ما كتبته عن فالح عبد الجبار قبل خمس سنوات


جاسم محمد كاظم
2015 / 4 / 14 - 21:48     

قرأت للرفيق النمري مقالته المعنونة "ليس للماركسية ما قبلها أو ما بعدها 9 يتناول فيها فالح عبد الجبار فأعدت ما كتبته قبل خمس سنوات

قبل أن اقرأ "أكتوبر البلاشفة .الثورة المنسية" لفالح عبد الجبار في الحوار المتمدن و التي يبدؤها ( بعد انصرام شهر تشرين الأول (أكتوبر)، واقتراب تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي من خاتمته، أيقنت تماماً أن «ثورة أكتوبر»، التي لم يذكرها أحد بسطر، تسربلت بالنسيان. صار الماضي محايداً، شأن النظرية التي حفزته. اليوم تدرس الجامعات الأميركية نظرية ماركس دون وجل، أو محظورات، فلم تعد هذه النظرية «مخيفة»، أما «شبحها»، شبح ثورة أكتوبر، فدخل في باب التسليات التاريخية. )

قرأت اسم فالح عبد الجبار أول مرة في كراس يحمل رقم 1 من منشورات طريق الشعب "حديث حول الوضع السياسي والحزب والاشتراكية" وهو لقاء صحفي مع جريدة الحياة اللندنية مع حميد مجيد موسى سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في 11-1-1998 ...ومع سؤال الصحيفة " هل تعتقد بان الشيوعية ستقدم لنا كارل ماركس جد يد مثلا "
أجاب حميد مجيد موسى بالصعوبة لكنة استدرك "الحديث الآن يجري الحديث عن العقل الجماعي. عن مساهمات مجموعات كبيرة من المفكرين والعلماء والسياسيين والاقتصاديين والفلاسفة " " وحين وجهت إلية الصحيفة السؤال عن هؤلاء ذكر اسم فالح عبد الجبار مع سمير أمين ومحمود أمين العالم وكريم مروة .
.وأضاف بان هذه أسماء بارزة ولامعة في مجال الدراسات " ولكن الصحيفة استدركت بسؤاله أن أكثر هؤلاء تركوا هذا المجال وبدئوا ينظرون في اتجاه آخر ..
فكان جوا ب حميد مجيد "أن هذه حالة طبيعية مع كل نكسة تنفض أطراف عن القضية ..حتى الدينية والروحية .."

ووجدت في الانترنت ترجمة تحمل اسم فالح عبد الجبار لبضعة فصول من رأس المال .. وكتيب صغير لطبعة pdf يحمل عنوان (تفتت الهويات الطائفية ومأزق الغموض السياسي ) إضافة إلى مقالة تحمل عنوان " تأملات في الماركسية " وفيها يفكك فالح عبد الماركسية بدون أعادة صياغة وان ذكر هذه الصياغة تكمن في الهوامش العربية السبعة والانكليزية الخمسة وابتدأ مقالته ب.
.
("يقول ماركس، في مكان ما،(بدون أن يعطي اسم المكان ) أن طرح السؤال الصحيح هو نصف الجواب. وفي اعتقادي أن السؤال الأساس، هو الآتي
: ما هي النظرية الماركسية؟
قد يبدو السؤال نافلا، لكنه برأيي جوهري.

هناك إجابة جاهزة، جامعة، مانعة، تقول أن الماركسية نظرية ثورية تتألف من 3 أقسام هي: المادية التاريخية، والمادية الديالكيتية، والاشتراكية العلمية.الطبيعة والمجتمع والفكر نفسه.
هذا التقسيم المبسط، والشائع، الذي تربت عليه أجيال وأجيال من الماركسيين، تقسيم اعتباطي، وزائف، حسب رأيي. اعرف أن هذا القول سيصدم الكثيرين، فهو حكم قطعي بامتياز.
الواقع أن هذا التقسيم الذي ثبت في الأدبيات الماركسية السوفيتية اعتبر بمنزلة المقدس. ")

أن المقطع البسيط منقول من مقالة مطولة كتبها فالح عبد الجبار في 4-14 – آب 2000 ونقحت في مع كريم مروة ومقسمة إلى سبعة بنود كما يقول في أعادة صياغة لنظرية ماركس

( دعونا نعاين وجهات نظر ماركس في الصيغة التالية:

1ـ الماركسية والتاريخ.
2ـ الماركسية ونظرية المعرفة.
3ـ الماركسية والمجتمع (البنية الاجتماعية).
4ـ الماركسية والدولة.
5ـ الماركسية والاقتصاد.
6ـ الماركسية والقومية.
7ـ الماركسية والعولمة)

