كيف ننهض بحركتنا من جديد؟


عادل احمد
2014 / 12 / 22 - 00:05     

مر تأريخ حركتنا "الشيوعية العمالية" طوال عقدين من الزمن بأنعطافات وتقلبات متعددة. بدأت بالصعود والنمو السريع في بداية التسعينات في العراق، وخاصة في كردستان اثناء وبعد الحركة المجالسية وفي فترة تشكيل الحزب الشيوعي العمالي العراقي. ان هذا الصعود والنمو كان في الفترة التي انهارت فيها الكتلة الاشتراكية البرجوازية في الاتحاد السوفيتي ودول اوروبا الشرقية، وبداية الهجمة الرأسمالية العالمية على الشيوعية والطبقة العاملة ومكتسباتها واهدافها وامالها، واعلان انتصار اقتصاد السوق الحر على الاقتصاد المخطط للدولة وما يسمى بالشيوعية والتي لم تكن شيئا غير رأسمالية الدولة تحت اسم اقتصاد الاشتراكي. ان نمو حركة الشيوعية العمالية في هذه الفترة بالتحديد كان عمل رائع وعبقري بسبب سير حركتنا بعكس اتجاه الحركات الماركسية السابقة، والتي تخلى القسم الاكبر منهم عن الشيوعية والماركسية في العالم اجمع ولكن نحن كنا ندافع عن حقانية الحركة الشيوعية ورايتها الماركسية.
بدأ النهوض بالشيوعية انذاك كتيار اجتماعي مناهض للرأسمالية على الاقل من الناحية النظرية المتماسكة والجوهر الثوري والراية الماركسية كنقد اجتماعي وجذري من قبل الطبقة العاملة. والفضل يرجع الى قائد الشيوعية العمالية "منصور حكمت" ورؤيته الى شيوعية ماركس وجوهر نقده الثوري لأسس علاقات الانتاج الرأسمالي. ان بداية نهوض حركتنا اعتمد بالاساس على مجموعة من الكوادر الشباب في حينها والمتحمس الى جوهر الثورية والتغير في المجتمع لصالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. ان العمل الجبار والعظيم انجز في ظروف غير اعتيادية، حيث المجتمع كانت قد أنهارت أسسه المدنية ويعاني من تفكك أجتماعي نتج عن حرب الكويت وما تلاها من الحصار الاقتصادي المدمر لحياة ومعيشة العمال والكادحين وشرائح كثيرة في المجتمع. ان نقد كل ما هو موجود في المجتمع الرأسمالي والقيام بالتظاهرات الكبيرة وتشكيل منظمات جماهيرية عديدة وتأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي، كان ثمرة هذا العمل العظيم للكوادر والشباب الشيوعي والعمل الشيوعي المتواصل في جميع نواحي الحياة.
بعد ان احست البرجوازية القومية في كردستان العراق بخطر الشيوعية العمالية عليها وعلى مستقبلها، بدأت بالحرب عليها وخرجت من الصراع الخفي الى الهجوم على الشيوعية العمالية وحزبها ومنظماتها بشكل منتظم ومخطط بعد أن فشلت في منعها قانونيا.. حيث استولت على مقراته واذاعته وأغلقت صحافته واعلامه وقتلت قسم من خيرة كوادره بدم بارد، وجندت صحافتها واذاعاتها وقنواتها الفضائية بالهجوم على الشيوعية العمالية. وترافق بعدها أن فقدت حركتنا للاسف قائدها الرفيق منصور حكمت حيث فقدت قائد نظري ذو نظرة ثاقبة للامور ونقدها للسير بحركتنا في المنعطفات والظروف الصعبة. وكذلك هجرة خيرة كوادره الى خارج العراق، ففقدت حركتنا شيئا فشيئا تأثيرها على المجتمع بسبب قلة كوادرها المسلحة بالماركسية وكذلك بفقدان اكثرية قادتها الميدانيين المتمرسين بالماركسية، وكذلك عدم الادراك بأن نواصل سير حركتنا مع جيل جديد. وهناك ايضا عدة عوامل اخرى خارج أرادة حركتنا، وهي فرض السياسات البرجوازية وكذلك امريكا واحتلالها العراق ودفع المجتمع نحو السيناريو الاسود وفرض السياسات الاكثر وحشية على المجتمع..
اذا امعنا النظر الى الوراء والى تأريخ حركتنا بالرغم من كل ما حدث من العقبات وفرض ظروف قاسية على حركتنا، لرأينا حلقة مفقودة في عملنا الحزبي طوال العقدين المنصرمين في العمل الشيوعي وهي عدم تجديد حركتنا بأستمرار من الناحية البشرية وتربية الكوادر. ان عدم التجديد هذا يعني الاعتماد فقط على الكوادر السابقة لتجيب على متطلبات المرحلة الراهنة. ان عدم التجديد بمعنى لا نعي بأن هناك جيل من الشباب نشأ في ظروف مختلفة وبرؤية مختلفة كليا عن الكوادر السابقة وبمستلزمات حياتية مختلفة تجعل من الصعب علينا ان نتفهم بعضنا البعض. ومن المعلوم ان الطاقة والابداع والحماس الثوري يكون بيد الشباب والخبرة والتجربة تكون بيد الكبار. ان كيفية أستخدام طاقة الشباب وحماسه الثوري مهمة لكل حركة سياسية في صراعاتها الاجتماعية لقلب الموازين. وقلت في البداية بأن حركة الشيوعية العمالية ظهرت من قبل الشباب المتحمسين بروح ثورية وبطاقة عظيمة واستطعنا ان ننمو بسرعة فائقة وننجز عمل رائع. ان الشباب كونه يقع عليه اقل ثقل في الحياة لذلك بأمكانه انجاز مهام اكثر صعوبة وبأمكانه ان يتعلم السنن النضالية بسرعة وبأمكانه ان يتعلم من الماركسية بسهولة. واذا اردنا ان ننهض من جديد فلابد أن نرجع الى الطاقة الشبابية وحماستها ولكن بالدروس والتجربة السالفة.
ان نهوض حركتنا من جديد يتطلب اولا النقد الجذري وبلا هوادة على مجمل عملنا الشيوعي في الفترة السابقة ونستخلص نقاط ضعفه ونقاط قوته. وثانيا علينا تجديد قوانا الانسانية والاعتماد على القادة الميدانيين والفعالين من الشباب الشيوعي والشباب من قادة الطبقة العاملة. ان تربية جيل شيوعي عمالي ليس عملية صعبة بل تتطلب منا ان نفكر بكيفية تواصل الشباب بحركتنا وإنشاء طرق مختلفة لتربيتهم بروح نضالية شيوعية وبأفق ماركسي ثوري. ان الشيوعية العمالية في العراق وكردستان بأمكاناها ان تنهض من جديد واقوى من قبل وبتأثير اكثر من قبل على الجماهير وبسرعة فائقة وبتجربة غنية عشرات المرات من التجربة السابقة، وبروح حماسية ونضالية أضعاف أضعاف من تجربتنا السابقة، اذا قامت بتجديد الموارد الانسانية وطاقاتها وتجديدها بأستمرار وخلق قادتها وفعاليها بأستمرار. ليس هنالك اي جبر تأريخي، اذا عملنا بشكل جيد سوف ننجز مهامنا بشكل جيد.