الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي ) : عن تشويه الماوية و تقليصها إلى تحرّر وطني و نضال مسلّح-


شادي الشماوي
2015 / 5 / 11 - 00:40     

الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي ) : عن تشويه الماوية و تقليصها إلى تحرّر وطني و نضال مسلّح-

كلمة للمترجم :
مساهمة منّا فى دفعى النقاش حول الماويّة فى صفوف الماويّين و غير الماويّين و الحثّ على تناول الموضوع بالجدّية التى يستحقّها ، نعيد هنا نشر مقتطف من وثيقة للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسية - اللينيني - الماوي ) تستحقّ الدراسة المتمعّنة . و المقتطف الذى نضع بين أيديكم هو جزء من وثيقة صيغت فى إطار إنقسام الحركة الماويّة العالمية و الصراع العالمي حول الخلاصة الجديدة للشيوعية ، ردّا على هجوم الحزب الشيوعي ( الماوي ) الأفغاني على خطّ الحزب الماوي الإيراني ( أنظروا " نظرة على الخلافات بين الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) و الحزب الشيوعي (الماوي ) الأفغاني " - اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي- اللينيني – الماوي ) ؛ نشر المقال فى جوان 2011 و تمّت مراجعته فى 8 مارس 2013 . وقد صدر ضمن كتاب شادي شماوي " الماويّة تنقسم إلى إثنين " ، مكتبة الحوار المتمدّن ) . و يعالج هذا المقتطف جوهر الماويّة و علاقته بالتحرّر الوطني و النضال المسلّح و تشويهه حتّى من قبل ماويّين !
=====================
تشويه الماوية و تقليصها إلى تحرّر وطني و نضال مسلّح :
لنضع جانبا إدّعاء الماركسية و اللينينية و الماوية . و بدلا من ذلك ، لنحاول فهم معنى هذه ، لنحاول فهم معنى هذه المفاهيم و تطبيقها لأنّ من وقائع زماننا أنّ قدرا مذهلا من الإضطراب يشوب هذه المفاهيم . الوضع يشبه زمنا قال فيه ماركس ردّا على الإنتهازية المنتشرة المتقنّعة بالماركسية : " إن كانت هذه هي الماركسية ، فأنا لست ماركسيّا "(30)
الفوضى بهذا المضمار أسوأ من أي زمن مضى فى تاريخ الحركة الشيوعية . و هذا الواقع يتطلّب التركيز بصرامة على مضمون هذه المفاهيم .
فى غالبية التجارب التى أشرنا إليها ، سادها إستيعاب جدّ متقلّب و أحيانا سادت قراءة نقدية لنظريّات ماركس .
و لسوء الحظّ ، غالبية الذين صرّحوا بأنّهم كانوا موالين ل " فكر ماو تسى تونغ " و " الماوية " حوّلوا ماو إلى ديمقراطي ثوري و حوّلوا نظرياته إلى نظريّات " مقاومة وطنية " و " ثورة وطنية ديمقراطية " أو فى أفضل الأحوال قلصوها إلى نظريات عسكرية و إلى الثورة الديمقراطية الجديدة . لكن حتى نظريات ماو القيمة فى هذه المحاولات قد وقع سجنها فى القفص الضيّق للقومية و الفكر العسكري ، بنتيجة تغيير لونها و تحويلها إلى نقيضها .
حتى صلب الحركة الأممية الثورية ، وُجد دائما فهم غير متكافئ لل" ماوية " ، خاصة فى ما يتصل بفهم نظرية الثورة فى ظلّ دكتاتورية البروليتاريا وفهم ديناميكية الصراع الطبقي فى ظلّ الإشتراكية و السيرورة التاريخية العالمية لبلوغ الشيوعية عالميّا . لسوء الحظّ ، لدي الشعلة أيضا نزعة نحو تقليص الماوية إلى "حرب الشعب " . و مثلما أشرنا إلى ذلك ، لا يقيسون كافة " الإنحرافات " عن الماركسية بمعيار الممارسة وخاصة ممارسة حرب الشعب وحسب بل يفهمون أيضا الماوية ذاتها كذلك . و يمكن للمرء أن يرى بوضوح من مقال الشعلة أنّها تعتقد أنّ الحركات التى تخوض حرب الشعب أو شيئا مشابها أكثر ماوية .
تصرّح الشعلة بأنّ حزبنا و الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتحدة الأمريكية غير ماويين و تنعتهما ب " ما بعد الماركسية - اللينينية - الماوية " و توزّع درجات و أعدادا على مختلف الأحزاب و الأشخاص . لكن ما هو المقياس الذى تعتمده الشعلة لتوزيع الدرجات و الأعداد ؟ مُجمل مقالها و منحها الدرجات للنظريات يساوي " الحماس " الذى يمكن أو لا أن تخلقه . و فى الشعلة يوفّر الكاتب الإجابة : كافة الأحزاب تقاس و تقيّم بمعيار الشعلة ل " حرب الشعب ". و تمضى الشعلة بعيدا إلى حدّ مقارنة قيمة تجربة كمونة باريس بالنضالات المسلّحة الأوسع نطاقا و الأطول مدّة ليومنا هذا !
