رضا بلحاج وحزب التحرير..

غيث وطد
2014 / 12 / 20 - 02:38     

كلما أطل رضا بلحاج و حزب التحرير الا و بدأ بتوزيع تهم العمالة و التخابر لصالح"الاستعمار" لخصومه السياسيين معتبرا حزبه رأس حربة مقاومة الاستعمار و الحامل للواء تحرير الأمة من بطش الغرب... و معتبرا أننا الأمة"الاسلامية" تعيش صحوة اسلامية على هذا الغرب ..وفي اطار التفاعل مع حزب التحرير الذي نصنفه نحن في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد كأحد احزاب الاسلام السياسي التي تمثل كتلة رجعية في المجتمع و قوة شد للوراء بالتالي و متماهيا مع المشاريع الاستعمارية و عميلا للاستعمار وهو ما يثير لغطا حول هذا الحزب الذي كما ذكرنا يصدر نفسه كمعاد للاستعمار...وفي اطار فضح هذا الحزب كجزء من أعداء الوطن والشعب المتماهين مع المشاريع الامبريالية سنبين تهافت اطروحاته و ادعاءه الشرف فيما يفتح ماخورا يزينه بيافطات الطهارة و العفة...
يقول رضا بلحاج الناطق الرسمي لحزب التحرير بتونس ""أحيا حزب التّحرير ذكرى "سقوط الخلافة "في كثير من أنحاء العالم بشكل جماهريّ لافت و بتنظيم منقطع النظير مذكّرا العالم أنّ هذه الأمّة لن تنفك تطلب دولتها حتّى تقيمها, و يعلم الاستعمار أنّ مشروع هذه الدولة ليس مجرّد أماني و أحلام بل انّ الخلافة انتقلت عند المسلمين من كونها طاقة روحيّة الى كونها طاقة سياسيّة و توشك أن تكون قوّة ماديّة: دولة ماثلة بقواعدها و أجهزتها مع أعلى درجات الأمان و الضّمان لحسن تطبيق الاسلام و دوام التطبيق ما يسعد أمّة و يرضي ربّها."" (افتتاحية العدد الأول من مجلة التحرير لسان حال الحزب) و هنا علينا أن نلاحظ أن رضا بلحاج يتأسف على أيام الخلافة و يعتبر مشروع اعادتها مطلبا ملحا للجماهير و ضمانة لحسن تطبيق الاسلام و ديمومة هذا الحكم التي ستؤدي الى سعادة الأمة لذلك فلابد من البدأ أن حزب التحرير يعتبر بناء دولة دينية تحرص على تطبيق الايديولوجيا الدينية تطبيقا حرفيا مستندا الى قوانين القرون الوسطى و طلامسها و تعبدها هو الطريق الأمثل لتحقيق سعادة الانسان و أن العدو الاستعماري يحرمنا من هته السعادة بهدف احقاق سيطرته و يقف ضد توسع "الطاقة الروحية" و انتقالها الى قوة مادية و ذلك بتبني الجماهير العريضة لافكار حزب التحرير و الاسلام السياسي عموما..و اذا أردنا اختبار ما يقوله رضا بلحاج الى الواقع الموضوعي و تتبعنا مصادر هته القوة الروحية لوجدنا عكس ذلك فلو تتبعنا الة ترويج الأفكار الدينية لوجدنا أنها تتكون من جيش من الدعاة و من الممولين و أبواق الدعاية الاعلامية المدججين بالمال الذين يرسخون افكار حزب التحرير و غيره من تيارات الاسلام السياسي التي تقود الصحوة الاسلامية و تمولها دول سبقتنا الى هته الصحوة الاسلامية" على غرار مماليك النفط الوهابية في الخليج التي هي مخلب القط في مشاريع الاستعمار فلا يخفى على أحد المناشير التي تطبع و توزع مجانا من من قبل مملكة ال سعود و التي تروج الاديولجيا الدينية كما لا يخفى التكاثر الغريب لمنابر الاعلام الدينية التي تصور للجماهير محاسن الدولة الدينية و افاقها و ضرورة اقامتها ووصل الأمر حد تسليح التيارات للدينية المقاتلة و لم تجابه هته الحملات و المؤامرات جديا الا بمواجهة متواضعة لبعض المثقفين و الوطنيين و هنا نتسائل أين الاستعمار مما يحاك ضده من اكتساب الجماهير لطاقة روحية ستهدد مستقبل وجوده؟