كبير لمستوى عيش الشعب الصيني . فبين 1949 و 1976 ، تضاعف أمل الحياة فى المجتمع الإشتراكي من 32 سنة تقريبا إلى 65 سنة . و فى أوائل السبعينات كانت نسب وفاة الأطفال فى شنغاي أدنى منها فى مدينة نيويورك . و هذا كله يكشف عن تقليص عميق فى العنف فى الحياة اليومية .و إنتشار التعليم تزايد فى غضون جيل واحي من حوالي 15 بالمائة فى 1949 إلى 80 بالمائة ثم إلى 90 بالمائة مع أواسط السبعينات ." ( " المكاسب الإقتصادية الإجتماعية و فى ظلّ ماو " ).
- " فى الواقع نمى الإقتصاد الصناعي الصيني فى ظل ماو بصورة مذهلة ،بمعدل 10 بالمائة سنويا ،حتى أثناء الثورة الثقافية . فتحولت الصين "رجل آسيا المريض" إلى قوة صناعية كبرى فى ربع قرن بين 1949 و 1976 . نسبة النمو هذه لا يمكن أن تقارن إلا مع أعلى قمم النمو تاريخيا . و قد حققت ذلك دون التعويل على الإعانة الأجنبية الإستغلالية و فى مواجهة لبيئة عالمية معادية . " ( " المكاسب الإقتصادية الإجتماعية و فى ظلّ ماو " ).
- " و نمت الفلاحة ب3 بالمائة سنويا ، متجاوزة قليلا نسبة نمو السكان و حوالي 1970 وقع حل قضية تغذية الصينيين تغذية مناسبة . و أنجز هذا عبر تخطيط إقتصادي مندمج و نظام فلاحة جماعية شجعت على إستنهاض الفلاحين و مراقبة الفياضانات و إستثمار قار فى البنية التحتية فى الريف و التوزيع العادل للغذاء على الفلاحين و توزيع الحصص الغذائية الأساسية حتى يضمن للشعب الحاجيات الدنيا . فجسد هذا قطيعة راديكالية مع صين الماضي حيث تسببت الفياضانات و الجفاف و الإضطهاد الإقطاعي فى مجاعات متكررة مثلما هو شائع اليوم فى عدد من بلدان العالم الثالث . و لنذكر أن نسبة الأرض القابلة للزراعة فى الصين هي فقط 70 بالمائة مقارنة مع الولايات المتحدة الأمريكية و لكن عليها (الأرض الصينية) أن توفر لأربعة أضعاف عدد السكان الأمريكان ." ( نفس المصدر السابق )
إلخ إلخ ...