وفيها يعلن فالح عبد الجبار تخطئته للينين وتقسيمه للماركسية في أقسام الماركسية الثلاث ("وأعود إلى التقسيم الثلاثي التبسيطي الذي وضعه لينين لأجل القراء (أو القارئ الوسطي) فأقول انه جرى تحويله إلى قفص حبست فيه الماركسية،
وأضفى عليها ادعاءً شموليا مكتملا (ما ابعد ماركس عن ذلك بتواضعه العلمي المشهود!)ولينين نفسه أسهم في هذا بدرجة معينة. فمن جهة نجد لديه توكيدات قاطعة بأن الماركسية "مرشد" عمل، وأنها مفتوحة على كل اتجاهات البحث، إلى جانب توكيدات قاطعة بأن الماركسية علم كلي القدرة، وكلي الصحة! ليس ثمة علم كلي القدرة ولا كلي الصحة، خصوصا في المجال النظري الاجتماعي. كل ما لدينا هو فرضيات. )
وان لم يفصح لنا فالح عبد الجبار كيف سيكون شكل الماركسية وكيف تكون دولتها المرتقبة مستقبلا وهي لا تختلف أبدا عن نقد هنري لوفيفر للتجربة اللينينية في ستينات القرن الماضي مع افتتان لوفيفر بالتجربة اليوغسلافية والصينية (وعندما واجه لوفيفر نمو الرأسمالية وتجزؤ الطبقة العاملة ونمو النزعات القومية فان انتهى إلى تخطئة ماركس نقسه )...1
و بقي الأستاذ فالح أسير التاريخ يعيد علكة مرارا وتكرارا ودخل نفق السوق والدولة والعولمة وهيغل وفيورباخ ووصل الأمر بة إلى تخطئة أنجلس في قرائتة المبهمة غير الواضحة لهيجل وهو نفس النقد الموجة من لوفيفر إلى أنجلس في قرائية لهيجل حين أراد تجاوز الجدل الضيق والمنطق المجرد "
ويضيف لوفيفر أنة لم ينسب هذه النظرية إلى هيجل سوى الماركسيين الغلاظ على أساس شرح أنجلس (الرديء) لها بوصفها الشرط الذي يتوسط بة الجدل بين المنطق الشكلي وقوانين الجدل بمعناها العام. ...2"
وانتقد فالح عبد الجبار كتاب أنجلس " أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة" وأضاف بان أنجلس تناسى حلقة مهمة للدولة وهي الدولة الحارسة ونسبها فالح عبد الجبار إلى العقل الماركسي رالف ميليباند:
(أن الدولة نشأت كجهاز حماية لدولة ـ المدينة (أثينا، روما، بابل، الانكا، الصين، مصر القديمة) ضد البوادي، أي ليس لقمع جزء اجتماعي داخلي، بل لصد جماعات خارجية. بتعبير آخر أن نشوء الدولة يرجع إلى التضاد بين الشكل المستقر للمجتمعات البشرية (المحمية بالأسوار) والشكل المترحل (البدو بلغة العرب والبرابرة بلغة الإغريق بينما هي تكاد تكون مشابهة إلى حد بعيد إلى كتاب " الطاغية"" لأمام عبد الفتاح أمام" الذي أسهب في وصف الدولة الحارسة وكل تشكيلات الدولة التي ذكرها فالح عبد الجبار بدون أن يذكره فالح عبد الجبار .
وان لم يذكر أمام عبد الفتاح أمام أنجلس أبدا في كتابة الذي تناول فيه الدولة ونشأتها من أرسطو إلى العصر الحديث..
ونعت فالح عبد الجبار المادية التاريخية بالوهم في نظرية المعرفة " ( مثلما اقترحت التخلي عن وهم وجود "مادية تاريخية"، وإحلال فكرة وجود "نظرة ماركسية إلى التاريخ"، اقترح أيضا التخلي عن وهم آخر هو وجو "مادية ديالكتيكية" كاملة، ناجزة، هي الشكل "الوحيد" والأرقى للمعرفة" ووصل أخيرا في تحليلاته"( تقوم المادية الديالكتيكية على عمودين، العمود الأول هو أولوية المادة على الوعي، وكون الوعي نفسه هو نتاج تطور شكل أرقى من المادة (الدماغ البشري)، والعمود الثاني، ان هناك "قوانين" للديالكتيك تنظم عمليات الطبيعة والمجتمع والفكر.)

(إن فكرة أولوية الوعي على المادة أو أولوية المادة على الوعي قديمة قدم الفلسفة، والنظرات الفلسفية الأولية السابقة لها.)"....
ويضيف...