كيف يسمح لمخلبه و عميله المطيع من مماليك النفط الوهابية بتوزيع هته الطاقة الروحية و لم لا يواجهها؟ و يواجهها بصمت مطبق عامة و في حالات مخصوصة بدعم بعض المثقفين و الليبراليين المزيفين الذين بقوا على الهامش؟الحقيقة في نظرنا هي أن هته الطاقة الروحية التي يتحدث عنها رضا بلحاج بفخر و تطاوس هي طاقة ايجابية للاستعمار هو من يروجها خدمة لنفسه و لمشاريعه في النهب الاقتصادي للشعوب الذي يمر عبر التغطية عن ذلك النهب و طمسه بافتعال صراع وهمي بين حضارته و حضارة الشعوب المنهوبة و من بينها الشعب العربي لابعاده عن محاور النضال الحقيقية و ابقاءه متخلفا و بالتالي تابعا له و يبدو أن رضا بلحاج بوق جيد و خادم نشيط لهته و سنبين كيف يخدم حزب التحرير مشروع النهب الاستعماري
يقول رضا بلحاج".خلطوا عمدا بين المدنيّة و الحضارة ليكون كلّ تقدّم علمي أو تكنولوجي مبرّرا و اقتضاء لأخذ فكر المستكبرين مصّاصي الدّماء آكلي حقوق العباد في شكل أنظمة حكم و اقتصاد و اجتماع على وجه الضرورة ما يجعل بيتنا عنكبوتا و بيتهم برج رفاه كالخلود و مايجعل بئرنا معطّلة و قصرهم بجانبه مشيد.. إزالة هذا اللّبس و الدّمج بين الحضارة و المدنيّة ضرورة لتحرير الإنسان من جحيم دنيويّ رأسماليّ ليبراليّ:"(رضا بلحاج-في التمييز بين استنارة الاسلام وظلامية العلمانية) اليس هذا جميلا و محركا للمشاعر و عداء للرأسمالية و اعترافا بنهب الاستعمار و القوى الرأسمالية لنا؟.. لكن الطريق الى الجحيم مفروش بالورود فلنتابع ما يقول رضا بلحاج"المدنيّة هي الأشكال الماديّة نتاج العلم و هي إنسانيّة و عالميّة لا صبغة عقائديّة و لا أيديولوجيّة لها مهما كان الصّانع و مهما كان المستعمل و أخذها و تداول الانتفاع بها مكسب بشري و مقياسها في النّاس أفقيّ أي فيها القديم الذّي تخلّف و منها الجديد المتقدّم ("درّاجة هوائيّة فناريّة فسيّارة فطائرة فمركبة ضوئيّة")..و نفاذ من أقطار السّماوات و الأرض..(المصدر السابق) و الملاحظ لما يقوله رضا بلحاج فهو يعتبر عموم المنجز الانساني الفكري انبطاحا للاستعمار و انه هناك خلط عمد بين المنجز العلمي الذي يسميه تمدنا (الاكتشافات العلمية للبشرية) و بين الحضارة(فكر و اجتماع و اقتصاد) وهو اختصارا يفصل بين الفكر و الانجاز العلمي الحديث و يدعو الى اخذ بضائع الغرب و مقاطعة افكاره...اليس هذا جنونا؟..فكيف اتت السيارة و المركبة الفضائية و مطبعة جريدة حزب التحرير؟ هل انزلت من السماء نتيجة الاكثار من التعبد و ارضاء الله ؟ ان الانسانية تقدمت بطرح الاسئلة دون أي قيد عل عكس حزب التحرير الذي وضع مراجع دينية وفق قراءة واحدة و لا يمكن تصنيف هته القراءة من داخل الصراع التاريخي داخل الاسلام الا ضمن القراءة الرجعية الكهنوتية للاسلام التي تسببت لنا في قرون من التقهقر و التخلف عن الانسانية ...القراءة التي انتصر فيها الوهابيون على المعتزلة و انتصر فيها الغزالي على ابن رشد و التي الغي فيها العقل و التفكير لصالح النص المقدس و المسقطات الفوقية... ان العقل التجريبي(الذي لا يكتسبه رضا بلحاج و حزب التحرير فهم يحتكمون الى افكار جاهزة) المتأمل في التاريخ سيعلم أن انتاج هته الاختراعات و المنجزات التي تعتبر من مظاهر التقدم احتاج جملة من الشروط الموضوعية و الأفكار الت سطرتها الانسانية للوصول الى هته المنجزات وهي مترابطة ولا يمكن تجاوزها و القفز عليها و من بينها "الظلامية العلمانية" كما تسميها التي تتيح التأمل و النظر في العالم(من هنا اشتق اسمها) و تحرير العقل من المفاهيم المسقطة و اتاحة الفرصة المتساوية لكل المواطنيين مهما اختلفت عقيدتهم و نظرتهم الى الماوراء و جنسهم مما سيؤدي الى مشاركتهم الانجاز الانساني الذي تريد الاستفادة منه كما أن العلمانية تعني ادخال المرأة في سوق العمل بهدف وفرة الانتاج وهو ما يتنافى مع الدولة السعيدة المتخمة بالثروة التي يبشر بها حزب التحرير..فدولة مبنية على الدين تفرق على اساسه بين مواطنيها و نساؤها مكملات للرجل و متحجبات يعشن في هامش المجتمع لا يمكنها الانتاج و البناء بل ستبقى رهينة التخلف و بئرا معطلة كما قلت تستورد بضائع الغرب ليبني القصر المشيد بجانب هذا البئر و بالتالي فاستمرارية وجود هذا القصر رهين بوجود هته البئر أي أن التخلف لدينا هو نتاج للاستعمار باعتباره المستفيد من هذا الوضع الذي يتيح للرأسمالية التي يدّعي حزب التحرير أنه يعاديها ترويج بضائعها و استباحتنا متى شاء لتفوقه و تقدمه و بالتالي فان دعاة التخلف و الحفاظ على الوضع المتخلف هم في صف الاستعمار يحرصون على قيامه باستباحتنا و باضعافنا بأكثر قدر ممكن و منع الجماهير من وضع يدها على مفاتيح تقدمها التي تمر حتما عبر العلمانية و الديمقراطية و الحرية و اجتثاث معطلي تقدمها كانقشاع الوعي الغيبي الذي يروج له رضا بلحاج .
حول العلمانية
لطالما اعتبر رضا بلحاج العلمانية سبب ماسي الأمة و نكساتها فهو يقول:" أقول لهذا الاحتلال و الاستيطان العلمانيّ( أي الاغتصاب الحقيقيّ و المعنويّ) الذّي نبذ دين الأمة و لم يشبع جوعا و لو بلقمة و لو يقدر على ردم حفرة في طريق.. و لم ينتج ذاتيّا و لو فكرة واحدة أقول سنسمّيكم بأسمائكم و لن نرضى بالتمترس و الكنية و التمويه و الأقنعة و بانتحال الصّفة فلم يبق من وقت نضيّعه و لا فرص نهدرها " لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرّتين"
و في حديثه يعتبر رضا بلحاج الأنظمة التي حكمت البلاد العربية أنظمة علمانية وهو يستغل بخبث خلط الانسان العربي بين فشل هته الانظمة وعلمانيتها..علمانية لم نرها الا في أذهان رضا بلحاج و الاكاذيب التي دأبت عليها تيارات الاسلام السياسي...
