المغرب: حركة عشرين فبراير بعد أربع سنوات على انطلاقها

رابطة العمل الشيوعي
2015 / 2 / 28 - 05:53     

لقد مرت حتى الآن أربع سنوات كاملة على فرار الدكتاتور المخلوع، زين العابدين بنعلي، ولجوئه إلى معقل الرجعية في المنطقة، بلد آل سعود. وهي السنوات التي شهدت كذلك نجاح ثورة الشعب المصري في إسقاط قطيع من الدكتاتوريين الواحد منهم بعد الآخر، ابتداء بمبارك وصولا إلى مرسي رئيس الإخوان، مرورا برئيس المخابرات ورئيس المجلس العسكري. وبالرغم من كل مظاهر الاستقرار المزيفة التي تبدو على النظام العسكري الحالي فإن الحقيقة شيء آخر، إذ لم تعرف مصر في تاريخها المعاصر نظاما أكثر اهتزازا وضعفا من النظام الحالي.

ولم تقتصر الحركة الثورية على هذين البلدين، ففي كل بلدان المنطقة المغاربية والشرق أوسطية الأخرى، من المغرب حتى اليمن ومن السودان حتى سوريا، خرجت الجماهير بأعداد غير مسبوقة إلى الشوارع تطالب بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، أي بكل ما لا تستطيع هذه الأنظمة الرأسمالية تحقيقه مطلقا.

المغرب بدوره شهد انطلاقة حراك شبابي ثوري، تحت راية عشرين فبراير، التي تمكنت منذ بدايتها من تعبئة عشرات آلاف المحتجين في أغلبية المناطق والجهات، وحتى القرى الصغيرة النائية. أصيب النظام الدكتاتوري وأسياده الإمبرياليين بالرعب الشديد، وصار يتخبط وأقدم على تنازلات وإن كانت شكلية فإنه لم يكن ليقدمها لولا الرعب الذي أصيب به بفعل الحراك الثوري. لقد انفتح باب الآمال العريضة في إمكنية التغيير، وبدا وكأن النصر على مرمى حجر. لوهلة بدا وكأنه يكفي التظاهر في الشوارع والاعتصام في الساحات ورفع الحناجر بالشعارات لكي تسقط الأنظمة وتنجز المهمة.

والآن وبعد أربع سنوات، نشهد في كل مكان توقف الموجة التي تلت مباشرة فرار بنعلي، وعوض الفرح حل الحزن، وأحيانا التعب وحتى الإحباط بين صفوف الشباب الذي قاد النضالات في المرحلة السابقة. ناهيك عن الإصلاحيين واللبراليين، الذين كانوا ينتظرون هذه الفترة بالضبط لكي يأكدوا للجميع أنه لا أمل في التغيير، وأن كل ما يمكن الطموح له هو إدخال بضعة إصلاحات هنا وهناك.

وقد إزداد هذا الجو الكئيب كثافة بشكل خاص عندما تمكنت الإمبريالية وعملاؤها في المنطقة، خاصة السعودية وقطر والقوى الأصولية بشتى أقنعتها، من تحويل مسار ثورات شعبية عديدة، في سوريا وليبيا، نحو مذابح همجية وحروب أهلية تهدد بتقسيم تلك البلدان وإعادتها إلى العصر الحجري.

وفي المقابل نشهد ابتهاج قوى الثورة المضادة واستعادتها لثقتها في نفسها، حتى أنها بدأت تعمل على التراجع على كل التنازلات التي قدمتها إبان فترة المد الثوري الأخيرة، بل وتدمير اصلاحات كانت قد تحققت في مراحل سابقة بنضالات مريرة.

لكن وبالرغم من كل المظاهر، الحراك الثوري لم يتعرض للهزيمة. نعم خسرنا المعركة، لكن خسارة المعركة لا تعني الهزيمة، كما أن النضالات الشعبية لم تتوقف، صحيح أنها غيرت شكلها وأحيانا تفرقت إلى معارك مشتتة وبمطالب مختلفة وفئوية. لكنها لم تتعرض لهزيمة ساحقة، كما أن النظام القائم لم يحقق انتصارا ساحقا. وعندما يتوفر التصميم والعزم، خسارة المعركة في حد ذاتها ليست مشكلة، فالجيوش المنهزمة تتعلم أفضل من الجيوش المنتصرة. المهم هو أن نمتلك الرغبة في التعلم ونقد أخطائنا وتجاوزها.

