لامساومة ، لامتاجرة سياسية - القسم الثانى - 1 - ويلهيلم ليبكنخت


سعيد العليمى
2014 / 12 / 18 - 21:51     

الاشتراكية والاخلاق
الاشفاق على الفقراء ، والحماس للمساواة والحرية ، الاعتراف بوجود ظلم اجتماعى والتطلع لازالته ، ليس اشتراكية . ادانة الثروة وتبجيل الفقر ، مثلما نجد فى المسيحية وديانات اخرى ، ليس اشتراكية . ان شيوعية الازمنة الأولية ، كما كانت قبل وجود الملكية الخاصة ، وكما كانت فى كل الازمنة ووسط كل الشعوب الحلم المراوغ لبعض المتحمسين ، ليس اشتراكية . المساواة الاجبارية التى يروجها انصار بابوف الذين يسمون المتساوين ليست اشتراكية .
هناك افتقار فى كل هذه التظاهرات للاساس الحقيقى للمجتمع الراسمالى بتطاحناته الطبقية . الاشتراكية الحديثة هى طفل المجتمع الراسمالى وتطاحناته الطبقية وبدونها لايمكن ان يوجد . الاشتراكية والاخلاق شيئان منفصلان . لابد ان تقر هذه الحقيقة فى أذهاننا .
ان كل من يتصور الاشتراكية بمعنى النزوع العاطفى لحب البشر والتطلع للمساواة الانسانية ، بدون امتلاك فكرة عن وجود المجتمع الراسمالى ، ليس اشتراكيا بمعنى الصراع الطبقى ، الذى لايمكن بدونه التفكير فى الاشتراكية الحديثة . مما لاريب فيه فان برنشتين مع الصراع الطبقى اسميا – مثله مثل فلاح منطقة هيس الذى يناصر " الجمهورية والدوق الاعظم " معا . ان كل من توصل لوعى تام بطبيعة المجتمع الراسمالى واساس الاشتراكية الحديثة ، يعرف ايضا ان الحركة الاشتراكية التى تهجر اساس الصراع الطبقى يمكن ان تكون اى شئ آخر ، الا ان تكون اشتراكية .
اساس الصراع الطبقى هذا الذى قدمه ماركس – وهذا هو فضله الخالد – للحركة العمالية الحديثة ، هو موضع الهجوم الرئيسي فى المعركة التى يشنها الاقتصاد السياسي البورجوازى ضد الاشتراكية . الاقتصاديون السياسيون ينكرون الصراع الطبقى ويصنعون من الحركة العمالية قسما فقط من الحركات الحزبية البورجوازية ، والاشتراكية الديموقراطية قسما فقط من الديموقراطية البورجوازية . ان السياسة والاقتصاد السياسي البورجوازى يوجهان كل جهودهما ضد الطابع الطبقى للحركة العمالية الحديثة . اذا كان من الممكن فتح ثغرة فى هذا الحصن ، فى قلعة الاشتراكية هذه ، فهذا يعنى ان الاشتراكية الديموقراطية قد هزمت ، وان البروليتاريا قد القى بها ظهريا تحت سلطان المجتمع الراسمالى . مهما كانت تلك الثغرة صغيرة فى البداية ، فللخصم قدرة على توسيعها مع يقين بالنصر النهائي . ويكون العدو فى غاية الخطر حين يأتي كصديق لحصننا ، حين يتسلل تحت ستار الصداقة ، ويعترف به كصديق ورفيق .
ان العدو الذى يأتينا وقد رفع خوذته نلقاه بابتسامة ، ومهاجمته سوف تكون لعبا بالنسبة لنا فحسب . ان اعمال العنف الوحشية الغبية لسياسيي الشرطة وانتهاكات القانون المناهض للاشتراكيين ، والقوانين المناهضة للثورة ، قوانين السجن – هذه تثير فقط احتقارا شفوقا ، العدو ، على اى حال ، الذى يمد يده الينا من اجل تحالف سياسي ، ويتطفل علينا كصديق وأخ – هو وهو فقط من ينبغى ان نخافه . يمكن لقلعتنا ان تصمد لاى هجوم – وهى لايمكن ان تقصف كما لايمكن ان يستولى عليها منا عنوة بالحصار – يمكن لها ان تسقط فقط حينما نفتح نحن انفسنا ابوابها للعدو وندخله فى صفوفنا كرفيق . ان حزبنا الذى نمى فى معمعان الصراع الطبقى ، مازال يرتكزعلى الصراع الطبقى كشرط لوجوده . من خلال وبهذ الصراع لايمكن هزيمة الحزب ، وبدونه يضيع الحزب ، لأنه سيكون قد فقد مصدر قوته . ان من يخفق فى ان يفهم هذا او من يظن ان الصراع الطبقى موضوع ميت ، او ان التطاحنات الطبقية تنمحى تدريجيا ، يقف على ارض الفلسفة البورجوازية .
ان المناقشة الراهنة حول التاكتيكات فى صلتها بالاشتراك فى انتخابات الهيئة التشريعية البروسية ، قد جرت مقارنتها بالمناقشة التى جرت بين اعضاء الرايشستاج الاشتراكيين الديموقراطيين فى منتصف الثمانينات فيما يتعلق بالاعانة المالية للبواخر . اذا عاين احدهم الامر بشكل سطحى فقط ، ستبدو المقارنة قريبة بشكل صارخ ، لكنها تكف عن ان تكون كذلك بمجرد ان نصل الى لب الأمر . لقد كنا معنيين فى هذا الوقت بتطبيق المبادئ العامة المعترف بها على حالة عينية . ان فريقنا فى الرايشستاج كان معنيا بتقدم البحرية الالمانية والمصالح التجارية كان معترفا بها عامة كما كان معارضا للسياسة الاستعمارية وكل الميول الرجعية الامبريالية الاخرى . كان السؤال الوحيد هو عمااذا كانت الاعانة المالية بصفة مبدئية فى صالح الاغراض التجارية الالمانية ، التى كانت قومية الطابع ، اوما اذا كانت جزءا من السياسات الاستعمارية التى تخدم فقط المصالح الخاصة لافراد رجعيين على حساب العموم . لم يقترح احد فى هذا الوقت تغيير التاكتيكات القديمة او تبديل مسار الحزب . ان المناقشة الراهنة على اية حال ، معنية بمسألة تبلغ حد التغيير التام للتاكتيكات والاهداف ، تغيير فى التاكتيكات قد يعنى تغييرا فى طابع الحزب . ترتد المسألة الى الاحتفاظ بمبدأ الصراع الطبقى او هجره وهو مايميزنا عن كل الاحزاب البورجوازية ، بايجاز ، فانه يتضمن الخطوة الحاسمة التى يترتب عليها مااذا كنا سنبقى حزبا اشتراكيا ، ام اننا سنعبر الحد الفاصل للصراع الطبقى ونصبح الجناح اليسارى للديموقراطية البورجوازية .
يتبع