ماذا سيفعل أصحاب العقل الريعي في ظل انخفاض سعر البترول ؟


جاسم محمد كاظم
2015 / 2 / 20 - 12:30     

هناك من قال بان دول البترول لن تتأثر بالأزمة المالية التي ضربت الدول الغربية والصناعية منها وأدت إلى إفلاس البعض وجعلت من البعض يترك شققه الفارهة ويعيش حياة التسول .
لكن هذا القول فيه من الخطأ أكثر من الصحة لان هذه الدول تعمل الليل والنهار من اجل إيجاد مصادر بديلة للطاقة التي تحر ك بها المصانع ولو أنهم وجدوا بديلا للبترول لأصبح برميل النفط فاقد للقيمة وربما ارخص من برميل الماء .
عاشت دول البترول مرفهة تصحي وتنام على موارد بضاعة مجانية ليس لها دور في استكشافها واستخراجها سوى أنها وجدت ذلك السائل الدبق والذهب الأسود تحت أراضيها بمشيئة القدر يباع بأسعار هائلة قامت عليها رفاهية تلك الدول .
وأصاب السكون مفاصل هذه الدول حتى تكلست بمرور الزمن وأصبحت البعض منها مقتنعا بحقيقة مزيفة بأنها ستعيش حياة الرفاة إلى الأبد .

لكن البعض من هذه الدول و خصوصا الخليجية منها أدركت منذ زمن بعيد بان هذه البضاعة سيصبيها البوار يوما ما لذلك فإنها قد دقت ناقوس الخطر الطوارئ منذ أمد بعيد فقامت باستثمار فيض أموالها الهائلة في أكثر المصارف الغربية والشركات الصناعية الكبرى حتى وصلت هذا السيولة النقدية لبعض الدول أحجاما هائلة تستطيع معها الحصول على فوائد نقدية تعيش عليها تلك الشعوب لأمد طويل .
وعمل البعض منها على استثمار بعض من أمواله في صناعات استهلاكية بطريقة الأفشور تعمل للحد من نزف العملة الهاربة للخارج وتستطيع محاربة البطالة وكذلك الحصول على فوائد نقدية من فرض الضرائب .
لكن البعض مثل العراق لازال يعيش اقتصاد الريع والاعتماد الكلي على مردودات النفط بنسبة 100% وبنفس الوقت لا يملك أرصدة فائضة يستطيع بها من تأسيس بوادر صناعة أولية واستهلاكية الطابع تستطيع معها الدولة الانتقال نحو مرحلة أخرى من الصناعة .
التجأ العراق نحو الكتلة الاشتراكية والاتحاد السوفيتي خصوصا بعد انتصار الرابع عشر من تموز لبناء نواة تصنيعية وتأسيس مصانع تلبي الحاجة الاستهلاكية للفرد العراقي تستطيع معها توفير فوائض نقدية تستطيع بها الدولة من الانتقال نحو مراحل أكثر حداثوية ومتطورة .
استطاعت الصناعة العراقية من سد أكثر من 60 % من احتياجات الفرد العراقي أن لم تصل إلى 70% وكانت اغلب متاجر التجزئة مسيطر عليها من قبل الدولة بأسلوب وكلاء المواد الغذائية التابعة للدولة .
ونتيجة للصناعة الناشئة والاقتصاد المركزي الذي مارسته الدولة العراقية وعدم فتح المجال أبدا للدولار بالسير بحرية في أراضيها وأتباع سياسات تجارية صارمة بالقيود الكمر كية الكمية منها والنقدية على المنتج الأجنبي من اجل تطوير المنتج المحلي ودعمه أدت إلى زيادة الدخل الوطني بصورة متسارعة جدا بحيث وصل فيض الميزانية إلى أكثر من ميزانية الدولة نفسها لسنوات عددية وأتباع سياسة الخطط الخمسية للبناء وحصر سعر صرف الدولار في مصارف الدولة فقط .

بقيت مأساة العراق وخطئه الأكبر بأنة لم يستفد من الخبرة السوفيتية في مجال الصناعة كما استفادت منها بعض الدول الناشئة لتصبح دولا صناعية بعد ذلك مثل فيتنام وكوبا وبعض الدول الاشتراكية ألا في عهد الزعيم قاسم فقط وتوقف بعد ذلك بعد ذلك بسبب محاربة الشيوعية وعدائها وحظر الحزب الشيوعي وتوقفت أقدام الصناعة العراقية عن تصنيع محرك السيارة ودخول عصر الصناعة الثقيلة ولو أنها دخلت هذا الحيز لكان عراق اليوم يشابه دولا مثل ماليزيا وتركيا وبعض النمور الأسيوية أن لم يقترب من دولا مثل كوريا الجنوبية.
لكن مأساة العراق اليوم أنة لا يملك شيئا غير دفق النفط ولو أن الدول الصناعية توصلت إلى إيجاد مصادر بديلة للنفط لتحريك مصانعها وسياراتها لعاد العراق إلى العصر الزراعي البسيط .
عراق اليوم بحاجة إلى نهضة صناعية تبتدئ بصناعات تحويلية بسيطة وبدل بيع النفط كمادة أولية خام من الحقل إلى السفينة لابد من التفكير بتصنيع المشتقات النفطية وتأسيس صناعة تحويلية تتمثل بإنشاء مصافي عملاقة للنفط قرب الحقول النفطية في البصرة و ميسان والناصرية تعمل أولا على امتصاص البطالة الهائلة والحصول على فوائد نقدية مضافة إلى أموال التصدير تستطيع سد الكثير في الميزانية وبدل تصدير النفط خاما بأسعار بخسة نستطيع تصدير الزيوت المختلفة. بنزين السيارات .بنزين الطائرات . زيت الغاز المازوت وكذلك المخلفات مثل الإسفلت .
ويمكن للعراق في غضون 10 سنوات أن يحقق فوائد نقدية هائلة من الصناعة ولا يشتكي من الم البطالة ويسير على الدرب الصحيح بعد أن افتقده لأكثر من عشر سنوات كاملة .
لكن مشكلة الميزانية العراقية أنها تتسرب خارج الحدود الدولية مسببة نزفا في العملة وضياعا في قوتها وتصرف أيضا على شكل مردودات ضخمة لأصحاب المناصب والسلطات العليا ولو بقي الوضع يسير كما هو بدون تغيير فان العراق يسير نحو كارثة اقتصادية وشيكة لم يشهدها في كل عصوره السابقة .

///////////////////////////////////
جاسم محمد كاظم