البرجوازية العراقية مابين الرفيق النمري والدكتور حسين علوان حسين


جاسم محمد كاظم
2015 / 1 / 24 - 12:32     

قرأت مقالة الرفيق النمري المعنونة "الاشتباك مع الماركسي العتيد الدكتور حسين علوان حسين ."
وان كان الرفيق النمري لا يتوافق أبدا مع ما طرحة الدكتور حسين علوان حول قوة البرجوازية الوطنية في التغيير وقلب الطاولة عل المتسلطين كما يطرح الدكتور حسين علوان .
والذي يدخل في المجتمع العراقي اليوم يأخذة العجب حين يقرا شيئا بينما يجد شيئا مخالفا له على ارض الواقع .
لا توجد في العراق برجوازية دينامية تستطيع خلق الدولة كما هو الحال في الدول المتقدمة والصناعية منها .
فالدولة في العراق سلطة نشأت دائما من خارج علاقات الإنتاج لان العراق لم يخلقه الله كما يقولون بل خلقة ونستون تشرشل حين اقتطع جزئا من هنا وجزئا من هناك من ولايات عثمانية متنافرة في الثقافة والموروث ولصقه بالغراء الملكي ليكون مستعمرة جديدة تضاف إلى سجلات المستعمرات البريطانية حين وجد أن دفق النفط فيها أكثر من دفق ماء دجلة والفرات.
يقول "اريك لوران" في كتابة "أسرار حرب الخليج الصفحة 24 " ما نصه :-
(ن الكيان العراقي شي مصطنع ظهر إلى الوجود بعد اتفاقيات سايكس بيكو بعد تشكيلة من قبل ثلاثة ولايات هي الموصل وبغداد والبصرة) .
وربما يكون الوصف التالي أروع وصف لهذا الكيان المصطنع :-
"العراق حصيلة نوبة جنون أصابت تشرشل الذي أراد الجمع بين حقلين للنفط لا يوجد بينهما أي قاسم مشترك :كركوك والموصل .ولهذا السبب جمع ثلاثة من الشعوب التي لا يجمع بينهما جامع :الأكراد .السنة و الشيعة ."
وواجهت هذه الدولة الوليدة صعوبات كثيرة في مسيرتها عبر التاريخ تتعرض كل حين إلى التفكيك الطائفي والعرقي .
استقر الوضع بعد ثورة الزعيم عبد الكريم قاسم وظهر العراق الجمهوري كقوة فاعلة مدعومة من قبل الاتحاد السوفيتي بعد تأميم النفط الأولي بقرار 80 والبدء بظهور بوادر الصناعة الوطنية وبرزت إلى الوجود طبقة عمالية وليدة كان لها دور بارز على الصعيد السياسي تمثل بظهور الأحزاب اليسارية ونقابات العمال الفعالة .
لكن الوضع انتكس كثيرا بعد انقلاب شباط البربري وحل الأحزاب الطليعية وتركيز السلطة بيد طبقة العسكر وظهور أحزاب شكلية تنادي بالاشتراكية جل أعضائها من الطفيليين الوصوليين الباحثين عن المناصب السيادية .
خلقت هذه الأحزاب طبقات برجوازية طفيلية تعتاش على مردودات الدولة من أنتاجها الريعي ولا تضيف شيئا إلى الناتج الوطني تتمثل بطبقة العسكر والقوى القمعية من الشرطة والأمن والجهاز المخابرات إضافة إلى طبقة الموظفين في الوزارات الخدمية كوزارات التربية والتعليم والصحة والنقل والمواصلات .
وتغذى الكل عبر مشيمة الدولة عبر أنبوب النفط والإنتاج الريعي من مردودات النفط ولهذا تكرست في العراق سلطات دكتاتورية عسكرتارية لا يهمها الإنتاج الوطني والصناعة مادامت تشتري كل شي وتحصل على ما تريد من أموال النفط وتحكم بقوة الدبابة .
ولهذا تردت الصناعة كثيرا جدا وتلاشت معها طبقة العمال المنتجين وهذا ما أدى إلى موت التنظيمات والأحزاب الشيوعية الحقيقية .
ونتيجة للبيروقراطية المقيتة في أدارة الدولة انعكس هذا الأمر حتى في قيادة التنظيمات والأحزاب الشيوعية فكانت نسخة متماثلة من أدارة الدولة تمتلئ قياداتها من الطبقة البرجوازية الوضيعة والخدمية التي لا تعرف شكل العمل ومردودة ودورة الفعال في بناء الدولة العصرية .

ومع ظهور العراق الديمقراطي الحديث فان الأمر وصل إلى أقصى درجات الكارثة لانهيار الصناعة الكلي وحتى الجانب الاستهلاكي منها والذي بدأت بوادره في منتصف السبعينات وأصبحت سلطة الدولة تعتمد على موارد النفط بنسبة 100%.
وتفكك العراق وارتجع التاريخ كثيرا إلى الوراء بعودة السكان إلى الانتماء الطائفي والمعتقد الديني أولا والانتماء القبلي و العشائري كمرحلة ثانية ,
وأصبحت العشيرة قوة فاعلة في هذا المجتمع الهش وظهرت طبقة الشيوخ المتنفذين الموالين للسلطة المتحدين مع رجال الدين وعلى هذا المنوال تشكلت الأحزاب الدينية التي تحمي مصالح هذه الطبقات الجديدة التي أصبح لها حصة في رأس المال .

وسار كل شي على هذا النهج المحاصصي في كل الوزارات والمؤسسات التي أصبح بعضها حكرا على أحزاب معينة وترتكز هذه الأحزاب على قبائل متنفذة أصبح لها أفواج من القوات المسلحة ومليشيات فعالة مدججة بالسلاح .
وإذا كان الرفيق النمري يقول في مقالته:-
(. التشريح العلمي الدقيق لهيكل المجتمع في بلدان العالم الثالث، والعراق أحدها، يُبيّن بكل جلاء أن البورجوازية الوضيعة الني حددها ماركس وإنجلز في البيان الشيوعي "بالشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى" تشكل غالبية الشعب لتصل إلى أكثر من 80% منه , والبورجوازية الوضيعة هي دائماً ضد البورجوازية الكبيرة الدينامية العاملة في تنمية النظام الرأسمالي، بالإضافة إلى أنها العدو المميت للعمال وللاشتراكية)
وربما تصل نسبة هذه البرجوازية الوضيعة في العراق اليوم إلى 90%من مجموع السكان أن لم تكن 95% .
وبسبب هذه البرجوازية الطفيلية الوضيعة بقي العراق دائما خارج السرب العالمي ودولة تدور في فلكها المفرد تتغني بالقومية تارة والدين ومقدسة تارة أخرى حتى وصلنا في آخر المطاف لراية العشيرة وشيخها المبجل .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
جاسم محمد كاظم