ليس بامكان البرجوازية ان تعيش بدون ارهاب.. هذا قانون حركة عصرنا الراسمالي


سامان كريم
2015 / 2 / 22 - 22:16     

الى الأمام: نشرت الدولة الاسلامية فرع ليبيا فيديو يظهر فيه ذبح 21 عامل مصري وعلى اثره قامت القوة الجوية المصرية بقصف مواقع داخل ليبيا قالت أنها تابعة للدولة الأسلامية، قطر بدورها استنكرت ردة الفعل المصرية وأعتبرتها تجاوز على الدولة الليبية. وجراء هذا الوضع نشب خلاف بين حكومتي قطر ومصر خلال أجتماع للجامعة العربية خصص عن الضربة الجوية المصرية. وقد أتهم ممثل الحكومة المصرية قطر بدعم الأرهاب وعلى اثر هذا الأتهام سحبت قطر سفيرها من مصر. برايك ماهو البعد الدولي والأقليمي لتطورات هذه الأحداث وخصوصا نحن نرى أن الدولة الأسلامية تستطيع التواجد والتمدد بسهولة ومطاطية عالية في في جزء من المنطقة العربية؟

سامان كريم: القضية ليست دولة الخلافة الاسلامية, دولة الخلافة الأسلامية منظمة وحركة إرهابية اسلامية برجوازية معروفة. اركز على البرجوازية او العنصر الطبقي في دولة الخلافة الأسلامية, لان الرأسمال او حركة الرأسمال العالمي الذي بحوزة امريكا لحد الان، يستوجب هذه الحركة وهذا النوع من الارهاب في هذه المرحلة, المرحلة الانتقالية. القضية ليست دولة الخلافة الأسلامية فهي وسيلة لتمرير تلك السياسات التي ليست بامكان امريكا او تركيا او قطر او السعودية ان تمررها عبر القنوات السياسية المالوفة، او في سياق تفعيل السياسات الدولية المالوفة. ذبح 21 عامل مصري وعلى اساس القتل على الهوية الدينية القبطية يدل على فعل وعمل مدروس بدقة سياسية في المرحلة التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
استراتيجية امريكا معروفة وبدوري شرحت هذا الامر في اكثر من حوار وبحث, عليه لا اكرر ما كتبته سابقا. وفق هذه الاستراتيجية, الفصل بين اوروبا واسيا وعدم حصول روسيا والصين على منافذ بحرية في الشرق الاوسط... هذه هي عدد من مفاصل هذه الاستراتيجية. وفق هذه الاستراتيجية ان مصر خرجت من الخط الاحمر المرسوم لها أمريكيا والى حد ما خليجيا, حيث تهدف مصر الى لعب دور اكثر استقلالية من امريكا والغرب وبالتالي من الخليج, عبر قيادة جهتها صوب روسيا والصين بالتحديد, القطبين المنافسين لامريكا. وهذا مرفوض من امريكا ودول الخليج. زيارة بوتين الأخيرة الى مصر وتوقيع اتفاقيات عدة كانت انذارا قويا لامريكا والخليج, مصريا وروسيا. براي ان قتل 21 قبطيا ناتجا مباشرا عن هذه الزيارة. بمعنى ان رد الفعل الامريكي عن زيارة بوتين لمصر هي قتل 21 قبطيا عبر وسيط قطري وبايدي دولة الخلافة الأسلامية... هذه هي السياسية الحقيرة التي تتخذها امريكا والغرب عموما لفرض سيطرتهم على المنطقة. تاريخا في مصر نرى محمد على باشا وسياساته الابتعادية عن الغرب... بعدها مباشرة واجه الاحتلال البريطاني وفرض اوروبا سيطرتها على العالم جاء بعد هذا الاحتلال تقريبا.... بعدها رأينا جمال عبدالناصر وسياساته عبر رأسمالية الدولة القومية والقريبة من الاتحاد السوفيتي وبعيدا عن امريكا والغرب والسعودية, نرى ماذا؟ الهجمة الثلاثية الغربية الامريكية الفرنسية والبريطانية. واليوم تهدف أمريكا من وراء ذبح 21 قبطيا الى خلق بلبلة داخلية في مصر بلبلة على اساس الدين والصراع الديني... وكان رد الفعل المصري قويا في البداية عبر قصف مواقع دولة الخلافة الأسلامية في ليبيا.... وكان متوقعا.
