بيان الحزب الشيوعي مرشد المستغََلين لاستعادة حقوقهم


شاهر أحمد نصر
2005 / 9 / 15 - 11:05     

1 ـ الظروف التاريخية لظهور البيان الشيوعي:
نمت الرأسمالية بسرعة في بلدان أوربا الغربية في ثلاثينات وأربعينات القرن التاسع عشر، ونمت معها الطبقة العاملة. وازدادت حدة التناقضات بين الطبقة العاملة والبرجوازية، وظهرت الطبقة العاملة على حلبة الصراع كقوة مستقلة، وظهرت أهمية تنظيم حركتها، وتعززت أهمية وجود الحزب السياسي، وبرنامج النضال العملي. قام بهذا الدور مجموعة من المناضلين في طليعتهم كارل ماركس (1818-1883) وفريدريك إنجلس (1820-1895).
أسس المهاجرون الألمان "اتحاد المنبوذين" في باريس عام 1834. وانفصل عنهم بعد سنتين العمال الطليعيون وشكلوا "اتحاد العادلين".. أخذت منظمة العمال الألمان هذه، لاحقاً، طابعاً عالمياً، واعتمدت في مؤتمرها الذي عقد في تموز (يوليو) 1847 في لندن اسم "اتحاد الشيوعيين"، الذي أعلن هدفه إسقاط البرجوازية، وإقامة سلطة الطبقة العاملة، والقضاء على تناحر الطبقات، وإقامة مجتمع جديد ـ مجتمع من غير ملكية خاصة لوسائل الإنتاج.
كلف "اتحاد الشيوعيين" في مؤتمره المنعقد في لندن، في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) 1847، ماركس وانجلس بوضع برنامج مفصل للحزب، نظري وعملي. كان ذلك هو "بيان الحزب الشيوعي"، أول برنامج للتنظيمات الشيوعية، الذي كتبه ماركس وانجلس في نهاية كانون الثاني (يناير) 1848، وطبع باللغة الألمانية في لندن في شهر شباط (فبراير) 1848.
يعرض هذا العمل المواضيع الأساسية التالية:
ـ النظرية المادية الديالكتيكية لتطور المجتمع البشري؛
ـ المكانة التاريخية للرأسمالية،
ـ الأزمات الاقتصادية لإعادة الإنتاج،
ـ الدور العالمي التاريخي للطبقة العاملة.
نظرة في أهم مواضيع "بيان الحزب الشيوعي":
1 ـ المكانة التاريخية للرأسمالية:
يدرس ماركس وانجلس في (البيان) الرأسمالية من مختلف الجوانب كتشكيلة اجتماعية متكاملة. فيصنفون القوى المنتجة للرأسمالية، وعلاقات الإنتاج القائمة على أساس الملكية الرأسمالية الخاصة لوسائل الإنتاج، واستغلال العمل المأجور، والبنية الفوقية الخاصة بالرأسمالية، فيبينان الدور الأساسي والمقرر للقوى المنتجة بالنسبة لعلاقات الإنتاج، والدور الرئيس للأخيرة في مجموع العلاقات الاجتماعية.
يوضح البيان كيف ولدت الرأسمالية في كنف الإقطاعية مع ظهور المقدمات الضرورية، "فمن أقنان القرون الوسطى ينحدر سكان أولى البلدات. و من هؤلاء السكان تكونت الأصول الأولى للبرجوازية".
ويتابع (البيان) سرد مراحل تطور الرأسمالية، بدءاً من تحلل الإنتاج الحرفي حتى ظهور المانيفاكتورات والمصانع الضخمة. إنّ ذلك مشروط بنمو السوق الخارجية واكتشاف أمريكا، والطرق البحرية الحديثة، والسيطرة على المستعمرات. ومن الملفت للانتباه وصف الإنتاج الرأسمالي كنظام إنتاج بضاعي قائم على استغلال العمل المأجور.

بين ماركس وانجلس في "بيان الحزب الشيوعي"، ولأول مرة الموقع التاريخي للرأسمالية؛ أي الطابع القانوني لظهورها في مرحلة محددة من تطور المجتمع البشري، ودورها التقدمي بالنسبة للإقطاعية، وحتمية زوالها نتيجة احتدام التناقضات التناحرية التي ترافقها داخلياً. لقد بين ماركس وانجلس، خلافاً للاقتصاديين البرجوازيين، الذين عدوا الرأسمالية نظاماً أبدياً خالداً، بينا طابعها المرحلي الانتقالي تاريخياً. ودرسا مسألة تطور المجتمع البشري كعملية تاريخية طبيعية، عملية انتقال من تشكيلة اجتماعية اقتصادية إلى أخرى.
