ما الذي يجب ان يتغير في نمط عملنا الشيوعي؟


عادل احمد
2015 / 3 / 22 - 23:39     

توجه اسئلة عديدة منذ سنوات بصدد تغيير نمط العمل الشيوعي والحزبي من قبل شيوعيين سابقين او حتى في اوساط ما يسمى باليسار. يتحججون في طرح أسئلتهم بدلائل في غاية السذاجة وبعيد عن اي عمل ثوري في عملية التغيير في المجتمع. ان طرح الأسئلة مثل: هل الشيوعية هي البديل الوحيد؟..هل من الواجب أن نعتمد على الطبقة العاملة في اي تغيير في المجتمع؟.. الا يمكن ان نعتمد على بعض المطاليب الديمقراطية في الوقت الحالي؟.. الا يمكن ان نغير من نمط تفكيرنا حتى نتواصل مع الركب؟.. الا يمكن ان نستغني عن الثورية البلشفية في نمط حركتنا؟.. اليس زمن الشيوعية العمالية قد ولى وراح زمنه وواجب الشيوعيين ان يتغيروا ايضا؟..الخ" نماذج من مسائل عديدة يطرحها ابطال اليسار في زمننا.
قبل كل شيء يجب عليه ان اقول بأن شيء ما يجب ان يتغير.. ولكن اي شيء؟ الشيء الواجب ان يتغير هو "على الحركة الشيوعية الخروج والابتعاد من اوساط البرجوازية والبرجوازية الصغيرة ومصالحهما الطبقية". ان طرح المسائل التي ذكرتها في الاعلى ليس نابعة من داخل الحركة العمالية ومصالحها، بل أنها تخص طبقات اخرى بصدد الشيوعية والنضال العمالي. ان رؤية الطبقات الغير العمالية الى النضال العمالي والشيوعي تختلف كليا عن الرؤية العمالية للعمل الشيوعي والعمالي. لنوضح هذا بأمثلة بسيطة جدا. ان تفكير عائلة فقيرة على حالتها الاقتصادية وكيفية حل مشاكلها يختلف كليا عن تفكير اقربائها الاغنياء لحل المشاكل الاقتصادية لهذه العائلة وطرق الحلول والمحاولات. ان الاقرباء الاغنياء في احسن الاحوال يقدمون المساعدة وفعل الخير لهذه العائلة الفقيرة من باب الصدقة والعطف، ويتهمون هذه العائلة الفقيرة في كل مناسبة بالكسل وعدم وجود الذكاء لديهم، ويحتاجون الى قسط من المساعدة. لذلك يقومون بقسط من المساعدة والصدقة من باب الفضل، ويطرحون حلول عديدة لهذه العائلة الفقيرة للخروج من هذا المأزق. ولكن جميع الحلول الذي يطرحونها تخرج من عقل شخص ليس لديه معانات ومشاكل يومية كما توجد لدى العائلة الفقيرة. ان العائلة الفقيرة تفكر ليل ونهار كيف تعيش وكيف تلبي حاجات العيش اليومية والضرورية مثل الاكل والملبس والمسكن.. هذا ما يدور في ذهن العائلة الفقيرة. ولكن ما لا تفكر به العائلة الغنية هو هذه الضروريات والحاجات اليومية لان هذه الامور منتهية بالنسبة لها، وما تفكر به اشياء اخرى وحاجيات اخرى مما يليق بشخص بأمكانه ان يوفرها. ان هذه الامثلة البسيطة صحيحة مئة بالمئة للمجتمع ايضا. فان نصائح الطبقات الغنية للفقراء نابعة من باب الصدقة والعطف وليس من منظور الحل الانساني والواقعي للطبقات الفقيرة. وعندما يفشلون بمحاولة اخراج العائلة الفقيرة من المأزق والمعانات، يحبطون بكل الطرق المساعدة الذي قدموها ويفكرون بطرق اخرى.
عند تشبيه العائلة الفقيرة بالطبقة العاملة والكادحة والعائلة الغنية بالطبقات البرجوازية الكبيرة والصغيرة، يتوضح ماهية تفكير وحلول الطبقات البرجوازية الغير ممكنة لحل المشاكل العمالية في المجتمع. ان ما يدور في ذهن العمال والكادحين من مشاكل ومسائل ومحاولة الخروج من المعانات والماسي نابعة من واقع حياتهم ومعيشتهم الواقعية اليومية. ان اي طرح او حل يطرحونه من اجل انهائها يكون واقعي ويمس كل لحظة يعيشوها. لا احد يحس مثل ما يحس الشخص المعني بمشاكله، في احسن الاحوال يجب ان تكون موضوعي وان تكون موافق للشخص المعني بالمشكلة. وفي الاخير الشخص المعني هو المطلوب منه القيام بالعمل.
لنرجع الان الى منشأ هذه الاسئلة التي يطرحوها بصدد تغير النمط الشيوعي والحزبي في زمننا هذا. ان الذي يوجه هذه الاسئلة ليس العمال وفعالي الحركة العمالية، بل فعالي حركات الطبقات الاخرى بأسم الطبقة العاملة. وعندما يتوضح بأنهم يدافعون عن مصالح الطبقات الغير العمالية، وان ليس بأمكانهم خداع الطبقة العاملة بأسم الشيوعية المزيفة فيطرحون الاسئلة مليئة بالتشائم والاحباط حول الشيوعية الحقيقية ووعي الشيوعية العمالية داخل الطبقة العاملة. وان كل ما يطرحون من الاسئلة بصدد تغيير العمل والنمط الشيوعي والعمالي لا يخص العمل والنمط الشيوعي والعمالي بتاتا. وان الشيوعية اذا ارادت ان ترجع الى ميدان السياسة بقوة من جديد، يجب عليها ان تتجسد في الشيوعية الماركسية وثوريتها وان تتشبع بالتقاليد البلشفية كما كان في بداية القرن العشرين. وان الشيء الذي يجب ان يتغير حقا هو ابتعاد العمال عن هذا النوع من اليسار والشيوعية التي لا صلة لها بالنضال العمالي.ان نصف نجاح النضال العمالي يكمن بأنفصال افاقنا وعملنا النضالي عن هذه النوعية من اليسار اللاعمالي. والنصف الاخر بكيفية الارتقاء اليومي لنضالنا ضد الرأسمال وطغيانه. ان الذين يغيروا انماط تفكيرهم ونشاط عملهم حسب ضرورات حركة الرأسمال ومن اجل الرأسمال، لا شك بعدم ارتباطهم بالشيوعية ايا تكون اسمائهم وتحت اي عنوان، فأنهم ينتسبون الى الطبقات الغير عمالية وان حلولهم وارائهم منبثقة من موقع الطبقات الحاكمة والسائدة. ان حقا الذي يجب ان يتغير وهي انفصالنا الكامل عن هذه الافكار وعن هذه الطبقات.