سبق لسبينوزا أن قدم نصيحة غالية، ما أحوج الشباب الثوري للتمعن فيها: "لا تبك، ولا تضحك، بل: فكر!". نعم علينا الآن أن نفكر، نفكر في أوجه القصور في حركتنا والأخطاء التي ارتكبناها، وفي الشراك التي نصبها لنا أعداؤنا وسقطنا فيها، وفي الأصدقاء المزيفين الذين وثقنا فيهم، والنصائح المسمومة التي قدموها لنا فطبقناها، ونفكر كذلك في الآفاق.

يعلمنا التاريخ أنه دائما في فترة الركود والردة التي تعقب الثورات غير المكتملة تصاب فئات كثيرة بالتعب وبالاحباط، البعض يتخلى نهائيا عن النضال، بل ينقلب البعض ضد الأفكار التي ناضل من أجلها. لكن من يستمرون يتعلمون ويصيرون أكثر نضجا، وعندما يأتي المد من جديد وتنهض الجماهير مجددا إلى النضال، يلتقون بفئات شابة جديدة أكثر حيوية وأكثر نشاطا، ويبدأون مجددا. لا مجال لليأس، فالمستقبل للتغيير وليس للجمود. وليست هناك قوة في استطاعتها أن تجهض مشروعا صار ضرورة، مثلما هو مشروع التغيير الاشتراكي للمجتمع في عصرنا الحالي.

نعم أيها العمال والشباب الثوري لقد خسرنا المعركة الأولى، وتمكن النظام القائم بمساعدة الإصلاحيين والقوى الأصولية من إنقاذ جلده مؤقتا. لكن ذلك لم يكن بسبب قوته، ولا مجال للبحث عن العوامل في الظروف الموضوعية، بشكل رئيسي. لقد تمكنت من ذلك بسبب ضعفنا وتشتتنا.

لقد قدم لنا الحراك الثوري، الذي خضناه طيلة هذه السنوات الأربع الأخيرة، العديد من الدروس، ومن أهم تلك الدروس نجد ما يلي:

لا ثقة إلا في قوتنا الخاصة

عندما اطلقت الحركة ساهم فيها معنا، نحن شباب الطبقة العاملة والفقراء، العديد من أصدقاء نصف الطريق. خليط غير متجانس من التيارات السياسية وأبناء الطبقة الوسطى والوصوليين، الخ. بل تمكنوا لفترة من تبوء قيادة الحراك، حتى صاروا هم من يرسمون سقفه ويحددون مطالبه وشعاراته. ولكي يطبقوا على عنق الحركة رفضوا بحزم أي تنظيم داخلي لها أو تشكيل أية هياكل منتخبة بشكل ديمقراطي يمكن محاسبتها وممارسة الرقابة الجماهيرية عليها.

لا غرابة أن هذا الموقف الرافض للتنظيم جمع بين الفوضويين وأبناء الطبقة الوسطى والعدل والإحسان. فجميعهم كانوا يريدون حركة يركبونها، ليصلوا إلى مآرب سياسية أو شخصية ضيقة، وليس حركة ثورية جماهيرية فعلا.

وكان كلما طالب أحد بضرورة التنظيم، واجهته كل تلك الجوقة بصوت واحد: "لا للبيروقراطية"، "لا لفرض القوالب على الحركة"، "نعم للحراك الحر"، الخ. وكان الشباب الذي دخل إلى ساحة النضال حديثا يصدق هذه الاعتراضات خاصة وأنها كانت تخاطب فيه شعورا صحيا ومبررا من الكره للبيروقراطية والنفور من التنظيمات الموجودة على الساحة.