من المسائل التي لم تجد الاهتمام الكافي في أغلب أدبيات وبرامج الأحزاب والقوى الماركسية، خاصة العربية منها، والتي عرفت بالماركسية ـ اللينينية، مسألة كيفية التعامل مع الرأسمالية كنظام اجتماعي اقتصادي سياسي تاريخي، سيبقى موجوداً لعقود بل ولقرون من الزمان.
لقد اعتمدت تلك القوى والأحزاب على المقولة الماركسية حول الطابع التاريخي الانتقالي للرأسمالية، وحتمية زوالها، وبنت نشاطها على هذا الأساس، وكأنّ الرأسمالية ستنهار غداً. وتمركز جلّ نشاطها على مقولة حتمية سقوط الرأسمالية وضرورة القيام بذلك.. بني هذا التوجه من قبل هذه القوى والأحزاب على حساب مهامها التكتيكية واليومية...
لقد أثبتت الحياة عقم تكتيك تلك القوى والأحزاب، وضحالة أفقها الفكري، وعجزها عن الإجابة على أسئلة الحياة اليومية والملحة، فانكفأت الجماهير عنها، ولم تستطع حشد الجماهير حولها، على الرغم من أنّها نظرياً وفكرياً مدافعة صلبة عن حقوق ومصالح الجماهير...
يدل ذلك ويستدعي ضرورة إعادة النظر الجذرية في تكتيك هذه القوى والأحزاب، لمواجهة المهام اليومية والمباشرة التي تقف أمامها، ووضع برامج قريبة المدى قابلة للتطبيق... تهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان ومصالح مختلف صنوف العاملين والمنتجين والمستغلين... وإيجاد السبل التي تمكن هؤلاء المنتجين من تحسين مستواهم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في المرحلة الرأسمالية وما قبل الرأسمالية، تلك السبل التي أثبتت الحياة أنّ الديموقراطية هي أهم مناخ يساعد في امتلاكها وتطويرها.
لقد لعبت الأحزاب الاشتراكية والديموقراطية والشيوعية في أوربا الغربية دوراً في هذا المجال، وحققت مكاسب ملموسة لشعوبها، قبل أن تنقض عليها الاحتكارات الرأسمالية، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر (الاشتراكي)... من المفيد دراسة تلك التجربة والاستفادة منها لإعادة الاعتبار إلى الفكر الاشتراكي على الصعيد العالمي مستنداً إلى مبادئ النضال في سبيل حقوق الإنسان والديموقراطية... ومن الضروري أن تمتلك الأحزاب الاشتراكية والشيوعية والديموقراطية في البلدان العربية الأدوات الضرورية كي تتعامل مع الجماهير، وتستطيع القيام بدورها الحقيقي والواقعي في مختلف المراحل التاريخية من تطور المجتمعات البشرية، بما فيها المرحلة الرأسمالية..
ـ في الدور التقدمي للرأسمالية بالنسبة للإقطاعية:
تتجلى المهمة التاريخية للرأسمالية، قبل كل شيء، في تطوير القوى المنتجة "فالبرجوازية، في غضون سيطرتها الطبقية التي لم يَكد يمضي عليها قرن من الزمن، خَلقت قوى منتجة تفوق بعددها وضخامتها ما أوجدته الأجيال السابقة كلّها مجتمعة". وقد عبرّ ماركس عن هذه الفكرة في كتاب "رأس المال" أيضاً؛ مبيناً "أن تطوير القوى المنتجة للعمل الاجتماعي ـ هي مهمة رأس المال ومسوغ وجوده". كماأقامت البرجوازية السوق العالمية. "وحاجة البرجوازية إلى تصريف دائم لمنتجاتها، تتسع باستمرار، فتسوقها إلى كل أرجاء الكرة الأرضية".
وتبدأ الملكية الرأسمالية العالمية بالتشكل في ظروف المزاحمة الرأسمالية الحرة، وينمو تقسيم العمل العالمي، وتغرس علاقات الإنتاج الرأسمالية في الدول المتخلفة. "فمكان الحاجات القديمة، التي كانت المنتجات المحلية تسدُّها، تحُل حاجات جديدة تتطلب لإشباعها منتَجات أقصى البلدان والأقاليم. ومحل الاكتفاء الذاتي الإقليمي والقومي والانعزال القديم، تقوم علاقات شاملة في كل النواحي، وتقوم تبعية متبادلة شاملة بين الأمم".
