لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 6 - ويليلم ليبكنخت


سعيد العليمى
2014 / 12 / 25 - 23:06     

المساومات كالمعاهدات لايبقى عليها
كيفما كان الحال فلابد ان نتيقن من ان الغريزة السياسية لخصومنا البورجوازيين ، بمجرد ان تبرز مصالحهم الطبقية سوف تقودهم لاتخاذ موقف معاد لنا . وبلجيكا تقدم لنا مثالا كلاسيكيا ، حيث انتهوا كما لاحظنا لعقد مساومة فى اشد الظروف مواتاة يمكن تصورها بين الاشتراكيين والليبراليين . وكان حزبنا لاينازع فى موضع القيادة ولم يكن هناك خطر من ثم لان يخدع بشأن ثمار النصر المشترك . كان الهدف الذى سعوا اليه هو حق الانتخاب العام ، المتساوى ، المباشر . ولكن الحزب الاكليريكى يعرف صبيانه ، ويعرف اتباع بوبنهايمر . يعرف ان البورجوازية لامصلحة طبقية لها فى اعطاء العمال ، الذين يشكلون فى الدول الصناعية الحديثة اغلبية السكان ، حق الانتخاب العام ومن ثم امكان كسب اغلبية وتحقيق السيطرة السياسية . فتقدم بطلب مضاد لتطبيق نظام التمثيل النسبي مع التصويت الجماعى ، مما يؤدى ، لإعطاء اصوات اكثر للاغنياء مما يمنح البورجوازية الراديكالية حصة فى الحكومة ، اذا كان ذلك سيساعد على هزيمة الانتخاب العام المباشر . ولاحظوا ، ودون ادنى تردد فان سادة البورجوازية الراديكالية اخلوا باتفاقهم مع الاشتراكيين وانضموا للاكليريكيين فى حربهم ضد الانتخاب العام والاشتراكية الديموقراطية . ان من لم يقتنع بهذا المثال الدال على ان صراع تحرر البروليتاريا هو صراع طبقى فلاجدوى من تقديم براهين اضافية له .
لايوجد حزب سياسي يمكن للاشتراكية الديموقراطية ان تعتمد على دعمه الحازم . وكل مساعدة يمكن لنا ان نتوقعها من الاحزاب البورجوازية فى مجرى تعقيدات الحياة السياسية لابد من ان تأتينا بأى حال دون مساومة ، ان تصرفنا بمهارة . تتماثل المساومات والاندماجات بين الاحزاب مع المعاهدات بين الامم . انها دائما ماتراعى ، حيثما توجد مصالح مشتركة فقط ودائما على اية حال حينما تكون فى صالح الاطراف المعنية . على اية حال ، مامن ضرورة لاندماج او عقد . فلنفترض ، ولنقتبس مثالا فعليا ، نفترض ان توفير ستة ممثلين اكثر فى الهيئة الشريعية كان امرا ذو اهمية عظمى فى بافاريا ، فقد كان من الممكن مع قوة ونفوذ حزبنا ان يجد الاخير وسيلة للحصول عليهم افضل من " تجارة الماشية " . ان تقوية حزب الوسط ، بعيدا عن مسألة المبادئ ، كان خطأ تاكتيكيا عظيما . وقد كان الخطأ اعظم لأنه اوقف عملية التحلل التى يعاينها حزب الوسط الآن . يتماسك الحزب طالما ان العمال الذين يأتون لدائرة نفوذه لم يمتلكوا بعد وعيا طبقيا ، لم يتعلموا بعد ان يضعوا مصالحهم الطبقية فوق مصالحهم الفئوية . هذه عملية يحملها معه بالضرورة التطور الاقتصادى بنفسه ، والتى نهدف الى تسريعها بدعايتنا . فى مقاطعة اوفنباخ وفى المقاطعات الانتخابية الاخرى تمكنا من تحقيق ذلك لحد بعيد ففى الانتخابات الاخيرة صوتت اغلبية الكاثوليك لمرشحينا فى الاقتراع الاول بدلا من ان تصوت لمرشحى حزبها . ليست تاكتيكات الصراع الطبقى اكثر صحة فقط من ناحية المبدأ ، انها ايضا اكثر عملية وانجح من تاكتيكات المساومة .