وهكذا تمكن هؤلاء الأصدقاء المزيفون، أعداء البيروقراطية المزيفون، من فرض أنفسهم وتنظيماتهم قيادة للحركة دون أن ينتخبهم أي كان. وتمكنوا من المساومة بالحركة ردحا من الوقت، حتى تخلوا عنها وقفزوا من السفينة في اللحظة التي رأوها مناسبة.

كان ثمن الدرس غاليا، لكننا دفعناه، والآن علينا ألا نكرر الخطأ مرة أخرى، علينا أن نتعلم التنظيم في كل ساحات النضال: في الحي والجامعة والمدرسة. علينا ألا نترك نضالاتنا للفوضى وللمغامرين والانتهازيين يقودونها أينما شاؤوا. علينا أن نصر في كل معركة، صغيرة كانت أو كبيرة، على تنظيم مجالس ديمقراطية للنقاش والفعل. وتوزيع المهام بشكل واضح وانتخاب المسؤولين، لتولي تلك المهام بالتناوب، والرقابة عليهم مع إمكانية عزلهم في كل حين.

لا للعفوية

نفس تلك الجوقة وقفت بحزم ضد أية محاولة لفتح نقاش حول مكونات الحركة وطبيعتها وبرامجها، او حول الشعارات السياسية وآفاق الحراك. كان المبرر دائما هو: "إن النقاش سيشق صفوفنا، بينما علينا أن نحرص على وحدتنا". وتحت هذه الراية تم تقديم الكثير من التنازلات المبدئية.

أما نحن الماركسيين فقد وقفنا منذ البداية ضد هذه النزعة المعادية للوعي والمقدسة للعفوية، وناضلنا بحزم من أجل حرية النقاش الديمقراطي الواضح للبرامج والأهداف، رغم كل الاتهامات التي كانت توجه لنا بأننا "نكسر الوحدة"، و"نشغل الحركة بجدالات عقيمة"، الخ.

كنا الوحيدين، داخل الحركة، الذين انتقدنا العدل والاحسان منذ البداية، حتى قبل أن تنسحب من الحركة، أي عندما كان البعض ما يزال يمتلك أوهاما حولها، ومن بين ما كتبناه حولها نذكر على سبيل المثال:


«نعتبر أنه من الخطأ أيضا تقديم التنازلات المبدئية لتلك التيارات، وغيرها من المكونات البرجوازية والبرجوازية الصغيرة، بحجة الدفاع عن وحدة الحركة. إن دور اليسار الثوري داخل الحركة ليس البحث عن الوحدة مع تلك المكونات، بل دوره، على العكس تماما، فضحها وجعل الجماهير تفهم التناقض بين مصالحها وبين مصالح تلك المكونات.

«إن تواجد اليسار الثوري في الحركة ليس تواجدا مع العدل والإحسان، أو غيرها من التيارات البرجوازية، أصولية كانت أو لبرالية، إنه تواجد مع الجماهير، وهذا هو ما يجب ألا يغيب عن ذهننا. وبالتالي عليه أن يتدخل في الحركة براية مستقلة، ويرفع مطالبه النابعة من هموم الجماهير وتطلعاتها، والمعبرة عن مصالحها الآنية والتاريخية، وإلا فإنه سيخون مهمته التاريخية، ويسقط في الذيلية للتيارات البرجوازية (بشكلها الأصولي أو اللبرالي)، وبالتالي لن تكون لمشاركته في الحركة أية فائدة.

«من الخطأ الاعتقاد أنه بمهادنة قيادات تلك التيارات وعدم تعريضها لأي نقد سيكسب اليسار الثوري مصداقيته، ويكسب تعاطف الجماهير. وحتى تلك القواعد المدجنة التي تمكنت التيارات الأصولية من كسبها، والتي تنتمي في غالبيتها إلى البرجوازية الصغيرة المفقرة، لا يمكن كسبها من خلال مهادنة قادتها الذين يستغلونها ويسخرونها لخدمة مصالح طبقية مناقضة لمصالحها، بل من خلال تعريض هؤلاء لنقد صارم يفضح موقعهم الحقيقي ومصالحهم الحقيقية وأهدافهم الحقيقية. بهذه الطريقة لن نتمكن فقط من كسب أسماع وتعاطف الجماهير الواسعة، بل سنتمكن أيضا من كسب أسماع وتعاطف حتى هؤلاء الشباب الذين أوقعهم سوء حظهم وضعف اليسار وخيانة قيادات المنظمات الجماهيرية في شرك تلك التيارات». ("العدل والإحسان" وحركة عشرين فبراير - موقفنا)