بمنطق من هذا القبيل ، يمكن للمرء أن يدرك لماذا لا ترى الشعلة المشكل الجوهري لدى قيادة الحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) التى تبنّت خطّا إيديولوجيّا و سياسيا برجوازيّا ، مغيّرة توجهها و نظرتها إلى العالم ، و إنما ترى المشكل فى إنهاء النضال المسلّح بيد أنّ إنهاء حرب الشعب لم يكن سوى نتيجة لتغير البرنامج السياسي و ليس الإبتعاد عن " الحرب " فى حدّ ذاته . كان التحليل السياسي للحزب الشيوعي النيبالي ( الماوي ) أن الثورة لا يمكن إنجازها . وعلى أساس هذا التقييم ، وضعوا جانبا الثورة و تبنّوا برنامج المشاركة فى الدولة الجمهورية لطبقات البرجوازية – الإقطاع المرتبطة بالهند والإمبريالية . كانت نظرية معينة تقود ذلك الإستسلام فى الممارسة . وبالعودة إلى الماضي ، يمكن لنا أن نرى أنّه فى صفوف ذلك الحزب وُجدت نزعة قويّة لرؤية " حرب الشعب " كوسيلة ضرورية لإدماجه و القبول به فى الدولة القديمة من قبل الطبقات الحاكمة فى الهند و النيبال . و لمّا حقّقوا ذلك عبر " حرب الشعب " لم تعد هناك من حاجة لمواصلتها .
لتقليص الماركسية و عموما خطّا ثوريّا إلى نضال مسلّح جذور عميقة فى الحزاب الشيوعية الثورية و تلك المنتمية إلى الحركة الأممية الثورية لم تكن فى منأى عن ذلك أيضا . إنّ النضال ضد التحريفيين السوفيات الذين كانوا يقدّمون وصفة " الطريق السلمي " للثوريين عبر العالم فى خمسينات القرن العشرين وستيناته ، بالتأكيد له صلة بنموّ هذه النزعة . فإثر إعادة تركيز الرأسمالية فى الإتحاد السوفياتي ، شجّع التحريفيون السوفيات و الأحزاب الموالية لهم طريقا سلميّا للنضال و طريقا " غير رأسمالي " للتطوّر ، داعين إلى التعاون مع الدول القائمة . وبإتباع هذا الخطّ صار قسما كبيرا من اليسار فى العالم العربي وجنوب شرقي آسيا ( الهند والباكستان و بنغلاداش ) إحتياطيّا للدول التى كانت على الطريق المسمّى ب" طريق التطوّر غير الرأسمالي " و فى إيران صار حزب توده مدافعا عن " الثورة البيضاء للشاه و الشعب ". فى القتال ضد هذا الخطّ الإستسلامي وبتأثير من نداء ماو ،غالى الشوعيون الثوريون فى العالم من ضرورة إفتكاك السلطة السياسية عبر العنف الثوري و بات هذا خطّ تمايز معترف به بين الماركسية و التحريفية . كان هذا تطوّرا إيجابيّا جدّا. ومع ذلك ، كان له مظهر سلبي أيضا ألا وهو نزعة إلى تقليص خطّ التمايز بين الماركسية و التحريفية . و إلى جانب هذا التقليص ، نشر تشديد وحيد الجانب على هذا المظهر و كذلك فهم محرّف لأطروحات ماو حول الثورة الديمقراطية الجديدة من قبل القوى القومية ، نشر إضطرابا فى ما يتصل بمضمون الماوية . فى خمسينات القرن العشرين و ستيناته ، ليس الشيوعيون الحقيقيون وحدهم بل عديد الديمقراطيين البرجوازيين الصغار و أيضا قوى وطنية قد رفعوا على ما يبدو راية " فكر ماو تسى تونغ " و لعبوا دورا هاما فى إنتشار فهم مشوّه لأفكار ماو .
و فى الصين الإشتراكية ، بعد النضال ضد البرجوازية السوفياتية ، إنطلق صراع طبقي عظيم ضد " أتباع الطريق الرأسمالي " فى صفوف الحزب الشيوعي الصيني ذاته . و كانت " الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى " ثورة قادها ماو والشيوعيون الثوريون فى الحزب الشيوعي الصيني للحيلولة دون كارثة أخرى ، إعادة تركيز الرأسمالية فى الصين الإشتراكية . و إستطاعت هذه الثورة أن تمنع إعادة تركيز الرأسمالية لعشر سنوات و تمكّنت من التميّز بنموذج إشتراكي تحرّري مناقض للإشتراكية المزيفة فى السلطة فى الإتحاد السوفياتي ما أدّى إلى تجديد الشباب لدى الشيوعيين و إلى ولادة حركة شيوعية عالمية جديدة . و تحليل ماو للطبيعة المعقّدة و المتناقضة للإشتراكية و الضوء الذى سلّطه على مختلف مظاهر و ديناميكية الصراع الطبقي و الطبيعة المتناقضة للحزب و لدولة دكتاتورية البروليتاريا إلخ تقدّمت بالنظريّات الشيوعية خطوات جبّارة إلى الأمام و زادت فى تطويرها . وبلغت موجات هذه الثورة العالم برمّته. و قد بيّنت كيف أنّ نظريات ماو تسى تونغ أبعد كثيرا من كونها مجرّد نضال مسلّح ثوري و ثورة ديمقراطية جديدة فى البلدان شبه المستعمرة التى تهيمن عليها الإمبريالية . لكن القوميين الراديكاليين كانوا صُمّ تجاه هذا و واصلوا طريقهم الخاص مستعملين – و فى الواقع مسيئين إستعمال – نظريات ماو ومشوهينها .
==============================================