لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 7 - ويلهيلم ليبكنخت


سعيد العليمى
2014 / 12 / 26 - 22:58     

ميلليران
فيما يتعلق بقضية ميلليران ، ووحدة الحزب ، كتبت بناء على دعوة الرفاق الفرنسيين ، بمناسبة المؤتمر السنوى الاخير لحزب العمال ( الماركسيون ) فى ابرناى ، الخطاب التالى :
" الاصدقاء الاعزاء : تعلمون اننى قد اتخذت لنفسي قاعدة وهى الا اتدخل فى شئون الاشتراكيين فى البلدان الاخرى . لكن بما انكم ترغبون فى معرفة رأيى فى المسألة الملحة التى تشغل انتباه القسم الكادح والاشتراكى من فرنسا ، وواقع ان كثيرا من مواطنيكم ، الذين يتبنون وجهة نظر مختلفة كليا فى هذه المسألة عن وجهة نظركم ، قد اتجهوا الى طالبين الرأى ، فلم يعد لدى اى سبب لأن احجب وجهة نظرى . ان الوضع الذى يشغلكم الآن فى فرنسا ليس فى اصله شأنا اجنبيا بالنسبة للالمان .
" ان اممية الاشتراكية باتت حقيقة تصبح يوما بعد يوم اشد وضوحا واشد دلالة . نحن الاشتراكيون نمثل امة واحدة بالنسبة لنا – امة واحدة اممية فى كل اقطار الارض . والرأسماليون مع عملاءهم ، وادواتهم والمخدوعين هم بالمثل امة دولية ، وهكذا يمكن لنا ان نقول بصدق ، ان هناك اليوم امتان عظيمتان فقط تتقاتل الواحدة منهما مع الاخرى فى صراع طبقى كبير ، وهو الثورة الجديدة – صراع طبقى يقف على جانب منه البروليتاريا التى تمثل الاشتراكية ، وفى الجانب الآخر البورجوازية التى تمثل الراسمالية .
" بينما يستمر عالم الراسمالية البورجوازى وتحكم البورجوازية ، على ذلك فان كل الدول بالضرورة هى دول طبقية ، وكل الحكومات هى حكومات طبقية ، تخدم اغراض ومصالح الطبقات الحاكمة ، ومقدر لها ان تقود الصراع الطبقى للبورجوازية ضد البروليتاريا ، للراسمالية ضد الاشتراكية ، لأعداءنا ضدنا . تلك حقيقة ابانها منطق الفكر والحقائق ماوراء امكان الشك من منظور الصراع الطبقى الذى يمثل اساس الاشتراكية المناضلة . ان الاشتراكى الذى يدخل حكومة بورجوازية اما ينتقل لصفوف العدو او يضع نفسه تحت سلطة العدو . على اية حال فان الاشتراكى الذى يصبح عضوا فى حكومة ورجوازية يفصل نفسه عنا ، نحن المناضلون الاشتراكيون . يمكن له ان يدعى انه مازال اشتراكيا لكنه لم يعد كذلك . قد يكون مقتنعا باخلاصه ، لكن فى هذه الحالة هذا يعنى انه لم يدرك طبيعة الصراع الطبقى – ولايفهم ان الصراع الطبقى هو اساس الاشتراكية .
" فى هذه الايام ، فى ظل الراسمالية ، فإن اى حكومة حتى ولوإمتلأت بمحبى البشرية وحركتها افضل المقاصد ، لايمكن ان تفعل شيئا له قيمة حقيقية يفيد قضيتنا . لابد ان نتحرر من الاوهام . قلت منذ عقود مضت : " اذا كان الطريق الى الجحيم مفروشا بالنوايا الطيبة ، فإن الطريق الى الهزيمة مفروش بالاوهام " . فى المجتمع الراهن ، فإن وجود حكومة غير راسمالية يمثل استحالة . ان الاشتراكى تعيس الحظ الذى يضع على عاتقه هذا العبء بدخوله الحكومة إن لم يخن طبقته فانما ينذر نفسه للعجز فحسب . تقدم البورجوازية الانجليزية افضل الامثلة على اضعاف المعارضة بالسماح لهم بالاشتراك فى الحكومة . لقد صارت السياسة التقليدية لكل الاحزاب فى انجلترا هى ضم عضو المعارضة الاشد راديكالية الساذج الذى يقبل مكانا فى الحكومة . يخدم هذا الرجل كدرع واق للحكومة وينزع سلاح اصدقاءه الذين لايستطيعون ان يطلقوا النار عليه – مثلما نكون فى المعركة ولانستطيع ان نطلق النار لأن العدو قد وضع رهائننا فى المقدمة ليحتمى بهم .
