ماركس ضد فرويد وكافكا


محمد احمد الغريب عبد ربه
2014 / 10 / 30 - 22:08     

للوهلة الأولي يعتبر ماركس مع الأرادة العامة وحرية الفرد هذا جانب اخلاقي لماركس لم يكن ظهوره واضح في فلسفته الاقتصادية والسياسية، ولكن مشروعها الفلسفي له مضمون اخلاقي وكل الافكار لها جذور واحدة وتصب في شئ واحد وهو طبيعة الانسان والذاتية المفرطة للفرد، لا يمكن سرد افكار دون ذلك، لأن الافكار سواء كانت لتفسير العالم او الطبيعة في مضمونها المباشر هي في الآخر لتفسير الانسان.
" الحرية هي ماهية الانسان بشكل شامل"، " الكرامة هي ما يرفع الانسان الي الذروة"، هي سياقات ماركسية حالمة في مخيال الانسان وذات صبغة رومانسية لا يمكن انكارها من طبيعة الانسان ولكنها ليست محدداً وحيداً للانطلاق للتفسير، من هنا ننطلق لسياق فرويدي حول جانب الذات، الانسان وفق فرويد سياق ذاتي مفرط ومادي في جوهره، فالانسان يرجع لذاته دائما، فرويد فسر طبيعة الانسان في جوهره المنطلق البدائي والاساسي الدائم دون تغير، وهذا ما قام به كافكا وفق تفسيرات روائية سوادوية وعبثية لا تصل لشئ سوي شرور الانسان وعدم الجدوي.
مؤشر التغير اغفله فرويد وكافكا ولكنهم عبروا عن بدائي واساسي الانسان، من يقود مؤشر التغيير للانسان والعالم لحال افضل وحالم قد يكون سياقات ماركسية رومانسية للحرية والانعتاق من الظلم واللاجدوي.
لا يمكن اغفال ماركس من سياق الفكر والانسان، رومانسيته جعلته دائم الهروب من ثبوتية الانسان وذاتيته المرعبة، ففلسفته هي دائما للتغير والثورة، وهذا وفقاً حتي لخير الانسان ومثاليته ليس ثبوتي ومستقل، كما أنه تطرق في نقده للرأسمالية لانعكاسات ذاتيه للخارج في تمظهر قد يكون مناسباً مع بعض التحفظ عن طبيعة الانسان، فتاريخية الرأسمالية الدائمة اثبتت حضورها الدائم، مع انتقادت لا تسلم هذا الحضور.
فماركس يثير كثير من السمات لافكاره، هي مثالية، ثورية، كاشفة وانتقادية لحضورية الرأسمالية الدائمة، هي للتغير وتقترب من اساسي وبدائي الانساني.
لست اسعي لتوليفة افكار فلسفية معاً، أو وجود منطق يجمع سياقات فلسفية ماركسية كافكاوية فرويدي، هذا ليس نطاق تفسيري احذوه، فقد نأتي بكامي مع كافكا، أو فوكو هناك اخرون حضورهم يوجد الأن لسنا في اختيار سياقات محددة.
هي مجرد ربط لمعرفة تناقضات الانسان التي تحوي ثبوتيه واساساتيه الدائمة، ومتغيراته، قد نستطيع القول " عندما تقرأ لاجدوي وعبثية كافكا يكون بيكيت وكامي حاضرين حضوراً قبلياً قبل التخيل والفهم، ويكون هناك طائراً ماركسيا يحلق حاملاً حضورا أخراً للتغير والثورة علي اللاجدوي، أنها لوحة يرسمها الانسان في لحظة تأمل للكون في صباحاً مشرقاً ممتداً لليل حزين..
يرفض ماركس جبرية الخارج علي الذات، ويقول " علي أن الانسان أن يطيح بما يحدده من الخارج مهما يكن هذا الشئ، وهذا ما فسره في القوانين عنداها جعلها محددا للوعي الخلقي الباطني للمواطن الشيوعي، هنا حدد ماركس صفات معينة للانسان الذي يتعلق بمقولاته، فهو شيوعي، تحديدا لا يهمنا هنا، فكرة القوانين التي يرفض ماركس تطبيقها علي الانسان لانها من الخارج للداخل، هي تعبير عن حقيقي عن منطق علاقة الانسان بالقوانين، وكيف أن تكون هي، ولكن هناك ثغرات أخري فلسفية قد لاحظها سياقات فكرية، فكامي في المقصلة ينتبه لعدم جدية القوانين في الردع متمثلاً في جانب الجنائي لجريمة القتل وعدم القدرة علي ردع الجريمة بفعل الاعدام كعقاب.
فعل القتل داخلي والاعدام خارجي ولكن سبب عدم جدية تطبيق القانون هو لاسباب محيطة واقعية، واسباب اخري وضحها كامي، كامي ينطلق في ثغرة للاجدوي وطبيعة الانسان المفرطة بالسوء وعدم الالتزام هي اخلاقية بامتياز وتعبر عن اخفاق خارج القوانين علي يد الانسان دون الحاجة الي ثورة أو تغير كما يدعو ماركس لها.
تفاعلية كامي حول عدم قوة ردع الاعدام للقاتل تغبر عن دفاعية الذات ضد الخارج القانوني ولكنه من انسان اعتيادي ليس شيوعي، وتؤكد مقولة ماركس في واجب الانسان الشيوعي في الاطاحة بكل ما هو قانوني خارجي، الترابط النظري هنا ليس سياق يجمعه، ولكن الترابط الواقعي يعبر عن أن الانسان متناقض مفرط لذاته ومدافعاً عنها دائما..
ننتقل لفوكو ومثاليته في نقد الخارجي القانوني، ينطلق من فشل الدولة والحضارة وظلمها الدائم في فعالية القانون وسلطة الجسد، هو ينقد الخارجي انطلاقا من سياق ماركسي مثالي لفرض الخارجي والاطاحة به، هنا تتشبك نقد فوكو الماركسي مع نقد كامي العبثي للخارج، هل كامي كان ماركسياً، هل فوكو كان عبثياً، الحضور الفلسفي لهم ليس منقطع دائما هما يتواصلون لأنه يفسرون اشياء كثيرة واحدة ترتبط في مراحل وابعاد، وجذورها واحدة وهي الانسان ومن اجل الانسان.
"كامي ضد ماركس.. ماركس مع كامي"،، رغم الترابط والنقد وقدرة من التلاقي، هناك مثالية تظهر بالهزيمة، وذاتية مفرطة عبثية تظهر بالقوة، ليس حتما هكذا الواقع أو النظري في شكله الصيروري، ولكن طبيعة الافكار والمذاهب تحدد هذه المقولة وتؤطرها.