وانتقدنا كذلك هؤلاء «الذين التحقوا بالحركة تحت تأثير الموضة والرغبة في كسر روتين حياتهم المترفة والرغبة في تحقيق مصالح أنانية، والمستعدين دائما للمساومة بها [الحركة]»، ومن بين ما قلناه آنذاك:


«يميل بعض حسني النية من بين مناضلات ومناضلي الحركة إلى القول بأن القطع مع أصدقاء نصف الطريق هؤلاء خسارة بالنسبة للحركة، إذ "القوة في الوحدة والكثرة" حسب المثل. لكن العكس تماما هو الصحيح، إذ أن القطع مع أبناء الطبقة الوسطى المدللين هؤلاء [...] سيشكل ربحا كبيرا للحركة. خاصة إذا صوحب بالعمل الدءوب من أجل الانفتاح أكثر على شباب الأحياء العمالية الفقيرة والاتجاه نحو الطبقة العاملة..

«علينا ألا نأسف للقطع معهم، بل علينا أن نعمل بجد على الانغراس أكثر في صفوف شباب الأحياء الفقيرة والعمال ومختلف الشرائح الكادحة، أي ذوي المصلحة الحقيقية في التغيير. علينا أن نتبنى مطالبهم في العمل والصحة والسكن والديمقراطية والعيش الكريم. وفي هذا السياق علينا أن نستفيد حتى من تلك المحاولة اليائسة التي قام بها النظام القائم إذ جيش الشباب المهمش ليضرب به الحركة، أو ما يسمى بالبلطجة، حيث ساعدنا من حيث لا يريد، على دفع هؤلاء الشباب إلى العمل السياسي، وإن بشكل مشوه، ووضعهم تحت تأثير شعاراتنا السياسية والمطلبية». (أبناء الطبقة الوسطى وحركة عشرين فبراير)

كما أكدنا دائما على ضرورة النظرية ورفع الوعي، ونصحنا الشباب الثوري قائلين:


«أيها الشباب إن من لا يمارس السياسة تمارس عليه. وكل من لم يتعلم استشفاف المصالح الطبقية من وراء الخطابات "البريئة" و"اللامنتمية" سيبقى حتما ضحية ساذجة بين يدي محترفي السياسة والوصوليين. وعليه يجب علينا أن ننتمي بشكل واضح إلى طبقتنا ومصالح شعبنا الآنية والتاريخية، ونسهر على تثقيف أنفسنا بشكل جدي، ونتعلم تفكيك الخطابات السياسية واستشفاف المصالح الطبقية وراء كل خطاب سياسي، وكل شعار، الخ.

«أيها الشباب عليكم أن تطالبوا كل التيارات السياسية داخل الحركة بأن تطرح برامجها والبديل الذي تمتلكه، وتدع لكم حق الاختيار بناء على دراستكم الخاصة وتجربتكم اليومية. لا تدعوا أحدا يقنعكم أن تيارا سياسيا معينا يدعم الحركة بدون هدف سياسي، أو يناضل إلى جانبها أو داخلها بدون تصور. وبالتالي فإن المطلوب هو أن يعمل الجميع على توضيح تصوراته.