بعد القصف والنتائج المترتبة عليه جاءت دور السياسة المالوفة دوليا عبر مؤسسات اقليمية ودولية. عبر الجامعة العربية حيث الخليج رص صفوفه بوجه مصر وهذا الأمر حير الكثيرين! حيث دافعت دول الخليج عبر مؤسستها الخليجية مجلس التعاون الخليجي ودافعت عن قطر, وهذا ضربة خليجية ولو أنها ضربة اعتيادية ولكن لها مدلولات سياسة كبيرة في المستقبل القريب. الجامعة العربية ايضا ليست بمستوى المسؤلية اما مجلس الامن الذي اجمع على رفض طلب مصري بتدخل عسكري, وهذا ايضا محير للكثير من المحللين, نظرا لوجود تحالف عالمي ضد دولة الخلافة الأسلامية وبتدخل عسكري مباشر اقليمي ودولي (ضمنيا عبر المستشارين والقصف الجوي) في العراق وسوريا ولكن التدخل ممنوع في ليبيا!!!.... بمعنى اخر حصلت مصر على ثلاثة لاءات من المؤسسات الدولية والاقليمية.. نتيجة محاولاتها الابتعاد عن امريكا ولعب دورا اكثر استقلالية من سياسات امريكا وحلفائها في المنطقة. التدخل العسكري رفض في المجلس وحلت محله الحل السياسي.. عجيب!! ولماذا في سوريا والعراق التدخل العسكري جاري على قدم وساق؟ الرفض جاء لان الطرح جاء من مصر ولان مصر تهدف الى ابراز نفسها كقوة اقليمية، ولان روسيا قالت بامكاننا ان نشارك اذا تم الاقرار عليه دوليا.... عليه ان الغرب بقيادة امريكا لا يريد ولا يرغب في ظهور روسيا وحلفائها في المنطقة مطلقا....
الجانب الاخر من القضية قطر سحبت سفيرها من مصر نظرا لمشادات كلامية بين مندوبها في الجامعة العربية مع المندوب المصري, اتهام قطر صراحة بالارهاب. القضية هي وقفة دول الخليج الموحدة ازاء مصر في هذه المرحلة.... السعودية والامارات والبحرين الثلاثة كانوا بقوة مع مصر وسياساتها تجاه الاخوان المسلمين وارهابهم.... وكانوا سحبوا سفرائهم من قطر في السنة الماضية. امام اليوم نرى عكس ذلك, حيث المنطقة تشهد تلاطمات وتغييرات جذرية كثيرة وكبيرة في المرحلة الانتقالية العالمية الحالية. ليس بامكان موقف دول الخليج ان يبقى موحدا على المدى البعيد نتيجة للتغييرات التي حصلت في المنطقة, اما مع مصر او ضدها, اليوم ظهرت اول بوادر التصدع بين الخليج ومصر ولكن هذه هي البداية, ليس بامكان الدول ان تلعب على حبال عدة كما كانت سابقا.. في هذه المرحلة الكل يشهر سيفه. قطر ماضية في سياساتها وبراي مصر ايضا ماضية في سياساتها الابتعادية عن امريكا... على دول الخليج وخصوصا السعودية ان تحسم امرها مع مصر ذات التوجه القومي والابتعادي عن امريكا او ضدها والتاريخ شاهد على هذا الامر, حيث السعودية دائما حسمت الامر لصالح امريكا والغرب ...