هل الانظمة العربية أنظمة علمانية؟
ان الأنظمة العربية لم تكن أبدا أنظمة علمانية..بل لم تستطع حتى ان تفصل بين السياسة و الدين فالدين حاضر بقوة في المناهج التعليمية و المؤسسلت الدينية الاقطاعية كانت تحت سيطرتها و تستخدمها بوقا دعائيا لها فنسمع"امير المؤمنين"و خادم الحرمين"و "حامي الحمى و الدين" و "سيف الاسلام"و المهرجانات الدينية ترعى رسميا و القوانين و الدساتير مستمدة من القوانين الدينية و تصل حد الى ما يدعو اليه رضا بلحاج في الرجم و القتل و الصلب و غيرها من قوانين القرون الوسطى و حتى المنجزات"العلمانية" و الحداثية البسيطة التي يعتبرها حزب التحرير"حربا على الدين" كانت من نضلات المثقفين العرب على غرار الطاهر الحداد و جبران خليل جبران و قاسم امين ركبت عليها هته الانظمة للمناورة امام المد التحرري اليساري الذي اجتاح العالم في الستينات و السبعينات اما الحرب على الدين فهي ليست الا حربا بين الانظمة و تيارات الاسلام السياسي داخل نفس المنظومة الرجعية المتخلفة وفق شرط التخلف و اعادة التخلف ولو بنسب مختلفة...حرب بين نظام متخلف و بديل له متخلف ليسا علمانيين و لا حداثيين سيساهمان الاثنان في كل الحالات في منع قيام العلمانية و الحداثة لان الانظمة و تيارات الاسلام السياسي على غرار حزب التحرير هي معبر عن مصالح طبقات حاكمة لا يمكنها انجاز العلمانية و الحداثة و من مصلحتها الابقاء على الوضع الحالي و من ورائهم الاستعمار الذي يعطيهم حفنة من الدولارات و يرسم لوحة كاملة و خططا وفق الحاجة لمن بيده السلطة السياسية ليؤبد الوضع و للبدائل المحتملة لاي انتفاض او احتجاج هو نتيجة طبيعية لتعارض مصالحه مع مصالح الشعب .
بين الوهم و الحقيقة
ان منطلق الصراع الذي يروجه حزب التحرير و السلفيون و الخوانجية هو نظرية صراع الحضارات..النظرية التي صاغها مفكرو الامبريالية بهدف التغطية على الصراع الحقيقي بين مصالح الامبريالية ووكلائها المحليين و مصالح الشعب المضطهد...النظرية التي تمنع الجماهير من فهم الحقيقة و اعدائها و اصدقائها و تمنعهم من مراكمة اي وعي بذاتها و تجعلها اسيرة الاغتراب الديني وتميع الصراع لادامة تواجدها و التغطية على طابعها الاستعماري اللصوصي لنقل الصراع من الارض الى السماء بمتلازمات مختلفة و متنوعة متراوحة بين العميل المفضل الذي يقود الحرب و العدوان نيابة عنها(الامبريالية هي الحرب كما يقول لينين) على غرار ما يسمى السلفية الجهادية و يضرب وحدة المضطهدين وفق تمييز ديني و اثني سيجعلهم فريسة سهلة لها أما حزب التحرير و الاخوان المسلمون و السلفية التي تسمي نفسها "مسالمة" فهي بوق الدعاية لهتذا التكتيك و الجناح التعبوي لشن حرب الحضارات الغريبة التي يتبارز فيها جنرالان يتقاتلان تحت نفس الراية الأمريكية و ان تغلفت بالراية السوداء.
الى رضا بلحاج و حزب التحرير
ان ممارستك للجمنستيك اللغوي و بث الشعر السياسي في مواعظك و حالة الجماهير المتسمة بوعيها الضحل هو سبب انتشار افكارك التي تهز وجدان الأمة و تحرك القوة الروحية لها و ليس انهيار الماركسية و فشل العلمانية كما تروج..فانتعاشة أفكار الاسلام السياسي التي تسميها"الصحوة الاسلامية" هي انتعاشة مدفوعة من الاستعمار وها نحن نرى تبعاتها و تتعلم الجماهير من خداع رجال الدين و تكشف حقيقتهم المعادية لمصالحهم و المروجة للوهم و الخادمة لأعداء الشعوب فانت في صف الاستعمار و خادم ذليل له أكثر حتى من الليبراليين و حاملي الهواتف الثريا المتصلين بالغرب و الجالسين في السفارات.