ويتجلى الدور التقدمي تاريخياً للرأسمالية في تبسيط البنية الطبقية للمجتمع، وزيادة حدة التناقضات الطبقية، وزيادة عدد سكان المدن بالنسبة للقرى، وغيرها. يبين "بيان الحزب الشيوعي" أنّ الطابع التقدمي للرأسمالية محدود بإطار تاريخي معين، وأنّه مع تطور الرأسمالية تزداد تناقضاتها حدة. ويتضمن المقدمات الموضوعية التي تبين حتمية زوال الرأسمالية.
وتدخل القوى المنتجة الاجتماعية الضخمة، التي تتشكل في الظروف الرأسمالية، في مرحلة معينة من تطور الرأسمالية، (تدخل) في تناقض حتمي مع علاقات إنتاج المجتمع البرجوازي. "ولم تعد القوى المنتجة، الموجودة في تصرّف المجتمع، تدفع بنمو علاقات الملكية البرجوازية قُدُما، بل بخلاف ذلك، أصبحت أقوى جداً من هذه العلاقات التي باتت تعيقها؛ وكلما تغلبت على هذا العائق جرّت المجتمع البرجوازي بأسره إلى الفوضى، وهددت وجود الملكية البرجوازية. فالعلاقات البرجوازية غدت أضيق من أن تستوعب الثروة، التي تُحدثها. فكيف تتغلب البرجوازية على هذه الأزمات؟ من جهة بتدمير كتلة من القوى المنتجة بالعنف، ومن جهة أخرى بغزو أسواق جديدة، وباستثمار الأسواق القديمة كليّا. وما هي عاقبة هذا الأمر؟ الإعداد لأزمات أشمل و أشدّ، و التقليل من وسائل تدارُكها.
فالأسلحة، التي صَرَعت بها البرجوازية الإقطاع، ترتد الآن على البرجوازية نفسها". هكذا تتشكل الظروف الموضوعية للثورة الاشتراكية من وجهة النظر الماركسية.
2 ـ الأزمات الاقتصادية لإعادة الإنتاج:
لأول مرة تصاغ نظرية الأزمات الاقتصادية، في الأدبيات الماركسية، في "بيان الحزب الشيوعي".
عند دراسة هذه النظرية، من الضروري، وقبل كل شيء، تبيان السبب الرئيسي للأزمات الاقتصادية، وحتميتها في الرأسمالية. السبب الرئيسي للأزمات الاقتصادية هو التناقض الأساسي للرأسمالية. وعلى الرغم من عدم صياغة هذا السبب بشكل محدد، فإنّ (البيان) ينوه إلى التناقض بين الطابع الاجتماعي للإنتاج، والملكية الرأسمالية الخاصة لوسائل الإنتاج ولمنتجات العمل. يتجلى الطابع الاجتماعي للإنتاج في أنّ البرجوازية بنت إنتاجاً آلياً ضخماً، وبواخر، وسككاً حديدية، وأعطت الملاكين مساحات واسعة من الأرض، ومركزت جماهير العمال في المنشآت الضخمة. وفي الوقت نفسه "حصرت الملكية في أيدي القلة". وبالنتيجة "إن هذا المجتمع البرجوازي الحديث الذي أبدع كما في السِّحر وسائل الإنتاج و التبادل الضخمة، يُشبه المشعوذ الذي فقد سيطرته على التحكُّم بالقوى الجهنمية التي استحضرها".
يتضمن (البيان) صفات الأزمات الاقتصادية، كالتكرار الدوري، وتقليص الإنتاج، وتوسيع عملية العرض، وتدمير بعض أقسام البضائع المنتجة وحتى القوى المنتجة. "إن المجتمع يجد نفسه فجأة وقد رُدَّ إلى وضع من الهمجية المؤقتة، حتى ليُخيَّل أنّ مجاعة وحرب إبادة شاملة قد قطعتاه عن وسائل العيش؛ فتبدو الصناعة والتجارة وكأنهما أثر بعد عين، ولماذا؟ لأن المجتمع يملك المزيد من الحضارة، والمزيد من وسائل لعيش، والمزيد من الصناعة، و المزيد من التجارة".
