التحام الماركسية والاناركية في كوباني


أنور نجم الدين
2014 / 11 / 22 - 02:12     

في عام 2013 قد أكدنا في الحوار المتمدن وبالتحديد في "ماركس وباكونين: الدولة والكومونة" باننا: "نعيش في عصر تتدفق فيه موجات نضالية عالية فوق الغرب والشرق؛ تدفع الشغيلة نحو مقدمة المسرح العالمي. وهو أمر يتطلب انبثاق حركات أكثر تماسكًا تسحق تحت أقدامها كل عصبة تعارض الهدف المشترك للحركة من خلال تمسكها بكيانها الخاص".
وها هو اليوم، التحمت الماركسية والاناركية في كوباني وفي القوميات المختلفة، الكردية والتركية، أي بدأت الحركة بسحق العصبوية التي تعيش فقط على مقولات سياسية للانبياء السياسيين، فان التحاق بعض الاناركيين الاتراك إلى الحركة الكردية في كوباني يقودها تيار ماركسي - لينيني، يبشر بنهاية الشيع الاشتراكية التي لا وجود لها إلا طالما لم تنضج الحركة الطبقية. ورغم ان ما شاخ من المفاهيم والمحاولات قد يتجدد وينبثق منه الثورة المضادة، ولكن هناك في نفس الوقت، آفاق جديدة أمام الحركة لمجابهة الحركة المضادة التي تتمسك بكل قوة بالتعاون الطبقي من خلال البرلمانات بحجة النضال ضد الفاشية تارة والمنظمات الداعشية تارة أخرى، والمساواة بين الطبقات، ونفايات الفكرية للعهود البائدة، والعلمانية، والالحاد، والامتناع عن النضال ضد الدولة الديمقراطية، والتعايش السلمي, وقبول المنافسة الرأسمالية بدون نتائجها المؤلمة, وقبول البرجوازية الديمقراطية بدون عواقبها الاجتماعية وحروبها.
ان هذه النفايات قد لقيت قبولا وديا قبل تطور الحركة الواقعية في كل مكان. وان تصنيع تاريخ العالم سيكون سهلا جدا لو كان الامر يتعلق بتطبيق المفاهيم، البائدة أو الجديدة، بدل الشروط المادية التاريخية التي تؤدي حتما إلى الانتصار. وان احدى أهم هذه الشروط التاريخية، هو القضاء الفعلي على العصبوية الناتجة من التنافس في المجتمع الرأسمالي، يتخذ شكل الشيع الاشتراكي، الماركسية والاناركية، الماركسية والاناركية السلمية، الماركسية والاناركية الثورية، البلشفية والمنشفية، اليسار القديم واليسار الجديد .. إلخ.
ان أهمية هذا الحدث، هي بداية نهاية الخلافات الايديولوجية الموهومة في الحركة الاشتراكية، فالتاريخ لا يصنعه الزعماء أو الافكار أو الافراد الذين يغيرون أنفسهم لأجل تغيير العالم، بل يصنعه الحدث والظروف وما لا يتخيله العقل من الشروط الناتجة من الانتاج الرأسمالي.
ان أهمية هذا الحدث هي دخول حلبة النضال من منظورها الطبقي لا القومي أو العصبوي، لا الماركسي أو الاناركي، فالحركة تستمد قوتها من وحدتها الطبقية لا من قوة التفكير والتفسير. ونحن بحاجة إلى الاقتراب من بعضنا البعض على أساس مصالح طبقية مشتركة لا بناء على تفسيرات أنبياءنا المختلفة. وهذا هو خلاصة الدروس المكتسبه من التحاق الماركسيين والاناركيين في كوباني ببعضهم بعضا. أما تطور هذه الحركة نحو معركة حاسمة مع الرأسمالية، يتوقف بكل تأكيد على استعادة الشغيلة قوتها من هذه التجارب الجديدة التي تذكرنا بدروس الكومونة التي تجاوزت كل خلافات فكرية بين أطرافها بدل نفايات النزاعات الفكرية الموهومة للقرن المنصرم.