خطاب الحلفي في إستذكار الغموكة: أي أفق شيوعي وماركسي؟


شاكر الناصري
2015 / 1 / 3 - 23:41     

من يقرأ خطاب “جاسم الحلفي “عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، بمناسبة الاحتفاء بأحداث “الغموكة” التي وقعت في أيار 1968، لابد وأن يطرح على نفسه أو على من يستمع له، أسئلة من قبيل أين هو النقد الماركسي لأحداث مثل “الغموكة” على سبيل المثال و تداعياتها والأسباب والآفاق السياسيّة التي كانت سائدة و دفعت بالعديد من الشيوعيين العراقيين، غالبيتهم من "الحزب الشيوعي العراقي- القيادة المركزية” ولا علاقة لهم بالقيادة القائمة آنذاك والتي تشكل القيادة الحاليّة امتدادًا لها، للإنخراط في تلك الحركة المسلحة بما تحمله من مخاطر جمّة وتفتقد للكثير من المقوّمات وقدرة الادامة والتواصل والدعم كانت نتيجتها فرض حملة إبادة جماعيّة ضد كلّ من شارك فيها وحمل السّلاح، فتلك الحركة لم تهدّد النظام الدكتاتوري القائم آنذاك فقط، رغم ضيق الأفق الذي اتسمت به ومحدودتها ولكن أحداثها كانت تقع بالقرب من حافات آبار البترول في جنوب العراق والخليج عمومًا ممّا جعلها تحت أنظار الدّول الكبرى في العالم التي تدير مصالحها عبر أنظمة دكتاتوريّة كالنظام القائم في العراق آنذاك.

لم يتطرق خطاب الحلفي ولو بكلمة واحدة للحزب الشيوعي العراقي- القيادة المركزيّة ولا لطبيعة الخلافات السّياسيّة التي أدّت إلى إنشقاق الحزب آنذاك وبالتالي تبلور تيار سياسي برؤى وتصوّرات سياسيّة وعمليّة مختلفة جدًا عن تلك التي تمتلكها أو تعمل بموجبها قيادة الحزب الشيوعي العراقي، مع أنّ الإحتفال كان لإحياء مناسبة ترتبط بهذا الحزب أو التيار السّياسي وكان المحرّك الأساسي لهذه الحركة ولغيرها من الأحداث السّياسيّة في العراق!

من يقرأ الخطاب المذكور سيجد أنّه يتماشى مع خطاب التحشيد القائم الآن في العراق والذي تمارسه قوى وأحزاب وتيارات كثيرة لحشد أتباعها أو لإستعراض قواها وتذكير الخصوم بوجودها، ومع خطاب إثبات النوايا الحسنة والحزب النزيه وحزب الوطن والنّاس التي عادة ما تكون مفردات أساسيّة عند الحديث عن الحزب الشيوعي العراقي.

لقد غاب عنصر النقد والمراجعة وفق المنهج الماركسي والشيوعي عن خطاب الحلفي وهو ما دفعه للغوص في العموميّات وإستذكار أسماء وحوادث يرتبط جلها بالمداهمات والإعتقالات والإغتيالات التي نفذتها السّلطة الفاشية ضد الحزب وكوادره وتنظيماته!! مع مقاطع من قصيدة للشاعر مظفّر النواب، جاءت لإثارة حماسة الحضور في هذه المناسبة ولشحذ عواطفهم وإستذكاراتهم ولتذكير النّاس من أهل هذا الوطن بحزب يسمّى الحزب الشيوعي العراقي!

وماذا بعد؟؟ كنت أتمنى أن يسأل الحضور عضو المكتب السّياسي الذي يتحدّث بلغة “إن قيل هناك حزبًا.......فقل الحزب الشيوعي العراقي” أو “ إن قيل لك....فأعلم انّه الحزب الشيوعي العراقي" وماذا بعد؟ ماذا بعد الغموكة وحديث العواطف وقصائد الشعر وإستذكار الشهداء؟ ما الذي حدث، كيف نفهم ويفهم أعضاء وكوادر الحزب الشيوعي العراقي ما حدث من صراعات وأزمات سياسيّة داخل الحزب وسيادة الإنتهازية وغياب الأفق الشيوعي التي أوصلت الحزب إلى ما هو عليه الآن وكذلك الحديث عن الآوضاع السياسيّة التي كانت قائمة في العراق وفق منظور ومنهج ماركسي وشيوعي؟ كيف نفهم ما يحدث الآن؟ فمن المتوقّع عند الحديث في مناسبة سياسيّة ما فلابد من الحديث عن الأوضاع القائمة الآن وكيف ننظر إليها، ما الحلول السياسيّة والعمليّة، التي يطرحها الحزب الذي يتخذ من الشيوعيّة والماركسيّة راية نضاليّة له؟

مخلصًا أتمنّى من الحزب الشيوعي العراقي أن يتخذ من هذه المناسبات فرصة لإعادة تقييم مكانته ودوره السّابق والحالي، فلعله يفيد في فك الكثير من الطلاسم والتعقيدات التي تحيط بهذا الحزب ووجوده ومكانته الحالية.

http://www.iraqicp.com/index.php/party/from-p/23316-2014-12-27-18-45-24