ومن المهم إدراك أنّ الأزمات لا تحل تناقضات الرأسمالية. ويبين ماركس وانجلس أنّ الرأسمالية لا تستطيع الفرار من الأزمات الاقتصادية، ويتم الخروج من هذه الأزمات بالتحضير لأزمات جديدة أكثر حدة.
تزيد الأزمات الاقتصادية من حدة تناقضات الرأسمالية. وهي تبين طابع الرأسمالية المحدود تاريخياً؛ إنّ التكرار الدوري للأزمات "... يضع مسألة بقاء المجتمع البرجوازي ككل تحت علامة استفهام".
لاقت نظرية الأزمات الاقتصادية تطويراً لاحقاً في كتاب ماركس "رأس المال" وفي كتاب انجلس "أنتي دوهرينغ".
3 ـ الدور التاريخي للطبقة العاملة:
لا تقتصر أهمية (البيان) على تبيان المقدمات الموضوعية لزوال الرأسمالية، بل ويبين أيضاً تشكل المقدمات الذاتية للثورة الاشتراكية من وجهة النظر الماركسية. لقد برهن ماركس وانجلس أن الطبقة العاملة هي طبقة ثورية إلى النهاية. وإن كان الاشتراكيون الثوريون قد رأوا في الطبقة العاملة طبقة مظلومة فقط، فإن ماركس وانجلس رأيا في الطبقة العاملة تلك القوة الاجتماعية القادرة على القيام بالثورة الاشتراكية. "بَيْد أنّ البرجوازية لم تصنع، السلاح الذي يودي بحياتها، فحسب، بل أنجبت أيضا الناس الذين سيستعملون هذا السلاح: العمال العصريين أو البروليتاريين".
لقد توصلا إلى استنتاج حول الدور التاريخي للبروليتاريا كحفار قبر البرجوازية، من التحليل العلمي للوضع الاقتصادي، الذي تشغله الطبقة العاملة في نظام العلاقات الإنتاجية الرأسمالية، ومن تحليل التوجهات الأساسية لتطور هذا الوضع في النظام الرأسمالي.
ويحتوي البيان على وصف شامل للعمل المأجور. من ميزاته: "الطبقة العاملة لا تحوز على الملكية"، إنّهم يعيشون من بيع عملهم، (لاحقاً بين ماركس أنّ العامل يبيع قوة عمله، وليس عمله)، ومع استعمال الآلة "أصبح العامل مجرّد مُلحق بالآلة، لا يُطلب منه سوى الحركة اليدوية الأكثر بساطة ورتابة وسهولة وامتهان. ومن ثم، فإن ما يُكلفه العامل يكاد يقتصر على كلفة ما يلزمه للعيش والبقاء، ولمواصلة نسله". ومع تطور الرأسمالية يتصاعد الاستغلال، ويزداد وضع الطبقة العاملة سوءاً. "ويزداد العَوَز وينمو بسرعة تفوق سرعة نُمو السكان و الثروة". ويضاف استغلال العمال أثناء عملية التبادل، إلى استغلالهم خلال عملية الإنتاج. فالوضع الاقتصادي الخاص للعمال يدفعهم إلى النضال ضد الرأسمال.
وخلافاً لجميع الطبقات الأخرى في المجتمع البرجوازي، المرتبطة بهذا الشكل أو ذاك بالملكية الخاصة، لا تملك الطبقة العاملة شيئاً خاصاً بها تخاف عليه.
عند البحث في منحى تطور الطبقة العاملة، يتبين أنّها تتطور مع تطور الرأسمالية، في الوقت الذي تنحط فيه باقي الطبقات، فالمستقبل للطبقة العاملة.
ويتضمن (البيان) مراحل تطور الطبقة العاملة والصراع الطبقي، الذي يأخذ الأشكال التالية: "في البدء يناضل العمال فُرادى، ثم يناضل عمال فبركة واحدة، ثم عمال فرع صناعي في منطقة واحدة، ضد البرجوازي الفرد الذي يستغلهم مباشرة". ومع نمو الصناعة الضخمة يتحول النضال إلى صراع طبقي وطني للطبقة العاملة ضد طبقة البرجوازية ككل، "وكل صراع طبقي هو صراع سياسي".
