لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 4 - ويلهيلم ليبكنخت


سعيد العليمى
2014 / 12 / 23 - 21:54     

المنحنى المنحدر للمساومة
تعترف بنا كل الاحزاب بلا استثناء بوصفنا قوة سياسية ، وبالتناسب تماما مع قوتنا . وحتى الرجعي الاشد جنونا الذى ينكر علينا حق الوجود يتملقنا وبذا فان افعاله تكذب كلماته . يستخلص بعض رفاقنا نتيجة غريبة من حقيقة ان هناك مساع تقوم بها الاحزاب الاخرى لنيل مساعدتنا ، وهى ان علينا ان نقلب تاكتيكاتنا ونعكسها ، ومحل سياستنا القديمة فى الصراع الطبقى ضد كل الاحزاب الاخرى ، نستبدلها بالسياسة التجارية القائمة على مقايضة الاصوات ، والتحرك من وراء ستار ، والمساومات . ينسي هؤلاء الاشخاص ان القوة التى تجعل هؤلاء يسعون للتحالف معنا بمن فيهم حتى اشد اعداءنا سعارا ، لم يكن ليكون لها وجود على الاطلاق ان لم يكن لدينا تاكتيكات الصراع الطبقى القديمة . واذا كان ماركس ، وانجلز ، ولاسال قد قبلوا من برنشتين واصدقاءه المفكرين المتواضعين او غير المتواضعين تاكتيكات المساومة والاعتماد على الاحزاب البورجوازية ، حينئذ لم تكن لتكون هناك اى اشتراكية ديموقراطية ، كنا سنكون ببساطة ذيلا للحزب التقدمى . وحقيقة اننا نقبل كجزء من تاكتيكنا استخدام منازعات الاحزاب البورجوازية فيما بينها واضح بذاته . وقد اتبعنا هذا المسار منذ ان كانت هناك اشتراكية ديموقراطية . للاعتراف بهذا ، لانحتاج لمشورة رجال دولة الحزب الجدد . لقد اشتغلنا هنا وهناك مع حزب الوسط او مع الحزب التقدمى ضد حكومة حزبية رجعية وهو مايمكن ان يفهمه الرفاق دون حاجة لاعلان بيان حزبى خاص . وفى انتخابات مقاطعات اخرى مختلفة حصلنا على ميزات اكبر بالتعاون مع حزب الوسط بدون الاندماج اكثر من التحالف الحالى فى بافاريا . ومامن قاعدة تلائم كل الحالات .
نحن الاشتراكيون الديموقراطيون لانجرؤ على ان نكون مثل الاحزاب الاخرى ، وهى كلها مذنبة بشأن مظالم النظام الراهن ومسؤولة عنها على قدم المساواة .كل من يعانى من هذه المظالم يتطلع الينا من اجل الخلاص . كل واحد منا يأتيه ضحايا المجتمع هؤلاء بعد الاخفاق فى نيل العدالة من المحاكم ، ومن الحكومة ، بل ومن الامبراطور نفسه ، ومن كل الاحزاب الاخرى ، بوصفنا وحدنا آخر من يمكن ان يساعده . وهم لايعرفون برنامجنا العلمى ، وهم لايعرفون ماذا يعنى الرأسمال ولا الراسمالية ، لكن لديهم اعتقاد ، وشعور ، اننا الحزب الذى يمكن ان يساعد حينما تتنصل الاحزاب الاخرى . هذا الاعتقاد بالنسبة لنا معين لاينضب للقوة . لقد كان ايمانا مماثلا باليأس هوالذى انتشر اكثر فاكثر فى الامبراطورية الرومانية المنحلة وقوض ببطء العالم الوثنى حتى انهار فى النهاية . اننا نتخلى عن هذا المعين الذى لاينضب للقوة اذا ماتحالفنا مع الاحزاب الاخرى وابعدنا الانسانية المعذبة عنا بأن نقول لها : " لسنا مختلفين جوهريا عن الآخرين " اذا مامسح الخط الفاصل للصراع الطبقى وبدأنا على المنحنى المنحدر للمساومات ، لن يكون هناك توقف . سوف نذهب حينئذ الى اسفل سافلين حتى القاع . توفرت لدينا تجارب عديدة ذات مغزى بهذا الصدد من الرايشستاج . لقد اجبرتنا السياسات العملية على تقديم تنازلات للمجتمع الذى عشنا فيه . ولكن كانت كل خطوة فى طريق التنازل للمجتمع الحالى صعبة بالنسبة لنا وكنا نقوم بها بنفور . وهناك من يسخر منا بسبب ذلك . لكن من يخشى المنحنى المنحدر هو فى كل الاحوال رفيق جدير بالثقة اكثر ممن يصب احتقاره على الحريص .
ان شعار " الثورة " حين يلاك بلا داع يثير السخرية بالتأكيد . بالتأكيد يثير السخرية – ومامن احد قد عبر عن هذا بشكل اوضح مما فعلت انا نفسي – حين تلقى الكلمات من الفم فى كل مناسبة . يمكن ان تكون أغنية ميكانيكية مثل تراتيل الصلاة . لكن مما يثير للسخرية ايضا التفاخر بالإنتماء للحزب والتعبير عن وجهة نظر المرء فى كل فرصة حينما لاتكون هناك ضرورة لذلك ، مع ذلك فان هذه المبالغات لاتبرر ان نلقى الجيد مع الردئ ، وتاكيد ان اعلان الطابع الثورى لحزبنا هو ، فى كل الظروف ، امر مثير للسخرية . ان تاكيد ذلك هو امر غاية فى الجدية وشئ غاية فى الضرورة . شئ غاية فى الجدية ، لان عضوية الاشتراكية الديموقراطية تعنى النضال ، النضال السياسي تصاحبه اضطهادات شديدة الوطأة ، وصراع خاص من اجل الوجود ، صراع اصعب بمالايقاس بالنسبة للاغلبية العظمى واثقل من النضال السياسي . وهو ضرورى ، لان الشجاعة المطلوبة لهذا النضال المزدوج يخلقها الوعى بان الظلم الاجتماعى الذى يضطهد اغلب البشرية اليوم ، ويفسدها ويشلها يمكن القضاء عليه فقط من قبل حركة ثورية ، اى حركة سوف تستأصل الراسمالية من كل عرق من جذورها . اعلم انه قد بات موضة هنا وهناك السخرية من التحذير من المنحنيات المنحدرة . ويحيلوننا على حكاية الخراف والذئب . والمقارنة عرجاء على اية حال وترتد على من يسخر . لقد كان الذئب هناك بالفعل واقتحم الحظيرة . وفى حالتنا ايضا ليس هذا بخطر متخيل الذى نحذر منه . وفى كل الاحوال فان مصالح الحزب محروسة بعناية على الاقل من قبل المحذرين كما هى من المحتقرين . وعلى ذلك فقداعتبر عدم الثقة فضيلة ديموقراطية والثقة المغالى فيها نقيصة ديموقراطية . وهنا وهناك يوجد اشخاص يريدون ان يعكسوا هذا المبدأ الاساسي .
يتبع