" هذه هى اجابتى على السؤال المتعلق بدخول الاشتراكى الحكومات البورجوازية .
" والآن ، بالنسبة الى السؤال الثانى : مسألة الوحدة والاتفاقيات . تملى على مصالح ومبادئ الحزب الاجابة . اننى مع وحدة الحزب – اننى مع وحدة الحزب القومية والاممية . لكن الوحدة ينبغى ان تكون وحدة الاشتراكية والاشتراكيين . الوحدة مع الخصوم – مع اناس لهم اهداف ومصالح اخرى ليست وحدة اشتراكية . لابد ان نسعى من اجل الوحدة بأى ثمن وبكل التضحيات الممكنة . لكن بينما نتحد وننتظم ، لابد من ان نتخلص من كل العناصر الغريبة والمعادية .ماذا يمكن لنا ان نقول عن الجنرال الذى سعى وهو فى بلاد العدو لأن يضع فى صفوف جيشه مجندين من صفوف العدو ؟ الن يكون ذلك قمة الغباء ؟ حسنا ، ان نضم لجيشنا – وهو جيش الصراع الطبقى والحرب الطبقية – خصوما ، جنودا ذوى اهداف ومصالح تختلف كليا عنا – سوف يكون جنونا ، سوف يكون انتحارا .
" حينما نكون على ارض الصراع الطبقى فاننا لانقهر ، فإن تركناها ضعنا ، لأننا لم نعد اشتراكيين . ترتكز قوة وسلطة الاشتراكية على حقيقة اننا نقود الصراع الطبقى ، وان الطبقة الكادحة مستغلة ومضطهدة من قبل الطبقة الرأسمالية وان الاصلاحات الفعالة داخل المجتمع الراسمالى التى تضع حدا للحكم الطبقى والاستغلال الطبقى مستحيلة .
"لانستطيع ان نتاجر فى مبادءنا ، ولايمكن ان نجرى اية مساومة ، لااتفاق مع النظام الحاكم .يجب ان نقطع مع النظام الحاكم ونقاتله حتى النهاية . فلابد ان يسقط حتى تقوم الاشتراكية ، ولايمكن ان نتوقع بالطبع من الطبقة الحاكمة ان توجه لنفسها ولسيطرتها ضربة الموت . ان جمعية العمال الاممية قد بشرت وفقا لذلك بأن " تحرر الطبقة العاملة يجب ان يكون من صنع العمال انفسهم "
" مما لاشك فيه ان هناك بورجوازيون ينحازون انطلاقا من شعورهم بالعدالة والانسانية لجانب العمال والاشتراكيين ، ولكن هؤلاء استثناءات فقط ، ان جموع البورجوازية لديها وعى طبقى ، وعى بأنها الطبقة الحاكمة والمستغلة . بالفعل فإن جموع البورجوازية ، لانها الطبقة الحاكمة بالضبط ، لديها وعى طبقى اكثر حدة واقوى من البروليتاريا .
" وانتهى : لقد سألتمونى رأيى ، وقد ابديته لكم . الأمر متروك لكم لتقرروا ماتتطلبه مصالح الحزب ومبادئه .
"تحياتى الاخوية للمؤتمر المنعقد فى ابرناى . عاشت فرنسا الاشتراكيين والعمال ! عاشت الاممية الاشتراكية !
" فايمار ، اغسطس ، 10 ، 1899 – و . ليبكنخت "
ليس لدى مااضيف لخطابى . وقد بررته الاحداث منذاك . ان وجود الاشتراكى فى الحكومة لم ينجز شيئا ولم يمنع شيئا مما كان يمكن ان ينجز او يمنع فى غير وجوده . من ناحية اخرى ، الى الحد الذى اسهمت فيه الاشتراكية الديموقراطية او صادقت على دخول اشتراكى الى الحكومة فقد اصبحت جزئيا مسؤولة عن كل خطايا مااغفلته او ارتكبته الحكومة فى الوقت الذى كان فيها الاشتراكى عضوا فيها .
يتبع