ومن الهام ملاحظة قانونية احتدام الصراع الطبقي مع تطور الرأسمالية، وتأكيد (البيان) على حتمية قيام الثورة الاشتراكية: "عندما تنفجر فيه هذه الصراعات ثورة علنيّة، تُرسي الطبقة العاملة سيطرتها بإطاحة البرجوازية بالقوة (بالعنف)". ومن الضروري ملاحظة طابع هذه الثورة التي تبين أنّ الحركة البروليتارية: "هي الحركة القائمة بذاتها، للأغلبية الساحقة، في سبيل الأغلبية الساحقة. والطبقة العاملة، الفئة الدنيا في المجتمع الراهن، لا يمكنها أن تنهض وتنتصب، من غير أن تنسف البنية الفوقية كلها للفئات التي تؤلّف المجتمع الرسمي". وهذا يؤكد على ضرورة قيام التحولات الاقتصادية الجذرية عند الانتقال إلى الاشتراكية، وإزالة الملكية الرأسمالية الخاصة، وقيام الملكية العامة على وسائل الإنتاج.
يكمن الاستنتاج الرئيسي في "بيان الحزب الشيوعي" في حتمية زوال الرأسمالية وانتصار الثورة الاشتراكية: "وهكذا فإنّ تطور الصناعة الكبيرة يزلزِل تحت أقدام البرجوازية، الأساس الذي تُنتج عليه و تتملّك المنتجات. إنّ البرجوازية تُنتج، قبل كل شيء، حفّاري قبرها. فانهيارها وانتصار الطبقة العاملة، أمران حتميّان".
ـ أهمية العمل:
يعد "بيان الحزب الشيوعي" من أهم المؤلفات الماركسية التي تضمنت أفكاراً ثورية مثل حتمية زوال الرأسمالية، وضرورة الثورة الاشتراكية، والدور التاريخي للبروليتاريا كحفار قبر الرأسمالية، وطرق وأساليب الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، وتحولت هذه الأفكار إلى قوة حقيقية بامتلاك جماهير العمال والمنتجين والمستغلين، على الصعيد العالمي، لها.
يكتسب "بيان الحزب الشيوعي" المؤلف أهمية تاريخية لأنّه فتح الطرق لعصر جديد في التاريخ البشري، وأسس بداية الحركة الثورية لتحويل العالم اشتراكياً. لقد وجدت القضايا النظرية الأساسية التي طرحها صدىً في نشاط الحركة العمالية العالمية خلال القرنين المنصرمين.
يمتاز هذا المؤلف بعمق نظري، ولغة واضحة مقنعة، مما جعله من أكثر المؤلفات الماركسية انتشاراً في العالم.
كتب لينين مبيناً أهمية (البيان) قائلاً: "إنّ هذا الكتيب الصغير يساوي مجلدات كاملة..".
ويبقى الشعار الذي اختتم به البيان: "يا عمال العالم اتحدوا" من أهم شعارات التضامن الأممي للطبقة العاملة على الصعيد العالمي.
إنّ تطور الحياة ومتطلباتها المعاصرة، والنظرة الماركسية الديالكتيكية، تتطلب النظر إلى "بيان الحزب الشيوعي" نظرة تاريخية نقدية، وإلى ضرورة ابتداع أساليب ووسائل جديدة في النضال في سبيل إنسانية الإنسان وحقوقه الوطنية والاجتماعية والإنسانية والديموقراطية التي تنسجم مع العصر ومتطلباته... فضلاً عن ضرورة فهم أسس تطور المجتمعات المحلية، وأسس بنائها السليم...
وإلى أولئك الذي يقولون باندحار الماركسية، ونهايتها نقول: هل انتهى استغلال العمال، هل بطل قانون القيمة الزائدة الذي اكتشفته الماركسية عن أداء دوره، ما هو مصدر رأس المال، أليس ناتج من قوة عمل العمال والمنتجين، واستغلال هذه القوة...
قد يأخذ تطور الرأسمال منحىً جديداً، وأساليب جديدة، ويحصل المنتجين على بعض حقوقهم نتيجة نضالهم التاريخي، إلاّ أنّ القوانين الأساسية لتطور الرأسمالية تحافظ من حيث الجوهر على عملها، وستبقى الأزمات والاستغلال والاغتراب من ميزات النظام الرأسمالي، وستظهر أزمات جديدة، وحروب جديدة، ولن تستطيع البشرية التخلص من هذه الأزمات إلا في النظام الاشتراكي الديموقراطي الإنساني العادل الذي ساهمت الماركسية، "وبيان الحزب الشيوعي" في وضع لبناته الأولى.