(فإذا كانت الرأسمالية واحدة، فما الذي يفسر لنا نشوء عدة أشكال من الدول داخل نمط الإنتاج الرأسمالي، بل داخل بلد واحد، ولماذا تبرز دولة الملكية المطلقة، أو دولة الملكية الليبرالية المقيدة، أو الدولة البونابرتية، أو الدولة الفاشية، أو الدولة التقليدية القرابية، وهلمجرا كلها داخل التشكيلة الرأسمالية الواحدة( . وان لم يذكر لنا التاريخ هذه التشكيلات في أي نمط رأسمالي واحد فتطور الرأسمالية في أوربا تفاوت كثيرا بدئا ببريطانيا أولا ثم في فرنسا وألمانيا في آخر المطاف حيث تطورت فيها الفلسفة المثالية بدل الرأسمال والصناعة وأنتجت فلاسفة بدل السلعة والبضاعة وان انتهت كل دول أوربا الرأسمالية إلى الليبرالية في آخر المطاف وحتى هذه الليبرالية لم تأتي بدفعة واحدة بل كانت متفاوتة كثيرا جدا بموجات أولى وثانية وثالثة وانتهت إلى ليبرالية أميركية بعد الحرب الكونية الثانية ...
ويستمر فالح عبد الجبار في بحوثه:

(وحتى تصل الرأسمالية (كنظام عالمي) إلى نقطة يتعذر بعدها تجاوز عقباتها هي، فتدق عندئذ ساعة النهاية. هذه هي رؤية ماركس. هذا النمط من التنبوء النظري يحيلنا إلى السؤال الكبير الذي أثاره المؤرخ الماركسي بيتر جران:Peter Gran ما هي الآماد الزمنية لمثل هذه العملية؟ قرن؟ قرنان؟ سبعة قرون؟ ويجيب: "نحن لا نعرف! لا ندري إن كنا في أواسط عمر التشكيلة الرأسمالية أم في أواخرها! وان القول بمرحلة أخيرة (عليا)، تخمين وحدس قد لا يصمدان أمام الواقع.)
والذي يقرا هذا الكلام لا يراه مختلفا أبدا عن كل النظريات الدينية والمشايخ من انتظار المهدي أو صاحب الزمان أو المسيح المخلص.
ويضيف فالح عبد الجبار
ويضيف
( قلت في مبحث مطول (ماركس والدولة ـ النظرية الناقصة) أن ماركس ترك لنا الحقل فارغا، وان "هذا الحال يستثير تعاسة الدوغما بلا ريب، ولكن من أين نأتي لها باستقرار الأشياء وهنائه في عالم التنوع ؟( ...(أقول هذا لأننا بحاجة إلى دراسة الدولة في عالم اليوم بوجه عام، ودراسة الدولة في عالمنا العربي، وفي العراق تحديدا، إضافة إلى حشد من الدراسات التطبيقية. وبودي اقتراح عدد منها للاطلاع، وبخاصة ما يتعلق منها بالتطور الديمقراطي، المفتاح نحو مجتمع يدير صراعاته بصورة قانونية، مؤسساتية، سلمية، مع إدراكي أن هذا الأفق بحاجة إلى مدى تاريخي كامل كي يتحقق في بلد مثل العراق انحطت فيه الروابط المدنية الحديثة إلى أدنى مستوى من السقوط.)
وينتهي فالح عبد الجبار من تحليلاته إلى آخر المطاف إلى الإيمان بالديمقراطية الرأسمالية..
(إن الديمقراطية الرأسمالية، هي الممهد التاريخي الحضاري، نحو أي أفق ما بعد رأسمالي يمكن تخيله، ولا يشفع لنا أن العالم يتقدم إلى ما بعدها.)
وهذا لا يختلف كثيرا عن كتاب فوكوياما نهاية التاريخ وانتصار الديمقراطية الغربية ووصل الأمر بة إلى اقتراح نموذج جديد للتاريخ :
( وهذا يطرح الإشكال التالي من زاوية التطور الديمقراطي في العالم المتقدم (حيث الديمقراطية تحصيل حاصل): كيف يسع التكنوقراط، وهو غير منتخب وغير مخول أن يقرر ويحسم، في حين ان الطبقة السياسية المنتخبة بالاقتراع والمخولة، لا تستطيع أن تقرر وتحسم. من يحكم؟ هذا السؤال يستثير العقول ويحفز على الآتي:

(1) تشكيل حكومة عالمية.

(2) تشكيل مؤسسات فوق قومية جديدة، ذات طابع ديمقراطي. (بيان ستوكهولم).)

لكنة يعود إلى ماركس من جديد ليقول في مبحث آخر:
( هذه المفارقة مفهومة. فـ"الأتباع" يهجرون الماركسية بصيغتها الميتة، أي التي عرفوها ناقصة مشوهة، أما الرأسماليون فقد تحرروا من عقدة العداء لماركس، بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وصاروا يرونه بتوازن اكبر. ، ووضوح اشد.)

للمزيد من الاطلاع راجع كتاب (عصر البنيوية )

1- عصر البنيوية .من ليفي شتراوس إلى فوكو تأليف اديث كيرزويل ترجمة جابر عصفور 1985 الفصل الثالث ..هنري لوفيفر ..ماركس ضد البنيوية ..

2- نفس المصدر
////////////////////////////////
جاسم محمد كاظم