«إننا إذ ندعو إلى هذا لا نريد ضرب وحدة الحركة بل العكس تماما، نريد أن تكون وحدة على أسس واضحة يطرح كل واحد تصوره في حوار ديمقراطي يكون الحكم فيه هو الجماهير والممارسة. وإننا إذ نقول هذا ونعلن استعدادنا لطرح أفكارنا وتصوراتنا لمختلف القضايا السياسية والبرنامجية، لا ننطلق من موقع المعلم أمام التلاميذ، بل من موقع المناضلين الذين يريدون تطوير الحركة، إذ أننا جزء من الحركة، كما أننا لا نسعى إلى فرض أفكارنا على الحركة أو على مكوناتها. إننا نعمل على شرح أفكارنا وطرحها للنقاش الديمقراطي ونؤمن أن النقاش والتجربة الجماعية هما الكفيل بتطويرنا جميعا وتطوير الحركة». (حركة عشرين فبراير مقترحات للنقاش)

هذه كانت مواقفنا وما تزال، وقد أبانت تجربة السنوات الأربع صحتها، فقد ضاعت الحركة بالضبط لأن هؤلاء الأصدقاء المزيفين تمكنوا من فرض تصورهم على الحركة ودفعوها نحو العفوية حتى تمكنوا من تفجيرها من الداخل.

هذه فقط بعض الدروس التي قدمتها لنا تجربة الأربع سنوات الأخيرة، وهناك الكثير غيرها مما لا يتسع المجال هنا للالمام به كله.

ماذا تبقى الآن من حركة عشرين فبراير؟

تبذل وسائل الإعلام البرجوازين، وكل كلاب النظام القائم، كل ما في وسعها من أجل مسح حركة عشرين فبراير من الذاكرة الشعبية. هذا طبيعي، فإن النهوض الجماهيري الكبير الذي تمكنت من تعبئته، وحالة الرعب الهائلة التي خلقتها في نفوس الطبقة الحاكمة وخاصة القصر، سيف ديموقليس معلق فوق رؤوسهم. خاصة وأنهم يعلمون أن كل أسباب الانفجار قائمة بل ازدادت تفاقما.

إنهم يخافون ذكرى حركة عشرين فبراير لأنها ذكرى النضال الشعبي الجماهيري وخروج مئات الآلاف إلى الشوارع بمطالب وشعارات جذرية. إنها ذكرى كسر جدار الخوف من طرف الجماهير. ذكرى جرائم النظام القائم ضد شباب أعزل لم يقم سوى بترديد شعارات الحرية فقتل وحرق في الحسيمة وأسفي وسلا، وغيرها.

لذلك من الطبيعي أن يتعاملوا معها بكل هذا الحقد وبكل هذا الخوف. ولذلك من الطبيعي أيضا أن تكون لها مكانة عالية في قلوب وعقول الشباب الثوري والعمال وعموم الفقراء. نحن الماركسيين بدورنا نعتبر حركة عشرين فبراير محطة نوعية في تاريخ الصراع الطبقي بالمغرب، ومعركة مهمة في سيرورة الحرب الطبقية ضد النظام الرأسمالي الدكتاتوري القائم بالمغرب ومن أجل الثورة الاشتراكية.

هذا مما لا شك فيه. لكن هذا الموقف المبدئي لا يخفي عنا أن الحركة في حد ذاتها لم تعد موجودة، إلا في الاجتماعات النخبوية المعزولة والوقفات الفكلورية البئيسة، رغم حسن نوايا أغلب من يشاركون فيها.

تعلمنا المادية الجدلية أن كل ما هو موجود محكوم بالفناء؟، في صيرورة نفي لا تنتهي. وبالتالي من الخطأ الجسيم أن نسقط في تحويل الحركة إلى صنم للعبادة. على الشباب الثوري ومناضلي اليسار أن يتطلعوا إلى شجرة الحياة الخضراء اليانعة، عوض إضاعة الوقت في محاولة إنعاش اجتماعات فارغة وتنظيم وقفات نخبوية معزولة. إن الواقع يقدم لنا معارك ونضالات بطولية، عمالية وشبابية وجماهيرية، حري بنا الانخراط فيها وتخصيبها بالوعي الثوري، وليس الانعزال عنها بحجة محاولة إعادة الحياة إلى حركة ليست في آخر المطاف سوى محطة من محطات الصراع الطبقي الطويل.

إن النضال الثوري مسألة جدية ولا يحتمل البكاء على الأطلال، فلندع ما ينهار ينهار، ولنعمل على بناء أدواة النضال الثوري والتحضير الجدي للمحطة القادمة، القادمة حتما، والتي تحمل معها أبهى الوعود بالنصر والتغيير.