ان وجهة نظر المنفعة ، التى شدد عليها المدافعون عن المساومة البافارية ، هى بالتأكيد مسألة ذات فائدة قصوى ، الا ان هناك عناصر اخرى غير المنفعة يجب ان نأخذها فى اعتبارنا . نقاوة مبادئنا ، مثالية صراعنا ، هذه هى العناصرالتى ادت لتقويتنا وشد ازرنا ، التى زودتنا بالشجاعة ومكنتنا من خوض معاركنا ، واضفت على معتقداتنا جاذبية لاتقاوم لدى كل من يشعر انه مضطهد ولديه حسا بالشرف . كان التحالف مع حزب الوسط بالتأكيد فى غاية الفائدة ، فقد اعطانا نصف دستة من الاصوات التشريعية ، ولكن ماذا تقول جرتشن ؟
" كيف لعنت ذات مرة باحتقار
حينما خدعت فتاة بائسة !
ثرثرة لايكفيها لسان واحد
رغبت فى مراقبة رذائل الآخرين .
بدت سوداء فزدتها سوادا
واشد اسودادا بعد هو مااردت
وباركت نفسي وتباهيت بعظمة –
والآن خطيئة حية انا ! "
نعم ، كيف يمكن لنا ان نوبخ بشجاعة مقايضى الاصوات السياسيين ، وخاصة السود منهم ! فقد زدناهم سوادا بتلويننا . واليوم ؟ لانجرؤ ان نفعل ذلك غير ان خصومنا يفعلون . لانستطيع ان نضحى بكل شئ من اجل المنافع .لأن ماهو منفعة لخصومنا هو سم ناقع بالنسبة لنا . يقول النبلاء عن انفسهم ، النبل يفرض علينا كذا ، ويمكن لنا ان نقول الاشتراكية تفرض ، الاشتراكية تفرض التزاماتها .
اذا كان التاكتيك يصف لنا او يسمح بأن نلزم انفسنا بخصومنا حتى نحرز نجاحا مؤقتا بتحالف مؤقت ، فمعنى هذا ان شوماخر فى مقاطعة سولينجن كان رجل تاكتيك بارع بالمعنى الانتهازى لاندماجه مع الحزب التقدمى العام الماضى فى انتخابات الرايشستاج بهدف انقاذ الحزب منا . وهو لم يصبح بورجوازيا ، لا على الاطلاق ، لقد استخدم البورجوازية للاطاحة بنا فحسب ، نحن الاشتراكيون المزيفون ، ولمساعدة الاشتراكية الحقيقية على تحقيق النصر ، بالضبط مثل ميلليران الذى يتجه لسحق النزعة العسكرية بالانضمام لجاليفه ووالديك – روسو . يمكن لشوماخر ان يقدم نفس الاسباب تماما تبريرا لأعماله مثلما يفعل ميلليران . وهو مانسميه خيانة للحزب .
مع نمو الاشتراكية الديموقراطية ومع دخولها فى مجالات كانت تهيمن عليها حتى الآن احزاب اخرى ، ومع توسع نشاطنا العملى ، فاننا مرارا ماندخل اكثر فاكثر فى اتحادات مؤقتة ، او علاقات مؤقتة مع احزاب اخرى . لكن هذه العلاقات المؤقتة لاينبغى ان تكون تحالفات مؤقتة ابدا . لاينبغى ان نلزم الحزب . ويجب ان تكون ايدينا طليقة دائما ، نستثمر الظروف ، وندع خصومنا يقومون بالعمل القذر من اجلنا ، وبغرض ان يكون الحزب فى ذهننا برسوخ دائما ، ان نلزم منتصف الطريق ، ونسير فى طريقنا ، نذهب مع الاحزاب المعارضة حينما يتصادف ان طريقنا معهم واحد. لاينبغى ان يغيب عن ناظرنا للحظة اننا نحن حزب الصراع الطبقى ، ومامن شئ مشترك بيننا واى حزب آخر ، بل يتعين علينا محاربة وهزيمة كل الاحزاب الاخرى ، من اجل تحقيق هدفنا .
يتبع