دولة الخلافة الأسلامية تتمدد هذا مما لا شك فيه من العراق وسورية الى مصر وليبيا والجزائر واليمن ودول الخليح وطبعا موجودة في الاردن وفلسطين ولبنان وكذلك استراحتهم في تركيا... هي تتمدد لانها ضرورية لوقف زحف ايران. ايران ليست مشكلة او ليست القضية الاكبر وحتى الملف النووي هو عنوان لقضايا اكبر... امريكا ضمنت الطرق التجارية العالمية عبر المحيطين الاطلسي والهادي وبقى المنفد الوحيد للصين وروسيا للشرق الأوسط هو ايران... بأبتعاد ايران عن الصين وروسيا لن يبقى ملف باسم الملف النووي ولن تبقى السعودية مدللة مثل اليوم لدى امريكا... دولة الخلافة الأسلامية هي تحجيم وتقزيم الدور الايراني في العراق وسورية ومحاولة تقزيم "الحشد الشعبي". الحشد الشعبي هو قوات مليشياتية تابعة للمحور الايراني وبالتالي ان الامن العراقي مهددة وفق المنظور الامريكي, او السيطرة الامريكية على العراق لن تكون كاملة بوجود هذه القوات "الحشد الشعبي" ومثيلتها منظمة بدر وعصائب الحق وغيرها... في العراق بعد 12 سنة من التواجد الامريكي وثمانية سنوات كاملة من الاحتلال وصرف عشرات المليارات من الدولارات على ميزانية الدفاع والامن... بعد كل هذه المدة وكل هذه المليارات نرى ان قوة الميليشيات اكثر جبروتاَ واكبر عددأ وعدة!!

دولة الخلافة الأسلامية تتمدد وليبيا هي الارض الموعودة لها ولامريكا لتغذية الارهاب وتدربيه وتقويته بعيدا عن الانظار... وهي اكثر قوة وتدريبا فيها الاسلحة والاموال والسيارات التي بحوزتها, اي بحوزة دولة الخلافة الأسلامية, هي اكثر قوة وتدميرا.... امريكا تهدف الى خلق حالة في ليبيا للإحتياط, حالة ارهاب كقوة منظمة ارهابية خاصة لاعمال بهلوانية بحرية في جنوب اوروبا وداخل بلدان اوربا الجنوبية ايطاليا واليونان واسبانيا وبلادن اوربا الشرقية التي ليست ضمن محور امريكا لحد الان... هذه براي السياسة التي ترسمها امريكا لمستقبل قريب خصوصا بعد فشلها في تمرير سياساتها في اوكرانيا... حيث أجابت روسيا باحتلال القرم وحركة سياسية مناوئة لحكومة اوكرانيا وتمت الأجابة عليه في اليونان وفي هنغاريا ايضا... التمدد الروسي باتجاه اليونان وقبرص اليونانية والصرب وهنعاريا واذا فاز اليسار في اسبانيا او البرتغال او في اجزاء من ايطاليا، براي سيكون بديل امريكا هو ارسال الارهابين الى تلك البلدان لخلق البلبلة.. حينذاك سنكون امام الحرب الصليبية الحقيقية بين القوى البرجوازية الاسلامية والقوى البرجوازية المسيحية... براي هذه هو الخطر الذي ينتظره العالم....
دولة الخلافة الأسلامية تتمدد, تطعمها سياسات امريكا وحلفائها في المنطقة. وتوفر لها الاموال والاسلحة, والفكر الارهابي الاسلامي متوفر في الالاف من المصادر الحكومية والحزبية والمنظمات غير الحكومية والفتوجية الاسلاميين.... القوى التي بامكانها ايقاف تمدد الارهاب ووتمدد دولة الخلافة الأسلامية وكل المنظمات الارهابية هي القوة الجماهيرية الثورية بقيادة الطبقة العاملة... ايقاف دولة الخلافة الأسلامية وارهابها ودحرها اوتدميرها بصورة نهائية هو عمل الطبقة العاملة.... اما البرجوازية في الطرف المقابل من الحركات القومية واليسارية الراديكالية من امثال اتحاد اليسار الاوروبي والاتحاد الديمقراطي السوري وحزب السيسي وطبعا القوى العالمية من روسيا والصين... هي قوة برجوازية تهدف الى ايجاد نظام راسمالي اكثر تعقلا ليس اكثر.. أما الاستغلال والاضطهاد يبقى في مكانه وبالتالي بقاء ارضية متوفرة ومهيئة للارهاب بصورة مستمرة.... قبر البرجوازية هو قبر الارهاب... ليس بامكان البرجوازية ان تعيش بدون ارهاب.. هذا قانون حركة عصرنا الراسمالي.