اثبت اضراب عمال فرنسا في 4/10/2005 حيوية النظريات الاساسية للماركسية في تطورها


سعاد خيري
2005 / 10 / 6 - 12:15     

احدث اضراب عمال فرنسا الاخير توقف الحياة العامة في فرنسا. فقد عاشت فرنسا بدون مواصلات عامة وبلا صحف حكومية واغلقت المدارس واصيبت القطاعات الخدمية بالشلل والارتباك وتضرر قطاع الاعلام الحكومي المرئي والمسموع ، وغابت النشرات الجوية واخبار البورصة وارتبكت الخدمات البريدية والتغذية الكهربائية والغاز والمستشفيات والادارات، وفقا لما اوردته الشرق الاوسط. إذ شمل معظم النقابات الفرنسية التي تدعمها القوى اليسارية وحظى بتأييد 72% من الشعب الفرنسي وفقا لاستقتاء عام نشرت نتائجه محطة BFM الفرنسية وجريدة الشرق الاوسط ، فضلا عن دعم اكثرمن مليون فرنسي تظاهروا في 150 مدينة فرنسية. دام الاضراب 36 ساعة واعتبره قادة النقابات بمثابة تحذير للحكومة من تجاهل مطالبهم الجماعية وهي: زيادة الاجور، ومكافحة البطالة ، ومعارضتهم لتردي ظروف السكن العمالي ولقانون يسهل على الشركات الصغرى طرد عمالها، ومعارضتهم للخصخصة وبيع المصانع الحكومية ، وطالبوا بتقليل ساعات العمل الى 35 ساعة في الاسبوع دون خفض الاجور.
واعتبر القادة النقابيون بان الاضراب حقق هدفين مهمين : الاول وحدة المنظمات النقابية المدعومة من قوى اليسار ، والثاني تعبئة العمال وتحضيرهم لجولات جديدة حول مطالب جماعية مثل الدفاع عن القدرة الشرائية للشرائح الاكثر فقرا ، والدفاع عن القطاع العام وضد الخصخصة ، والحرب على البطالة. وارى انه حقق اهداف اوسع واشمل . فقد اثبت صحة الاسس النظرية للماركسية في عصرنا هذا ولاسيما دور الطبقة العاملة في تطورها وشمولها شغيلة اليد والفكر، الطليعي في تقرير مصير البشرية عموما وكل شعب من شعوبها، ودور القوى اليسارية في توحيد الشغيلة وتوجيه نضالاتها ، والتعلم منها والثقة بقدرتها على صنع التاريخ واكتساب الخبر من تجاربها في ممارسة اساليب النضال الجماهيري الفعال، وتطوير وعيها ونظرياتها . كما عزز هذا الاضراب ثقة شغيلة العالم وشعوبها بقدرتها على التحرر من جميع اشكال الاستغلال ، بعد ان زعزعت العولمة الراسمالية ثقة البشرية بنفسها بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والازمة التي تعانيها الحركة الشيوعية العالمية نتيجة زعزعة ثقتها بالماركسية كنهج وسياسة وممارسة متطورة ملائمة لعصرنا . وانبرى مؤدلجوها يضعون مختلف النظريات بدءا من ادعائهم بسقوط الماركسية ونهاية التاريخ الى نهاية الايديولوجيات وترويج الوسطية والاصلاحية مبررين ذلك بتقلص اعداد الطبقة العاملة الصناعية متغافلين عن دور العولمة الراسمالية في توسيع قاعدة الطبقة العاملة بضمها شغيلة اليد والفكر، وتصاعد دورها في تقرير مصير العالم. فضلا عن ان مثل هذه الانتصارات تشعر الشعوب الرازحة تحت اثقل جرائم العولمة الراسمالية بانها ليست لوحدها فهي جزء من هذا العالم الذي تقف فيه البشرية وفي طليعتها الشغيلة ، بوجه هذا الغول وجرائمه وان كل نصر في أي جزء من العالم هو نصر لها لانه يقرب يوم تحررها .
كما اثبت هذا الاضراب وسعة الدعم الجماهيري له، الدور الطليعي للشعب الفرنسي في تطور الفكر الاشتراكي وانجازاته الثورية في ثورة 1789 وفي كومونة باريس.. فرغم عدم توقف النضال الاضرابي في جميع انحاء العالم، خلال كل سنوات الجزر الثوري العالمي وبقيت المعدلات السنوية في عدد الاضرابات في تصاعد ، ولم يكن هذا اول اضراب فرنسي يحظى بدعم جماهيري واسع ، الا انه الاضراب الاول الذي تميز بوحدة معظم النقابات المدعومة من قوى اليسار، واثبت ان الشغيلة هم محركوا الحياة ومنتجوا كل القيم المادية والحيوية وبدونهم تتوقف الحياة ، وبامكانهم بدعم الجماهير اعادة بنائها بما يخدم تحرر البشرية واسعادها.
سعاد خيري في 6/10/2005